تغيير الحكومات.. «لعبة التوظيف السياسي»
في يد الرئيس
الثلاثاء، 23 حزيران،
2015
لا يمكن عزل خطوة رئيس السلطة محمود عباس دفْع رئيس
حكومة التوافق رامي الحمدالله إلى تقديم استقالته، عن الجهود التي تبذلها أطراف دولية
للتوصل إلى تهدئة مع حركة حماس في غزة، وليست بعيدة عن موضوع العودة إلى المفاوضات
مع (إسرائيل)، على ضوء المشروع الفرنسي المزمع تقديمه إلى مجلس الأمن، بدليل رغبة
"أبو مازن" أن تتبنى الحكومة الجديدة البرنامج السياسي لمنظمة التحرير، ولا
تكون "خدماتية"، في تجاوز واضح لاتفاق القاهرة الذي نص على إنشاء حكومة بمهام
محددة ودون برنامج سياسي؛ نظرا لعجز الفصائل على الاتفاق على برنامج موحد.
وبمعزل عن موقف حركة حماس التي أبدت رفضها اشتراط
أن تلتزم الحكومة الجديدة ببرنامج المنظمة، إلا أن التغيير المستمر في الحكومات الفلسطينية،
جعل الأخيرة "لعبة" في يد الرئيس أبو مازن، يوظفها لأغراض سياسية، وعكست
حجم الانفراد بالقرار الفلسطيني، بدا ذلك في دفعه الحمدالله إلى الاستقالة.
والمفارقة أن الحكومة التي تشكلت بالتوافق، حلّت
دون توافق، وذلك في اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح وبإجماع أعضائه، وليس الفصائل الفلسطينية.
إن الحكومة الجديدة التي كلفت اللجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير في اجتماعها أمس، لجنة من أعضائها للتشاور مع الفصائل كافة، بغرض تشكيلها خلال
مدة أسبوع، هي الثامنة في عهد أبو مازن من أصل 14 حكومة شُكلت خلال خمسة عشر عاما من
تاريخ إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994م، ما يعني أن الأراضي الفلسطينية شهدت تشكيلة
حكومة جديدة حوالي كل 13 شهرا.
وهنا، يقول الكاتب الفلسطيني أيمن أبو ناهية إن توالي
الحكومات بدون فائدة أمر غير محتمل، ففي كل مرة يتم إقالة الحكومة ويتم تشكيلها من
جديد بنفس الأدوات والآليات حتى أصبح لا طعم للتجديد ولا للاستقالة، وأصبح المواطن
تائهًا في نفق مظلم من تعاقب الحكومات وأدواتها الفاسدة، ولا يعرف من يرأسه.
المرجّح أن دوافع التغيير الجديد على الحكومة لا
تخرج عن مسألتين، الأولى رغبة عباس في خلط الأوراق، على وقع الحديث عن تهدئة تبحثها
الأطراف الدولية مع حماس، التي تخشى السلطة تصاعد نفوذها؛ الأمر الذي دفع عباس إلى
إقالة الحكومة، من مبدأ أنها "لن تتمكن من إنجاز برنامج التهدئة، باعتباره اتفاقا
بين المقاومة والاحتلال، وتجاهل المجتمع الدولي لدورها في ذلك"، برأي محسن صالح
رئيس مركز الزيتونة للدراسات الاستراتيجية.
أما المسألة الثانية، فتفهم من تصريح محمد اشتية
عضو الوفد الفلسطيني المفاوض حين قال إن "الرئيس عباس يريد حكومة ذات مهام سياسية
وليس حكومة خدمات"، وهذا مسعى ربما يهدف أبو مازن من وراءه إلى البحث عن مبرر
سياسي للعودة إلى المفاوضات، بالتزامن مع المشروع الفرنسي.
ويشير يوسف رزقة الكاتب والمحلل السياسي إلى أن
"جُلّ حكومات السلطة المتعاقبة لم تكن حكومات سياسية، أو ذات مهام سياسية، لا
في عهد عباس ولا في عهد الراحل ياسر عرفات. الملفات السياسية يحتكرها عادة رئيس السلطة،
رئيس المنظمة، رئيس فتح، ومن قاد مفاوضات التسوية لسنوات طويلة هو صائب عريقات من خارج
الحكومة وبتكليف من عباس ومن اللجنة التنفيذية للمنظمة، وهو لا يرجع في عمله إلى الحكومة
البتة".
وهو الأمر الذي تنبهت له حماس مبكرا، وأعلنت على
لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري أن "من يعرض هذه الشروط فإنه عمليا ينهي المصالحة،
ويعيدها إلى المربع الأول".
ومن المهم الإشارة إلى أن حماس التي رفعت شعار
"لا عودة إلى الانقسام"، وأعلنت رفضها المشاركة في حكومة ببرنامج سياسي،
لديها هامش للمناورة؛ من أجل تفادي هذه المسألة، باشتراط تفعيل منظمة التحرير، التي
هي ليست عضوا فيها، من خلال الدعوة إلى انتخابات المجلس الوطني، وهو الأمر الذي يماطل
فيه الرئيس عباس، وقد يدفعه إلى مراجعة حساباته جيدا، أو التراجع عن شرطه، وإن كان
مستبعدا حتى وقت قريب.
المصدر: الرسالة
نت