القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

اللاجئون في الأردن رقم وطني وحقوق منقوصة غموض في القوانين التي تنظم علاقة اللاجئين بدول اللجوء

اللاجئون في الأردن رقم وطني وحقوق منقوصة غموض في القوانين التي تنظم علاقة اللاجئين بدول اللجوء

بقلم: أحمد سعد الدين

في الوقت الذي يُعَدّ فيه الأردن من أكثر الدول التي تحوي نسبة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، فإنّ التشريعات والقوانين التي تنظم علاقة اللاجئين في بلد اللجوء غائبة وتؤرق الكثير من اللاجئين، ما يجعل الباب موارباً لتصرف هذه الدول بقضية اللاجئين وفق مصالحها السياسية.

وتناقش "العودة" واقع اللاجئين ومستقبل تلك العلاقة، في ظل غياب التشريعات أو القوانين الناظمة التي تُسهم في توفير الحقوق لهم، وتُسهم في التخفيف من المعاناة التي يعيشونها.

تعليمات لا تشريعات

تأتي نشأة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين نتيجة للهجرات القسرية بعد حربي عام 1948 وعام 1967. ورغم ذلك، لا توجد حتى الآن قوانين وتشريعات واضحة تنظم علاقة اللاجئين بالحكومة، سوى بعض التعليمات التي تنظم بعض الجوانب المعيشية، من دون الدخول إلى الوضع القانوني الفعلي للاجئين.

وتعرض الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في الأردن لتطور يواكب العلاقات الأردنية الفلسطينية في محطاتها المهمة. فبداية بعد مؤتمر أريحا وإعلان ضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية عام 1950، حصل أغلب اللاجئين الفلسطينيين (نحو 90 في المئة منهم) على الجنسية الأردنية، إلى أن أوقف المفعول التلقائي لقانون الحصول على الجنسية بعد تاريخ 16 شباط 1954، وبالتالي أصبح لهؤلاء اللاجئين كامل الحقوق النظرية للمواطن الأردني، وعليهم كامل واجبات المواطنة أيضاً، بما فيها الخدمة العسكرية.

وفي عام،1988 جرى فك الارتباط مع الضفة الغربية وإنهاء العلاقة القانونية والإدارية التي ترتبت على قانون الضم السابق، إلا أن الحكومة الأردنية استدركت أن فك الارتباط مع الضفة، لا يمس وضعية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن.

فكّ الارتباط

وبحكم ارتباط وحدة الضفتين عام 1950 وما ترتب عليه من وحدة جغرافية على الضفتين معاً، وما ترتب عليه من منح الجنسيات للاجئين الفلسطينيين في عهد وحدة الضفتين، صدر دستور عام 1952 الذي يمثل العقد الاجتماعي بين السكان في ضفتي النهر تجسيداً وتطبيقاً لقرار وحدة الضفتين.

وقد شرّع في عهد وحدة الارتباط (وحدة الضفتين)، فلا حاجة لقانون ليشير إلى موضوع الارتباط؛ لأن الدستور في جميع بنوده مبني على قرار وحدة الضفتين، وله قوة قانونية أعلى من القانون. وهنا نتطرق للمادة الأولى التي تنص:

المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية. لذلك، فالأرض الأردنية حسب الدستور الأردني لعام 1952 هي الضفتان الشرقية والغربية، والشعب الأردني المشار إليه في الدستور الأردني هو سكان الضفتين معاً.

بناءً على ذلك، منحت الجنسية الأردنية للاجئين الفلسطينيين في الأردن، وأصبحوا يعاملون على أنهم مواطنون أردنيون بالقانون، ويطبق عليهم ما يطبق على المواطن الأردني.

ومع ذلك المنح للجنسيات، غُيِّب تماماً وضع قانون يساعد على ضمان حقوق اللاجئين الذين لم يمنحهم الارتباط الجنسية، ومنهم أبناء قطاع غزة.

ويحظى أغلب اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بحقوق مواطنة كاملة يبقى الذين هجّروا إلى غزة في عام 1948 ومن ثم إلى الأردن عام 1967 من دون التمتع بكامل الحقوق الاجتماعية والمدنية.

وفي مخيم غزة بوجه خاص، المعروف أيضاً بمخيم جرش، يبلغ عدد السكان نحو 20 ألف نسمة، يعيشون على مساحة 750 ألف متر مربع. وتعيش النسبة العظمى من السكان 97.19 في المئة من دون التمتع بالمواطنة، حيث يمتلكون إما جواز سفر سنتين (95.8 في المئة) وإما وثيقة مصرية (1.02 في المئة) أو من دون أية وثائق (0.37 في المئة).

ورغم قرار الضمّ وتجنيس اللاجئين الفلسطينيين، يرى حقوقيون أن حقوق المواطنة ما زالت في جانب منها نظرية؛ فاللاجئون الفلسطينيون ما زالوا يتمتعون بوضعية سياسية وقانونية خاصة؛ إذ لا يشاركون على سبيل المثال في الانتخابات البلدية والقروية. وحتى النظام الانتخابي النيابي يحدّ من تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني في مجلس النواب.

ولم يزد عددهم في دورات 89 ـ 93 ـ 97 على 14 نائباً من مجموع النواب الـ80، إضافة إلى سبعة أعضاء في مجلس الأعيان من أصل 40، وكذلك خمسة وزراء في أغلب الحكومات، وهذا لا يتناسب مع نسبة وجودهم في المجتمع الأردني التي تفوق الـ50 بالمئة، علماً بأن توزع مقاعد البرلمان قبل 1988 كان يجري مناصفة بين الضفتين الشرقية والغربية.

كذلك إن 90 في المئة من المناصب الحكومية والرسمية، وخاصة في قطاعات معينة، تخصص في المقام الأول للمقيمين من أصل أردني. وهذا ما شجع على ظهور تيار بات يعرف بـ(أصحاب الحقوق المنقوصة) الذين يتحدثون عن التمييز الذي يتعرضون له في الأردن.

إلا أن التمييز الحقيقي يكمن في الإطار الاجتماعي الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين، وخصوصاً من سكان المخيمات ومناطق السكن العشوائي المنتشرة في الأردن حول المدن، أكثر منه تمييزاً في الحقوق النظرية للمواطنة أو المؤشرات السابقة. ويعيش أغلب اللاجئين الفلسطينيين في الأردن حياة مزرية، تفتقر إلى الكثير من شروط الحياة الكريمة، وضمن معدلات اقتصادية بائسة.

يضاف إلى كل ذلك الانتقاص من الحقوق الاجتماعية والسياسية في التنظيم والتعبير، حيث تتابع الحكومة الأردنية محاولات بسط هيمنتها على المخيمات الفلسطينية، من خلال تعيين الوجهاء المرتبطين بها في لجان تحسين المخيمات، والإشراف المباشر على كل ما يجري داخل المخيمات، وصولاً إلى ربط جميع المؤسسات الشعبية في المخيمات بهذه اللجان، على غرار ما جرى للأندية الرياضية والثقافية أخيراً، ومن ثم دائرة الشؤون الفلسطينية. والآن أصبحت لجنة تحسين المخيم، ومن ثم دائرة الشؤون الفلسطينية هي الجبهة المعنية بالعلاقات الأردنية ذات الشأن?الفلسطيني.

ويتحدث مراقبون عن أن القرار السابق جاء استباقاً وتمهيداً لعملية التسوية التي بدأت لاحقاً في مؤتمر مدريد؛ لأنها تفترض وجود كيانية فلسطينية مستقلة تتحمل مسؤولية التفاوض مع إسرائيل على الضفة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وتتحمل مسؤولية القرار أمام الشعب الفلسطيني.

فكّ الارتباط وتبعات القرار

وهو التوجه الذي ظهرت بداياته عام 1974 في قمة الرباط التي أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وبعد توقيع معاهدة وادي عربة، بدأ الموقف الرسمي الأردني يتعاطى بحساسية عالية مع موضوع التوطين، باعتباره خيار التسوية القادمة، وهو ما أقرّ به المفاوض الأردني علانية في المادة الثامنة من المعاهدة، حيث ربط الحل بالتوطين والتعويض.

وأجرى الأردن تعديلاً على وظيفة واسم (دائرة شؤون الفلسطينيين) على تلك الخلفية، فأصبحت منذ عام 1998 (دائرة الشؤون الفلسطينية)، وهي تتمتع بصلاحيات وزارة رسمية، وتتبع مباشرة لرئاسة مجلس الوزراء، بعد أن كانت جزءاً من وزارة الخارجية.

وأنشأت هذه الدائرة (لجان تحسين المخيمات)، التي يجري تعيينها بالاتفاق ما بين المدير العام لدائرة الشؤون الفلسطينية والمحافظ الإداري للمنطقة التي يتبع لها المخيم. وفي كل مخيم مكتب محلي لهذه اللجان يتألف من 7 إلى 13 عضواً معيناً، يتابعون تطوير البنية التحتية في المخيم وقضايا الخدمات. وهم بمثابة مجلس بلدي للمخيم، لكنه لا ينتخب أسوة بباقي المجالس البلدية.

الأردن واللاجئين العلاقة والتاريخ

أدت الهجرات القسرية بعد حربي 1948 و 1967 دوراً بارزاً في ظهور المخيمات التي استوعبت قسماً من اللاجئين واستوطن القسم الباقي في مناطق خلاء بالقرب من هذه المخيمات على الأغلب. كذلك، كان للهجرة الداخلية بين المدن الأردنية وبين المدينة والريف دور مهم في ظهور هذه الأحياء، وأسهمت الزيادة الطبيعية في أحياء السكن العشوائي القديمة والمخيمات وسوء ظروف السكن في ظهور عدة مواقع في أواخر السبعينيات.

لقد عملت هذه العوامل في ظل غياب سياسات إسكانية لغاية أوائل السبعينيات، تأخذ في الاعتبار تلبية الحاجة السكنية المتزايدة لكافة شرائح المجتمع وارتفاع أسعار الأراضي في كافة المناطق الحضرية في المملكة، بالإضافة إلى عدم وجود مخططات تنظيمية لعدد كبير من المدن والقرى وضعف الرقابة على الأراضي الحكومية.

الأونروا هي واحدة من أكبر المنظمات الإنسانية وأقدمها. تأسست هذه المنظمة في 8 كانون الأول 1949 بعيد النكبة الفلسطينية التي شهدت نزوح ما ينوف عن 750 ألف فلسطيني ممن طردوا على يد الميليشيات الصهيونية أو فرّوا منها إبان تأسيس دولة ما يعرف بـ"اسرائيل". وبسبب رفض إسرائيل المتكرر لحق اللاجئين في العودة، ظلت الولاية المنوطة بالأونروا تتجدد تلقائياً.

وتعترف وكالة الغوث بـ13 مخيماً من مخيمات اللاجئين. وتقدم الأونروا خدمات الإغاثة الصحية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن الحكومة الأردنية إلى جانب الأونروا تعتني بالبنية التحتية المادية للمخيمات، والمدارس الثانوية ومكاتب البريد، وغيرها من الخدمات الضرورية.

دائرة الشؤون الفلسطينية هي الهيئة الحكومية التي تهتم بمخيمات اللاجئين الثلاثة عشر في الأردن. كانت إدارة التغييرات المختلفة على عاتقها ومسؤولياتها كافة على مدى السنوات الخمسين الماضية.

ويسعى الأردن إلى خلق البيئة المناسبة للمواطنين اللاجئين. ويسعى كذلك إلى تحديد الاحتياجات والعمل عليها في إطار البنية التحتية المادية والاجتماعية، ولكن أيضاً داخل المركز القانوني الذي يتمتع مع الفلسطينيين منذ بداية الصراع العربي ــ الإسرائيلي، وفقاً لقانون الجنسية الأردنية لسنة 1954.

المصدر: مجلة العودة العدد 51