اللاجئون الفلسطينيون من مخيم اليرموك يتدفقون إلى لبنان
الأربعاء، 19 كانونالأول، 2012
لا مكان للجلوس في منزل أم خالد الفلسطينية في مخيم البداوي في شمال لبنان، إذ تعج غرف المنزل الأربع مع قاعة الاستقبال بالفرش والأسرة لتتسع لأصحاب البيت وأكثر من ستين شخصا آخرين قدموا من مخيمات فلسطينية في سوريا، وغالبيتهم من اليرموك.
وقالت أم خالد (50 عاما) التي تتألف عائلتها من ستة أشخاص لوكالة فرانس برس وهي تعتذر عن الاستقبال "الصالون تحول إلى غرفة منامة، ولا يوجد مكان نجلس فيه. حتى الممر فيه فرش للنوم"، مضيفة "وصل ظهر أمس إلى منزلي نحو 20 شخصا من الأطفال والنساء والعجز من مخيم اليرموك".
وتستضيف أم خالد منذ أسابيع أكثر من أربعين نازحا آخرين.
ومنذ صباح أمس، تدفق المزيد من الفلسطينيين القادمين من مخيم اليرموك في جنوب دمشق إلى الحدود اللبنانية. ولم يكن في الإمكان إحصاء الأعداد التي وصلت أمس. إلا أن الأمن العام اللبناني ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يقدران عدد الفلسطينيين الذين دخلوا لبنان من سوريا خلال الأيام الثلاثة الماضية بألفين.
وقال مراسل لوكالة فرانس برس في نقطة المصنع الحدودية مع سوريا (شرق) إن عشرات الحافلات والسيارات التي تقل فلسطينيين عبرت الحدود اللبنانية قبل الظهر، وقال ركابها لصحافيين إنهم قادمون من مخيم اليرموك "الذي يتعرض لقصف في مناطق عدة، وقد غادره أغلب الناس"، بحسب ما صرح احد الشبان رافضا الكشف عن اسمه.
وقال فلسطينيون في مخيم البداوي لوكالة فرانس برس إنهم تلقوا اتصالات من أقارب لهم "عالقين على الحدود بسبب الوقت الذي تتطلبه الإجراءات".
وذكر ربيع دامس، مسؤول لجنة النازحين الفلسطينيين السوريين في مخيمي البداوي والبارد في شمال لبنان أن "العدد التقريبي للعائلات الفلسطينية التي نزحت على مدى الـ48 ساعة الماضية من مخيم اليرموك إلى المخيمين يتراوح بين 60 إلى 70 عائلة".
وأشار إلى أن "أوضاع العائلات سيء للغاية ومعظمهم اضطروا لمغادرة منازلهم دون ان يخرجوا أيا من أمتعتهم".
وقالت أم أحمد ( 45 عاما) التي وصلت ظهر الاثنين إلى البداوي "أقيم حاليا مع ست عائلات فلسطينية سورية في منزل واحد، وعددنا حوالى 50 شخصا. هربت أولادي الأربعة من مخيم اليرموك وبقي زوجي هناك".
وأضافت "أنا من سكان الحجر الأسود (في جنوب دمشق، مجاور لليرموك)، وقد لجأت إلى المخيم قبل أشهر بسبب الاشتباكات. أول من أمس ، أعطونا مهلة بين الساعة السادسة صباحا للخروج من المخيم، فهربنا من دون أن نحمل معنا أغراضنا، بسبب عدم وجود سيارات تنقلنا من هناك".
وقالت أم عمر (35 عاما) "طلب منا مسلحون الخروج من منازلنا. خرجنا وتوجهنا بحافلات إلى الحدود اللبنانية ـ السورية، وهناك كانت مئات العائلات تنتظر الدخول".
وروى خالد الشيخ (65 عاما) أنه شاهد وإفراد عائلته صباح الاثنين في مخيم اليرموك "مئات المسلحين في الشوارع، وكانوا يحملون أعلام المعارضة السورية ورايات إسلامية"، مضيفا "خرجت مع زوجتي وابنتي وأولادها، وبقي ابني الشاب الذي لا اعرف مصيره حتى الآن".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وسكان من مخيم اليرموك خرجوا منه أمس وكالة فرانس برس من دمشق أن مسلحي المعارضة السورية أحرزوا تقدما واضحا على الأرض داخل المخيم الذي شهد اشتباكات صباحا بين فلسطينيين موالين للنظام السوري ومقاتلين معارضين فلسطينيين وسوريين.
ويبلغ عدد سكان المخيم أساسا 150 ألفا غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين، لكن بينهم سوريون أيضا. وتعرض المخيم الأحد لغارات جوية من طيران حربي تابع لجيش النظام تسببت باستشهاد ثمانية أشخاص.
وكانت أعداد من سكان المخيم نزحت عنه مع بدء المعارك في محيطه قبل أشهر.
في صيدا في جنوب لبنان، نفذ فلسطينيون نازحون من سوريا أمس اعتصاما أمام مقر الأونروا للمطالبة بالحصول على مساعدات ومأوى.
وقالت آمنة (35 عاما) "لم نعد نهتم بشعار +العودة إلى فلسطين+ بل أصبح شعارنا +العودة إلى اليرموك+. وكالة الأونروا غير مهتمة بنا، والفصائل الفلسطينية لا تسأل عنا، والمؤسسات التي تهتم بالنازحين، لم يصلنا منها سوى بعض الفتات".
وقالت رؤيا احمد عبد العال التي لجأت مع أولادها إلى مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان "لا نريد شيئا مستحيلا، بل مأوى نلجأ إليه... في مخيم اليرموك، مخيم الموت، يقصفون المنازل، وهنا يتركوننا في العراء".
وأقرت المتحدثة باسم وكالة الأونروا في لبنان هدى سمرا لوكالة فرانس برس بوجود مشكلة في تأمين المأوى والمواد الغذائية الضرورية للنازحين الفلسطينيين.
وقالت إن الأونروا "قامت بعد تقدير حاجات عشرة الاف فلسطيني وصلوا الى لبنان خلال الاشهر الماضية، باستدراج تبرعات بقيمة ثمانية ملايين و200 الف دولار من اجل تقديم خدمات صحية وتعليمية وغذائية لهم، لكن لم يصلها من المبلغ إلا 760 الفا".
وأشارت إلى أن الوكالة "وضعت عياداتها الطبية في تصرف النازحين"، وأنشأت "قاعات صفوف خاصة في مدارسها لأطفالهم. كما وضعت مناهج دراسية خاصة بهؤلاء، كون المنهج اللبناني يختلف عن السوري".
وبدأت الأونروا تقدم "بالتنسيق مع عدد من المنظمات الاهلية وغير الحكومية سلعا خاصة بفصل الشتاء مثل قسائم لشراء ملابس" للنازحين الموجودين في منطقة البقاع حيث البرد قارس.
وفي حين تقدم الاونروا الكثير من المساعدات غير الغذائية مثل ادوات التنظيف والصحة الشخصية، قالت هدى سمرا ان "هناك وعودا بتمويل قريب لاحتياجات اخرى"، معربة عن الامل بان يكون في الامكان من خلالها التعامل مع حاجات النازحين الملحة، لان "الوضع كارثي".
المصدر: الوكالة الفرنسية للأنباء