صمود على وقع الضرائب الباهظة
"العطارين"
و"اللحامين".. أسواق القدس في مواجهة التهويد
الجمعة، 03 نيسان، 2015
تمتاز الأسواق العريقة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة بروعة جمالها وتنوع
محلاتها التجارية، لكنها في الوقت نفسه تمرّ بمرحلة عصيبة من استهداف الاحتلال لها
بالتضييق والحصار.
وفي قلب تلك المدينة المقدسة حتى وإن كانت ضيقة ومرصوصة فهي تزدحم بالكثير من
الناس، ويزداد هذا الازدحام في فترة الأعياد والمواسم. ولابد أثناء تجوالك فيها، أن
تلمح عيناك إحدى الفلاحات التي تحمل على رأسها أطباقًا مملوءةً بالفاكهة والخضار واللبن
العربي، كما لقلبك أن يلتمس هذه الحضارة العريقة التي لا يمكن لها أن تختفي من الذاكرة،
حتى وإن حاول الاحتلال بشتى الطرق نزعها وغرس معتقدات باطلة، ليس لها من الأصل وجود.
ولكي تصل إلى سوق اللحامين عليك العبور بسوق خان الزيت مارًّا بسوق العطارين
ومن يمينه سوق اللحامين.
التهجير من سوق اللحامين
ويصف أحد الشبان العاملين في السوق حال التجارة
فيه قائلاً: "تمر علينا أيام لا نرى فيها زبونًا واحدًا بالرغم من أن هذا السوق
كان يبدأ عمله منذ ساعات الفجر، فإن سوق اللحامين الذي يحتوي على 88 حانوتًا لا يوجد
به سوى 20 محلًّا يعمل فقط، وباقي الحوانيت مغلقة!".
ويُضيف لـ "كيوبرس": "فيما يدعى
بيوم "توحيد القدس" تقوم قوات الاحتلال منذ الصباح بتوزيع إخطارات علينا
من أجل إغلاق المحلات، لتأمين مسيرة المستوطنين و"الحفاظ على سلامة التجار"
كما تدعي شرطة الاحتلال".
وفي مداخلة لجار الشاب قال: "ناهيك عن الاعتداءات من قبل المستوطنين على
هذا السوق بالذات، فإنه كان قد شهد قبل سنوات قيام أحد اليهود بإلقاء قنبلة في السوق،
من السقف الذي يستخدمه اليهود للتجول حول مدينة القدس".
تجاعيد (أبو خالد) الرجل الثمانيني الذي يملك محلاًّ في سوق اللحامين لخّصت
حقبة طويلة من التحمّل والصبر، وأخذت بمخيلتنا إلى أيام مضت شهدها السوق؛ حيث
"ساهمت إجراءات الاحتلال بشكل كبير في تهجير أصحاب المحال التجارية في السوق،
فالضرائب باهظة للغاية رغم الركود الاقتصادي، وهذا الحانوت الذي أمامي اضطر صاحبه إلى
إغلاقه بسبب ملاحقة الضريبة له ومطالبته بدفع مبالغ طائلة" حسب قوله.
هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سوق اللحامين لا تختلف عن الظروف
التي تعيشها البلدة القديمة في القدس؛ إذ يوجد أكثر من ثلاثة آلاف محل تجاري يتهددها
الإغلاق أو الاستيلاء، على ضوء الحصار الاقتصادي الذي تتعرض له المدينة المقدسة، وقطع
أواصرها مع أسواق الضفة الغربية منذ عام 93، وبناء جدار الفصل العنصري الذي حوّل المدينة
المقدسة إلى مدينة أشباح محاصرة.
إلا أن الظلمة في هذه الأسواق مساء لا تزيدها إلا جمالاً ورونقًا حتى وإن سادها
الكساد، وستبقى تاريخًا وحضارةً لم ولا ولن تُنسى.
سوق العطارين: "رائحة لا تُنسى"
يربط سوق العطارين أحد أقدم الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة
القدس، بين سوق باب خان الزيت وسوق الخصر، بموازاة سوق اللحامين، ويتميز هذا السوق
الذي يعود إلى الفترة المملوكية بسقف مقوّس يغطي السوق كله، وقد اشتق اسم السوق من
محلاته التجارية التي لا تقتصر على العطارة فقط، بل تعرض أيضًا البهارات والأعشاب الطبية
والأقمشة.
يملك الأسير المحرر أبو إبراهيم في هذا السوق محلاً صغيرًا لبيع التحف الأثرية
والإسلامية، إلا أنه يعاني من الضرائب المفروضة عليه كما يقول: "يعاني سوق العطارين
من أزمة اقتصادية خانقة جدًّا، وهناك العديد من المحالّ المغلقة بسبب ملاحقة الضريبة
والأرنونا المفروضة على المحلات".
ويضيف أبو إبراهيم: "هناك محاولات كثيرة ووعود للتجار في سوق العطارين
لمساعدتهم ودعمهم، لكن للأسف حتى اليوم لم نر من هذه الوعود شيئًا".
ولا يكفّ المستوطنون أيضًا عن مضايقة أصحاب المحلات بشتى الطرق، إذ يقومون بإلقاء
القمامة عليهم من أعلى سطح السوق، ظنًّا منهم أن يملّ التجار ويجبرونهم على إغلاق محلاتهم.
وذكر الحاج أبو أشرف صاحب محل للأقمشة أن سوق العطارين كان السوق الرئيسي لبيع
الملابس والأحذية والأقمشة والعطور قبل بناء الجدار الفاصل الذي عزل القدس عن محيطها..
"فزبائن السوق كانوا من سكان القرى والبلدات الفلسطينية القريبة وحتى البعيدة..
كما أن اتساع الأحياء العربية خارج السور ساهم بتراجع العمل؛ حيث أصبح المقدسي يفضل
شراء حاجياته من الحانوت القريب من بيته، ما شكَل خطرًا حقيقيًّا على هذا السوق، وكان
الجدار سببًا رئيسيًّا في قتل التجارة هنا".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام