اللاجئون الفلسطينيون في سوريا أمام سيناريو
روسي- أمريكي
الامارات اليوم
تعاني مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية
أوضاعاً كارثية جراء تعرضها للقصف والعمليات العسكرية على مدار الساعة، خصوصاً مخيمات
درعا واليرموك والحسينية والسبينة. هذه الأوضاع شتت أوصال نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني،
حيث بات 300 ألف منهم مشردين ونازحين، 50 ألفا منهم خارج سورية، والباقون مشردون في
أنحاء سورية، خصوصاً العاصمة دمشق
وتسببت المجازر التي ترتكب في سورية بمقتل
1040 فلسطينياً منذ بداية أحداث الثورة السورية في مارس 2011، جلهم من مخيمات دمشق.
وحول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سورية،
يقول منسق «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية» طارق حمود، لـ«الإمارات اليوم»، إن
أوضاع المخيمات الفلسطينية في سورية وصلت إلى حدود كارثية بكل ما للكلمة من معنى،
«لدينا مخيم درعا غير صالح للسكن بنسبة 70٪ ما بين دمار وحرق، ومخيمات اليرموك والحسينية
والسبينة محاصرة منذ ثلاثة أشهر، وتتعرض لقصف يومي، وعمليات عسكرية على مدار الساعة».
ويوضح، أن مخيمات الشمال في حلب «تعاني العمليات
العسكرية خصوصاً مخيم النيرب المتاخم لمطار النيرب الذي يشهد قتالاً عنيفاً بين طرفي
النزاع، أما مخيمات الوسط في حمص وحماة والساحل في اللاذقية فوضعها هو الأقل سوءاً
مع تعرضها بين الحين والآخر لقصف وقنص».
ويضيف «أما من تبقى من الفلسطينيين في المخيمات
المحاصرة فيفتقرون لمقومات الحياة البشرية، فالطعام والشراب يتوافر بحده الأدنى، فيما
الاتصالات والكهرباء والماء باتت عملة نادرة، وفي فصل الشتاء البارد اضطرت بعض العائلات
لحرق الأحذية والملابس البالية للتدفئة، فيما هناك مخيمات أخرى مثل خان الشيح وخان
دنون تحتشد فيها آلاف الأسر النازحة، وهي بحاجة لعمل إغاثي هائل لتغطية احتياجاتها،
والعدد في ازدياد، كما أن هذه المخيمات باتت في الآونة الأخيرة تحت مرمى نيران الصراع».
مخيما درعا واليرموك
ويؤكد حمود، أن أكثر المخيمات التي تتعرض للانتهاكات
هو مخيم درعا جنوب سورية، الذي لايزال سكانه مهجرين منذ شهر مايو 2011، حين بدأ القصف
المدفعي للنظام باستهداف المخيم، فيما يعيش من تبقى فيه تحت وطأة حصار وقصف وقنص يومي.
ويشير إلى أن 70٪ من منازل مخيم درعا مدمرة
ما بين دمار جزئي وكلي، فيما تعرضت 308 بيوت للحرق الكامل.
ويعد مخيم اليرموك، بحسب حمود، ثاني المخميات
الفلسطينية التي تعيش أوضاعا مأساوية، نظراً لحجم المخيم وكثافة سكانه، وعدد الضحايا
الذين سقطوا فيه، حيث مازال المخيم محاصرا حتى اليوم.
ويوضح أن خطورة الأوضاع في مخيم اليرموك تكمن
في أنه بات معقلاً لمجموعات الجيش السوري الحر، ويستخدم كقاعدة أولية للاشتباك مع قوات
النظام التي تحاصره منذ ثلاثة أشهر، مشيراً إلى أن مخيمات الحسينية والسبينة والسيدة
زينب هي مخيمات متقاربة جغرافياً جنوب العاصمة دمشق، وتعيش وضعاً صعباً نتيجة القصف
والحصار.
ويقول إن خطورة ما يجري في اليرموك تحمل أبعادا
عدة، ميدانية وسياسية، فميدانياً المخيم تعرض لدمار كبير، وتهجير هو الأكبر بين المخيمات
الأخرى بحكم حجم الفلسطينيين فيه، كما أنه مركز العمل الوطني والسياسي الفلسطيني ويعتبر
«عاصمة الشتات»، ويحمل رمزية عالية على المستوى التاريخي والسياسي، حيث يوجد فيه مقبرة
الشهداء التي تضم جثامين قادة كبار مثل أبوجهاد الوزير ومحمود المبحوح وفتحي الشقاقي،
ومر فيه معظم قادة العمل الوطني الفلسطيني.
ويضيف، أن مجموعات الجيش الحر تتمركز حالياً
في المخيم بعد اقتحامه إثر إنهيار مجموعات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- القيادة العامة أحمد جبريل في ديسمبر الماضي، التي تشكلت واجهة للنظام داخل المخيم،
ما تسبب في توتر على مدار أربعة أشهر بينهم وبين الجيش الحر في الأحياء المتاخمة للمخيم،
كما أن 308 أشخاص سقطوا في اليرموك وحده نتيجة الصراع الدائر.
انتقام
وأصدرت «مجموعة العمل من أجل فلسطيني سورية»
إحصائية تضم أعداد القتلى الفلسطينيين الذين يلغ عددهم 1040 شخصاً جلهم من مخيمات دمشق،
فيما وثقت طرق مقتلهم ما بين القصف والاشتباكات والقنص والإعدام الميداني، إلى جانب
الموت تعذيباً في المعتقلات، فيما قضى البعض بطرق بشعة كالذبح، إلا أن العدد الأكبر
نتيجة القنص والقصف.
ويقول حمود «بعد سقوط 1040 شهيداً فلسطينياً
لا نستطيع أن نقول إن ما يتعرض له الفلسطينيون يأتي في سياق طبيعي، أو أنه مجرد تأثر
أقلية سكانية بالمشهد العام، وفي الوقت نفسه فإننا لا يمكن اعتبار كل ما تعرضت له المخيمات
على أنها استهداف مقصود لهم بالتحديد، فالموضوع بين الحالتين ويحتمل من هذه وتلك، لكننا
نؤكد وقوع حالات انتقامية وثأرية من قبل النظام بحق الفلسطينيين إثر موقفهم الداعم
لحقوق السوريين».
ويضيف، أن «هذا الانتقام تجلى من خلال عقاب
جماعي في حصار المخيمات وقصفها العشوائي، وحرمان الفلسطينيين بالجملة بعض حقوقهم التي
نص عليها القانون من خلال بعض القرارات والمراسيم التي صدرت في الأشهر الأخيرة، وهذا
يعكس أن استهداف الفلسطينيين بات يأخذ شكلاً أكثر تنظيماً ومنهجية».
ويوضح أن الفلسطينيين يتعرضون لحالات الشتم
والسباب والتضييق على حواجز النظام «وهذا لا ينسينا أن الفلسطينيين تعرضوا لانتهاكات
من قبل مجموعات محسوبة على الجيش الحر، كما حصل في عمليتي السلب والنهب في مخيم اليرموك».
نزوح
وتسببت المواجهات والعمليات العسكرية الدائرة
في سورية التي طالت المخيمات الفلسطينية، في نزوح ما يقارب الـ300 ألف لاجئ فلسطيني،
50 ألفاً منهم خارج سورية، حيث نزح 22 ألفاً إلى لبنان، وما يقارب الـ 2600 فلسطيني
إلى الأردن، أما الباقون موزعون على دول العالم.
ويوضح حمود، أن النازحين إلى لبنان ليس لديهم
وضع قانوني كلاجئين، ويتم التعامل معهم قانونياً وحكومياً وفق تسويات مؤقتة تجتهد بها
بعض الأطر الفلسطينية مع الأمن العام اللبناني.
ويشير إلى أنه «بحكم العدد الموجود في لبنان
من اللاجئين الفلسطينيين فإنهم يفتقرون لمتطلبات الحياة البسيطة ووضعهم الإنساني صعب
جداً، كما أن الأطر الإنسانية القائمة غير قادرة على استيعاب اجتياجاتهم، في ظل تقصير
واضح من قبل.