العجز الفلسطيني أمام السماسرة يوسّع دائرة «تسريب
العقارات»
الجمعة، 28 آب، 2015
يقف الفلسطينيون عاجزين عن اتخاذ أي قرار حيال عمليات الاستيطان
المتتالية في القدس المحتلة. ويصف الفلسطينيون سيطرة الجمعيات الاستيطانية اليهودية
مجدداً على مبان فلسطينية في المدينة المقدسة، بالاتفاق مع سماسرة محليين، بـ"انتكاسة
كبيرة للقدس ولصمود مواطنيها"، محمّلين السلطة الفلسطينية وبعض من تسمّي نفسها
بـ"المرجعيات الوطنية والعشائرية"، مسؤولية ما يحصل، على حد قولهم.
ويأتي ذلك بعد ساعات من احتلال عشرات المستوطنين مبنى للفلسطينيين
غير مأهول، وتمّت عملية الاستملاك بالاتفاق مع صاحب المبنى. وبذلك، يضاف المبنى المؤلف
من خمسة طوابق، تشمل 12 شقة سكنية في الحارة الوسطى من بلدة سلوان على التخوم الجنوبية
للمسجد الأقصى، إلى ست بؤر استيطانية أخرى مقامة على أراضي الفلسطينيين في المنطقة
ذاتها، وأشهرها بؤرة يوناتان الاستيطانية.
ويعلّق مدير مركز معلومات واد حلوة، جواد صيام، لـ"العربي
الجديد"، على ما جرى قائلاً إنّ "ما حصل فجر أمس الخميس، من استيلاء مستوطنين
على المبنى، بالاتفاق مع أحد السماسرة المعروفين في البلدة، هو فشل ذريع للسلطة والقيادة
الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني برمته". ويعتبر صيام أنّ "تقاعسهم وعدم كبح
نشاط هؤلاء السماسرة وغضّ النظر عنهم منذ فترة طويلة، سهّل عمليات البيع وتسريب العقارات
للمستوطنين في أنحاء القدس كافة".
ويوضح صيام أنّه "حصل أكثر من ذلك، إذ تمّ تكريم هؤلاء
السماسرة من خلال عقارات ومشاريع تجارية في رام الله وأريحا، بعدما باعوا ما لهم في
القدس، في حين لم تتخذ عائلاتهم إجراءات ضدهم من قبيل الحرمان والقطيعة الاجتماعية"،
على حد قوله. ويتابع أنّ "هؤلاء السماسرة واصلوا تردّدهم على المسجد الأقصى، ودفن
موتاهم في قبور المسلمين على الرغم من الفتاوى العديدة التي حرّمت دفن باعة الأراضي
والعقارات في قبور المسلمين".
من جهته، يعيد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، عكرمة
صبري، في حديث لـ"العربي الجديد"، تجديد فتوى سابقة له بتحريم بيع وتسريب
عقارات المسلمين في القدس لجماعات يهودية استيطانية، واصفاً ما حدث في سلوان بأنه
"مصيبة وكارثة كبيرة لأهل القدس جميعاً". ويدعو صبري "كل من يدّعي الوطنية
والقومية أن يتحمّل مسؤولياته إزاء ما يجري من تسريب للأراضي والعقارات، وتمكين المستوطنين
في أملاك المواطنين الفلسطينيين وعقاراتهم وأراضيهم".
وتشير معطيات حصلت عليها "العربي الجديد" من هيئات
مقدسية وناشطين فلسطينيين، إلى أنّ نشاط السماسرة المحليين الذين يحظون بدعم الجمعيات
الاستيطانية وحماية قوات الاحتلال مستمر لهم ولا يتوقف، وهم ينشطون خصوصاً في البلدة
القديمة من القدس. وقد تمكّن المستوطنون بفضل هؤلاء من السيطرة على أكثر من 75 عقاراً
مقدسياً، أضيف إليها نحو 40 عقاراً في سلوان، وقرابة 8 عقارات في الشيخ جراح، و5 عقارات
أخرى في الطور والصوانة.
ويضيف ناشطون أنّ الحكومة الإسرائيلية خصّصت عبر وزاراتها
المختلفة دعماً مالياً سنوياً يقدّر بأكثر من 70 مليون شيكل يدفع لشركات حراسة خاصة،
تتولّى أمن وحراسة المستوطنين في هذه البؤر الاستيطانية، وينفق جزء من هذه المبالغ
لصالح جمعيات استيطانية كبرى أشهرها جمعية "ألعاد" ومقرها الرئيسي في سلوان،
وتدير بقرار من الحكومة الإسرائيلية منطقة واسعة من محيط البلدة القديمة وتخضع لإشرافها.
أما في البلدة القديمة من القدس، فتنشط جمعية "عطيرت
كهانيم"، التي تشرف عملياً على إدارة عشرات البؤر الاستيطانية، ومن بينها كنس
ومدارس تلمودية. وبالإضافة إلى الدعم والمساعدة التي يتلقاها المستوطنون من سماسرة
الأراضي والعقارات المحليين، وهم بالعشرات ويعملون في نطاق من السرية التامة، فإن دعماً
آخر يتلقاه هؤلاء من دوائر إسرائيلية أخرى، مثل البلدية الإسرائيلية للقدس التي تغضّ
النظر عن مخالفات البناء التي يقومون بها، وترخّص لهم بناء وإضافة أبنية جديدة، على
عكس سياستها الصارمة تجاه البناء الفلسطيني في القدس. كما تحظى تلك الجمعيات بدعم من
وزارة الإسكان الإسرائيلية ودائرة "الطابو" الإسرائيلية لمواجهة الفلسطينيين
الذين يلجأون إلى القضاء الإسرائيلي في الدفاع عن حقوقهم في أراضيهم وعقاراتهم، ليكتشفوا
لاحقاً أنّ هذا القضاء هو مسخَّر لتكريس سيطرتهم واستيلائهم على العقارات والأراضي،
بحسب الناشطين.
المصدر: العربي الجديد