الضفة الغربية ساحة التطورات الساخنة
الأربعاء، 25 آذار، 2015
إذا كانت كلمة السر هي غزة فإن السر الحقيقي يكمن
في الضفة الغربية المحتلة، الأعين في غزة تتطلع إلى الحرب والتهدئة الحصار وفتح
المعابر المصالحة والانقسام، بينما في الضفة الغربية هناك ألغام قد تنفجر في أي
لحظة أو أوضاع قد تبقى تراوح مكانها: المقاومة وتفعيلها أو اخمادها، والتنسيق
الأمني بين السلطة والاحتلال واستمراره أو توقفه، والمعطيات الجديدة بعد فوز
بنيامين نتنياهو وتأثير ذلك كله على امكانية عودة المفاوضات من جديد بين السلطة
والاحتلال أو التفكك والانهيار.
ومع أن الأنظار كانت مسلطة دائماً على غزة إلا أن
هناك من يرى في الضفة ساحة جديدة لتغيرات ساخنة قد تطرأ في أي لحظة، ومن الواضح
بحسب معطيات كثيرة وتصريحات صادرة متكررة فإن حركة حماس تتطلع أن تكون الضفة جبهة
جديدة للمقاومة، وفي هذا السياق قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور محمود
الزهار قبل أيام في غزة أن المقاومة في غزة، لن تتخلف عن الضفة الغربية المحتلة،
وستصل إليها رغم أنف الاحتلال ومعاونيه.
وعند الحديث عن المقاومة في الضفة فهي الجبهة
التي قد تكون أكثر إيلاما للاحتلال وذلك لعدة أسباب من بينها تواجد المستوطنين
والمستوطنات وقربها من قلب الكيان.
خلفت خطة فك الارتباط التي نفذها رئيس حكومة
الاحتلال في حينه اريئيل شارون عام 2005 واقعين مختلفين في كل من المنطقتين
الجغرافيتين، ففي غزة خرجت قوات الاحتلال والمستوطنون من كل المستوطنات والمواقع
العسكرية وبقيت على الحدود حيث ظلت تتحكم بها من ثلاث جهات ناهيك عن الأجواء التي
يسيطر عليها الاحتلال بالتكنولوجيا المتطورة وطيرانه الذي يغطي سماء القطاع. وترك
الاحتلال الجهة الرابعة في حينه لنظام مبارك في مصر.
وجاءت الانتخابات وبعدها أحداث الانقسام لتولد
واقعاً جديداً في غزة.. نظيفاً ولكنه صعب من نواح كثيرة، وبقيت الضفة على حالها
تعاني من اجراءات الاحتلال وانتهاكاته وتوسيع مستوطناته، بينما تواصل السلطة
التنسيق الأمني، ومواجهة قوى المقاومة وعناصرها الذين انقسموا بين سجون الاحتلال
والسلطة، فضلاً عن حالة الانقسام السياسي والمجتمعي التي تعيشها الضفة كما تعيشها
غزة.
وإذا كانت أعين حماس على الضفة فإن هناك أطرافاً
أخرى تعمل على تهديد (إسرائيل) من خلال الحديث عن تسليح الضفة كما جاء على لسان
وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان الذي قال في وقت سابق من هذا العام في
سياق حديثه عن الرد على عملية القنيطرة: "إنهم سيوظفون جميع الامكانيات
لتسليح المقاومة الفلسطينية الضفة الغربية".
وفي قراءة للمشهد الميداني في الضفة الغربية فإن
هناك الكثير من العوامل التي تدفع باتجاه انطلاق المقاومة من جديد هناك أبرزها
التراجع المستمر في الآمال المعقودة على مشروع التسوية والمفاوضات؛ وتجدد فوز
نتنياهو في الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة وتبدد أي امكانية لاستئناف لعبة
المفاوضات بين الطرفين، وكذلك امكانية تراجع قبضة السلطة الأمنية بعد حالة
الاشتباك الدائمة بين الأجهزة الأمنية ومسلحين من مخيمات الضفة والتي لها آثار
كبيرة على التماسك بين مكونات السلطة وحركة فتح. ولا يكاد يمر أسبوع حتى تندلع اشتباكات
بين جهاز الوقائي أو المخابرات ومسلحين من مخيم بلاطة أو مخيم جنين.
وبالرغم من الحديث المتزايد والآمال المعقودة لدى
البعض عن مقاومة الضفة إلا أن هناك الكثير من العوامل التي تمنع تطور المقاومة
هناك، لعل أبرزها تفكك البنى التنظيمية والقوة العسكرية لمعظم الفصائل الفلسطينية
بعد انتفاضة الأقصى، والتضييق الكبير والملاحقات الأمنية التي عانت وتعاني منها
حركتا حماس والجهاد الإسلامي على يد السلطة الفلسطينية، ووجود قرار استراتيجي
للسلطة الفلسطينية بمنع كافة أنواع المقاومة في الضفة الغربية باستثناء النوع الذي
اصطلحت على تسميته بـ"المقاومة اللاعنفية".
ومن خلال القراءة الواعية لمجمل التطورات في
الضفة الغربية سواءً تلك الظاهرة فوق السطح أو التي تتفاعل تحت الرماد، فإنه من
الواضح أن الضفة ستكون ساحة الأحداث الفلسطينية المقبلة.
المصدر: الرسالة نت