الحراك الثقافي في مخيم اليرموك
فايز أبو عيد
لماذا مخيم اليرموك؟.. لما الحراك الثقافي؟.. أسئلة مشروعة ربما تثار في
الذهن، هي علامات استفهام يراد من خلال طرحها الخروج بإجابات صريحة وواضحة حول
عنوان البحث، والأكثر من ذلك ربما يقول قائل ما جدوى البحث في الحراك الثقافي لشعب
طرد وهجر وفقد كل ما يملك ووفد على دول الشتات صفر اليدين؟هل بالثقافة وحدها تحيا
الشعوب؟ ويعاد اللاجئ إلى وطنه وأرضه؟نحن بدورنا نقول بأن حركة التاريخ ومستقبله
تصنعه الأحداث الصغيرة، وبالثقافة وحراكها المستمر يمكن أن نكون الأداة الضاغطة
على عدونا، لأن حربنا باتت حرب حضارة وإثبات ذات، فكم من قبيلة احتفت في العهد
القديم بولادة شاعر فيها لأنه سيكون سفيرها والناطق والحامي والمدافع عنها شفهياً
ضد القبائل الأخرى هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن الهدف الأول للبحث هو
معرفة مدى تأثير النكبة واللجوء والمعاناة والآلام في خلق حالة إبداعية جديدة من
الأدب المقاوم بكافة أشكاله.
ومن هنا بأخذ البحث في الحراك الثقافي في مخيمات الشتات الفلسطيني أهميته
لأنه سيوثق مرحلة تاريخية مر بها الشعب الفلسطيني وسيكون المرأة الحقيقية التي
تنقل الواقع المعاش كما هو، وبالتالي فأن دراسة ـ مخيم اليرموك كنموذج لهذا الحراك،
يأتي في إطار رؤية مدى تمازج وتواشج الأدب في التحريض على فعل المقاومة والتضحية
في سبيل الوطن، وبناء عليه يمكن القول:إن الحراك الذي يميز المشهد الثقافي سواء في
فلسطين أو مخيمات الشتات هذه الأيام، هو مدى القلق الآخذ، في ما يرتبط بإنتاج
القيم، وأساسا إنتاج الأسئلة الجديدة لقراءة واقع التحولات التي تتم مراكمتها في
الواقع اليومي الفلسطيني..ولعل أكبر تلك الأسئلة سؤال التحول التاريخي الذي تعيشه
فلسطين كبلد محتل، في معانيه التاريخية، وأيضا في آليته السياسية التي هي الأداة
العملية لمرافقة ذلك التحول التاريخي المجتمعي وتوجيهه هنا أو هناك.
ويكاد السؤال العام الذي يؤطر ضمنيا هذه الحراك الثقافي الفلسطيني، يتحدد
في:«أي أفق للقضية الفلسطينية اليوم في درب الحياة، فكريا وسلوكيا وتدبيريا؟!».
إنه سؤال لا يطرح عادة، سوى في لحظات التحولات الكبرى في حياة الأمم والشعوب، التي
يؤطرها قلق: إلى أين؟.. وقيمياً، تعيش فلسطين هذا السؤال في علاقتها بذاتها وفي علاقتها
بالواقع المؤلم والإحتلالي الذي تعيشه، وفي علاقتها بانتمائها العربي والإسلامي، وليس
اعتباطا أن أعقد الأسئلة التي تطرح فلسطينياً الآن، هي أسئلة ثقافية هوياتية، ترتبط
بالتمسك بالوطن ودحض الأكاذيب والتلفيق الصهيوني الذي يعمد إلى طمس وتشويه الحضارة
العربية والإسلامية في فلسطين، ولعل دراسة المخيمات الفلسطينية وحراكها الثقافي عبر
مؤسساتها التأطيرية المتعددة، المنتجة للمعرفة سواء على مستوى مراكز الدراسات
والأبحاث، أو اتحاد كتاب فلسطين، أو المنتديات، والنشاطات الثقافية ولجان حق
العودة، والمكتبات والمراكز الثقافية ودور النشر والمجلات والصحف، أو باقي
التأطيرات الجمعوية ذات النزوع المعرفية والأدبية والفنية، إنما سيعزز من تلك
الخصوصية التي ظلت تميز المجتمع الفلسطيني على وجه الخصوص.
موقع المخيم والتسمية والحدود والمساحة
أنشأ مخيم اليرموك بين عامي 1954-1955وهناك أراء تقول أنه أنشأ عام 1957،
حين قامت الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العـرب التابعة حينها لوزارة الداخلية
في الجمهورية العربية السورية باستئجار أرضا من الملاكين السوريين من( آل الحكيم)
والتابعة لمنطقة شاغور بساتين، فوزعت الأراضي على اللاجئين الفلسطينيين القادمين
من الأحياء الدمشقية خاصة (حي الأمين –الاليانس ) وقامت وكالة الغوث أثناءها بدفع
مبلغ( 300 ل.س) للعائلة الواحدة كمساعدة عاجلة للبناء.
يشبه مخيم اليرموك في الشكل المثلث رأسه بداية المخيم وقاعدته نهاية
التوسع العمراني الحديث.أما حدود المخيم القديم الذي استأجرت أرضه الهيئة العامة
للاجئين الفلسطينيين، فيحده من الشمال(حي الميدان)ومن الغرب أراضي منطقة (القدم
)والى الجنوب مدينة (الحجر الأسود) وأراضي قرية (يلدا)، أما من الشرق فمنطقة حي
التضامن والذي يعتبر جزء منه تابعا لبلدية المخيم.ويتبع المخيم القديم.بعض الأحياء
الملحقة والتي تعتبر امتدادا له (حي التقدم وحي الثامن من آذار وحي العروبة).
((أن أول من أطلق اسم
اليرموك على المخيم هو الحاج أمين الحسيني كان ذلك أثناء زيارة قام بها للمخيم في
بداية إنشاءه، والتسمية جاءت تأسيا بمعركة اليرموك الشهيرة لعل ذلك يعطي للمخيم
نصيبا من اسمه.
يقع مخيم اليرموك على مسافة 8 كم من مركز العاصمة السورية دمشق، ويعتبر
المخيم ضمن الحدود الجغرافية للمدينة، حيث يمتد على مساحة تقدر بــ 2110000 متر مربع.طبعا
تزداد هذه المساحة يوما بعد يوم نتيجة التوسع العمراني المستمر، إن إجمالي عدد
اللاجئين الفلسطينيين المسجلين بتاريخ 30 يونيو 2002 (112550نسمة).علما أن عدد
اللاجئين غير المسجلين يقدر بعشرات الآلاف جاؤوا معظمهم خلال مسيرة العمل الوطني
الفلسطيني منذ العام 1965 من الأردن ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة الحروب
العربية مع الكيان الصهيوني.(يقدر عدد سكان مخيم اليرموك من اللاجئين الفلسطينيين
بـــ144000 لاجئ حسب إحصائيات الأونروا وهذا الرقم غير دقيق كون أن المخيم يسكنه
العديد من فاقدي الأوراق الثبوتية، وبعض الذين لا تشملهم خدمات الأونروا، وهناك
إحصائية غير رسمية تقول بأن عدد اللاجئين في المخيم هو 220,000 لاجئ وبذلك يكون
مخيم اليرموك اكبر المخيمات الفلسطينية على الإطلاق بعدد السكان في الداخل والخارج
)).
تبلغ الكثافة السكانية في مخيم اليرموك حوالي 10 نسمة في المتر المربع
الواحد تقريباً، وهي نسبة عالية وذلك بسبب ضيق المساحة والتعداد السكاني الكبير.
يعتبر المجتمع الفلسطيني في الغالب مجتمعا فتيا، وهذا ما ينطبق أيضا على مخيم
اليرموك.وللدلالة على ذلك إن نسبة كبار السن من شهود النكبة أي الذين أعمارهم
تجاوز الستون سنة من الفلسطينيين في هذا المخيم لا تتجاوز 7%.
((ينحدر أبناء مخيم
اليرموك من الجليل والمدن الساحلية ومنطقة بحيرة طبرية وسهل الحولة، وغالبيتهم من
حيفا ويافا وعكا والناصرة وصفد وطبرية وقراها،، مع وجود بعض العائلات من قطاع غزة
واللّد والرملة والخليل والقدس وللدلالة علة ذالك أسماء تواجد أهالي تلك القرى
والمدن في تجمعات خاصة بهم مثل(حارة الجاعونة وحارة الطيرة وحارة صفورية الخ....).
(لم ينشأ مخيم اليرموك عام
النكبة (1948) وبالتالي لم يعش سكانه الخيام. بل أنشأت المنازل من اللبن أحيانا
وفي غالبيتها من البلوك، وان اختلفت الأسقف فمنها ما كان سقفه من الخشب ومنها ما
كان من الاسمنت المسلح.ولكن سرعان ما تطور وأصبح كله من الاسمنت المسلح، خاصة مع
بداية السبعينيات من القرن الماضي.ومع وجود مجلس محلي (البلدية) حدد البنيان
والرخص التي تسمح بإقامة عدة طبقات وقد سرع في ذلك عاملين:الأول تلك الموجات
الكبيرة التي وفدت المخيم في فترات متعاقبة ليس بينها فاصل زمني كبير، والثاني حجم
العائلة الفلسطينية التي احتاجت إلى التوسع العمراني العامودي ليتيح للأولاد مساكن
جديدة تتسعهم ).
يعتبر المخيم من المخيمات التي تكاملت فيه كل
جميع الخدمات الأساسية من صرف صحي إلى المياه إلى الطرقات إلى الكهرباء إلى الهاتف
إلى المدارس إلى المستشفيات إلى دور الحضانة والروضات وغير ذالك من الخدمات الأخرى.
((وإن أكثر ما يعانيه سكان المخيم هو عدم وجود
متنفس لهم أي الحدائق العامة وهذا مرده الى التوسع العمراني الغير مرخص والذي لم
يأخذ بالحسبان مثل هذه القضايا، ومن المعاناة المعضلة في المخيم اكتظاظ المقبرتان
في المخيم وللان لا حل سوى الدفن في القبر الواحد أكثر من جثمان خاصة لمن مر على
دفنه سنوات)). إلى جوار الفدائيين الذين يحملون البنادقهناك ثمة من يحمل قلمه
وفكره وإبداعه ليساهم بدوره في المعركة.
الحراك الثقافي في مخيم ليرموك
لا يمكن الخوض في هذا البحث المقتضب بتفاصيل الحراك الثقافي الفلسطيني
بشكل عام لأن مصطلح الثقافة واسع يشمل كل أنواع الفنون والأدب ودور النشر والمراكز
الثقافية والمنتديات والفن التشكيلي والسينما والمسرح وغيرها من الأنواع الثقافية،
ولن أتطرق للحديث أيضاً عن اتحاد الكتاب الفلسطينيين وغيره من المؤسسات والملتقيات
الثقافية التي هي خارج إطار مخيم اليرموك، وإنما سأكتفي بمخيم اليرموك نموذجاً
لهذا الحراك كونه كما ذكرت سابقاً التجمع الأكبر للاجئين الفلسطينيين في سورية، ولما
شكله ويشكله من ثقل كبير على صعيد الحراك السياسي والثقافي والاجتماعي. فوجود كافة
الفصائل الفلسطينية والعديد من لجان حق العودة ومؤسسات العمل الأهلي بمختلف
انتماءاتها، كل ذلك عكس حالة ثقافية وسياسية نشطة، أعطت لمخيم اليرموك خصوصيته
التي أنفرد بها عن بقية مخيمات الشتات.
((بدأ الحراك الثقافي في
مخيم اليرموك ينشط منذ ستينيات القرن المنصرم، من قبل مجموعة من المهتمين الذين
حملوا الهم الثقافي في محاولة منهم لنشر الثقافة وتفعيل الساحة الفلسطينية وكبعد
من أبعاد الوجود الفلسطيني في الشتات، فكانت مشاركاتهم من خلال الأمسيات الشعرية
التي اتسمت بالحزن والحنين والإصرار على العودة، بعد ذلك وتحديداً في أواسط
الستينيات بدأت تتشكل تجمعات ثقافية صغيرة كان عمادها الأنشطة الثقافية والندوات
وورشات العمل، تميزت تلك الفترة بالنشاطات الثقافية التي كانت تقام في بيوت بعض
المثقفين الفلسطينيين، مثل "داوود يعقوب"، "محمود موعد"، "يوسف
اليوسف" وآخرين، ((لكن مع اتساع الحراك الثقافي وازدياد عدد المثقفين شعر
هؤلاء بضرورة إقامة مركز ثقافي في المخيم، من أجل ذلك شُكلت رابطة باسم أنصار ومشجعي
الثقافة الفلسطينية، وتم الاتصال بعدد كبير من رجال الأعمال في المخيم لتمويل
المركز الثقافي، وبالفعل جمعت تبرعات كبيرة تم تسليمها آنذاك لرئيس الوزراء السوري
وفيما بعد أسند لمؤسسة الإسكان العسكري تنفيذ هذا المركز، تم إنشاء المركز إلا أنه
بقي ردحاً من الزمن دون إكساء، وخلال تلك الفترة استمر المثقفون بحراكهم الثقافي
السابق.
وبعد إكمال بناء المركز الثقافي في اليرموك نشأت حركة ثقافية نشطه شارك
فيها العديد من الأدباء والكتاب والمثقفين الذين تناولوا مواضيع أدبية وثقافية
وتوعوية مختلفة، لكن نسبة الحضور فيها كانت ضعيفة جداً، مما أثار وقتها مخاوف لدى
المثقف الفلسطيني بأنه لم يستطع أن يغير شيئاً من حالة السكون والركود الثقافي
المهيمنة على الساحة في ذاك الوقت، واعتبروا أن المثقف لم يستطع الوصول إلى
المواطن والشاب والأسرة وهذه معضلة حقيقية نشأت في المخيم آنذاك، خاصة أن الناس في
تلك الفترة كانت تميل للاستماع إلى الفرق التراثية التي تتسم بالطبل والزمر، في
حين أنها تمل من حضور المحاضرات والنشاطات الثقافية)).
وفي عام 1965 كانت هناك محاولات لتأسيس مسرح فلسطيني قُدمت حينها مسرحية
بعنوان "شعب لن يموت " هذه المسرحية كانت النواة لتأسيس المسرح الوطني
الفلسطيني بين عامي 1965 / 1966 اتخذت لها مكاناً مقابل مسرح القباني لكن لم يكتب
لها الاستمرارية والنجاح بسبب نقص التمويل، وبذلك لم يتحقق الحلم ببناء مسرح وطني
في مخيم اليرموك.
((أما في مرحلة
الثمانينيات فقد تأثر الوضع الثقافي في المخيم بالأوضاع السياسية وخاصة أن هناك
أحداث كبرى حدثت في تلك الفترة كحرب لبنان عام 1982 وما تبعها من إنقسام في الساحة
الفلسطينية، حالة من الركود الثقافي ميزت تلك المرحلة أو كما يقول:الصحفي
الفلسطيني "أحمد هلال "بأن (الخطاب الإيديولوجي في هذه المرحلة كان أعلى
من الخطاب الثقافي وأعلى من الملتقيات والأنشطة الثقافية، لذلك نرى الحراك الثقافي
في هذه المرحلة قد انهزم أمام الحدث السياسي )).
انعكاس الوضع السياسي على الثقافي
نال المشهد الثقافي الفلسطيني في مخيم اليرموك قسطا وافرا من تداعيات
الانقسام السياسي التي زادت من شرذمته بعد تشكل أكثر من جسم ثقافي يعبر كل منها عن
توجه سياسي معين، وإن كان أي من الأجسام لا يبدي عند الإعلان عن تشكيله ميله لهذا
اللون السياسي أو ذاك.أن المشهد الثقافي الفلسطيني يعيش حاله من التخبط والتصدع
أساسها الانقسام والاصطفاف السياسي الذي أثر على الحالة الثقافية بشكل عاصف إلى أن
أحد مظاهر الانقسام تمثلت بخروج بعض المثقفين عن الإطار الثقافي الإبداعي إلى
الإطار السياسي بتغليبهم الفصائلية على كل ما هو وحدوي.
((والحراك الثقافي في مخيم
اليرموك لا يشذ عن هذه القاعدة لأنه شاء أم أبى هو مرتبط ارتباط عضوي بالوقائع
والأحداث التي تدور رحاها على الأرض لذلك نرى أنه تأثر بالوضع السياسي الفلسطيني
وانعكس عليه، فبعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان والانقسام السياسي الحاد
الذي حصل بعده، أرخى ذلك بظلاله على حالة المثقف الفلسطيني الذي انقسم بدوره إلى
مؤيد ومعارض وتشتت الجهود الثقافية وأصبح طابع الولاء للفصيل أو الفكرة هو المسيطر
بين المثقفين الفلسطينيين وإن كانت هناك أقلام حافظت على توازنها)
(من نافل القول أن أكبر ما
يتهدد المثقف الفلسطيني هو الانحياز لطرف معين قبل استحضار قلمه للكتابة، وكذلك
الاصطفاف والتجاذب السياسي الذي أفرز أجساما ثقافية شتت جهد المثقفين وغيبت
التواصل فيما بينهم ووقفت عائقا أمام بلورة حاله ثقافية شاملة).
لذلك بتنا نرى أن المثقف يضطر للبحث عن جهة تحميه كونه لم يستطع التعبير
عن وجهة نظره دون حام، مما دفعه للتنازل عن الكثير من ثقافته وإبداعه وانخراط في
الإطار السياسي للحفاظ على حقوقه.
إذاً لا يمكن أن نؤسس لحركة ثقافية فلسطينية فاعلة سواء في مخيم اليرموك
خاصة أو في فلسطين عامة إلا من خلال إعادة اللحمة الثقافية للمثقفين والأدباء
الفلسطينيين وانسلاخهم عن الاصطفاف السياسية والخروج من عباءتها وتشكيل تجمعات
ثقافية تشرف عليها هيئة مستقلة بعيدا عن الإطار الرسمي والتنظيمي.لأن احتدام
الصراع بين الأقطاب السياسية الفلسطينية كان له تأثير على مزاج المثقف ونظرته
للأحداث وخلق له حالة من اليأس والقنوط وأطفأ شعلة الإبداع لديه وأدى لانحدار
مستواه وانجراره لسجالات حزبية ضيقة.
باختصار شديد ورغم وجود العديد من الأقلام المبدعة والشابة التي أخذت على
عاتقها نشر الثقافة وتعميمها دون أن يكون لها مرجعية أو خلفية سياسية، ورغم اعتماد
وسائل التكنولوجيا الحديثة مازلنا نحاول أن نكسر حالة الجليد الذي يغلف المثقف
خاصة بعد أن أصبح هناك مثقفين من حملة المباخر للسلطة والمنتفعين منها فقد تحول
الأديب إلى تابع إلى مثقف سلطة أصبح هناك ترويض للمثقف ربطت لقمة عيشه بالسلطة، كما
يمكن القول أخيراً بأنه لدينا طاقات أدبية مهمة لم تأخذ حظها من الانتشار الكثير
من الأدباء يطبعون أعمالهم بيدهم وعلى نقتهم الخاصة وهذه معاناة حقيقية يعانيها
الكاتب أو الأديب الذي لا يجد من يدعمه ويشجعه على متابعة مسيرته الأدبية.أصبح
المقال السياسي والإيديولوجي أهم بكثير من تأليف كتاب
علاقة الحركة الثقافية في مخيم اليرموك بحق العودة
(( يهدف النشاط الثقافي
الفلسطيني عامة في دول الشتات إلى نشر ثقافة العودة وتعريف اللاجئ الفلسطيني بحقه
في استرجاع أرضه ودياره التي اخرج منها عنوة، وعدم القبول بالفتات الدولي بما يسمى
حق التعويض والوطن البديل وغيرها من المسميات التي تهدف على إلغاء هذا الحق، ويكون
ذلك من خلال الحراك الثقافي الممثلة بالندوات التي تعقد بين الفينة والأخرى في هذه
التجمعات، والمعارض التراثية كمعارض الذاكرة التي تعرض فيها الوثائق والتي تثبت
الحقوق والتملك كشهادات تسجيل الأراضي (أو ما يطلق عليها الكواشين) والصور
والأوراق الشخصية كشهادات الميلاد والشهادات الدراسية.. جميع هذه النشاطات كما
قلنا سابقاً تبقي الذاكرة حية مستديمة لدى الأجيال المتعاقبة.
إذاً لا يوجد مخيم فلسطيني يخلو من مؤسسة ثقافية أو أكثر، وعادة تكون هذه
المؤسسات مرتبطة بعمل الفصائل والمنظمات، ولا ينفصل برنامج عمل هذه المؤسسات عن
أطروحاتها الفكرية، بينما البعض الآخر يعمل بصورة مستقلة بهدف تنمية المواهب
والقدرات وإيجاد حالة من الحراك الثقافي والقضاء على الجمود الفكري. من هذا
المفهوم فإن الدعوة إلى إطلاق حرية النشاطات الثقافية والفكرية وعدم تقيدها
بالأيديولوجيات الفكرية، ودعم جميع المشاركين في المشروع الثقافي خاصة لدى فئة
الشباب قد تكون حاجة ملحّة في مثل هذه الظروف القائمة التي تمر بها قضيتنا
الفلسطينية التي يشهد كل شيء في العالم على أنها قضية عادلة، طبعاً عدا من حولوا
العدالة إلى بورصة تعلو وتهبط عند الطلب وأخضعوها لنظام السوق الحر)).
((وهنا تجدر الإشارة إلى
أن الحراك الثقافي في مخيم اليرموك ازدهر في مرحلة السبعينيات والثمانينيات من
القرن المنصرم وبدأ بعد ذلك بالانحسار في النصف الثاني من الثمانينيات بعد خروج
المقاومة من لبنان وابتعاد الكتاب عن الكتابة وخاصة بعد اتفاق أوسلو مرحلة
الانكسار الفلسطيني، ثم نشطت بعد ذلك مع اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987 واتفاق
أوسلو عام 1993 والانتفاضة الثانية انتفاضة الأقصى عام 2000، هنا نشطت لجان حق
العودة وظهرت على الساحة الفلسطينية بقوة خاصة في مخيم اليرموك، ذلك تعويضاً عن
عمل المؤسسات الثقافية التابعة للفصائل الفلسطينية في فترة أوسلو، حيث أخذت على
عاتقها نشر عنوان تخصصي عنوانه نشر ثقافة العودة واعتمدت في ذلك على إمكانيات
ذاتية محددة من خلال بعض الإعلاميات البسيطة بسبب قلة الموارد المادية وحتى الكادر
الثقافي، وسرعان ما تحولت هذه اللجان إلى مؤسسات تعنى بنشر ثقافة العودة بأساليب
متعددة منها المكتوب والمذاع ومنها النشاطات الشعبية التي تعيد اللاجئ إلى دياره
ووطنه الذي شرد منه وإلى أولويات الصراع مع الكيان الصهيوني، أيضاً لا يمكن أن
نغفل الجانب االفني فبعد أن وهنا ظهرت في المخيم فرق شعبية كالعاشقين وبيسان
والأرض وأجراس العودة.
في البدايات جاءت لجان العودة كتعويض عن ابتعاد الجماهير عن فصائل
المقاومة الفلسطينية في مرحلة ما بعد اجتياح لبنان وأوسلو في البداية حققت هذه
اللجان حركة جماهيرية نشطة وواسعة خاصة بابتكار بعض الوسائل والأساليب مثل الإضراب
عن الطعام الذي نفذه مجموعة من الشباب المستقل أمام مبنى الصليب الأحمر، ولكن لضعف
الامكانيات انحسرت أعمال اللجان وساعد في ذلك نشوء لجان حق عودة تابعة للفصائل
الفلسطينية مباشرة وليس لها طابع المؤسسات)).
((من جانبه رأى طارق حمود
مدير عام تجمع العودة الفلسطيني (واجب) أن النشاط الثقافي في مخيم اليرموك يأخذ
أشكالاً متعددة، وهي خصوصية لدى هذا المخيم إذ يعد مركزاً للعمل الوطني الفلسطيني
بأبعاده السياسية والثقافية وغيرها، الشكل الأول هو الشكل المؤسسي أي الذي يقوم
على بنى مؤسسية متخصصة بالثقافة ونشرها وهذا منتشر في اليرموك بشكل ملحوظ وفي
غالبيته عبارة عن مؤسسات رسمية تتبع الدولة أو منظمة التحرير، وهناك أشكال فردية
للعمل الثقافي وهو ما تقوم بناه على فرد بعينه ونلحظ هذا الشكل في الغالب لدى
الفنانين التشكيليين الذين يقومون بمعارض خاصة بهم سواء في صالات عرض أو يعرضونها
على جدران المخيم بمبادرة فردية، وهناك شكل حزبي للنشاط الثقافي وهو ما تقوم به
الفصائل الفلسطينية من أنشطة ثقافية من خلالها مباشرة أومن خلال مؤسسات ثقافية
تبنيها هي بنفسها، وهناك شكل مهم وهو النشاط الثقافي الإعلامي الموجود في مختلف
الوسائل الإعلامية الفلسطينية من مقالات وروايات وتقارير.
واعتبر أن لجان حق العودة في حقيقتها هي مجموعات شعبية تحمل بعداً
سياسياً من خلال تبنيها لقضية حق العودة، لكنها بنفس الوقت تحمل بعداً ثقافياً من
خلال تبنيها لمشروع ترسيخ ثقافة العودة لدى اللاجئين، وبالتالي نستطيع القول أن
لجان العودة تحمل عنواناً ثقافياً تخصصياً متعلق بحق العودة، وهو عنوان عريض جداً
كان ولا يزال له مساحة كبيرة في خارطة العمل الثقافي الفلسطيني الوطني، ولكن لحان
العودة في الغالب تحاكي هذا العنوان التخصصي بطريقة غير تخصصية بمعنى هناك خلط
دوماً بين ماهية الوظيفة الثقافية للجان تجاه عنوانها وبين دورها السياسي والشعبي
للدفاع عن هذا الحق، لكن في المجمل للجان العودة دور هام في تفعيل وتنشيط الذهنية
الثقافية في أوساط اللاجئين تجاه العودة، وبما أن معظم لجان العودة يتركز في مخيم
اليرموك الذي يضم نصف لاجئي سورية تقريباً كان لزاماً على هذه اللجان أن تتحمل
الدور المنوط بها خصوصاً بعد انخراط منظمة التحرير في عملية التسوية، بكل الأحوال
أقول أن دور لجان العودة في اليرموك لا يزال خجولاً لكنه يبشر بتقدم حقيقي تجاه
تحقيق دور ثقافي واعد من خلال تطور بنى اللجان وتحول بعضها إلى مؤسسات))
المراكز الثقافية والمؤسسات الناشطة في مخيم اليرموك
أهم الملتقيات والمؤسسات الثقافية التي ظهرت في مخيم اليرموك
المكتبات الثقافية
هي مكتبات تتضمن إعارة كتب مع قاعة مطالعة وتتبع للفصائل الفلسطينية.
1: مكتبة الشهيد عز الدين
القسام في مجمع الخالصة، وهي أولى المكتبات الفلسطينية في مخيم اليرموك.
2: المكتبة الثقافية
الوطنية، وتتضمن قاعة مطالعة، وقاعة لمطالعة الصحف، بالاضافة إلى مكان مخصص للطلبة
للدراسة.تحتوي المكتبة الثقافية الوطنية على العديد من الصحف والمطبوعات الدورية.
3: مكتبة الجيل الجديد، وتشمل
قاعة للمطالعة والألعاب والشطرنج.
4: مكتبة الأقصى التابعة
لشبيبة الثورة.
قاعات المحاضرات
1: قاعة الشهيد حلوة زيدان،
وهي تابعة لجيش التحرير الفلسطيني، ومن أقدم القاعات الثقافية الفلسطينية الموجودة
في المخيم.
2: قاعة الشهيد عبد الكريم
حمد، أبو عدنان، وقاعة الشهيد خالد نزال.
3: قاعة 16 تشرين الموجودة
في مقر فرع حزب البعث العربي الاشتراكي.
4: قاعة الشهيد غسان
كنفاني
5: قاعة الشهيد سمير درويش
الموجود في مجمع الخالصة.
دور النشر
((نشطت دور نشر في مخيم
اليرموك في فترة من الفترات، وتميزت بأنها كانت تؤسس من قبل أشخاص مهتمين بالشأن
الثقافي، لكنها وللأسباب متعددة سواء كما يقول مدير دار الشجرة غسان الشهابي بسبب
عدم الدعم المادي من قبل الفصائل والتنظيمات الفلسطينية الموجودة في الساحة
السورية أو بسبب محاربة هذه الفصائل لكل شيء جديد يمكن أن يظهر مدى تقصير هذه
الفصائل من الناحية الثقافية وعدم الاهتمام بها إلا لمأرب فصائلية.وسبب ذلك توقفت
العديد من دور النشر عن العمل، مثل:دار جفرا، دار المسبار، دار الموعد الذي انحصر
دورها بالكتاب السياسي ويعتبر عمر الدار قصير بسبب التوقف عن العمل، هناك دور خاصة
في مخيم اليرموك ولكن إلى الآن لم يرفدوا الساحة الثقافية بشيء يشبع النهم الثقافي
ويعطي جديد، يمكنني القول هنا أن المؤسسة الوحيدة التي عملت بشكل جيد هي مؤسسة دار
فلسطين للثقافة، فهذه الدار أصدرت مجموعة كبيرة من الكتب التي لها علاقة بالقضية
الفلسطينية إن كان بإطار الأدبي أو السياسي أو الإبداعي، لكن مشكلتها الأساسية بأنها
محصورة بدور سياسي بمعنى أنها محسوبة على تنظيم فلسطيني وهذا مما اضعف من دوراها
وتأثيرها بالشارع ويضعف من حركة المثقفين تجاهها)).
يوجد في مخيم اليرموك عدد من مراكز الطباعة، ودور النشر التي تساهم في
رفد الحياة الثقافية، ومنها
1: دار الشجرة: هي أقدم
دار في مخيم اليرموك التي نشطت في مجال النشر على صعيد القضية الفلسطينية والتراث
الفلسطيني، ونشرت عدداً من الكتب حول القرى والمدن الفلسطينية، وتعنى بنشر التراث
الفلسطيني وإحياء الذاكرة الشعبية.
2:دار القدس للعلوم: أسست
دار القدس للعلوم عام 2000 م آخذة على عاتقها الاضطلاع بمسؤولية التثقيف ونشر
الوعي الصحي والطبي في المجتمع، ونظراً لأهمية موضوع الصحة فقد رفعت دار القدس
للعلوم شعار (الصحة أولاً) هادفةً إيصال رسالتها الثقافية الصحية إلى كل الناس
وعلى جميع المستويات.
دار واجب، ودار الكرمل.
المجلات
استطاعت المجلات والصحف التي كانت تصدر في مخيم اليرموك أن تكون موجه إلى
كل الشرائح الفلسطينية، رغم أنها كانت تتبع لفصائل فلسطينية، صحيح أن الفصيل أراد
من هذه الوسيلة الإعلامية أن تكون منبراً وصوتاً له إلا أن المثقفين استطاعوا أن
يقودوا الدفه ويوجهوها إلى شاطئ المثقف النهم الذي يتذوق المادة الجيدة بغض النظر
عن الكاتب أو الفصيل الذي يصدر هذه المجلة أو الجريدة، وكذلك أدت ظروف كثيرة إلى
انتقال مقرات عدة مجلات فلسطينية إلى اليرموك. وأشهر المجلات:
مجلة الحرية: التي انتقلت إلى مخيم اليرموك في أواسط التسعينات، وهي
تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
مجلة الهدف: التي افتتحت مقرها في مخيم اليرموك منذ بدايات عقد التسعينات
وهي تابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
هناك كم كبير من الصحف والمجلات الدورية التي ليس لها مقر في المخيم
ولكنها توزع فيه مثل:
إلى مجلة الأمام، صابرون، القسامييون، فلسطين المسلمة، مجلة فارس، مجلة
العودة وغيرها.
المركز الثقافي العربي في اليرموك
تاسس المركز الثقافي العربي في مخيم اليرموك عام 2004، يتمتع المركز
بخصوصية بأنه موجود في مخيم اليرموك مخيم الفلسطينيين والفصائل الفلسطينية هو مركز
ليس ثقافي وحسب وإنما ملتقى سياسي وثقافي وفني نخاصة وأن فيه أكبر مسرح في مدينة
دمشق بالنسبة للمراكز الثقافية يتسع لأكثر من 600 شخص أغلب المؤتمرات والمهرجانات
والندوات والحفلات الفنية التي تقيمها الفصائل الفلسطينية كافة.
يوجد في المركز لجنة أصدقاء المركز، نادي الطفل مهمة اللجنة رعاية مواهب
الأطفال من خلال الرسم الموسيقا الترفيه، يتميز المركز بإقامة مهرجانات سنوية منها:
• مهرجان رسوم الأطفال
السنوي والذي يقام إضافة للسنة السابعة على التوالي
• يحضر لإقامة مهرجان أدب
الطفل للشعر والخطابة والفصاحة من أجل تنمية مواهب الأطفال وقدراتهم ووضعهم على
السلم الصحيح في بداية مشوارهم الأدبي،
• مهرجان شعري بعنوان
مهرجان الفنون ويتضمن عروض فنية استعراضية للفرق تراث فلكلور رقص شعبي، عروض
مسرحية للأطفال
• مهرجان ربيع الأدب للشعر
والقصة للشباب والذي يقام للسنة الخامسة على التوالي
يتبع للمركز معهد الثقافة الشعبية في اليرموك فيه حوالي 800 طالب وطالبة
النشاطات الثقافية
المتتبع للحراك الثقافي في اليرموك يلحظ أن معظمها اتخذت عدداً من
الأشكال هي:
1: نشاطات ثقافية بمناسبة
الأعياد والمناسبات التي تحتفل بها الفصائل الفلسطينية كل على حدا.
2: نشاطات ثقافية بمناسبة
الأعياد الوطنية الفلسطينية أو المناسبات الأخرى ذات الطابع الوطني العام.
3: نشاطات ثقافية تقيمها
لجان تعمل في المجال الثقافي، مثل اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، اللجان
العاملة في مجال حق العودة.
4: نشاطات يدعو إليها هذا
المنتدى الثقافي أو ذاك.
مؤسسة القدس للثقافة والتراث
مؤسسة القدس للثقافة والتراث مؤسسة فلسطينية ثقافية طوعية مستقلة، تأسست
في دمشق عام 2010 بهدف المساهمة في بعث وتعزيز الهوية والثقافة الفلسطينية كجزء لا
يتجزأ من الهوية والثقافة العربية والإسلامية، وفق رؤية مستندة إلى الثوابت
والجذور، ومنفتحة على كل الثقافات العالمية من منطلق الوعي بالذات والعالم.
الأهداف:
1 ـ المساهمة في المحافظة
على الهوية والثقافة الوطنية الفلسطينية وتأكيد ارتباطها بالهوية والثقافة العربية
والإسلامية.
2 ـ تنمية الوعي بخطر
المشروع الصهيوني الذي قام على اغتصاب الأرض وتزوير التاريخ وطمس الهوية والثقافة
والتراث.
3 ـ التعريف بالمقدسات
الإسلامية والمسيحية، وإبراز هويتها العربية والإسلامية، ورصد وكشف التهديدات
والإجراءات الصهيونية التي تهدف إلى تهويدها وهدمها والاستيلاء عليها.
4 ـ تعزيز قيم الثقافة
الوطنية الإيجابية كالصمود والثبات والمقاومة، ومناهضة ثقافة الهزيمة والاستسلام
في الأمة.
5 ـ إشاعة ودعم ثقافة
الحوار وبناء الجسور بين مختلف التيارات الثقافية والفكرية في فلسطين والأمة.
6 ـ تفعيل دور الثقافة
وتوجيهها لخدمة قضايا الأمة المصيرية وعلى رأسها قضية فلسطين.
7 ـ دعم ورعاية المبدعين
من أبناء شعبنا وأمتنا في مختلف المجالات الثقافية والأدبية والتراثية.
8 ـ الاهتمام بفئات المرأة
والشباب والأطفال وتشجيع العمل والإنتاج الثقافي والأدبي والفني الخاص بهم.
الوسائل والأنشطة:
1 ـ بناء قاعدة معلومات
تعتمد رصد الحركة الثقافية الفلسطينية وتقاطعاتها العربية والإسلامية والدولية.
2 ـ إعداد وإصدار الدراسات
والبحوث، والترجمات، وطباعة ونشر الكتب والأدبيات التي تخدم أهداف المؤسسة.
المصدر: أكاديمية دراسات اللاجئين