القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

تقرير: «الأونروا» تخفض عدد العاملين في برنامج البطالة بـ90% وتوظف جامعيين كأذنة

تقرير: «الأونروا» تخفض عدد العاملين في برنامج البطالة بـ90% وتوظف جامعيين كأذنة
 

الأحد، 10 تموز، 2011

حياة وسوق - حسن دوحان: أمام مقر «الأونروا» في غزة، جلس اللاجئ محمد محمود عزارة «28 عاماً» وعلى وجهه ملامح غضب وحيرة ودهشة. جدله مع موظفي برنامج البطالة ورجال الأمن هناك لم يفض به إلى شيء... سوى اليأس. فجلس. كفاه حول رأسه. وأخذ يشتم الفقر. أربع سنوات قضى محمد على قوائم المنتظرين بـ«الأونروا». وفجأة رن هاتفه النقال. موظف من الوكالة كان على الخط. والقضية: تعال بسرعة للمقر الرئيسي. عقد العمل في برنامج البطالة بانتظارك...طار محمد فرحاً.. و«عدوى» البهجة انتقلت لأفراد الأسرة.. أخيـ(ييييييـ)راً فرصة عمل.. بعد ست سنوات عجاف ذبلت فيها أحلام ما بعد التخرج ببكالوريوس التعليم الأساسي.وفي صباح اليوم التالي، استيقظ محمد مبكراً، وعلى جناح الأمنيات انطلق نحو مقر الأونروا. وعندما تسلّم أوراق عقد العمل، عقدت لسانه المفاجأة. الوظيفة الحلم كانت وظيفة آذن لثلاثة أشهر. ظن محمد أن خطأ ما قد وقع. قال للموظفين: أنا جامعي.. فحولوه للمدير.وعلى باب المدير وقف رجال أمن يحرسون هدوء المكان من مطالب المشتكين. «لا مجال للمقابلة» قال الحراس. عاد محمد للموظفين. طلب واسطتهم لدى الحراس. فرفعوا أيديهم.«الصوت العالي قد يأتي بنتيجة» فكر محمد. وفعلا. قبل الموظفون بعد أن استخدم مواهبه الصوتية أن «يناقشوه»، فاكتشفوا أن عليه أن يراجع مسؤولا ما في خان يونس. هو الآن في مدينة غزة. ولكن «الغريق يتعلق بقشة». لم يضع هذا الغريق في بحر البطالة وقت الموظفين ووقته. ونفر خفيفا لخان يونس. «فالرزق يحب الخفية». ولكن ليس في قطاع غزة.المسؤول سلم محمدا لمسؤول.. وضاعت الطاسة. والنتيجة: آذن.. أو لا شيء.محمد واحد من آلاف الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل. ولكن محمداً تزوج منذ عدة أشهر على نفقة والده.. وبذلك، صار رب أسرة. ورب الأسرة صاحب حاجة... لو يعلم مدير برنامج البطالة.عاد محمد لمقر الأونروا، اجتاز التحصينات والحواجز. وعلى سلم الدرج قابل المدير. «من جد وجد» أليس كذلك؟ فالمدير أخيرا في مرمى الأخذ والرد... وسمح محمد لنفسه بالتفاؤل.لا تستعجل يا محمد فالأخذ والرد ليس من شيم المدير.«لك الحق في أن تقبل أو ترفض» قال المدير.وقبل محمد. صار آذن مدرسة..لماذا قبلت يا محمد؟الوالد عجوز في رقبته عشرة أفراد. والوضع صعب صعب!

ليست هذه حكاية من وحي القلم ولا توهمات الخيال. حكاية محمد حدثت وتحدث. و«أبطالها» مئات من المتقدمين لبرنامج البطالة في الأونروا. وان اختلفت التفاصيل..

لست فقيرا في غزة.. أنت محظوظ!

امش في شوارع قطاع غزة. ولكن تذكر. أربعة من كل خمسة أفراد تشاهدهم فقراء. فقد وصلت نسبة الفقر هنا إلى 80 % حسب آخر الإحصائيات. ولخدمة هؤلاء الفقراء أنشأت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قبل عشر سنوات برنامجا للتشغيل. ولكن اللاجئين غير راضين عن إدارة البرنامج وآليات تنفيذه. وتتعلق أهم الانتقادات باختيار المستفيدين. وخصوصا بعد أن انخفضت قدرة البرنامج بـ90 % خلال العام الماضي.ويروي عدد من العاطلين عن العمل قصصا عن استفادة متكررة للبعض من الوظائف التي يوفرها برنامج خلق فرص العمل، بينما لم يحصل آخرون على أية فرصة.نفين أحمد تخرجت منذ أكثر من عام ولم تحصل حتى الآن على أي فرصة ضمن برنامج البطالة. وهي تشتكي من «عدم المساواة» وتقول ان زميلات لها حصلن على أكثر من فرصة.وتطالب نفين بالعدالة بين الخريجين.. وتتساءل: « كيف تحصل بعض الخريجات على عقود لأكثر من سنة، ولا تحصل زميلات لهن على أي شيء؟».يشار إلى أن برنامج خلق فرص العمل جزء بسيط من خدمات الأونروا في قطاع غزة حيث يعيش نحو مليون لاجئ يعتمد عدد كبير منهم علىالوكالة كمصدر للمساعدات العينية والنقدية وخدمات الصحة والتعليم. ولكن خدمات الأونروا تشهد تراجعاً مضطردا عمره سنوات. ويخشى اللاجئون ان تتخلى الأمم المتحدة عن مسؤولياتها تجاههم رغم ان قرارها بعودتهم ما زال رهن أدراجها ملفا تراكم عليه غبار 63 عاما.وفي ظل هذا الوضع، يشكل برنامج خلق فرص العمل أملا لكثير من اللاجئين، ولكن العمال غير المهرة والخريجين الجامعيين على السواء يشكون من عدم حصولهم على فرصة ضمنه إلا كل عامين أو ثلاثة أعوام وأحيانا كثيرة أكثر من ذلك، الأمر الذي يدفعهم للمطالبة بوضع حد زمني لشملهم في البرنامج مرة كل عام على الأقل..يشار إلى الأونروا قلصت عدد فرص العمل ضمن برنامج خلق فرص العمل «البطالة» إلى ما يقرب العشر لهذا العام، فبعد أن كانت تقدم 14 ألف فرصة عمل في الشهر الواحد باتت تقدم 16 ألف فرصة على مدار العام.اللاجئ كمال أبو جزر«49 عاماً» من خان يونس يعيل 11 فردا ولم يحصل إلا على فرصة واحدة في برنامج «البطالة» لمدة ثلاثة أشهر فقط. ويقول: «في كل مرة نسأل عن دورنا في برنامج البطالة، يردوا علينا انه لم يأت، ويطالبوننا بتحديث بياناتنا، وكأن الأمر مقصود حتى يقتصر الاختيار على أشخاص بعينهم أو ممن لهم واسطات.. المفروض أن يتم الاختيار وفق كشوفات اللاجئين في الأونروا».

ويضيف: «المفروض أن يهتموا بشريحة العمال فهم الأكثر فقرا. وليمنحونا بعض الاهتمام ويزيدوا لنا مدة البطالة حتى نستطيع رعاية أطفالنا وتوفير لقمة العيش لهم».

لم احصل على أية فرصة

اللاجئ غسان مطر ادريس «35 عاماً» يعيل أسرة من 8 أفراد. ويقول انه لم يحصل على أية فرصة. ويضيف: «عندما نعلم بضرورة تحديث طلباتنا نفاجأ بإغلاق باب تقديم الطلبات وتحديثها».ويطالب ادريس بالإنصاف ويقول انه لن يتحقق إلا بالاعتماد على كشوفات الوكالة مثلما يحدث في توزيع المساعدات العينية، وليس على قوائم المتقدمين لأنه من السهل سقوط أسماء منها، أو إسقاطها بحجة عدم التحديث. ويضيف: «يعلم المسؤولون في الأونروا أن الكثير من اللاجئين لا يملكون أجرة الطريق للوصول إلى مقرها».ورغم تباعد فرص برنامج خلق فرص عمل «البطالة»، إلا أنها تشكل أملا للفقراء والمحتاجين من اللاجئين في قطاع غزة لتوفير جزء من احتياجات أسرهم، مما يدفعهم للمطالبة بزيادة مدة البطالة المخصصة لهم أسوة بفئات الخريجين..ويقول اللاجئ رياض زكي «38 عاماً» والذي يعيل أسرة مكونة من ستة أفراد: «رغم قناعتنا بان البطالة لا تسد رمق ولا تقدم حلولاً لأزماتنا لأنها تأتي على فترات متباعدة حتى لمن يحصلون عليها، ولكنها تساهم بعض الشيء في توفير جزء من احتياجات الأسر».ودعا زكي إلى تطوير برنامج البطالة ليشمل أعدادا أكثر ولأن يكون التوظيف على أساس سنوي ولمساواة فئة العمال بفئة الخريجين في المميزات ومدة البطالة فالعامل لا يحصل إلا على ثلاثة شهور والخريج يحصل على ستة شهور ولمرات متعددة، حسب زكي الذي أضاف: «هذا أمر غير منصف لان فئة العمال هم الأكثر تضررا وفقرا واحتياجا وغالبيتهم يعيلون أسرا كبيرة».وتساءل «زكي» عن المعايير التي يتم اختيار المرشحين لوظائف البطالة بناء عليها؟! مبدياً اندهاشه واستغرابه لاتباع أسلوب اقرب إلى نظام «الكوسة»..ويقول اللاجئ شعبان عبد الرحمن الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد «لم احصل سوى على فرصة بطالة واحدة». ويضيف: «دفعني ضيق الحال لبيع مصاغ زوجتي وجزء من أثاث منزلي، وتقدمت عدة مرات للاونروا من اجل الحصول على فرصة أخرى ضمن برنامج البطالة ولكن حتى الآن لم احصل على شيء».ويشير عبد الرحمن إلى انه يتوجه لمقر الأونروا كثيراً علهم يتعاطفوا معه دون جدوى!

ويضيف: «يتعامل بعض المسؤولين في الأونروا مع الجميع على أنهم محترفو كذب، وباتوا لا يصدقون أي شيء، ولكني ادعوهم إلى منزلي للتأكد من ظروفي».

الأونروا: 300 ألف طلب... والوظائف 16 ألف

وبدورها تنفي الأونروا وجود أي واسطة أو محسوبيات في عمليات التوظيف سواء في الوظائف العادية أو برنامج البطالة، ويقول مدير الإعلام بالوكالة جمال حمد إن الوكالة تحرص على عدالة توزيع المساعدات وتشغيل الأفراد وفق معايير محددة ومدروسة.ويضيف: هناك عدالة في توزيع فرص العمل والمساعدات من خلال اعتماد الطلبات حسب الاقدمية، مؤكدا أن الطلبات تدخل ضمن نظام الحاسوب الذي يعمل على فرز الطلبات حسب التخصص والدرجة العلمية والمستوى ومكان السكن ويتم اختيار الأكفأ حسب الحاجة.ويوضح حمد أن الاونروا تشغل خريجي الجامعات كأذنة لإعطائهم فرصة عمل لان تخصصاتهم غير مدرجة ضمن الوظائف التي يوفرها البرنامج.ويوضح: «إذا كان هناك فرد في العائلة يعمل ويتلقى راتبا يزيد على 2000 شيقل يتم استبعاد طلبه إلا إذا كانت لديه ظروف صعبة أو لديه مقعدون أو طلبة جامعة أو حالات مرضية فيتم اخذ ذلك بعين الاعتبار».ويقول: «لدينا الآن قرابة 300 ألف طلب مقدم للحصول على فرصة عمل ضمن برنامج خلق فرص العمل (البطالة) في قطاع غزة، وتمكنا منذ عام 2001 من توفير 185 ألف فرصة عمل، ونعمل على زيادة تلك الفرص».ويؤكد حمد أن الوكالة وفرت خلال العام الجاري 8000 فرصة عمل ضمن البرنامج وسيصل العدد إلى 16000 فرصة عمل حتى نهاية العام، فيما تم توفير 9300 فرصة عمل ضمن برنامجي التعليم الصيفي والعاب الصيف، مشيراً إلى تراجع الوكالة عن توفير فرص العمل هذا العام بشكل كبير.ويقول حمد: «كنا نوفر 7000 فرصة عمل وقمنا بزيادتها لتصل إلى نحو 14 ألف فرصة في الشهر الواحد، ولكن الوضع المالي غير مستقر... لدينا أزمة، وهناك بعض الدول المانحة تراجع دعمها للوكالة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، عندنا عجز يقدر بنحو 82 مليون دولار، وإذا لم نستطع توفير المال حتى نهاية العام سنعاني من أزمة كبيرة».ويؤكد حمد أن الوكالة ستنظر في موضوع توفير وظائف دائمة لمساعدة الحالات الحرجة موضحاً أن ملفات هؤلاء الأفراد تحت الدراسة الآن لإعطائهم فرص عمل شبه دائمة ومناسبة.ويقول إن البرنامج يقدم فرص العمل لثلاث مجموعات وتشمل العمال غير المهرة الذين لا يمتلكون شهادات دراسية وليس لديهم خبرات وتكون فترة عملهم ثلاثة شهور ويتقاضون خلالها كل شهر 260 دولارا أميركيا، إلى جانب العمال المهرة الذين يمتلكون شهادات دراسية ولكن لديهم خبرات في مجالات معينة وتكون فترة عملهم 6 شهور ويتقاضون ما بين 14-17 دولارا في اليوم حسب أيام العمل.ويضيف إن المجموعة الثالثة هم العمال المهنيون الذين لديهم شهادات دراسية وخبرة لا توجد لدى شريحة كبيره من الناس كالأطباء والمهندسين وتكون فترة عملهم لمدة سنة وذلك ليبذلوا كفاءة تليق بالمهنة ويتقاضون 19-23 دولارا في اليوم.

ويشير حمد إلى إعطاء فرصة لتدريب الخريجين الجدد وهي فرصة تدريب لمدة سنة، ويكون هذا النظام للمهرة الذين لديهم مؤهلات علمية ويتقاضى المتدرب راتبا وذلك حسب خبرته.
 
المصدر: الحياة الجديدة، رام الله