تحقيق شامل عن تجمع المعشوق للاجئين الفلسطينيين
شرقي صور
الإثنين، 10 حزيران،
2013
دمع ودماء وجراح وآلام..... كلمات تلخص حياة اللاجئين
الفلسطينيين الذين مازالوا يعانون آلام اللجوء منذ خسمة وستين عاماً ، عاشوا خلالها
كل صور المعاناة والشقاء لكنهم استطاعوا أن يصبحوا رقما صعبا في معادلة الصراع مع المشروع
الصهيوني .
هذا الشعب الذي عاش و تذوق مرارة فقدان الأحبة والأهل
خلال غارات المحتل المتواصلة ، هذا الشعب مازال يملك الكثير من الصمود رغم كل هذا الحزن
والألم، مازال يحلم بأن يعيش بوطنه كسائر شعوب العالم.
أردنا أن تسلط الضوء هذه المرة على معاناة أهالي
تجمع المعشوق وهو أحد التجمعات في مدينة صور فقصدنا المؤلف والكاتب الفلسطيني الأستاذ
جهاد دكور ليخبرنا عن هذا التجمع فيقول:
يقع المعشوق شرقي مدينة صور على بعد حوالي كيلو
متر عنها.
يحده من الشرق الرمالي ومخيم البرج الشمالي وخراج
قرية برج الشمالي
يحده من الغرب المساكن الشعبية ومنطقة بلعوطة السكنية
يحده من الشمال المشروع الأخضر وبساتين وأراضي زراعية
يحده من الجنوب أراضي زراعية تابعة للجفتلك.
كان المعشوق موقعاً "حصيناً" لأن تلته
تشرف على صور ومنطقتها حتى البحر . ويعتقد بأن الموقع كان مركزاً للدفاع عن صور وأهلها.
تبلغ مساحة المشعوق حوالي كيلو متر مربعاً واحداً"
وبه آثار رومانية وهي عبارة عن قناة "تمد" كانت تحت منطقة المشعوق جوارها
بالمياه من رأس العين وتدير مطحنة للحبوب هناك .
وعن التسمية يقول:
"ذكر الشيخ إبراهيم سليمان في كتابه بلدانية جبل عامل أن المعشوق ويقال
"المعشوقة" قرية صغيرة على باب صور فيها قبر يقال قبر المعشوق ، بني عليه
الشيخ عباس المخمد حاكم صور من آل على الصغير قبة سنة 1189 وبني قبة أوصى أن يدفن فيها
والظاهر أن إسم القرية المعشوقة وأما المعشوق فاسم صاحب القبرويه سميت القرية ، ويقال
أن المعشوق مدفون فيه وليان أحدهما يدعى أبو عباس والآخر المعشوق.
ويقول المنقبون الأثريون أن هذا المحل بني على أنقاض
هيكل قديم وهو هيكل هيرقلي عشتروت ويظن أن هناك هيكل ملقارت عاشق عشتروت.
ويقال أن المعشوق قرب قرية صور فيها بساتين مقامات
قديمة وفيها مرقد المرحوم عباس العلي وهو حاكم صور في تلك الفترة.
وذكر أن هذه التسمية " المعشوق " تعود
إلى الحكم العثماني حيث كانت قبيلة من الأتراك تسكن التلال. وحصلت قصة حب كبيرة فيما
بين شاب وشابة وعاشوا قصة حب تشبه إلى حدٍ ما قصص الحب التي نقرأ عنها في الروايات
كقصة قيس وليلى ، لكن هذا الحب لم يتوج بالزواج كما هو الحال في نهاية كل قصص الحب
بل تعرض للقتل حيث تم قتل الحبيبين بنفس اليوم دون معرفة الأسباب ، ففي حينها خرج الأهالي
وباعلى الأصوات تصرخ وتقول " مات العاشقان مات العاشقان " ، بعد ذلك قامت
عشيرتهم بدفنهم وشيد لهم مقام وتناقلت قصتهما الأجيال وتحول القبر إللى مقام للزائرين
وأصبح المكان أسمه المعشوق تخليداً لتلك الذكرى الأليمة.
نشأة تجمع المعشوق
نشأ المعشوق على أثر النكبة الفلسطينية سنة
1948 حيث وجد بعض أولئك البؤساء المقتلعون من أرضهم ، تلك البيوت الفارغة فسكنوها ولما
كانت قوافل البؤس لا تنقطع فقد أخذ الناس يبنون بيوتاً من الطين ويسقفونها بالخشب والقصب
والتراب أو الصفيح والتنك ثم بنيت حجارة الباطون فيما بعد.
سنة 1970 تدقف بعض اللبنانيين على المعشوق وعمروا
بيوتاً إسمنتية في الأراضي الزراعية التابعة للدولة اللبنانية ثم أخذ الناس يبنون فتوسع
المعشوق وتضخم وأصبح قوي البنيان منيع الأركان لكن تلة المعشوق بالذات تابعة للأوقاف
الإسلامية وهي تمثل المعشوق الأساسي.
سكان المعشوق
يبلغ عدد سكان المعشوق حوالي 4000 نسمة وهم عبارة
عن 525 عائلة كلها من لواء الجليل وخاصة قضاء عكا وصفد من قرى الغابسية والدامون وقديثا
والشيخ داوود وتربيخا والعديد من اللبنانيين والمجنسين.
نشاط السكان
يتميز أهالي المعشوق من فلسطينيين ولبنانيين بالنشاط
والحيوية والعلم والثقافة حيث يوجد العديد من خريجي الجامعات العاملين بعدة وظائف وخاصة
مع وكالة الغوث الأنروا ، ومنهم الكتاب والأدباء والمفكرين والعاملين في الحقل الإجتماعي
والوطني.
يوجد في المعشوق عدة محلات تجارية وصناعية وخدماتية
كما يعمل بعضهم على سيارات الأجرة وبيع الخضار على سيارات نقل ويعمل بعضهم في الزراعة
وتربية المواشي وعمال وفنيون.
المراكز العامة في المعشوق
يوجد العديد من المراكز العامة التي تقدم خدمات
للأهالي لا تنكر وقد نشات بالتدرج ولكن بنشاط اللجان الشعبية والثقافية المتعاقبة منها:
مدرسة الطنطورة التابعة للأنروا
عيادة المعشوق التي تقدم حوالي يومين في الإسبوع
وهي تابعة للأنروا.
مجمع خليل الوزير ويضم : مسجد جامع تديره دائرة
الأوقاف الإسلامية ، مستوصف تابع للهلال الأحمر الفلسطيني ، روضة للأطفال بتمويل من
حركة فتح.
مسجد الوحدة الإسلامية ويتبعه : مركز الخميني الطبي
الذي يقدم خدمات للجميع دون إستثناء وبأسعار زهيدة.
مسجد وحسينيتان في حي تربيخا.
ثلاث مقابر واحدة منها داخل المعشوق تعود للزمن
الغابر.
مكتب اللجنة الشعبية التابع لحركة فتح.
خطوط الكهرباء والهاتف والتي تديرها الدولة اللبنانية.
عدة آبار ارتوازية حفرت منذ عشرات السنين.
حاووز للمياه يقدم المياه لجميع الأهالي دون إستثناء.
بنية تحتية للصرف الصحي والمياه المبتذلة وقسم من
مياه الأمطار.
هناك عدة لجان في المعشوق تقدم الخدمات للمواطنين
وأن بنسب متفاوتة.
المكتبة العامة والمتحف التراثي الذي أسسه الأستاذ
محمود دكور.
شهداء المعشوق:
تعرض المعشوق منذ السبيعنيات حتى العام 2006 لإعتداءات
إسرائيلية عديدة من القصف المدفعي والصاروخي والإجتياح والتعذيب والتنكيل والتهجير
مما أوقع العديد من الشهداء كما قام أبناؤه بعمليات ضد العدو الإسرائيلي فاستشهد بعضاً
منهم.
وهم :علي أسعد خشان – محمد أسعد كعوش –عبد الكريم
جعفر – عماد عبدالله جرادي – رشيد أحمد آغا – فايز مصطفى آغا – ماهر درويش العينين
– عصام سعيد دكور – علي وليد دكور.
المناسبات الإجتماعية في المعشوق
يشارك أهالي المعشوق بعضهم البعض في المناسبات العامة
سواء المفرحة أو المحزنة وخاصة في الأعياد والمآتم.
تقام معظم الأفراح في المعشوق في الساحات العامة
حيث تنصب السرادق ويتجمع الأحباب والأصدقاء للمشاركة والفرح وأما المآتم فيختار أصحابها
المكان والشوارع هي المجال الأبرز لها أو في الحسينيات والمساجد.
من أعمال اللجنة الشعبية وخدماتها :
_ بناء مدرسة في المعشوق وحمل الوكالة على تبنيها مما وفر على الأهالي والطلاب
العناء والمصاريف.
_ فتح عيادة للطبابة يومين في الإسبوع مما خفف عن الأهالي الذهاب إلى البص
لتلقي العلاج .
_ حفرت اللجنة بئراً ارتوازياً تمد المعشوق بالمياه وأتبعتها بآخر أحتياطاً
لتبقى الخدمات متواصلة ان حدث للأولى أي حادث.
_ بناء خزان مياه ومد شبكة مياه للمنازل وكان هذا بتمويل من منظمة التحرير
الفلسطينية.
_ سعت اللجنة لترمييم عدداً من المنازل بتمويل أوروبي.
_ تمكنت اللجنة الشعبية من تبديل المضخة عدة مرات متحملة التكاليف الباهظة.
_ قامت بصيانة خطوط الكهرباء التي تمد المنازل بالمهرباء وبنت غرفة لوضع
مولد كهرباء كبير يستطيع تحمل الضغط المتزايد على الشبكة.
_تعمل اللجنة جاهدة للتخلص من النفايات بالرغم من
الصعوبات التي عاشتها مدينة صور من جراء إغلاق المكب السابق ولكن الآن حلت المشكلة
تقريباً بعد فتح مكباً جديداً في عين بعال .
المصدر: سمية مناصري - ياصور