القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

جدل حول تدريس النكبة بمدارس الداخل اليهودية والعربية

جدل حول تدريس النكبة بمدارس الداخل اليهودية والعربية


الثلاثاء، 07 نيسان، 2015

تشهد أوساط الأحزاب الإسرائيلية جدالاً ونقاشًا حادًا حول تدريس موضوع النكبة الفلسطينية في المدارس اليهودية والعربية على حد سواء، وذلك عقب دعوة وزير التربية والتعليم الإسرائيلي السابق "شاي بيرون" من حزب "ييش عتيد" لوجوب تدريسه.

وعقب هذه الدعوة، عبّر وزير التربية والتعليم "المعارف" الإسرائيلية الذي خلفه في المنصب "غدعون ساعر"، عن رفضه المطلق لتدريس هذا الموضوع.

واعتبر ساعر في تغريدة في حسابه على موقع "تويتر" قبل أيام، أن "موقف شاي بيرون المؤيد لتدريس النكبة خاطئ من أساسه، ولا يمكن لدولة أن تمنح الشرعية لمفهوم يرى بقيامها "كارثة" وهي الترجمة العبرية للنكبة.

وعقب ذلك دخلت أحزاب إسرائيلية أخرى في نقاش صاخب حول الموضوع بين مؤيد ومعارض، وذلك في مؤتمرات عُقدت في "تل أبيب" والقدس المحتلة، تطرقت لهذا الموضوع.

ولكن مفهوم تدريس موضوع النكبة الفلسطينية الذي دعا له "شاي بيرون" ودعمه بعض أعضاء الحزب، لم يكن القصد به تدريس هذا الحدث، وفق الوقائع والأحداث الحقيقية التي شهدتها فلسطين إبّان النكبة عام 1948 وما قبلها أو بعدها.

تدريس شكلي

ويقول المختص بشئون التعليم في الداخل الفلسطيني المحتل خالد أبو عصبة لوكالة "صفا" إن موضوع النكبة كتاريخ لا يُدرس في المدارس لا العربية ولا اليهودية، نظرًا لحساسيته.

ويضيف "ولكن التطرق للموضوع خاصة في المدارس اليهودية لا يكون إلا وفق الرواية الإسرائيلية، التي تنظر إلى النكبة كحدث، بأنها إقامة دولة اسرائيل".

وحتى لو طُرح موضوع النكبة من قبل وزارة المعارف الإسرائيلية، في المدارس سواءً العربية أو اليهودية، فلن يُقصد به تطوير المناهج التعليمية أو نظام التدريس.

ومن وجهة نظر أبو عصبة، فإن دعوة الوزير السابق "بيرون" ورغم أنها تعكس انفتاحه الأكثر تجاه العرب في "اسرائيل"، إلا أن دعوته لا تفيد في تغيير مضامين تدريس هذا الموضوع، وإنما تدريس شكلي للاسم.

ويوضح أن العقلية الإسرائيلية التي تنتمي إليها وزارة التربية والتعليم، تعتبر أن لـ"اسرائيل" الحق في إقامة دولة لها على أرض فلسطين، وأنها كانت أراض فارغة، ويجب أن يكون الأغلبية القصوى من سكان هذه الأرض يهود.

أما العرب-يكمل أبو عصبة- فهم لا دور لهم في هذه "الدولة".

ويعتبر أن طرح موضوع تدريس النكبة هو مجرد مقترح، وفي المقابل فهو من الناحية الفلسطينية نضال، لكنه غير مجدِ، ولا يوجد أي مجال لتدريسه وفق الرواية الفلسطينية الصحيحة.

وزارة مسيّسة

وبالرغم من الجدال الحاصل، إلا أن سياسة وزارة المعارف الإسرائيلية وبرامجها تُحدد بناءً على شخص الوزير الذي يتبوأ منصب الوزارة، وبحسب الحكومة التي تُشكل في "اسرائيل"، وفق ما يرى فؤاد سلطاني.

ويقول -وهو رئيس لجنة أولياء الأمور في مدارس الداخل- لوكالة "صفا" إن معنى ذلك أن وزارة المعارف مسيّسة بنسبة 100%، مشيرًا إلى أن كافة البرامج التعليمية التي أدخلتها الوزارات المتعاقبة تعكس وجهة النظر الصهيونية.

ويستشهد بتعامل الوزير "غدعون ساعر"، الذي يبدو متمتعًا بعقلية إيجابية تجاه الطلاب العرب واليهود على السواء، وظهر ذلك في اصطحابه لهم لزيارة الأماكن المقدسة والتوعية بتاريخ الأجداد.

ولكن معنى "المقدسات وتاريخ الأجداد" بحسب دين اليهود كيهود، ووفق نظرتهم اليهودية أيضًا لتاريخ الأجداد، وكلها بالطبع محرّفة للحقيقة، وفق سلطاني.

ويضيف "كنا متأملين في أن يكون هناك نقلة نوعية مع "شاي بيرون" حينما تقلّد منصب وزير المعارف، خاصة مع تصريحاته الإيجابية تجاه المساواة بين الطلاب وما شابه من موضوعات، ولكن على الواقع لم يكن هناك أي تطبيق لذلك.

ويرى "بيرون" في دعوته لتدريس النكبة، أنه يجب على "إسرائيل" ألا تخجل في طرحه، لأنه يعني إقامة دولتها، وأن الأرض حق للشعب اليهودي.

وفي المقابل يعلل "غدعون" رفضه، في القول "إن تدريسها يعني نكبة ومصيبة، وبالتالي لا يمكن أن يُنظر لتاريخ إقامة إسرائيل، بهذه الصورة".

«بالرواية الصهيونية»

ولكن الوسط الفلسطيني -العربي وفق مما يُتداول إسرائيليًا- لا يُعوّل على وزارة المعارف أو سياسات حكومة "إسرائيل"، وحتى لو دُرست النكبة، فستكون وفق سياسة عنصرية، تهدف لإقصاء العرب وإلغاء حقهم في أرضهم.

ويكمل رئيس لجنة أولياء الأمور "بشكل عام نستطيع القول بأن هناك اهتماما من الحكومة الإسرائيلية التي تحدد سياسة وزارة المعارف، لتجسيد روح المشروع الصهيوني، وإقصاء العرب من بلادهم وبيوتهم، وأهم مجسّد لذلك هي التربية والتعليم، لأنها تربي أجيالا بأكملها على ذلك.

من جانبه، يقول مدير ائتلاف مناهضة العنصرية في "إسرائيل" المحامي نضال عثمان "إن تدريس النكبة في المدارس العربية واليهودية، وبروايتها الحقيقية، يمكنه أن يغيّر عنف الصراع العقلي الدائر بين طلاب الجانبين".

ولكنه -في حديثه لوكالة صـفا- يستبعد أن يتم ذلك، لأن عقلية الطلاب اليهود مبنية على تحريف معنى النكبة، وفي المقابل تتناقض عقلية الطلاب العرب معها، والتي تدرك تمامًا أن النكبة حدث فلسطيني، متعلق بحق في الأرض والعودة.

ولذلك-بحسب عثمان- فإن تدريس النكبة حتى لو تحقق، فسيكون وفق الرواية الصهيونية، التي تلغي الأخر ولا تعترف بوجوده.

وفي النهاية، فإن السؤال الأهم من وجهة نظر عثمان هو "كيف ينجح الفلسطينيون في إيصال النكبة للمدارس اليهودية، كما هي ووفق ما ينظرون إليها"، وذلك لن يكون عبر وزارة المعارف، وإنما سيكون ممكنًا بحملات توعية ومحاضرات وبرامج وورش عمل داخل المدارس.

المصدر: وكالة صفا