القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

المطلوبون في عين الحلوة: مشكلة بلا حلّ أم فزاعة جاهزة؟!

المطلوبون في عين الحلوة: مشكلة بلا حلّ أم فزاعة جاهزة؟!
«شاهد» لحقوق الإنسان: لحلّ ملف المطلوبين بحكمة وهدوء وإنسانية
 
 
لينة عطوات/ خاص «لاجئ نت»

قيل بأن «كبار» المطلوبين قد خرجوا من مخيم عين الحلوة بعد أن لجأوا إليه إثر أعمال عنف أو إجرام أو غير ذلك من التهم، منهم مَن قُتل، ومنهم من استطاع السفر خارج البلاد، ولم يبقَ من هؤلاء سوى القليل الذين لا يشكلون أي خطر على أمن المخيمات والمنطقة. هؤلاء المطلوبون للعدالة، والمدرجة أسماؤهم ضمن لائحة الفارّين إلى مخيم عين الحلوة تحديداً، لا يتجاوز عدد من بقي منهم في المخيم الثلاثين. المعضلة لا تكمن هنا، فهؤلاء المطلوبون يشكلون عبئاً على المخيمات وفصائلها كما يشكلون ذلك العبء على الدولة.. وهؤلاء من العدل بحقهم وحق المخيم تقديمهم للعدالة، ولا أحد يمانع ذلك طالما أنه لن يؤثر على أمن المخيم واستقراره.

ما المشكلة إذن؟

تكمن المعضلة في شقّين، يتفرع كل منهما تفصيلات تزيد الأمر تعقيداً، ففي مخيم عين الحلوة، الذي أصبح مشتهراً بلجوء المطلوبين إليه، باتت قائمة المطلوبين بالمئات. دعابة هي أم أحجية، أم مؤامرة؟ فقد بات المخيم كله من المطلوبين، وتكاد لا تخلو عائلة من وجود المطلوبين فيها، وقد تعرض العديد منهم للاعتقال المفاجئ ساعة مرورهم عند الحواجز المركّزة على أبواب المخيم. اعتقل بعضهم ساعات أو أياماً أو شهوراً، وبعضهم يخرج من دون إثبات أي شيء ضده ولا يحمل معه بعد «البهدلة» سوى الاعتذار الخجول لأنهم «أخطأوا العنوان»..

شبكة «لاجئ نت» سألت مدير مؤسسة «شاهد» لحقوق الإنسان محمود حنفي عن انعكاس هذا على عائلات المطلوبين، فاعتبر أن «قضية المطلوبين وإن كانت ذات بعد أمني، إلا أن لها انعكاسات سلبية واجتماعية ونفسية وغيرها، وكل كلمة لها تفصيلاتها إذا أردنا الإسهاب».
 
ويصف حنفي معظم الإجراءات المتخذة بحق هؤلاء بالكيدية، ويؤكد مدى حساسية هذه القضية الشائكة والمرتبطة بحياة اللاجئين على كافة المستويات: فمن الناحية الاقتصادية، هناك مئات العائلات ستتعرض للتشريد الاقتصادي إن بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث أنها ستصبح عالة على المجتمع والعمل جراء رفض المجتمع لها. فعلى المستوى الأمني يبدو الأمر دقيقاً وحساساً للغاية نسبةً للغموض الذي يلف المسألة القانونية والأسباب التي على أساسها يتم التوقيف. وعلى المستوى الاجتماعي، تجد هذه العائلات صعوبة في التعاطي مع الناس (في موضوع الزواج) توتردد بعض العائلات في تزويج بناتهم لـ«مطلوبين».
 
أما على المستوى الصحي وهو الأخطر، فإن عدداً من هؤلاء المطلوبين يواجهون صعوبة في متابعة وضعهم الصحي، «إذ يحتاجون لإجراء عمليات جراحية غير موجودة في المراكز الطبية والمستشفيات داخل المخيم، فيمنعهم وضعهم الأمني والقانوني يحول دون تمكنهم من استكمال العلاجات المناسبة. وكل ذلك من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على العامل النفسي لدى هؤلاء المطلوبين وعائلاتهم»، على اعتبارهم غير مرغوب فيهم ومشبوه التعامل معهم.

ويشدّد حنفي على أن الفصائل الفلسطينية ومختلف المؤسسات داخل المخيم حريصة أشد الحرص على إيجاد حل لتسليم كبار المطلوبين، ولكن ما ذنب المئات الذين لم يثبت على معظمهم أي جنحة أو جناية وأي ذنب؟ هي مسألة معقدة لم يتجرأ الكثير على فتحها ومناقشتها بشكل جدي وصادق، فكل المباحثات حول هذه القضية -كما يقول حنفي- «كانت تخلو من الصدق والجدية والمتابعة»، ومَرَدُّ ذلك هو العديد من الاعتبارات السياسية والمصالح الذاتية لهذه الفئة أو ذاك الفريق.

محاولات جدّية لحلّ المشكلة

«شاهد» بدورها قامت بمحاولات جدية وحثيثة من أجل إيجاد تسوية إنسانية بحق هؤلاء المطلوبين رأفة بعائلاتهم وأحوالهم المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية الصعبة بدلاً من تطبيق العقاب الجماعي عليهم، إلا أن التناحرات والاشتباكات المتفرقة التي تحصل في المخيم بين الحين والآخر غالباً ما كانت تقف عائقاً أمام استكمال هذا الملف الشائك أصلاً، حتى صارت هناك قناعة لدى البعض بأن حل هذا الموضوع قد يؤدي إلى تأزم أكبر مما هو حاصل اليومية. ويزيد الأمر تأزُّماً ارتباط موضوع المطلوبين بقضية السلاح في لبنان.

الخرق الذي أحدثته «شاهد» في الجدار السميك الذي يحيط بمسألتي السلاح والمطلوبين تحديداً، بمشاركة نحو عشرين شخصاً عملوا على إيجاد أرضية لحل القضية بحكمة وهدوء، لكن ذلك يبقى في إطار الاجتهادات لتخفيف انعكاسات الموضوع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والنفسية غير المنظورة، والذي بات يشبه «الغول» الذي يُخشى إيقاظه.

حل مسألة السلاح لن يكون إذاً على حساب أمن المخيم واستقراره، هذا ما تؤكد جميع الفصائل والقوى والتيارات اللبنانية والفلسطينية المعنية بملف مخيم عين الحلوة في صيدا. والكل مجتمع على ضرورة عدم زجّ المخيم في متاهات أمنية هو بغنىً عنها، وعدم إشعال فتيل الفتنة من خلال فتح ملف السلاح الفلسطيني مع العلم أن السلاح بات خردة يمتلكها معظم الفئات في لبنان، فلماذا يجتهد البعض في بإصلاح هذه الفوضى بدءاً من المخيمات، في ظل حقيقة تقول بأن الله «لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم». وبذلك رددت الفصائل دائماً بأنه لا بد من حل قضية المطلوبين عاجلاً وليس آجلاً، إلا أن هذا السبب لا يعني السماح بالتدخل بالشؤون الداخلية للمخيم وتكرار ما حدث في نهر البارد.

إذاً، مشكلة المطلوبين ذات شقّين:

1- المئات من أبناء المخيم والمظلوم معظمهم، ويتطلب حلاً جذرياُ وسريعاً وحكيماً ورحيماً.

2- كبار المطلوبين، وقد تأكد مقتل العديد منهم وخروج أكثرهم من المخيم إلى المدن أو بلاد أخرى.

وإن صح ذلك، فهذا يعني غياب المبرر للتشديد على الحواجز عند مداخل المخيم، وتعزيز السواتر والطوق الأمني المفروض عليه من أسلاك شائكة وجدر عازلة. والتخوف الأكبر يكمن في إصرار هؤلاء على المبالغة في تصوير الوضع وكأنه متأزم، وعليه يتوقف أمن لبنان من جهة، ومن جهة ثانية يكمن التخوف في حرصهم على عدم حلّ قضية المطلوبين أو السلاح أو التشديدات الأمنية إلى بالصورة التي يرسمون.
 
أسامة الشهابي
 
شحادة جوهر
   
السحمراني
 
عبد الرحمن عوض