الفلسطينيّون يواجهون قَدَر
الغرق في المتوسّط
الجمعة، 10 تشرين الأول، 2014
تواصلت عام 2014 حركة
الهجرة غير الشرعية باتجاه السواحل الأوروبية، ومعها تواردت أخبار كوارث غرق
المهاجرين. فقد سجل العام الجاري، مقتل أكثر من 3 آلاف مهاجر غرقاً في البحر
الأبيض المتوسط فقط. وكان كثير من هؤلاء من السوريين، وفلسطينيي سورية، وفلسطينيي
قطاع غزة، الهاربين من الحروب.
وفي هذا الإطار، أصدرت
"مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، تقريراً غطى الفترة الممتدة من
صيف 2013، حتى صيف 2014. وفيه عرضٌ بالأرقام والأسماء لأبرز حوادث غرق اللاجئين
الفلسطينيين في البحر المتوسط.
يمرّ التقرير على الأرقام
الدولية المتعلقة بالهجرة غير الشرعية في حوض المتوسط، فيذكر أنّ نحو 100 ألف
مهاجر حاولوا، عام 2014، الوصول إلى أوروبا، من السواحل الآسيوية، والأفريقية،
بحسب دائرة الهجرة الإيطالية.
كما يؤكد أنّ "مراكب
الموت"، التي حملت المهاجرين، تكررت حوادث غرقها. فالعام الجاري شهد مقتل
أكثر من 3000 مهاجر في محاولات للوصول عبر البحر، بحسب منظمة الهجرة الدولية. فيما
كانت حصة شهري أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول الماضيين، الأكبر على هذا الصعيد مع غرق
أكثر من 700 مهاجر في المتوسط، معظمهم من السوريين وفلسطينيي سورية وفلسطينيي قطاع
غزة.
يحاول التقرير أن يضع خريطة
للطرق التي يتبعها المهرّبون في قيادة "رحلات الموت" إلى القارة العجوز،
فيمرّ أولاً على أسباب الهجرة لدى الفلسطينيين والسوريين، بمَن فيهم فلسطينيو
سورية، والتي تعتبر الحرب الدائرة في سورية والعدوان الإسرائيلي على غزة أبرزها.
وعن طرق الوصول إلى أوروبا،
يذكر التقرير أنّ مصر سمحت، إبان حكم الرئيس السابق محمد مرسي، للاجئين
الفلسطينيين بالدخول. كما شكلت مقراً مؤقتاً للعائلات الفلسطينية السورية بانتظار
انتهاء الحرب في سورية.
وبعد عزل الرئيس مرسي، شهدت
البلاد تضييقاً على الفلسطينيين، والفلسطينيين السوريين خصوصاً، ما دفعهم إلى طلب
الهجرة بشكل أكبر. فوصلت كلفة نقل المهاجر إلى أوروبا لدى السماسرة المصريين
المرتبطين بمنظمات تهريب البشر، إلى ما بين 3 آلاف دولار و5 آلاف.
وفيما ينقل المهاجرون من
مصر، عبر مراكب صغيرة إلى عرض البحر، تستقبلهم مراكب أكبر هناك تقلّهم إلى السواحل
الإيطالية، في رحلة تستغرق أكثر من 10 أيام في عرض البحر.
كما يتحدث التقرير عن
استخدام المهاجرين للأراضي التركية كنقطة انطلاق برية وبحرية إلى أوروبا. فإمّا
يعبرون الحدود التركية إلى بلغاريا مشياً في رحلة خطرة للغاية يتخللها المرور عبر
نهر، أو يتخذون طريق البحر بالقوارب المطاطية، باتجاه إحدى الجزر اليونانية، في
رحلة تستغرق ما بين ساعتين وأربع ساعات. وتكلف هذه الرحلات البحرية ما متوسطه 1500
دولار أميركي عن المهاجر الواحد، فيما تصل حمولة القارب المطاطي إلى 40 شخصاً. أما
القوارب الخشبية فترتفع كلفتها إلى 3 آلاف دولار عن الشخص الواحد.
وبالعودة إلى طريق إيطاليا،
فإنّ التقرير يشير إلى أنّه ليس مقتصراً على ليبيا ومصر، ويؤكد استحداث طريق بحري
من مدينتي مرسين وأزمير التركيتين، تستغرق الرحلة فيه أكثر من أسبوع، وقد تصل إلى
10 أيام، فيما تبلغ كلفتها 7 آلاف دولار على المهاجر الواحد.
ولا يقتصر الأمر على هذه
الطرق، فالتقرير يسجل تمكّن لاجئين فلسطينيين من الوصول إلى الجزائر عبرة دعوة من
أحد الأقرباء. لكنّ الحكومة الجزائرية لا تعترف بهم كلاجئين، ما يحمل بعضهم على
تزوير جوازات سفر سورية. لكنّ الكثيرين منهم يُكشفون ويُعتقلون. ومن الجزائر،
ينطلق المهاجرون إلى مدينة زوارة الليبية، لتنطلق منها المراكب باتجاه إيطاليا.
كما يمكن الوصول إلى ليبيا براً، عبر الصحراء المصرية، والسودان.
ويسجل التقرير الكثير من
العثرات القاتلة في طريق المهاجرين إلى أوروبا، منها الاعتقال في البلدان
المختلفة، والترحيل، وإطلاق النار، وانقلاب القوارب، والتجويع في المعتقلات،
والانتهاكات الجسدية والجنسية قبل الترحيل إلى سورية ولبنان.
ويورد التقرير في ختامه،
توثيقاً بالأسماء والجنسيات للضحايا والمفقودين والناجين في أسوأ حادثتي غرق مراكب
متجهة إلى أوروبا، وهما الحادثتان العائدتان إلى شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين. ففي
الحادث الأول، سجلت بلاغات عن 228 مفقوداً، معظمهم سوريون (115)، يليهم فلسطينيو
غزة (68)، وفلسطينيو سورية (28) بالإضافة إلى 11 مصرياً، إضافة إلى آخرين. كما
دلّت التبليغات على فقدان 215 شخصاً في الحادث الثاني، ونجاة 11 شخصاً فقط.
المصدر: العربي الجديد