«الشعب يريد العودة إلى فلسطين»
السبت، 14 أيار، 2011
اقترب 15 أيار، واقترب الموعد المفترض للقاء اللاجئين الفلسطينيين مع أرضهم. الزحف باتجاه فلسطين سيتوقف هذه المرة في منطقة مارون الراس، على أمل أن يكمل اللاجئون زحفهم باتجاه فلسطين، في المرة المقبلة. 15 أيار لن يكون حكراً على فلسطينيي الشتات والداخل فقط، إذ إن شعوب دول الطوق في مصر، الأردن، سوريا ولبنان ستحاصر إسرائيل نهار الأحد المقبل، سلمياً هذه المرة
قاسم س. قاسم
شهر أيار هو شهر النكبات بالنسبة إلى الفلسطينيين. ففي منتصفه من عام 1948 وقعت نكبتهم، وذلك عندما هُجّروا من أرضهم. النكبة لا تزال مستمرة. وفي كل عام، على مدى63 عاماً، كان اللاجئون يحيون تلك الذكرى المأساوية.
تختلف نشاطات ذكرى النكبة من عام إلى آخر. ففي العام الماضي كتبوا أكبر قرار دولي بواسطة الكوفيات الفلسطينية، وهو قرار حق العودة الرقم 194، ودخلوا كتاب غينيس. وفي العام الذي سبقه، نظّموا يوماً تراثياً فلسطينياً، ارتدت فيه النساء الزيّ التراثي الفلسطيني، وطُبخت المأكولات الفلسطينية التقليدية التي لا يعرف عنها الشباب الفلسطيني شيئاً. لكنّ لهذا العام، في الخامس عشر من أيار، طعماً مختلفاً. ففي أوّله وقّعت حركتا فتح وحماس اتفاقية المصالحة، أعلنا فيها انتهاء الانقسام الذي دام أربع سنوات. وقامت في الأشهر التي سبقت أيار ثورات عربية أطاحت أنظمة كانت تحاصر الفلسطينيين. هذا العام بالطبع ستختلف طريقة إحياء نكبة 15 أيار. فالفلسطينيون خبروا أنه عندما تريد الشعوب، فإن من الممكن تحقيق إرادتها. ففي مصر وتونس رُفع شعار «الشعب يريد تغيير النظام»، فسقط النظام. أما الشعار الذي اختار الفلسطينيون رفعه في 15 أيار فهو «الشعب يريد العودة إلى فلسطين»، على أمل أن يتحقق هذا الشعار ولو بعد حين. حاملين هذا الشعار، تحت راية العلم الفلسطيني، سيترك 20 ألف لاجئ مخيماتهم نهار الأحد. وجهتهم الجنوب وقبلتهم فلسطين. سيقفون في منطقة مارون الراس، يطلون على سهل الجليل الأعلى. هناك، لمدة ست ساعات، سيتأملون أرضهم. المنظّمون وضعوا لمساتهم الأخيرة على الاستعدادات التي سترافق مسيرة العودة. دقّقوا في التفاصيل، وتحسّبوا للعراقيل التي قد تواجههم، إذ سيكون هنا أكثر من 3 آلاف عنصر انضباط لضمان خط سير هذه الرحلة من جميع المخيمات، وصولاً إلى منطقة مارون الراس جنوباً.
الوجهة الأولى للمسيرة، كما كان مخططاً لها، كانت منطقة الناقورة، حيث خطط المنظّمون لتقديم مذكرة إلى قوات اليونيفيل الموجودة هناك، على أن يتوجهوا لاحقاً إلى منطقة مارون الراس. ولكن بعد اجتماعات عقدها المنظمون وزيارات استطلاعية إلى منطقة الناقورة، وجد المنظمون أن من الأفضل عدم التوجه إلى هناك، لأسباب لوجستية، أولها كثرة الحفريات الممتدة من منطقة الرشيدية في صور وصولاً إلى آخر نقطة حدودية. الأحد صباحاً سينطلق الفلسطينيون من مخيماتهم. أبناء مخيمات الشمال سينطلقون بعد صلاة الفجر. أما أبناء مخيمات بيروت فسينطلقون عند الساعة الثامنة صباحاً. المنظّمون عملوا في الأسابيع الماضية على تأمين 300 حافلة، لكن بسبب الإقبال الكثيف ازداد عدد هذه الحافلات ليفوق 500 حافلة. ففي مخيم نهر البارد وحده فاق عدد المشاركين أربعة آلاف مشارك. بالطبع لن تسلك جميع هذه الحافلات الطريق ذاته، وفي الوقت نفسه، إذ إن من المتوقع أن يبلغ طول خط سير المسيرة 7 كيلومترات، ما سيسبّب ازدحاماً كبيراً، كذلك فإن الطرقات لن تتّسع لمثل هذا العدد من الحافلات في وقت واحد. تسهيلاً للمهمة، قسّم المنظّمون الطرقات التي سيسلكها المشاركون. الحافلات التي ستنطلق من مخيمات بيروت وصيدا والشمال ستجتاز طريق صدّيقين ومنها إلى مارون الراس. أما المشاركون من مخيمات صور فسيتوجهون إلى قانا، ثم قرى النبطية، ومنها إلى مارون الراس. أما الحافلات المشاركة من منطقة البقاع، فستتوجه إلى منطقة زمريا، ومنها إلى وجهتهم الأخيرة.
مسيرة العودة في 15 أيار لن تكون محصورة في لبنان، إذ سينطلق شباب الثورة في مصر من «كوبري السلام» في الإسماعيلية ليجتازوا معبر رفح إلى غزة نهار الأحد المقبل. من جهتهم، أعلن شباب 15 مايو في الأردن، عبر مجموعات الفايسبوك، توجههم إلى أقرب نقطة حدودية مع الضفة الغربية، لكن من دون تسمية نقطة محددة للتجمّع، على أن تُعلن لاحقاً. أما في سوريا، فقد أعلن منظّمو الحملة أنهم سينطلقون من مخيم اليرموك باتجاه منطقة عين التينة في مدينة القنيطرة المحررة. وبالطبع، فلسطينيّو الداخل سيشاركون فلسطينيي الشتات في مسيرتهم، إذ سيتجمّع الغزيّون في العاشرة عند دوّار حمودة، ومنه سيتجهون إلى معبر بيت حانون. أما في أراضي الـ48، فستنطلق مسيرات من حيفا وعكا باتجاه منطقة شفا عمرو التي ستكون نقطة التجمع لأبناء الداخل، على أن يتوجهوا منها إلى القرى المقابلة للحدود اللبنانية. كذلك وُجّهت الدعوات عبر مجموعات الفايسبوك لتأدية «الصلاة المليونية» فجر اليوم، وذلك لمباركة هذه النشاطات. وسينظّم ناشطون أجانب في العواصم الأوروبية مسيرات باتجاه السفارات الإسرائيلية في بلدانهم للاعتصام أمامها، مطالبين بإنهاء الاحتلال.
وبالعودة إلى منطقة مارون الراس، سيرفع اللاجئون نهار الأحد مجسّمين ضخمين، الأول خريطة فلسطينية كبيرة ستنصب في متنزه مارون الراس، والثاني لوحة إعلانية ضخمة مكتوب عليها باللغات العبرية، العربية والإنكليزية: «حق العودة مقدس، ولن يُفرّط به». الرسالة بالطبع موجهة إلى أبناء الضفة الأخرى من المستوطنين، والفلسطينيين. فللمستوطنين أن اللاجئين سيعودون إلى أرضهم عاجلاً أو آجلاً، ولفلسطينيي أراضي الـ48 أن اللقاء سيكون قريباً حتى ولو بعد حين.