«القنبلة الموقوتة» في مخيّمي برج البراجنة وشاتيلا والجوار
عيون المراقبين تتركّز على مجريات «عين الحلوة» الأمنيّة المتواترة يومياً
الأربعاء، 10 تشرين الأول، 2012
بقلم هيثم زعيتر
عادت مجدداً الأوضاع الأمنية في المخيمات الفلسطينية - وتحديداً مخيم عين الحلوة - لتطفو على السطح بعد سلسلة الأحداث الأمنية التي شهدها المخيم خلال الأيام الماضية، وتبين أنها ليست بريئة، بل تأتي في إطار مُخطط مدروس يقوده بعض المتضررين من حالة الاستقرار التي شهدها المخيم منذ فترة، وتجلّت برفع مستوى التنسيق بين حركة «فتح» و«القوى الإسلامية»، وتحديداً «عصبة الأنصار الإسلامية» و«الحركة الإسلامية المجاهدة»، وهو ما سُجل ارتياحاً لمسه أبناء المخيم والجوار..
واللافت في ظروف توقيت هذا التوتير الأمني، أنه يتزامن مع تأزم الأحداث في سوريا بين قوات النظام و«الجيش السوري الحر» والمعارضة، والتي بدأت ترخي بظلالها على الساحة اللبنانية، وما يُمكن أن تتطور تأثيراً - تحديداً بعد إعلان «الجيش الحر» عن استهداف عناصر لــ «حزب الله» يُشاركون في القتال في سوريا إلى جانب النظام، وما يعني ذلك من إمكانية نقل هذا الصراع إلى الساحة اللبنانية، مع اتهام مسؤولين في الحزب، «الجيش الحر» بأنه يستخدم بعض المناطق اللبنانية لإقامة معسكرات تدريب، أو منطلقات لتسلل مقاتلين وتهريب السلاح إلى المعارضة في سوريا..
من هنا يطل ملف المخيمات مجدداً، ومن الزاوية الأمنية تحديداً، حيث ما برحت غالبية الأطراف تصر على التعاطي مع الملف الفلسطيني من هذه الزاوية..
ويبدو أن «المايسترو»، الذي فشل قبل فترة في تنفيذ مشاريعه ومخططاته لتفجير المخيمات الفلسطينية، أعد «سيناريوهات» جديدة لإحداث توتير وقلق مع الجوار، وإرباك على المستوى الداخلي اللبناني..
وإذا نجحت القوى الفلسطينية في التصدي لكل المشاريع السابقة، فإنه مطلوب منها الضرب بيدٍ من حديد على كل من تسوّل له نفسه القيام بأعمال أمنية داخل المخيمات أو خارجها، وهو ما يتطلب أوسع جهودٍ من التعاون والتنسيق لإفشال كل محاولات زج المخيمات في إشكالات و«توتيرات» داخلية، أو مع الجوار، أو ضمن التجاذبات بين القوى السياسية اللبنانية..
ويبدي مراقبون سياسيون الخشية من نجاح مثل هذه المخططات وبأيدٍ داخلية، لا تتوقف عند فلسطينيين أو لبنانيين، بل أيضاً بمشاركة أشخاص سوريين، قسم منهم يقيم في لبنان منذ فترة، وآخر وفد بعد تأزم الوضع في سوريا..
برج البراجنة وشاتيلا
إذا كانت الأنظار تتركز على «عاصمة الشتات الفلسطيني» مخيم عين الحلوة، إلا أن مصادر مراقبة ومتابعة، ترى أن «القنبلة الموقوتة» هي في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا بالقرب من العاصمة بيروت، مستندة إلى الأعداد الكبيرة والغريبة عن المخيمين، التي وفدت إليهما، وفاق عددها في مخيم برج البراجنة 5 آلاف بين سوري وكردي ومن جنسيات أخرى، فضلاً عن سكانه الأصليين الذي يُناهز عددهم 23 ألفاً، إضافة إلى كثافة التواجد الكردي والسوري عند طرف المخيم ممن يؤيدون الثورة في سوريا، وهم على احتكاكٍ دائم مع المحيط من أبناء الضاحية الجنوبية، الذين ينتمون في غالبيتهم إلى «حزب الله» وحركة «أمل».
والخطير في الأمر أن الاحتكاك يُولد من إشكالات فردية، يتطور إلى مناوشات واستخدام السكاكين والعصي والآلات الحادة، قبل استخدام السلاح، حيث سُجلت أكثر من حادثة، تبين أن خلفياتها تعود لما يجري في سوريا، وإن كان عدد في طليعة من يكون شريكاً في الإشكالات والأحداث، هم من تجار ومروّجي وبائعي الحبوب المخدرة، التي تُباع وتسوّق بشكل واضح وجليّ.
كما أن مخيم برج البراجنة يُعاني من أزمة حقيقية تتمثل بفوضى البناء، حيث بلغ عدد الطبقات بين 7-9 طبقات ارتفاعاً، علماً أن غالبية هذه المخالفات شُيّدت فوق مبانٍ تم بناؤها لتتحمل طابقين أو ثلاثة في أفضل الحالات وعلى أرضية رملية، مما ينذر بكارثة إنسانية إذا ما حصلت أي هزة أرضية أو انزلقت التربة بسبب غزارة الأمطار، فضلاً عن تهديد هذا الارتفاع الشاهق لسلامة الطيران المدني في «مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي».
الواقع داخل المخيم وفق ما يرى اللاجئون الفلسطينيون الأصليون فيه، بات يُنذر بكارثة إذا لم يتم لجم الأمور ومعالجة الفلتان وعشوائية البناء والتعدي على الأملاك العامة، حيث ضاقت الأزقة وألغيت بعض الطرقات، التي تحوّلت لاستخدام المشاة فقط، بعدما لم يعد بإمكان السيارات العبور فيها، وانتشار الآفات الاجتماعية، وفي مقدمها تفشي ظاهرة المخدرات بين الشباب، التي تنتشر كالنار في الهشيم.
وقد سُجل في مخيم برج البراجنة مغادرة عدد من الشباب خلال الأيام الماضية والتحاقهم للقتال إلى جانب الثورة في سوريا ضد النظام، وبعضهم فُقدَ أثره قبل أن يتصل بعائلته ويبلغها أنه في سوريا. كذلك هو واقع الحال في مخيم شاتيلا الذي قدم قوافل الشهداء في أكثر من محطة لعل أبرزها في مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي وعملائه في أيلول 1982.
هذا المخيم الذي يعد حوالى 17 ألف نسمة بينهم 12 ألفاً بين لبناني وفلسطيني و5 آلاف سوري وأكراد وعراقيين ومن جنسيات مختلفة لا تعد ولا تحصى.
ويعيش أبناء المخيمات واقعاً معيشياً صعباً، حيث تتزايد نسبة العائلات الفقيرة والمعدمة، والتي تعيش ظروفاً مأساوية، والتي قد تجد لها مأوى في الصيف، فكيف سيكون حالها مع بدأ فصل الشتاء، الذي يغرق الطرقات والأزقة بالمياه، التي تغمر حتى السيارات.
وبات يخشى نجاح تنفيذ مشروع انتقال الإشكالات الفردية وتوسع رقعتها إلى أحداث تؤدي لاقتتال بين مناصري الثورة السورية وأبناء الضاحية الجنوبية، خصوصاً «حزب الله»، مع تزايد الأشخاص المتلهفين أو من أرسل لمناصرة أي من الطرفين، وانتشار السلاح وجهوزية من يُؤمّنه ويمد من سيكون وقوداً لتنفيذ جزءٍ من «السيناريوهات» المعدة للتوتير، وتهدف إلى:
- إظهار المخيمات بأنها بؤرة أمنية وخارجة عن سلطة القانون، وتشكل قلقاً وتوتراً على العاصمة، وبالتالي يجب التخلص منها، وهو ما يؤدي إلى تشتيت أبناء المخيمات إلى خارج لبنان، تحقيقاً لسياسة التشتيت والتهجير بعد فشل محاولات التوطين.
- زج أبناء المخيمات في أي إشكال بين المقيمين وجواره مع أبناء الضاحية الجنوبية، وهو ما يُحقق جملة من المشاريع المحاكة لضرب العلاقة بين الفلسطينيين و«حزب الله» بما يشكل الفلسطينيون من قضية للاجئين، وقضية مركزية للعرب والمسلمين، أثبتت الأيام أن لا أحد يُمكنه أن يحظى بأي غطاءٍ إن لم يحمل لوائها، و«حزب الله» عنوان مقاومته ليس فقط تحرير الأراضي المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بل تحرير القدس وهو العنوان العريض لأي تحركٍ من قبل دولة أو حزب يحمل عناوين وشعارات إسلامية أو قومية أو علمانية.
وإذا ما حصل أي إشكال بين الحزب والمخيم وحوله، فإن هناك من سيبادر سريعاً إلى الاستفادة من ذلك، تحت عنوان أن الحزب الذي يرفع لواء الدفاع عن القضية الفلسطينية، يعتدي على الفلسطينيين، وبالتالي لا فرق في اعتدائه هذا بينه وبين قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تعتدي أيضاً على الفلسطينيين، وبالتالي فإنه يُسحب آخر العناوين التي يحملها «حزب الله» كحزبٍ مقاوم، بعد جدلية الخلاف حول مشروعية سلاح المقاومة والمطالبة بوضع استراتيجية دفاعية لها.
وأليس ما جرى في حرب المخيمات منتصف ثمانينيات القرن الماضي بين الفصائل الفلسطينية وحركة «أمل» احتاج إلى جهد كبير من أجل إزالة آثاره ومفاعيله؟!
عين الحلوة
ويبدو أن المتضررين من الاستقرار والأمن الذي يسود مخيم عين الحلوة منذ فترة، حاولوا جاهدين إلى توتير الأجواء عبر خلق إشكالات فردية تم وأدها في مهدها، قبل أن ينتقل العمل إلى محور آخر، وذلك بعد استتباب الأمن، إثر تسلم قائد «قوات الأمن الوطني الفلسطيني» اللواء صبحي أبو عرب مهامه ودمج كافة وحدات الحركة في إطار «الأمن الوطني الفلسطيني»، حيث ظهر أن هناك من هو متضرر من ذلك، فبدأ العمل على تنفيذ أجندات تتعدى أهدافها المخيمات، وصولاً إلى التجاذبات على الساحة الفلسطينية مركزياً، وتأتي في إطار الضغوطات التي تُمارس على الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن» بعد إصراره مع القيادة الفلسطينية على التوجه إلى «الأمم المتحدة» وتقديم طلب العضوية دولة فلسطين غير كاملة العضوية في «الأمم المتحدة».
فقد أنقذت العناية الإلهية المخيم من كارثة أمنية عندما انفجر صاعقٌ لقنبلة موقوتة، وضعت مقابل مقر «كتيبة شهداء مخيم عين الحلوة» في الشارع الفوقاني عند المدخل الشمالي للمخيم مساء الأربعاء الماضي، لم يفجرها الصاعق نظراً لكبر حجمها، والذي بلغ 2 كلغ مزودة بكلل وشظايا حديدية لإيقاع أكبر نسبة أضرار، ولم تُأتِ ثمارها، فألحقت بقنبلة يدوية صوتية عند أحد زواريب شارع الخضار وسط المخيم.
وقد سلمت العبوة إلى مخابرات الجيش اللبناني في صيدا، حيث تبين أنها متطورة ومزودة بجهاز هاتف خلوي، وكانت تهدف إلى إحداث بلبلة.
وقد تبين في ضوء التحقيقات التي أجريت أن هذه العبوة ليست كنتاج لخلافات بين حركة «فتح» و«القوى الإسلامية»، بل وضعت في إطار «الزكزكات» الداخلية الفتحاوية، وتم تجاوزها سريعاً، وهو ما لم يرق للبعض، حيث أعطى إيعازاً لتوتير الأجواء، وكانت هذه المرة عبر إقحام «القوى الإسلامية» في هذا الآتون.
وقد أقدم أحد عناصر حركة «فتح» خالد مشعور، الذي له يدٌ طولى في أكثر من إشكالٍ وقع في المخيم، على إطلاق النار باتجاه أحد الكوادر الإسلامية في المخيم زياد أبو النعاج، بعد ظهر الجمعة الماضي في حي حطين للجهة الجنوبية الغربية للمخيم، وما تلا ذلك من إطلاق نار أدى إلى سقوط ضحيةٍ، هو سائق إحدى السيارات ويدعى ممدوح سليم، كان يمر في المنطقة، فأصيب بجراحٍ قبل أن يُفارق الحياة بعد نقله إلى «مركز لبيب الطبي» في صيدا، حيث لم تسعفه العمليات الجراحية التي أجريت له.
وأعقب ذلك توترٌ وإطلاق نار من أحد عناصر «جند الشام» بلال بدر، ما أدى إلى إصابة 3 أشخاصٍ آخرين بجراح بالقرب من سوق الخضار في الشارع الفوقاني للمخيم، فيما كانت الأنفاس محبوسةً بانتظار معرفة مدى إصابة أبو النعاج، الذي نقل إلى «مستشفى النداء الإنساني» وتبين أن إصابته في ساقه.
ولوأد محاولة التوتير هذه، جرت سلسلة من الاتصالات بين مختلف الفصائل الفلسطينية و«لجنة المتابعة»، وقام اللواء أبو عرب بإعطاء التعليمات بتوقيف مشعور، على أمل أن يتم إبعاده إلى خارج المخيم.
وعلم أنه تم التوافق بين القيادات الفلسطينية على أن يتم تسليم مشعور وبدر إلى السلطات الأمنية اللبنانية، وهذا الأمر ما زال يحظى ببعض العقبات لدى بعض الأطراف المتضررة من هذا التسليم!
وسارعت القوى الفلسطينية إلى عقد سلسة من الاجتماعات، كان أبرزها الذي عقد في «مركز النور الإسلامي» داخل المخيم تدارست فيه الخطوات لتطويق حادثة إطلاق النار على أبو النعاج، وما تلاه من سقوط ضحية وإصابة 4 أشخاص آخرين بجراح.
ودعا البيان الذي صدر عن «لجنة المتابعة الفلسطينية» إلى رفض مثل هذه الأعمال، ورفع الغطاء عن كل من تُسوّل له نفسه المساس بأمن واستقرار المخيم والعبث به، مع أهمية التشديد على ضرورة محاسبة الجاني مهما كان ولأي جهةٍ انتمى، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته تجاه هذا الوضع، الذي كاد أن يُفجر الوضع الأمني في المخيم لولا لطف الله، وثم وعي الحريصين على أمن المخيم.
وهنا يتبادر إلى التساؤل عن من يسعى إلى هذا التوتير عبر إحداث إشكالاتٍ بين حركة «فتح» و«جند الشام»، والتي كانت الأوضاع فيما بينهما متشنجة وتشهد بين الحين والآخر سلسلة من الإشكالات التي ما تلبث أن تتطور إلى إطلاق نار؟ ولماذا هذا بعدما فشلت محاولة الإيقاع بين أبناء حركة «فتح»؟
تحذيرات على محمل الجد
ولا بد من العودة بالذاكرة إلى ما جرى في النصف الثاني من العام 2006 عندما تم تجميع عدد من المقاتلين تحت اسم «فتح – الإسلام» في مخيم برج البراجنة، ومن ثم نقلهم إلى مخيم البداوي، ومن هناك إلى مخيم نهر البارد، ويومها أشرنا في تقرير نشرناه في «اللـواء» بتاريخ 29 تشرين الثاني 2006 بعنوان: «مسؤول فلسطيني بارز يكشف للقيادات اللبنانية مخططات «القاعدة» في لبنان»، عن خطورة مُخطط يجري الإعداد له لصالح تنظيم «القاعدة» عبر ما يُعرف باسم «فتح - الإسلام»، وعلى الرغم من إبلاغ مسؤول فلسطيني رفيع المستوى مختلف القيادات اللبنانية بخطورة هذا المخطط، لكن لم تتخذ التدابير اللازمة، وبعد 6 أشهر - وتحديداً في أيار 2007 اعتدى عناصر من «فتح - الإسلام» على الجيش اللبناني، وأقدم المسلحون الإرهابيون على خطف المخيم وأخذه رهينة، إلى أن تمكن الجيش من إنهاء حالة الخطف هذه بتاريخ 2 أيلول من العام ذاته. وما زال أبناء المخيم يتطلعون إلى إنهاء الاعمار وعودتهم بأمن واطمئنان إلى المخيم، وهنا تًسجل بعض الخطوات الإيجابية التي جرت قبل حوالى 3 أشهر، وتجلت بتخفيف الجيش اللبناني للإجراءات الأمنية من محيط المخيم، وعدم اعتماد مبدأ التصاريح بالدخول إلى المخيم، وذلك كثمرةٍ أيضاً من إنجازات «لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني» التي أوكلت رئاستها إلى السفير الدكتور خلدون الشريف.
ارتفاع وتيرة الضغوطات
وتتوقع أوساط فلسطينية أن ترتفع وتيرة الضغوطات ضد الرئيس «أبو مازن» خلال الأيام المقبلة بإيعازٍ من الولايات المتحدة الأميركية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتي بدأ عملائهما التحرك داخلياً في الضفة الغربية، مستفيدين من استمرار توقف متابعة تنفيذ بنود المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس»، وبالتالي، فإنها لا تخفي إمكانية استخدام الساحة الفلسطينية في لبنان كأحد أساليب الضغط على الرئيس الفلسطيني، بعد الضغط الدولي، ووقف المساعدات إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال مُصادرة الأراضي في القدس والضفة الغربية، وهدم المنازل والممتلكات وبناء المستوطنات، والضرب بعرض الحائط بكل القرارات الدولية والمعاهدات والمواثيق، مستفيدةً من حالة التفكك العربي والالتهاء بما يُسمى «الربيع العربي».
إذا كان جرى في العام 2006 التحذير من خطورة مُخطط، نفذ لاحقاً، فإن المرحلة تتطلب التنبه والحذر إلى خطورة ما يُحاك الآن، وتحديداً في المخيمات الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص في مخيم برج البراجنة مع الجوار.
ومن أجل مواجهة كل هذه المخاطر، من: شبكات التجسس الإسرائيلية، والمجموعات الإرهابية، والآفات الاجتماعية، التي تجد أرضيةً خصبةً في المناطق ذات الفقر المدقع، يجب القيام بخطوات سريعة بتعاون مشترك بين الدولة اللبنانية المضيفة، ووكالة «الأونروا» المُوكل إليها قضية اللاجئين الفلسطينيين، و«منظمة التحرير الفلسطينية» الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فضلاً عن «تحالف القوى الفلسطينية» و«القوى الإسلامية» و«اللجان الشعبية» والمنظمات والهيئات الناشطة في المجال الإنساني الفلسطيني واللبناني والدولي، ويكون ذلك عبر العمل على تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للمقيمين داخل المخيمات، وتوفير سبل العيش اللائق، وإقرار الحقوق المدنية، حيث ما زال الفلسطيني يُواجه بعقبة عدم ممارسة حقوقه الاجتماعية، أو التملك، أو حتى تسجيل شقةٍ لمن كان قد اشتراها قبل صدور القرار المجحف بمنع تملك الفلسطيني، أو حتى توريث ممتلكاته العقارية إلى أولاده بعد وفاته.
وهذا يتطلب تضافراً وإقراراً بأسرع ما يُمكن، خصوصاً أن غالبية القيادات السياسية اللبنانية تؤكد وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة، ولكن ألا تعتبر الحقوق المدنية والمعيشية والاجتماعية حقوقاً عادلة، وتعزز التمسك الفلسطيني بحق العودة ورفض مقولة التوطين، التي أثبت الفلسطيني على مر السنوات، أنه في طليعة من يرفض هذا التوطين، يوم كانت هناك إغراءات من أجل تنفيذه..
أما الأخطر، ما يجري في الكواليس وما يُحاك من مخطط مُتجدد لتهجير الفلسطينيين من لبنان وسوريا والأردن، إلى أصقاع المعمورة، بعدما هجر اللاجئون الفلسطينيون من العراق وليبيا إلى خارج هذه البلاد..
الأسبوع المقبل
«اللـواء» تقف على آراء القيادات الفلسطينية حول كيفية تجنيب المخيمات تداعيات الخلافات اللبنانية حول أحداث سوريا.
المصدر: اللواء