القضية الفلسطينية في الدراما: خارج حسابات الفضائيات العربية
الثلاثاء، 15 أيار، 2012
لم تقدم دراما - فلسطين بعد، ولم تكتب أصلاً بالشكل المطلوب، هذا التقصير الدرامي يقاس بحجم ما رفع من شعارات عن فلسطين بوصفها قضية العرب الأولى، وما قدم فعلياً عن هذه القضية. ونستنتج أن تلك القضية لم تكن سوى بند على حسابات "البزنس" العربية، وخارج هذه الحسابات، دراما - فلسطين ليست سوى إنتاج "كاسد" لا يريده أحد، ومنتجوها كمن يرمون أموالهم في البحر.
وتعتبر سوريا في مقدمة المنتجين عربيا للأعمال الفنية التي تتناول القضية الفلسطينية، من حيث الكم السينمائي والتلفزيوني، وعلى صعيد المضمون والجودة أيضاً. لكن أي نجاحات في تقديم هذه الدراما لم تكن كافية لتدخل في سياق المنافسة العربية، رغم أن قضايا أخرى، ذات مستوى أقل فكرياً ودراميا، صارت موضوع تنافس درامي عربي حقيقي، كان آخرها دبلجة الدراما التركية؟!
هكذا كان نجاح دبلجة الدراما التركية باللهجة السورية المحلية البيضاء، واكتساحها الفضائيات العربية بشكل غير مسبوق سبباً لاندفاع العرب نحو دبلجة هذه الدراما، كل بلهجته، فتمت دبلجتها باللهجات المصرية، واللبنانية، والعراقية.. وربما تتدبلج في الأيام المقبلة باللهجة الخليجية التي قامت بدبلجة الدراما الهندية. وإن كان ذلك كله مأخوذاً بالنجاح الذي حققه السوريون بداية في الدراما التركية المدبلجة، فلماذا لم يأخذ الآخرون بالنجاح الشعبي الذي حققه مسلسل "التغريبة الفلسطينية"، أو بالتقدير العالمي" الذي حققته دراما "الاجتياح" بنيلها جائزة "إيمي" العالمية، وذلك عبر الإقدام على إنتاج أعمال تعنى بالقضية الفلسطينية؟!
لماذا شهدنا صراعاً بين الدراما السورية والمصرية على إنتاج المسلسلات التاريخية، وشهدنا صراعا مماثلاً على تقديم الدراما البدوية؟ وحتى على حكايات حارات مناطق السكن العشوائي؟ فيما لم ترق القضية الفلسطينية وحدها لتكون مادة للتنافس الدرامي العربي؟!
لعل عدد الفضائيات العربية الذي وصل مع نهاية العام 2011 إلى أكثر من 733 قناة فضائية، وفق تقارير رسمية، يؤكد سبب عزوف المنتجين عن إنتاج الدراما الخاصة بالقضية الفلسطينية، وهو أن ثمة رغبة سياسية بألا تقارب القضية درامياً، خصوصا إذا علمنا حجم وفرة الحصة الحكومية من الفضائيات العربية، أو حصتها بالتشغيل على الأقل، الأمر الذي يسقط مقولة أن لا ملاءة إعلانية من الممكن أن تغطي تكاليف شراء الفضائيات العربية لمسلسلات القضية الفلسطينية، لا سيما أنه يفترض بالقطاعات الحكومية تضع حسابات الربح والخسارة جانباً لصالح رسائلها الفكرية والوطنية.
وفيما بلغ عدد القنوات الفضائية الإخبارية حتى نهاية العام 2011 حوالى 377 قناة، فذلك يؤكد أن المشاهد يتلقى كماً إخبارياً كبيراً عن فلسطين. وبالتالي فلديه قابلية بمشاهدة دراما تشرح له ما يستعصي عليه فهمه في لعبة السياسيين.
إذاً لا مشكلة تتعلق بالمضمون كمادة درامية، لإنتاج دراما - فلسطين، ولا مشكلة تتعلق بحسابات الربح أو الخسارة أو حتى بالعرض، لكن الفضائيات العربية تدير ظهرها دائما لهذا النوع من الدراما.. الأمر الذي يترك إشارة استفهام كبيرة!
فلسطين: 64 عاماً من النكبات وشعلة الذكرى في أمعاء الأسرى
يسترجع التاريخ الفلسطيني اليوم 64 عاما من الظلم المتواصل، لم يتغير خلالها شيء، فالنكبة هي ذاتها تتكرر منذ هجرت إسرائيل 750 ألف فلسطيني عن أرضهم، وما يزيدها مرارة هذا العام محاولات الأسرى الفلسطينيين الحصول على بعض الحقوق دافعين ثمنها بأرواحهم وأجسادهم.
الحاجة أم أنعام، اللاجئة الفلسطينية من مخيم قدورة في رام الله تتذكر قريتها دير طريف. تحفظ حجارتها، بيوتها، أزقتها، ساحاتها، وحدائقها. اليوم تعيش في غرفة ضيقة داخل مخيم مكتظ اختفت معالمه في مدينة رام الله. يعكس ببيوته الاسمنتية التي استغنت عن السقف الصفيح منذ فترة ليست طويلة، حالة النكبة.
تقول أم انعام لـ«السفير»: «رحم الله أيام الطفولة. عمري اليوم 75 عاما. اتذكر بيتنا وأهلنا. كلهم الآن صاروا سرابا. لقد هجرونا وقتلونا. لن ننسى. وأحفادنا من بعدنا سيحملون المفتاح».
وترى الحاجة ان الشعب الفلسطيني يعيش في النكبة باستمرار «نحن كل يوم نعيش نكبة، أولادنا يقتلون ويسجنون، وبيوتنا تهدم، وأرضنا تسرق، والعالم لا يفعل شيئا سوى الكلام».
ليس بعيدا عن بيتها، يسكن في المخيم الحاج محمد ابراهيم (78 عاما). الحاج هزمته السنون الطويلة. وقربت رأسه من الأرض وجعلت انحناءة ظهره تعلو فوق رقبته بمسافة ليست قليلة. يقول لـ«السفير»: «اليوم، لا اعتبر نفسي موجودا، فبالرغم من أنني بين أهلي هنا، لكنني لست في بيتي. بيتي هناك أخذوه. ولا بد يوما أن أعود إليه». يضيف الحاج الذي اقترب من عامه الثمانين: «لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر».
مخيم قدورة بأزقته الضيقة يعكس هو الآخر مشهد النكبة ليس فقط من باب تهجير الفلسطينيين عن أرضهم فحسب، بل أيضا بسبب الإهمال الذي يعاني منه المخيم. كما يؤكد الحاج ابراهيم قائلا «من خرج من داره قلّ مقداره».
وتنظم اليوم فعاليات عامة لإحياء ذكرى النكبة في كافة المدن الفلسطينية المحتلة سواء في الضفة الغربية او داخل اراضي الـ48 حيث سيعم الإضراب الشامل كافة المدن الفلسطينية بعد ساعات الظهر. وستكون الفعالية المركزية ليوم الأرض بعد ظهر اليوم في قرية اللجون المهجرة داخل الخط الاخضر، المقامة على أرضها مستوطنة اسرائيلية. وسيقوم الفلسطينيون بنصب خيام تذكر بتلك التي عاش فيها المهجرون عشية النكبة.
وتأتي هذه الفعاليات على الرغم من أن اسرائيل كانت أقرت «قانون النكبة» والذي يعاقب أي جهة تقوم بإحياء ذكرى النكبة.
وفي الضفة الغربية ستنطلق مسيرة مركزية من امام ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في مدينة رام الله، ثم سيتم بعد ذلك إطلاق صافرات الانذار وستتوقف الحركة في كافة المراكز الفلسطينية لمدة دقيقة، قبل أن يتوجه المتظاهرون تجاه حاجز قلنديا العسكري وسط احتمال وقوع مواجهات مع جيش الاحتلال الاسرائيلي.
ويرى الكثير من الفلسطينيين أن ذكرى النكبة في هذا العام تمر أليمة. كونها تتزامن مع «نكبة» الاسرى.
وقال والد الأسير الفلسطيني ثائر حلاحلة المضرب عن الطعام منذ 78 يوما «هذه النكبة بالنسبة لي نكبتان. نكبة لأنها تذكرني بمأساة شعبي. ونكبة لأنها تشعرني بأن نهاية ولدي اقتربت. وليس هناك من يكترث. هذه هو حالنا أن نبقى نعيش النكبة وندفع ثمنها نحن وأولادنا وأحفادنا، كما دفع ثمنها أجدادنا».
المصدر: السفير