الوضع الأمني بعين الحلوة: نأي بالنفس ودعوة لتطبيق قرارات الحوار (2/3)
السبت، 14 تموز، 2012
بعد التعرف على الواقع الإجتماعي والإنساني في مخيم عين الحلوة، لا بد من التطرق إلى الوضع الأمني الذي يشكل هاجساً كبيراً عند العديد من الجهات اللبنانية والفلسطينية على السواء، والذي تطرح حوله العديد من علامات الإستفهام في الفترة الأخيرة، فما هي حقيقة هذا الواقع، وهل فعلاً يشكل هذا المخيم تهديداً كبيراً لسكانه من اللاجئين الفلسطينيين والجوار؟
الوضع الأمني ممسوك
على الرغم من الكلام الكثير عن الوضع الأمني داخل مخيم عين الحلوة، يؤكد قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب على أن الواقع الأمني في المخيم يعتبر جيداً، نظراً إلى وجود العديد من المعطيات المؤثرة فيه، وعلى رأسها الواقع الإجتماعي الذي يعيشه السكان، بالإضافة إلى تعدد القوى والأحزاب الموجودة فيه، لكنه يلفت إلى أن هذا الأمر دفع بهذه الجهات على مختلف توجهاتها باتجاه التفاهم والتوافق من أجل حفظ أمن المخيم والجوار، ويشير إلى تشكيل لجنة متابعة تضم مختلف الجهات لمتابعة المشاكل التي تحصل وحلها.
ويشدد أبو عرب، في حديث لـ"النشرة"، على أن الوضع الأمني في المخيم جيد بعكس كل الكلام الذي يقول غير ذلك، ويشير إلى أن المخيم لا يشهد إشكالات كبيرة، ويعتبر أن التوافق السياسي على العناوين العريضة كحق العودة وأمن المخيم والجوار يطمئن، ويرى أن هذا التوافق يساهم في حصر أي إشكال في إطاره الفردي ويمنع تطوره إلى أكثر من ذلك.
|
|
ومن جانبه، يرى القائد الأسبق للكفاح المسلح الفلسطيني العميد محمود عيسى الملقب بـ"اللينو" أن المخيم لا يزال في دائرة الإستهداف، ويشير إلى أنه مرّ في السابق بمراحل أصعب من المرحلة الحالية وإستطاع الخروج منها، لكنه يلفت إلى زيادة الإصطفافات والتجاذبات وحدة الشحن الطائفي داخل الساحة اللبنانية في هذه المرحلة، ويعترف بأن هذا الأمر لا بد أن ينعكس على المخيمات، لكنه يؤكد أن الفلسطينيين نأوا بأنفسهم عن ما يحصل على الساحة اللبنانية.
ويلفت العميد "اللينو"، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن المرحلة الأخيرة شهدت إرتفاعاً في حدة الإحتقان عند بعض الشباب، ويشير إلى أنه تم الطلب من مختلف وسائل الاعلام توخي الدقة والحذر لأن ابناء المخيم عاطفيون بطبيعتهم، ومن الممكن أن ينجروا وراء أي كلمة أو خبر، |
ويوضح أن هناك تفكيراً في كيفية معالجة هذه الحالة التي لها أسباب عديدة، منها الحقوق والبطالة، حيث يكشف أن هناك 70% من السكان عاطلين عن العمل.
وعلى الرغم من هذا الواقع، يشدد العميد " اللينو" على أن مصلحة أبناء المخيم والأجهزة الأمنية الرسمية اللبنانية واحدة في حفظ الأمن والإستقرار، ويؤكد أن التنسيق ممتاز، وهناك عمل على تطويره وتحسينه.
وفي السياق نفسه، يؤكد أمين سر القوى الإسلامية وعضو القيادة السياسية للجنة المتابعة في مخيم عين الحلوة الشيخ جمال الخطاب أن الوضع الأمني في المخيم مستقر بشكل عام، ويشير إلى أن هناك تفاهمات بين مختلف القوى داخله وإجتماعات تنسيقية للحفاظ على هذا الوضع المستقر.
ويشدد الشيخ الخطاب، في حديث لـ"النشرة"، على أن الإشكالات لن تحصل لا داخل المخيم ولا مع الجوار، ويشير إلى أن الوضع مضبوط إلى حد بعيد. |
|
|
ويرفض الشيخ الخطاب الكلام عن أن المخيم "قنبلة موقوتة" من الممكن أن تنفجر في أي لحظة، ويشير إلى أن هذا الكلام يعود إلى سنوات طويلة إلى الوراء، ولم تنفجر هذه القنبلة التي يجري الحديث عنها، ويعتبر أنه لو كان الوضع كذلك لحصل الإنفجار منذ وقت طويل.
"النأي بالنفس" سياسة فلسطينية أيضاً
|
|
بالإنتقال إلى موقف السياسة الفلسطينية من الأحداث التي تجري في لبنان والمنطقة، يطمئن أبو عرب إلى أن الخطاب السياسي الفلسطيني بكافة تلاوينه يؤكد أنهم لن يكونوا فريقاً في التجاذب السياسي اللبناني الداخلي، ويشير إلى أن الفلسطينيين مع الحياد الإيجابي، ويؤكد أن هناك توجهاً عاماً بعدم نقل الإشكالات اللبنانية إلى المخيم، ويشدد على أن هذا هو توجه القيادة الفلسطينية بشكل عام.
ومن ناحية أخرى، يؤكد أبو عرب أن هناك تعاوناً أمنياً وتواصلاً دائماً مع الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية، ويلفت إلى أن هناك ضباط اتصال لمتابعة أي اشكال قد يقع، ويشير إلى تسليم العديد من االمطلوبين الذين أدينوا بإرتكاب جرائم معينة. |
ومن جهته، يؤكد العميد "اللينو" أن المخيمات الفلسطينية، وتحديداً عين الحلوة، لن تكون سبباً في تهديد السلم الأهلي اللبناني، ويشير إلى أن هناك توجها عاماً واضحاً وصريحاً بضبط الوضع الأمني داخل المخيمات.
ويعترف العميد "اللينو" أن هناك جهات لها مصلحة في إشعال الوضع داخل المخيمات، لكنه يلفت إلى أن الأحداث أثبتت أن هذه الأدوات ضعيفة بسبب الإجماع الفلسطيني على عدم التدخل بالشؤون الداخلية اللبنانية، ويشدد على عدم السماح لأي مجموعة أو فئة أو افراد بأخذ المخيم مركزاً أو رهينة لهم باتجاه تهديد السلم الاهلي اللبناني، ويقول: "سنقوم بواجباتنا على أكمل وجه وهناك تفاهمات مكتوبة حول هذا الموضوع"، ويجزم أنّ "المخيم لن يكون شرارة لأي أحداث أمنية".
ومن جانبه، يؤكد الشيخ الخطاب أن هناك قراراً على مستوى مختلف القوى الفلسطينية داخل المخيم بعدم الإنزلاق لأي أحداث على المستوى اللبناني، ويشير إلى إعتماد هذه القوى سياسة "النأي بالنفس" على هذا الصعيد، ويلفت إلى أن لا مصلحة لأي فصيل فلسطيني بحصول هذا الأمر على الإطلاق.
لتطبيق قرارات طاولة الحوار الوطني
وفي السياق نفسه، تطرح العديد من التساؤلات حول الموقف الفلسطيني من طاولة الحوار الوطني التي تعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، والتي لديها قرارات تتعلق بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها، وفي هذا الإطار ، يشدد أبو عرب على قبول الفلسطينيين بما يتوافق عليه اللبنانيون على هذه الطاولة، ويؤكد أنهم تحت سلطة الدولة اللبنانية ويحترمون القوانين اللبنانية، ويشدد على أنهم مستعدون لتطبيق أي توافق يحصل على طاولة الحوار بين الأفرقاء اللبنانيين، ويضيف: "رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أكد أكثر من مرة أن لا علاقة لنا بالسلاح خارج المخيمات، وفي ما يتعلق بالسلاح داخل المخيمات نحن مع تنظيمه كما قررت طاولة الحوار". |
|
|
ومن جانبه، يثمن العميد "اللينو" دور طاولة الحوار الوطني، ويشير إلى أنها شددت على ضرورة تفعيل وتوسيع دائرة الحوار من أجل الوصول إلى نتائج، ويؤكد أنه يأمل خيراً منها، ويدعو إلى تطبيق قرارات هذه الطاولة التي تنص على تنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، ويطرح أن يتم ذلك "ضمن مؤسسة أمنية فلسطينية يكون لها الشرعية وتعطى الغطاء السياسي لتقوم بواجباتها على أكمل وجه في ضبط الأمن والنظام لأن ليس لدى الفلسطينيين أي مشروع في هذا البلد إلا الأمن والإستقرار"، ويلفت إلى أن إعطاء الغطاء السياسي لهذه المؤسسة ضروري لتتمكن من القيام بواجباتها لأنها من دونه ستكون مكبلة.
ويشير إلى أن هذه الطاولة تتحدث عن سحب السلاح من خارج المخيمات وعلى تنظيمه في الداخل، ويؤكد الإستعداد لذلك لأن هناك مصلحة فلسطينية في ذلك، وفي ما يتعلق بالسلاح الموجود خارج المخيمات يقول: "لا علاقة لنا به"، ويرى أن السبب في عدم تطبيق قرارات الحوار في السابق يعود إلى غياب الإجماع اللبناني على ذلك. ويشدد على أن الفسلطينيين ليسوا عقبة أمام أي إجماع لبناني حتى لو كان على السلاح داخل المخيمات.
المصدر: ماهر الخطيب - النشرة