اللاجئون الفلسطينيون في مخيم عين الحلوة: لسنا ملفاً أمنياً (1/3)
الجمعة، 13 تموز، 2012
على بعد نحو 3 كلم من وسط مدينة صيدا، يقع مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، وهو يعتبر إمتداداً عمرانياً متصلاً مع المدينة. الكلام عن المخيم في الأوساط الشعبية والإعلامية يجعل المرء يتردد أكثر من مرة قبل الدخول إليه، لكن الزيارة التي يعتبرها البعض "مخاطرة" قد تكون "مغامرة" إيجابية جداً.
الكلام عن مخيم عين الحلوة، يعني عند الكثيرين الكلام عن واقع أمني خطير جداً، لكن في هذا المخيم هناك العديد من الجوانب الأخرى التي لا يعرفها من لم يزره في السابق.
الأعلى في العالم من حيث الكثافة السكانية
في مساحة جغرافية لا تتجاوز الكيلومتر الواحد تقع "عاصمة الشتات الفلسطيني"، حيث يعتبر مخيم عين الحلوة من أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان من حيث الكثافة السكانية، ويزيد عدد سكانه عن الـ70000 نسمة ما يسبب العديد من المشاكل الإجتماعية والإقتصادية. وفي هذا السياق يوضح مسؤول العلاقات العامة في اللجنة الشعبية في المخيم عبد الرحمن أبو صالح أن المعاناة في المخيم كبيرة جداً، وينتقد التصويب عليه من الباب الأمني فقط، ويشدد على أن "عين الحلوة ليس بؤرة أمنية للخارجين عن القانون"، ويلفت إلى أن هناك العديد من المشاكل الإقتصادية والإجتماعية الخطيرة التي يعاني منها السكان"، ويعتبر أن أحد أهم هذه المشاكل هي الكثافة السكانية التي يعتقد أنها الأعلى في العالم، ويضيف: "قد تكون أعلى من الصين حتى". |
|
|
ومن جانبه، يشدد مسؤول حزب "الشعب" الفلسطيني في لبنان غسان أيوب على أن "الوضع الإجتماعي والإنساني في المخيم سيء جداً"، ويعتبر أن "السبب في ذلك يعود إلى القوانين التي تحرم الفلسطيني من حق التملك والعمل"، ويشير إلى أن "المئات يتخرجون من الجامعات ويتحولون إلى جيش من العاطلين عن العمل". ويلفت إلى أن "المخيم هو أكثر مكان في العالم فيه إزدحام سكاني"، ويشير إلى أن "هناك تزايدا مستمرا في عدد السكان ومنعًا لتوسيع الرقعة الجغرافية التي يتواجدون عليها". ويشير إلى أن "لا إمكانية في معظم الأزقة لمرور شخصين معاً". |
|
|
الوضع الصحي سيء جداً لكن التربوي تحسن
بالإنتقال إلى الوضع الصحي داخل المخيم، تنتشر العديد من الأمراض بشكل واسع بين السكان، ويلفت أبو صالح إلى أن "من أهم التحديات التي تواجه سكان المخيم هي ارتفاع حاجات الناس الطبية وكثرة الأمراض"، ويشير إلى أن "المريض شأنه شأن كل المرضى الفلسطينيين يضطر لأن يسلك طريقاً صعبة للوصول إلى هدفه لإجراء عملية جراحية"، ويشدد على أن "التقصير في هذا المجال كبير جداً"، ويؤكد أن على منظمة "الأنروا" بالدرجة الأولى العمل على تحسين هذا الواقع السيء جداً.
ومن جهة ثانية، يعتبر أبو صالح أن المساعدات التي تقدم في ما يتعلق بالشأن الإجتماعي "مهزلة"، ويوضح أن المسؤولية تقع على ثلاث جهات أساسية هي الحكومة اللبنانية التي تستضيفهم و"الأنروا" كونها المسؤولة عن نكبة الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية كونها الممثل الشرعي لهم.
ومن جانبه، يشدد أيوب على أن "الفلسطيني في لبنان ليس ملفاً أمنياُ"، ويؤكد أنه "ملف اجتماعي وسياسي قبل أي شيء"، ويعتبر أن "تحسين الواقع الإجتماعي يحصن الوضع الأمني ويعالج الكثير من المشاكل". وهو إذ يؤكد ان "الوضع الصحي سيء جدا"، يوضح أن الوضع التربوي تحسن بشكل كبير في الفترة الأخيرة. |
|
|
ويعترف أيوب أن "الوضع الإجتماعي السيء جداً قد يصبح عرضة لنفاذ الشرور منه"، لكنه يشدد على أن ما يطالب به الفلسطينيون هو الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية التي تساعدهم على العيش بكرامة.
التوطين مرفوض بشكل قاطع
على صعيد متصل، تعود إلى الواجهة عند طرح أي ملف يتعلق باللاجئين الفلسطينيين في لبنان مسألة الخوف من توطينهم لدى فئات واسعة من المجتمع اللبناني، لكن هذا الموضوع غير وارد بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، حيث يؤكد أبو صالح أن ليس لهم مشروع توطين في أي دولة، ويوضح أن "الفلسطيني يعتبر أن وطنه هو الأجمل في العالم، بالرغم من إحترامه الكبير للبنان". ويؤكد أن وجودهم في لبنان "قسري ومؤقت لحين عودتهم إلى وطنهم"، ويشدد على أن الفلسطينيين لا يطالبون إلا بتحسين أوضاعهم الاجتماعية والسماح لهم بالعيش بكرامة.
ويعتبر أن معالجة هذه القضايا الإجتماعية والإنسانية أمر ضروري، ويلفت إلى أن هذه المعالجة تساعد كثيراً في الحد من المشاكل الأمنية والصحية. |
|
|
وفي السياق نفسه، يعتبر أيوب أن "هناك معادلة غريبة عجيبة تتمثل بأن الشعب اللبناني هو من أكثر شعوب العالم التي قدمت التضحيات للقضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه هناك معاملة سيئة جداً على الصعيد الإنساني". ويقول: "قضيتنا الأساسية هي تحقيق العودة وتحرير الأرض ولا يمكن أن نختار وطناً بديلاً عن فلسطين"، ويؤكد أننا "نحترم لبنان ونعشقه لكننا نعشق وطننا أكثر"، ويلفت إلى أن "الفلسطيني عندما يحصل على جنسية أي دولة في العالم تكون الزيارة الأولى له إلى فلسطين"، ويعتبر أن "ذلك يؤكد أنه لا يمكن أن يقبل التوطين في أي دولة"، لكنه يحذر من أن "التوطين قد يحصل بحال كان الفلسطيني ضعيف الإرادة وغير قادر على المواجهة"، ويدعو الدولة اللبنانية إلى التنبه لهذا الأمر ومعالجته، ويضيف: "نطالب بالحقوق الإجتماعية والإنسانية التي تدعم نضالنا ولا تؤدي إلى التوطين".
|
|
ومن جهة ثانية، يوضح عضو لجنة المتابعة المركزية للجان الشعبية الفلسطينية في لبنان أحمد مراد أن "مخاوف وهواجس بعض اللبنانيين من التوطين تنم عن أمرين، إما عن عدم معرفة بالثقافة الفلسطينية أو عن سياسة تخلف وعنصرية"، ويشير إلى أن "الثورة الفلسطينية إنطلقت من المخيمات تحت عنوان أساسي هو تحرير فلسطين من أجل العودة"، ويشدد على أن "مسيرة هذه الثورة تؤكد أنها من أجل العودة ومن أجل رفض التوطين في لبنان أو غير لبنان"، ويوضح أن "ما حصل في 15 آيار من العام الماضي على الحدود اللبنانية الفلسطينية يؤكد بشكل قاطع أن الفلسطيني يرفض التوطين بأي شكل من الأشكال". |
أبواب المخيم مفتوحة للراغبين بالزيارة
لدى السؤال عن رأي الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة عن رأيهم بالصورة التي تنقل عنهم إلى الخارج، وعن هواجس البعض من زيارة المخيم، كانت الإجابة واضحة بأن أبواب المخيم مفتوحة أمام من يرغب بالزيارة للتعرف على الواقع عن قرب. وفي هذا الإطار، يؤكد أبو صالح أن الكثير من الزوار يدخلون الى المخيم والصورة التي يعودون بها تكون مختلفة كثيراً عن التي كانت لديهم ومعظمهم يعود مرة ثانية.
ومن جانبه يشدد أيوب على أن سكان المخيم "طيبون"، لكنه يعتبر أن المسؤولية عن الصورة السيئة التي لدى البعض سببها تسليط الأضواء بشكل دائم على الوضع الأمني في المخيم، ويرى أن هناك تضخيماً كبيراً لأي حادث قد يقع، ويؤكد أن "هذا الأمر مقصود". |
|
|
المصدر: ماهر الخطيب - النشرة