بيت خشبي.. طوق نجاة للم شمل عائلة «القايض» بغزة
السبت، 06
حزيران، 2015
على بعد مئات الأمتار من الحدود مع الاحتلال يرتفع بناء خشبي يزيد طوله عن 10 أمتار تنبعث منه
منذ أسابيع جلبة عمال يثبتون جدراناً خشبية ويرصون ألواحاً بشكل هندسي محكم، ليكشف
عن منزل أسرة "القايض" الخشبي المرتفع الذي تعانق قامته فضاء المكان في أول
تجربة لإنشاء منزل مكون من 3 طوابق بمواصفات وتجهيزات فنية مختلفة.
المارّة في قرية وادي السلقا يشيرون بأصابعهم
للمبنى الخشبي الأصفر الذي أصبح حديث القرية الحدودية ومزار من يطمع في تغذية فضوله
بالمشاهدة والسؤال عن تجهيزات البيت الذي فاق نماذج البيوت الخشبية ارتفاعاً وتجهيزات.
وتعرّض منزل المواطن "أبو علي القايض"
مطلع الحرب الأخيرة للقصف بالمدفعية ما أدى لتدميره بالكامل بينما قصفت طائرات الاحتلال
الطفلين الشقيقين "ولاء 15 سنة وأحمد 12 سنة" عندما حاولا دخول منزلهما في
ساعات التهدئة الأولي من الحرب لإحضار ملابس العيد.
تشتت الأسرة بعد حادثة قصف البيت واستشهاد الأطفال،
فلجأت لأحد مدارس الإيواء التابعة للأونروا، وسكنت فيها 6 أشهر قبل أن تستأجر منزلاً
في دير البلح قبل إنشاء بيت خشبي مساحته 80 مترا مربعا يعد الأول من نوعه.
عمل متواصل
وبينما يتزايد الحديث عن المنزل الخشبي المرتفع،
تتسارع وتيرة العمل للانتهاء منه حيث تختلط أحاديث الفنيين بأصوات المنشار والمثقاب
الآلي وهم يثبتون ألواحاً من "الجبس" العازل للصوت والحرارة على جدران الطابق
الأول، بينما ينشغل الكهربائي ومعاونوه في الطابق الثاني.
يقول الشاب علي القايض أحد سكان المنزل، لـ"المركز
الفلسطيني للإعلام"، إن العمل متواصل في بيت مساحته 80 مترا بنظام تركي مكون من
3 طوابق تقع في الطابق الأول حجرتان وصالة وحمام ومطبخ، وبالمثل الطابق الثاني.
ويضيف: "نحن في المرحلة النهائية من العمل
وسنسكن هنا 11 فردا في بيت لا زلنا متخوفين من صموده في الشتاء والصيف لكننا الآن لابد
أن نسكن في هذا البيت الخشبي بعد أن كلفنا البيت المستأجر الكثير، وتضررنا من السكن
في مدرسة الإيواء".
أما والدته التي عادت للتو من احتجاج لأهالي الشهداء
أمام منزل رئيس السلطة بغزة طالبوا فيه بضرورة صرف مستحقات الشهداء، فترى أن البيت
على حداثته وغرابته سيكون حتماً أفضل من المنازل المستأجرة.
وتضيف: "بيت خشبي أفضل من خيمة وأفضل من
مدرسة الإيواء، فقد عانيت كثيراً آخر شهرين وأنا أحاول تدبير ثمن الأجرة، وتولي مسئوليات
أسرتي الكبيرة".
تجهيزات فنية
ويتولى أمير القصاص المسئولية عن كسوة البيت الخشبي
بألواح "الجبس"، مشيراً أنها المرة الأولى التي يتولى مع عماله وضع هذا الكم
من الشكل، على مرافق منزل خشبي مكون من 3 طوابق.
ويتابع: "سنثبت الجبس وبعد ذلك لابد من طلائه
ثم وضع الجلد على الجدران، وهذا أول بيت أعمل فيه مع 6 عمال من طاقمي بغزة كلها بهذا
الشكل، الشغل سهل وأحتاج ليوم واحد إضافي والمهندسون يتابعون معي باستمرار".
وفي الطابق الثاني ينشغل محمود العرابيد فني الكهرباء
بإرشاد 3 عمال لتمديد خطوط الكهرباء والمقابس على الجدران الخشبية بعد أن قطعوا شوطاً
كبيراً في العمل في تجربته الأولى مع مثل هذه المنازل.
لا يرى العرابيد اختلافاً في تمديد الكهرباء عن
بقية المنازل الأخرى، حيث انتهوا من تثبيت مجمع الكهرباء والأسلاك وتجهيز مقابس الإنارة
وبقية المقابس في المطبخ والحمام.
تجربة جديدة
ويؤكد مصطفى البحيصي ممثل الهيئة
الشعبية العالمية في غزة أن تأخير الإعمار دفع الهيئة لإقامة بعض المنازل الخشبية والتي
كان أولها بيت خشبي من طابق واحد في قرية "جحر الديك" لكن معاناة عائلة القايض
التي فقدت بيتها وطفلين منها شهداء دفعت الهيئة لتمويل بيت خشبي عالي التجهيزات.
ويضيف: "تواصلنا مع برنامج إرادة في الجامعة
الإسلامية وبدأنا العمل حيث سيكون البيت من 3 طوابق وهو أول بيت في قطاع غزة بهذا الارتفاع،
وفي كل طابق شقة صغيرة وقد فضّل أهله البيت الخشبي عن مشاريع الترميم، وقد أسسنا قواعد
خرسانية لهم، وأقمنا جدران ومنشآت حسب مواصفات هندسية".
أما المهندسة منال حسنة المشرفة على بناء المنزل
الخشبي في برنامج "إرادة" التابعة للجامعة الإسلامية، فترى أن برنامج
"إرادة" يشرف حالياً على بناء عدة منازل أهمها وأكبرها منزل أسرة "القايض".
وتؤكد أن بيت "القايض" هو أول بيت مكون
من 3 طوابق بتنفيذ ورش حرفية تابعة لمشروع "إرادة" الذي يمثل مشروع تأهيل
مهني لذوي الإعاقة، وأن البيت الخشبي يعد مسكنا مؤقتا طويل الأمد أفضل من "الكرافانات".
وتتابع: "نعمل على أساس علمي وعمره قد يصل
إلى 25 سنة، وهو يوفر مأوى أفضل من المنازل المستأجرة أو غيرها المؤقتة، فيه كامل التجهيزات
الفنية والمعيشية، ويكلف كل متر مربع 160 دولارا".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام