"انتفاضة القدس"..
بركان نشط قد يهدأ لكنه لا ينطفئ

القدس المحتلة
- المركز الفلسطيني للإعلام
لم تذهلنا كثيراً
تصريحات الساسة ومنفذي مخططات الإجرام في حكومة الاحتلال، فالواقع يعكس تراكمات من
الفشل في منظوماتهم كلها، حتى وصل لـ"انتفاضة القدس".
هذا الواقع ولّد في ذهن الجيل الحالي حالة من الإصرار
وإرادة المقاومة في المفهوم الثقافي لديه، وجعل مسألة الدفاع والتحرير قضية مركزية
متجذرة في عقليته، وحطّم ذلك كل العراقيل النفسية التي تحرفه عما يريد.
قسم الترجمة والرصد
في "المركز الفلسطيني اللإعلام" تابع ما نشرته اليوم صحيفة "هآرتس"،
تحت عنوان" السكاكين نجحت في تغيير الواقع من جذوره".
الصحيفة قالت إن
هذه الانتفاضة من حيث قوتها هي الأقل من بين الانتفاضات التي سبقتها، لكنها خلقت وضعاً
جديداً، وغيرت الواقع من جذوره.
وبينت أن موجة العمليات الأخيرة التي حدثت خلال الثلاثة
أسابيع الأخيرة تُؤكد أن هذه الموجة التي تخف وتشتد وتيرتها لا نهاية لها مع أن المواجهات
في الضفة آخذة بالانحسار، وفق تقديراتها.
وأوضحت الصحيفة
أن الذي تغير في حقيقة الأمر هو استعداد 3 أو 4 أو حتى 5 فلسطينيين لتنفيذ عملية طعن
في ظل وجود نية الموت في نفوسهم.
وأكدت أن هذه الحالة غيرت أسس الواقع، واستطاعت أن
تزرع الخوف في الشوارع وفي المواصلات العامة وفي المراكز التجارية، وأدت إلى انتشار
غير مسبوق للشرطة والجيش في شوارع وأسواق الدولة.
عمليات تضحية
ورأت الصحيفة أن
حجم الاستعدادات التي تقوم بها الشرطة والجيش هذه الأيام استطاعت إحباط عمليات الطعن
بعد أن يقوم الطاعن بإصابة الشخص الأول فيتم تحييده أو قتله، لكن هذا لم يردع غيره،
والتركيبة هذه لم تمنع غيره من أن يقوم بتحضير سكينه والإقدام على الطعن، وهنا يكمن
التغيير، وفق قولها.
ونقلت صحيفة
"هآرتس" استقراء جهاز الشاباك الذي توصل لاستنتاج بأن حال المُقدِمين على
تنفيذ عمليات طعن تشبه حال من كان ينفذ عمليات إطلاق نار أو عمليات تفجير، لكن هذه
المرة استُبدلت العملية بسلاح أبيض وهي الميزة التي تُميز عمليات "التضحية"،
كما سماها الشاباك.
وأضاف الشاباك
بأن الفارق بين القتلى الصهاينة والفلسطينيين ما يزال كبيراً ومشابهاً للانتفاضة الثانية،
لكن هذه المرة أكثر؛ لأن الطاعن أو من يقوم بالدهس يقتل غالباً، مما يُلهب الأجواء
ويدفع غيره لتنفيذ عملية مؤلمة، وهذا الفارق جلب لدولة الاحتلال انتقادات لأنها تقتل
على الشبهة، خاصة من الولايات المتحدة.
وقالت إن عمليات
الطعن في القدس والخليل لم تفاجئ الجهات الأمنية لأنها مناطق احتكاك، وكانت الجهات
الأمنية تعلم أن الخليل لا تستيقظ إلا متأخرة عن باقي مدن الضفة، لكن هذه المرة الحال
مختلف، فقد بدأت الخليل قبل غيرها من مدن الضفة.
وبينت الصحيفة
أن ما يميز هذه الموجة هو أن معظم منفذي العمليات هم من جيل الشباب الذين تعود أصولهم
إلى الخليل وإن كانوا يعيشون في القدس، وهذا ما جعل التشابه كبيرًا بين ما يحدث في
القدس والخليل.
ووفق الصحيفة؛
فإن ميزة أخرى تميز هذه الهبة، وهي أن القدس هي التي تتصدر الحدث، وهذا قد يؤدي إلى
التتابع في الانخراط لتنفيذ عمليات مشابهة.
دوّامَة مستمرة
وختمت صحيفة
"هآرتس" حديثها بإيراد تقديرات الجهات الأمنية التي توقعت استمرار عمليات
الطعن، في ذات الوقت الذي لم تتخذ فيه الجهات الأمنية الصهيونية إجراءات مشابهة لما
حدث في الانتفاضة الثانية مثل الإغلاق ومنع العمال من الذهاب لأعمالهم داخل الأراضي
المحتلة.
وترى الأجهزة الأمنية
أن هذه الإجراءات لو اتخذت، فإنها لن توقف عمليات الطعن، بل سيزيد الضرر على الفلسطينيين،
وسيعمق تدهور الوضع الاقتصادي، ويجر الناس إلى العنف، وفق تعبيرها.
وأوضحت في تقديرها
الأمني أن تطور الأوضاع في الأيام القادمة سيؤدي إلى اتخاذ قرارات متشددة أكثر تجاه
الفلسطينيين، خاصة إذا ما وقع قتلى صهاينة أكثر.
ونشرت صحيفة
"يديعوت أحرونوت" تحليلاً لـ"رون بن يشاي"، يؤكد خلاله حقيقة ما
نشرته صحيفة "هآرتس"، حيث قال: "كيف يرى الإسرائيليون مرحلة العمليات
الفردية؟".
وأضاف قائلاً:
"الخبر الجيد أن موجة العمليات الفلسطينية الأخيرة لم تتحول لانتفاضة، هذه ليست
انتفاضة إذا نحن لم نرتكب أخطاء، موجة العنف هذه لن تتحول لانتفاضة ثالثة بأعداد كبيرة
من القتلى والجرحى كالانتفاضات السابقة".
واستدرك بن يشاي
قائلاً: "ولكن الخبر السيئ أن وباء السكاكين معدٍ، لا بل يزداد زخماً، وبات يشكل
الآن تحديًا للأجهزة الأمنية، والتحدي هنا ليس جسمانيًّا، بل هو تحدٍّ دماغي، وفي ظل
عدم القدرة في التغلب على التحريض الفلسطيني من المتوقع استمرار هذه الحالة لأسابيع".
جيل لا يُدَجن
محلل الشؤون الصهيونية
في "المركز الفلسطيني للإعلام" استعرض العديد من التقارير الصهيونية حول
المفهوم السابق، فقال إن ما يجري على الأرض ليس وليد اللحظة، أو يعمل على "كبسة
زر" بيد الساسة والأمنيين الصهاينة، وهو أيضا ليس جهاز "كنترول" تتحكم
به فئة فلسطينية أتعبها الركض خلف سراب الحل المزعوم.
وبين أن الحقائق
الحالية هي معطيات تراكمية للصلف والعنجهية الصهيونية التي تمارس على الأرض بكافة الطرق
والوسائل، خلقت جيلاً أشد إصراراً لبلوغ هدفه المنشود، وجعلته يسخر من هذا الجندي المدجج
بالسلاح، المتمرس ولسنوات طويلة من التدريبات ومتابعة التكنولوجيا.
وقال: "قادة
الاحتلال غاب عن عقولهم أن هذا الجيل هو شاهد متسلسل على الدماء والأشلاء والخراب التي
ارتكبها هذا الذي سمّي ظلما "الجيش الذي لا يقهر".
وخلص المحلل إلى
أن هذه الانتفاضة، وإن خف أوارها في بعض الأحيان، فهي مستمرة، ولن تفلح كل الأساليب
الردعية في إيقافها، وتجارب الانتفاضات السابقة خير دليل على ذلك.