اللاجئون في لبنان.. وحنينهم أبداً لأول منزل
الثلاثاء، 24 أيار، 2011
على غرار حشود الفلسطينيين الذين هزوا الأسيجة الحدودية مع فلسطين المحتلة في ذكرى النكبة، تحن صبحية اللوباني إلى العودة لوطنها الذي اضطرت للفرار منه عند قيام “إسرائيل” عام 1948 . وعلى الرغم من هذا وفي اختلاف عن كثيرين منهم فإن لديها منزلاً جديداً، لكن منزلها في فلسطين يبقى الأعز والأغلى .
حصلت اللوباني على مفتاح الشهر الماضي لواحد من أوائل المنازل القليلة التي بنتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) في مخيم نهر البارد بشمال لبنان الذي دمر تماماً خلال معارك وقعت قبل نحو أربع سنوات . لكنها تقول إنه مازالت أمامها فرصة، وتضيف “سأترك المنزل وأذهب إلى فلسطين بلدي . لا يمكن أن أنسى فلسطين” .
في نهر البارد أدت اشتباكات بين الجيش اللبناني ومسلحي تنظيم فتح الإسلام إلى هدم المخيم الذي كان يعيش به ما يصل إلى 30 ألف لاجئ . وأسفر القتال في المخيم عام 2007 وهو أسوأ اقتتال داخلي في لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990 عن مقتل أكثر من 400 شخص بينهم 170 جندياً وتدمير ستة آلاف منزل .
وفر أفراد عائلة اللوباني من نيران الدبابات والمدفعية الخاصة بالجيش ليفقدوا كل شيء باستثناء الملابس التي كانوا يرتدونها . وقالت الأرملة المسنة وهي تتذكر الصدمة الجماعية التي عاشها الفلسطينيون المعروفة باسم النكبة التي تم إحياء ذكراها بتجمعات حاشدة عند الحدود في 15 مايو/أيار “حين غادرت نهر البارد شعرت بأنني أترك فلسطين مرة أخرى” .
وتقول اللوباني التي لم يكن عمرها يتجاوز الأربعة أعوام في سنة 1948 إن والدها حملها من قرية سعسع عبر الجانب الآخر من الحدود الى لبنان القريب لينتزعها من مستقبل من الأحلام المحطّمة واليأس .
وتقفز كلمة نكبة بسهولة إلى شفتي جهاد عوض (49 عاما) وهو بائع أحذية من أوائل اللاجئين الذين سيحصلون على منازل جديدة الذي يقول واصفاً فرار أسرته من نهر البارد وتدمير منزلها “لا توجد كارثة أسوأ من هذه” . وفي الشهر الماضي انتقلت اللوباني إلى منزلها الجديد مع ابنتين بالغتين . ويتميز المنزل بالتهوية والإضاءة الجيدة بالمقارنة بالظروف السيئة لمعظم مخيمات اللاجئين، لكن به القليل من الأثاث لأن الأسرة أنفقت المنحة التي خصصتها أونروا لهذا الغرض على الفواتير الطبية . كما أن المنزل خال من أي ممتلكات شخصية مثل التذكارات أو الصور . بل إن السيدة الواهنة التي تعاني من كسر في إحدى ساقيها فقدت شهادات ميلاد أبنائها وعقد زواجها وبعض المدخرات حين فرت من القتال .
ولا تستطيع اللوباني أن تنزع من نفسها الخوف من نشوب صراع آخر .
وقالت “حتى حين أنام أخشى أن أستيقظ لأرى المنزل قد دمر مجدداً . الله وحده يعلم متى ستندلع الحرب . “الإسرائيليون” يمكن أن يأتوا في أي وقت ويقصفوننا لهذا فنحن خائفون” .
وقالت اللوباني التي توفي زوجها قبل شهرين من بدء الجيش اللبناني ما تحول إلى صراع طاحن استمر 15 يوماً لسحق مقاتلي جماعة فتح الإسلام بمخيم نهر البارد، إنها كانت تشك في أن تعود إلى منزلها هناك ذات يوم .
وربما يسكت تسليم أول وحدات سكنية للاجئين الشائعات بأن هذه الوحدات مقامة للبنانيين أو السائحين . ويقول تشارلز هيجينز الذي يدير مشروع إعادة البناء التابع لمنظمة أونروا “أزمة الثقة كانت حادة في الفترة التي لم نسلم فيها شيئا . . تبدد هذا لكن الآن هناك تطلع مبرر ليقولوا “حسناً استمروا في هذا” . وأضاف “بالنسبة لهم العودة إلى مكان ما حتى ولو كانت العودة إلى مخيم للاجئين ظل قائماً لمدة 60 عاماً تمثل أهمية كبيرة” .
(رويترز)