الشباب الفلسطيني والتعليم الجامعي غياب للمنح وتراجع في معدلات التحصيل
الأربعاء، 12 شباط، 2014
يعتبر انقطاع المنح الدراسية الخاصة بالشباب الفلسطيني من أهم الأسباب
التي أدت إلى تراجع إقبال الشباب على الجامعات في لبنان، خصوصاً أن معظم المنح
كانت تؤمنها منظمة التحرير الفلسطينية، ورغم ما يبذله صندوق الطالب الفلسطيني من
جهود حثيثة لتأمين قروض التعليم الجامعي لأكبر عدد ممكن من الطلاب الفلسطينيين في
لبنان، فإنه يواجه عجزاً متواصلاً سنة تلو الأخرى.
وفي السنوات القليلة الماضية ونتيجة الضغوط والمطالبة المتواصلة وتحركات
الطلبة، بدأت الأونروا تقديم عدد من المنح الجامعية مدعومة من بعض الدول المانحة،
لكنها لا تغطي أكثر من 5 % من مجموع الطلبة الفلسطينيين الذين يصل عددهم وفقاً
لإحصاءات اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني نحو 6320 طالباً جامعياً، موزعين على
العديد من الجامعات الرسمية والخاصة، منهم 2400 طالب في الجامعة اللبنانية، 1370
في جامعة بيروت العربية، 1000 طالب في الجامعة اللبنانية الدولية، 650 في جامعة
الآداب (AUL)، 180 في الجامعة الأميركية، 110 طلاب في
اللبنانية الأميركية، والباقي موزعون على الجامعات الأخرى كالجامعة الإسلامية
والعربية المفتوحة.
ونتيجة تخلي وكالة الأونروا عن مسؤوليتها وغياب المنح والمساعدات الجامعية
التي كانت تقدم سابقاً من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، فإن الملجأ الوحيد الذي
تَوفر أمام الطالب الفلسطيني على مدى عقود كان صندوق الطالب الفلسطيني، من خلال
إعطاء القروض الميسرة للطلبة، لكن ونتيجة العجز المالي اقتصرت لاحقاً المنح على من
يحصل على المتفوقين.
وقد أثر ذلك سلباً وبصورة مباشرة بأوضاع الطلبة الجامعيين الفلسطينيين
وساهم بشكل كبير في تدني نسبة الطلبة الملتحقين بالدراسة الجامعية وارتفعت نسبة
المسربين قسراً لـ22 %، خصوصاً في المرحلة الثانوية نتيجة الضائقة المالية.
ولذا لم يعد أمام غالبية الطلاب الفلسطينيين سوى اللجوء إلى الجامعة
اللبنانية شبه المجانية، والالتحاق بكلياتها النظرية، نظراً لصعوبة دخول الكليات
العلمية، كما لم يكن من خيار آخر أمام الطلبة الفلسطينيين الذين يريدون الالتحاق
بالكليات العلمية في الجامعات الخاصة سوى محاولة التغلب على شروط صندوق الطلبة
الفلسطينيين الصعبة نسبياً.
ووفقاً للدراسة المشار سابقاً، فإن أعلى نسبة من بين الجامعات اللبنانية
التي يلتحق بها الطلبة الفلسطينيون هي الجامعة اللبنانية بنحو 2400 طالب وطالبة،
وذلك نظراً لارتفاع تكاليف التعليم في الجامعات الخاصة، وعدم قدرة الأهل على تأمين
أقساطها.
في العام 2010، تم تأسيس "صندوق الرئيس محمود عباس" لدعم
الطلبة الفلسطينيين في لبنان بدعم من بعض الممولين الفلسطينيين، وشكل ذلك خطوة
هامة، لكنه لم يعالج جذور الأزمة، بسبب تغطيته الجزئية، إلى جانب عدم اعتماد
الصندوق كمؤسسة رسمية من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما يشكل خطراً على
مستقبل الصندوق واستمرار دعمه للطلبة الفلسطينيين.
كذلك فإن المجالات المتوفرة في عملية التعليم تتعارض بشكل جذري مع خيارات
الطالب في التعلم، فمعظم الاختصاصات الجامعية واختيار الجامعة تُفرض على الطالب
انطلاقاً من كونه فقيراً عموماً، أيضاً فإن التعاطي مع الطالب الفلسطيني بصفته
طالباً أجنبياً يشكّل عائقاً إضافياً، حيث تنطبق عليه كافة الشروط المتوجبة على
الطالب الأجنبي التي لا تسمح له بالانتساب إلى الكليات العلمية ككليات الطب
والهندسة والزراعة ودار المعلمين، ويدفع ذلك الكثيرين إلى التوجه الاختصاصات
المهنية، ولهذه الغاية أنشأت وكالة الغوث (الأونروا) مركز سبلين الخاص بالتدريب
والتأهيل المهني، واعتمد هذا المركز مجانية التعليم المهني، فقدم فرص تعلم مهن
مختلفة ومتنوعة وصلت إلى تسع عشرة مهنة كالحدادة والنجارة والميكانيك وصيانة الأجهزة
الالكترونية، وقد انتسب إلى هذا المركز منذ إنشائه العديد من الطلاب والطالبات
الذين اعتبروا أن معهد سبلين خيارهم الأخير في إكمال التعليم، وتعويضاً عن التخصص
الجامعي.
وهناك أسباب أخرى لسلوك طريق الاختصاص المهني تتلخص بعدم القدرة المادية
على متابعة الدراسة الجامعية، وعدم الرغبة لدى البعض في إكمال التعليم الأكاديمي،
كذلك الفشل في الحصول على الشهادة الرسمية في التعليم الثانوي، والرغبة لدى البعض
في سلوك طريق التعليم السريع وذلك للمساعدة في إعالة عائلاتهم، ناهيك عن توفر فرص
عمل لطلبة مركز سبلين بعد التخرج، ورفض المراكز المهنية الرسمية اللبنانية
المجانية كالمدرسة الفندقية.
إن العمل على تأمين القروض والمنح الجامعية يجب أن يحتل مكانة خاصة في
إطار نضال الشباب الفلسطيني اليوم، لأنه المدخل الأساس لتوفير مقومات الحياة
الإنسانية التي تضع في مقدمتها توفير التعليم الجامعي والمهني المجاني، بالإضافة
إلى استمرار الضغط لتأمين حق العمل للخريجين وتحسين المستوى التعليمي في مدارس
الأونروا.
المصدر: الثبات