القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

الذكرى الـ43 لمجزرة صبرا وشاتيلا: حين تعود الذاكرة لتطرق أبواب الخوف


بيروت – لاجئ نت|| الإثنين، 15 أيلول، 2025

مع اقتراب الذكرى الثالثة والأربعين لمجزرة صبرا وشاتيلا، لا يقتصر الحزن على استرجاع مشاهد الدم، بل يمتد ليوقظ قلقًا دفينًا في نفوس اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. فالسلاح الذي لطالما كان جزءًا من يوميات المخيمات، يعود اليوم إلى واجهة النقاش، لا كأداة صراع، بل كرمز للبقاء في وجه ذاكرة مثقلة بالخيانة والخذلان.

من تل الزعتر إلى نادي الحولة: ذاكرة لا تموت

التمسك بالسلاح داخل المخيمات ليس مجرد خيار أمني، بل هو إرث ثقيل من المجازر التي حفرت في وجدان الفلسطينيين قناعة بأن الحماية لا تأتي من الخارج.

* تل الزعتر (1976): أكثر من خمسين يومًا من الحصار انتهت بمجزرة مروعة راح ضحيتها آلاف المدنيين، في مشهد ترك جرحًا لا يندمل.

* نادي الحولة – برج الشمالي (1982): خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، لجأ المدنيون إلى ملاجئ النادي، لكن القصف المباشر أودى بحياة أكثر من 125 شهيدًا، معظمهم من النساء والأطفال.

* صبرا وشاتيلا (1982): بعد انسحاب المقاومة الفلسطينية من بيروت، تُرك المخيمان بلا حماية، ليشهد العالم واحدة من أبشع المجازر التي استمرت ثلاثة أيام وسط صمت دولي رهيب.

هذه المجازر لم تكن مجرد أحداث، بل تحولت إلى مبرر وجودي للسلاح داخل المخيمات، في ظل غياب أي ضمانات دولية أو محلية لحماية اللاجئين.

صبرا وشاتيلا: المجزرة التي صمت عنها العالم

بين 16 و18 أيلول/سبتمبر 1982، وقعت واحدة من أبشع المجازر في التاريخ الحديث، حين اقتحمت ميليشيات لبنانية متحالفة مع الاحتلال الإسرائيلي مخيمي صبرا وشاتيلا، وبدأت عمليات قتل ممنهجة استهدفت المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين دون تمييز.

* عدد الضحايا: تراوحت التقديرات بين 1300 و3500 شهيد، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ.

* أساليب القتل: بحسب شهادات صحفيين مثل روبرت فيسك وأمنون كابليوك، تم قتل الأسر داخل منازلهم، اغتصاب النساء قبل ذبحهن، سحق رؤوس الأطفال على الجدران، وبتر أطراف الضحايا لسرقة مجوهراتهم.

* المستشفيات لم تسلم: اقتُحم مستشفى عكا، وقُتل فيه أطباء وممرضون ومرضى بوحشية.

* الدفن الجماعي: استخدمت الجرافات لدفن الجثث في مقابر جماعية، لإخفاء معالم الجريمة.

أصوات من داخل المجزرة: شهادات لا تُنسى

في كتابها المرجعي، وثّقت المؤرخة بيان نويهض الحوت عشرات الروايات الشفهية من ناجين وناجيات، منهم من فقدوا عائلاتهم بالكامل، ومنهم من اختبأوا تحت الجثث لساعات حتى انتهاء المجزرة.

* رواية ناجية: "كنت أسمع صراخ الأطفال، ثم فجأة صمت كل شيء. خرجت من تحت الجثث، ووجدت أمي وأختي مذبوحتين."

* شهادة مسنّ: "رأيتهم يجرّون الرجال من البيوت ويذبحونهم في الشارع. لم يكن هناك فرق بين طفل وشيخ، الكل كان هدفًا."

* كلمات صحفي أجنبي: "لم أرَ في حياتي مشهدًا بهذا القدر من الوحشية. كانت الدماء تغطي الأزقة، والروائح لا تُحتمل."

من المجزرة إلى السلاح: ذاكرة تحكم الواقع

هذه المجازر، التي وقعت في ظل غياب الحماية الدولية، شكّلت قناعة راسخة لدى اللاجئين بأن السلاح هو الضمانة الوحيدة للبقاء. فالمخيمات تُركت بلا حماية، والوعود الدولية تبخّرت مع أول اختبار حقيقي.

أصوات من الداخل: بين إرث الدم وواقع الخوف

في جولة ميدانية داخل المخيمات، تتباين الآراء، لكنها تتقاطع عند نقطة واحدة: الخوف من التكرار. ورغم طرح السلاح الفلسطيني في سياق السيادة والأمن الداخلي، فإن اللاجئين يرونه من زاوية مختلفة: زاوية الدم الذي سال بلا رادع، والخذلان الذي تكرر.

* شاب من الجنوب: "لم نعش المجازر، لكننا ورثنا وجعها. كيف نثق بوعود الحماية بعد كل ما جرى؟"

* سيدة من برج البراجنة: "بعد صبرا وشاتيلا، رحلت المقاومة وبقينا وحدنا. السلاح هو أماننا، لا خيارنا."

* ناشط من عين الحلوة: "نزع السلاح قد يخفف من الاشتباكات، لكنه لا يحمينا من الخارج. الأمان الحقيقي يبدأ بالاعتراف بحقوقنا."

معادلة السيادة والأمان: هل من نقطة توازن؟

الجدل حول السلاح الفلسطيني لا ينفصل عن تعقيدات الواقع السياسي، لكنه أيضًا لا يمكن تجاهل جذوره في معاناة اللاجئين. فالمخاوف من تكرار المجازر تجعل من أي نقاش حول نزع السلاح مشروطًا بضمانات حقيقية، لا شعارات عابرة.

يرى خبراء أن الحل لا يكمن في نزع السلاح فقط، بل في:

- تحسين ظروف المعيشة داخل المخيمات

- تعزيز الحقوق المدنية للاجئين

- إشراكهم في الحوار الوطني

- توفير آليات حماية دولية ومحلية تمنع تكرار المجازر

رسالة الذكرى: لا نريد سلاحًا... نريد أمانًا

في الذكرى الثالثة والأربعين، لا يطالب اللاجئون بالثأر، بل بالعدالة. لا يبحثون عن سلاح، بل عن ضمانة ألا يُذبحوا مرة أخرى في صمت. فهل تنصت الجهات المعنية لصوت المجازر قبل أن يُعاد إنتاجها؟