توصيات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في مرمى الخارجيّة
السبت، 12 آذار 2011
أوصت جلسة نقاش عقدت في السرايا الحكومية أمس، بأن يقبل لبنان توصيات عديدة تتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين سبق أن رفضها أو وعد بإعادة النظر بشأنها خلال مراجعة الأمم المتحدة سجل لبنان في حقوق الإنسان. الرفض أو القبول مرهون بموقف وزارة الخارجية في ظل تجاهل مجلس الوزراء منذ البداية لهذة الآلية الدولية الجديدة.
بسام القنطار - الأخبار
نجحت لجنة الحوار الوطني اللبناني - الفلسطيني في اختيار توقيت صائب لفتح النقاش بشأن الاستعراض الدوري الشامل المتعلق بحقوق الإنسان في لبنان. فقبل أيام من تصديق مجلس حقوق الإنسان على تقرير لبنان في جلسة تعقد في ١٧ آذار الحالي في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، عقدت لجنة الحوار، أمس، طاولة مستديرة، في السرايا الكبيرة في بيروت، ضمت ممثلين عن الوزارات المعنية، والمجتمع المدني اللبناني والفلسطيني، وممثلية منظمة التحرير الفلسطينية، والمكتب الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ووكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين - الأونروا، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وسفراء عدد من الدول الأوروبية.
خصصت الجلسة لمناقشة الشق المتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. أهمية الجلسة أنها أعادت الاعتبار إلى المراجعة الدورية الشاملة التي لم تلقَ الاهتمام الكافي من الحكومة اللبنانية، وبيّنت النقص الكبير في المعطيات التي دفعت الفريق اللبناني، الذي دافع عن سجل لبنان في قضايا حقوق الإنسان، الى رفض مجموعة من التوصيات المتعلقة باللاجئين الفلسطينيّين، في وقت خطت فيه لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني والوزارات المعنية، خطوات ملموسة في الدفع باتجاه إقرارها، وخصوصاً في ما يتعلق بالحق في العمل.
وكان مجلس حقوق الإنسان قد صدّق تصديقاً أوّلياً على تقرير «حقوق الإنسان في لبنان»، الذي قُدّم خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل التاسعة التي عُقدت في ١٠ تشرين الثاني ٢٠١٠. يتضمن التقرير ٤١ توصية قبلها لبنان، و ٢٨ توصية عُدّت منفذة أصلاً أو يجري تنفيذها، فيما رُفضت ٤٠ توصية لأسباب متعددة، بينها ٣ تقدمت بها إسرائيل، رُفضت لكونها صادرة عن دولة محتلة. وقدم لبنان وعداً بإعادة النظر في ١٤ توصية، والتزم بأنه سيبحث فيها، وسيقدّم ردوداً عليها.
بالعودة إلى هذه التوصيات يتبين أن ١٦ منها تتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، قبل لبنان ٣ منها، ورفض ١٠، واعداً بإعادة النظر في ثلاث، أهمها التوصية التي تقدمت بها بريطانيا وتتعلق بتعزيز قدرات لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني كخطوة في سبيل النهوض بحقوق الإنسان والوضع الإنساني للّاجئين الفلسطينيّين في لبنان.
ممثلة وزارة الخارجية والمغتربين، ميرنا خولي، أكدت خلال الجلسة أن لبنان اعتمد معايير واضحة في رفض أو قبول أو إعادة النظر في التوصيات، ولم يميز بين توصية تتعلق باللبنانيين وأخرى تتعلق بالفلسطينيين. وحصرت خولي هذه المعايير بثلاثة: أن تكون التوصية محددة ومفصلة وغير شاملة ترتب على لبنان التزامات لا يمكن تحملها، وأن تكون مرتبطة بمشروع قانون أو قانون قيد التصديق، أو تحظى بتوافق الأفرقاء السياسيين.
في المقابل، لفتت رئيسة لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، مايا مجذوب، الى أن اللجنة لم تكن طرفاً في الإعداد للمراجعة الدورية الشاملة، وأن اللجنة رصدت نقصاً ملحوظاً في التقرير الرسمي في ما يتعلّق بالإجراءات المتخذة لضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ما أدى إلى رفض العديد من التوصيات. وخلصت مجذوب إلى ضرورة تفعيل الآليات بين مختلف الوزارات ولجنة الحوار في ملف اللاجئين الفلسطينيّين في الاستحقاقات المقبلة.
ممثل منظمة هيومن رايتس واتش، نديم حوري، رأى أن جلسة مناقشة التقرير اللبناني في جنيف فشلت في مقاربة ملف اللاجئين الفلسطينيين. وأعطى حوري مثالاً على ذلك رفض لبنان التوصية التي تقدمت بها النروج بضرورة منح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حرية التنقل، وبخاصة تيسير حرية الدخول الى مخيم نهر البارد والخروج منه.
ونبّه فاتح عزام الممثل الإقليمي للمفوض السامي لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط إلى أن رفض لبنان لهذه التوصية يتعارض مع المادة ١٢ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل لكل فرد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه. وردّت خولي رافضة هذه التوصية لكون مخيم نهر البارد لا يزال يخضع لإجراءات يتخذها الجيش اللبناني.
وبيّنت النقاشات أن لبنان اندفع إلى رفض توصيات تتضمن أكثر من مسألة، بعضها متفق عليها، وأخرى غير متفق عليها، ما أدى إلى رفضها كاملة. وأوصت الجلسة بضرورة تجزئة هذه التوصيات وتفنيدها، وبالتالي إعادة النظر فيها وإعلان قبولها في جلسة الخميس المقبل في جنيف. ومن الأمثلة على هذه التوصيات تلك التي تقدمت بها فلسطين، وتطالب بالإسراع في وتيرة الإجراءات المتخذة في وزارة العمل لإنجاز اللوائح التنفيذية التي تيسّر عمل الفلسطينيين، وفتح باب العمل أمامهم في جميع المهن الحرة. وتبين أن وزير العمل بطرس حرب وقّع في ٢٢ شباط الماضي القرار المتعلق بتنظيم عمل اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، وأحاله على مجلس شورى الدولة للتصديق عليه، بحسب ما أفادت ممثلة الوزارة في الجلسة دنيز دحروج. ويسمح هذا الإجراء بقبول جزء من توصيات فرنسا وفلسطين.
أما توصية البرازيل، التي طالبت لبنان بمساواة الفلسطينيين بسواهم من غير المواطنين، فأوصت الجلسة بأن يستمر لبنان في رفضها لكون المطلوب أن يُمنح الفلسطينيّون حقوقاً أكثر من بقية الرعايا العرب والأجانب.
أما في التوصية المتعلقة بإجازة العمل في المهن الحرة، فأوصت الجلسة بالاستمرار في رفضها إلى حين بروز تقدم بشأنها في المستقبل. ممثل نقابة محامي بيروت رأى أن النقاش يجب أن يركّز على حصر السماح للمحامين الفلسطينيين بالعمل ضمن قطاع حل النزاعات الحبية ومحاكم التحكيم الدولية والمحاكم الجنائية الدولية، وأنّ قانون نقابة المحامين واضح بهذا الشأن.
ناقشت الجلسة أيضاً رفض لبنان التوصيات المتعلقة بمنح اللاجئين الفلسطينيّين حق التملك، واتخاذ إجراءات تشريعية لضمان حقهم في وراثة الممتلكات وتسجيلها، التي تقدمت بها كل من النروج وفنلندا وهولندا. ولقد عرضت رلى درباس، باسم لجنة الحوار، مجموعة من الإجراءات تتعلق بهذا الموضوع، بينها دراسة تجريها اللجنة عن الأثر السلبي لهذا القانون على اللاجئين الفلسطينيين، وخصوصاً أثره على وكالات البيع غير المسجلة قبل إقراره والحقوق المكتسبة بمفعول رجعي، والخلط بينه وبين قوانين الإرث، وموقف المجلس الدستوري منه. أما السفير عبد الله عبد الله، فقال في جلسة الافتتاح إنّ الرئيس سعد الحريري قال له إن «هذا القانون عنصري». ويميّز قانون التملك المعدل عام ٢٠٠١ تمييزاً مزدوجاً ضد اللاجئين الفلسطينيّين مقارنةً ببقية الرعايا الأجانب، وهو يخالف المادة ١٧ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يتغنى لبنان بأن شارل مالك شارك في صياغته. ورغم ذلك فمن المتوقع أن يستمر لبنان في رفض التوصية المقدمة بشأنه، الأمر الذي يشير الى أن فزاعة التوطين والديموقراطية التوافقية الطائفية وغياب الإجماع السياسي، تتحكم في التزامات لبنان الدولية في مجال حقوق الإنسان.
سلاح حزب الله
يرأس الأمين العام لوزارة الخارجية السفير وليم حبيب (الصورة) وفد لبنان إلى الدورة السادسة عشرة لمجلس حقوق الإنسان، التي انطلقت في ٢٨ شباط الماضي، وتستمر لغاية ٢٥ آذار الجاري. ويضم الوفد رئيسة البعثة اللبنانية في جنيف السفيرة نجلا عساكر، ويعاونها القنصل رنا المقدم، والسكرتير الأول بشير عزام. ويشارك في الوفد مستشار وزير الخارجيّة، حسن صالح، وعدد من الدبلوماسيّين. أما المجتمع المدني، فسيكون ممثلاً بالأمين العام لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب محمد صفا، ورولا بدران عن المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق). وتعقد جلسة النقاش المتعلقة بلبنان بين العاشرة والثانية عشرة من ظهر الخميس المقبل ١٧ آذار ٢٠١١. وسيمسح لعدد من الجمعيات التي تحمل صفة استشارية من المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الأمم المتحدة بالتحدث في الجلسة، على أن تنحصر المداخلات في موضوع التقرير اللبناني. وليس مستبعداً أن تعاود البعثة الإسرائيلية طرح ملف نزع سلاح حزب الله في ظل تصاعد النقاش الداخلي اللبناني بشأنه.