جرحى من مخيم برج البراجنة.. وقلق ولهفة على الأحبة
الإثنين 16 أيار 2011
يوسف حاج علي - السفير
لم تختلف الصورة بالأمس بين مخيمي برج البراجنة وشاتيلا في اللحظة التي أعلن عن سقوط ضحايا بالرصاص الإسرائيلي في مارون الراس. العيون كلها كانت شاخصة إلى شاشات التلفزيون، والأجهزة الخلوية لم تنزل من الأيدي بحثاً عن أصوات الأحبة والأقارب والأصدقاء المشاركين في المسيرة. كثرت الشائعات والمعلومات المتضاربة عن المصابين من أبناء المخيمين، ولم يتأكد مساء الا سقوط جريحين من أبناء مخيم برج البراجنة، في خبر أكدّه مسؤول "فتح" حسني أبو طاقة لـ"السفير". وقال أبو طاقة إنه "وردت أسماء كثيرة لشهداء وجرحى من أبناء المخيم ما دفعنا إلى القيام بجولة ميدانية على أهالي المخيم تأكدنا من خلالها من وقوع جريحين هما غسان صلاح حمّاد (18 سنة) إصابته طفيفة في القدم، ونور مصطفى الجمل (18 سنة) الذي أصيب في كتفه وصدره إصابة غير خطيرة. وكلا الجريحين نقلا إلى مستشفى جبل عامل لتلقي العلاج". في مخيم برج البراجنة قال العمّ، بائع الفحم مقابل مسجد الفرقان، إن "المخيم كله في مارون الراس" قبل أن يستدرك "لكننا لم نستخبر عن الجميع لأن الاتصالات مقطوعة" قبل أن يلتفت بوجهه الملطّخ بأثر الفحم نحو التلفزيون المعلّق على الجدار الداكن ليبحث عن خبر ما في الشاشة الصغيرة. حوله كان أكثر من خمسة رجال، معظمهم قد تخطوا الستين، يحدّقون بالشاشة نفسها من دون كلام. رفعت السيدة المحجبة بالعباءة السوداء التي كانت تهرول من دون تركيز في الزقاق الضيق، هاتفها الخلوي بيد ووضعت يدها الأخرى على رأسها. القلق الظاهر على ملامحها والعرق المتصبب من جبهتها يؤكد أن قريباً ما لها كان حاضراً في مارون الراس. بعد السؤال يتبين أنه محمد، ولدها، ابن الثالثة عشرة. محمد "راح مع الناس اللي رايحة". ترفض أم محمد أن تقول أكثر من هذه العبارة. الموقف المربك أصلاً لا يسمح بمزيد من الاستيضاح. لكن قريباً لها حاول أن يطمئنها ويهدّئ من روعها. أبلغها أن أحدهم اتصل به ليؤكد أن كل شبان المجموعة التي ذهب محمد برفقتها هم بخير. حال القلق التي تلبّست أم محمد كانت حال الكثيرين في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا يوم أمس. يؤكّد محمد الجمل، المراهق الأشقر أن ابن عمه نور أصيب في مارون الراس وأنه موجود في أحد المستشفيات. نور شارك مع وفد من "الجهاد الإسلامي"، بحسب ما يخبر محمد شارحاً أن ابن عمه يشارك في المسيرة لأنها تصادف في ذكرى النكبة "والواحد بروح ليشوف أرضو". أما صديق محمد علاء ضاهر، المراهق أيضاً، فيعبّر عن حزنه لأنه لم يتمكّن من الاستيقاظ صباحاً للمشاركة في المسيرة مع أن جدته، أم عامر، تمكنت من الاستيقاظ للمشاركة مع وفد حركة "فتح". وتضاربت المعلومات في مخيم برج البراجنة حول إصابات من عائلات دغيم، والخطيب، والزعزوع، والتيغر، إلا أنها ظلّت كلها غير مؤكدة حتى مساء الأمس، خصوصاً أن أياً من أسماء الشهداء أو الجرحى لم تكن قد أعلنت رسمياً بعد.
وفي مخيم شاتيلا لم تكن أسماء الضحايا أو هوياتها أكيدة كذلك. الشبان الذين تجمّعوا في المقاهي الصغيرة كانوا يحاولون الاتصال بكل رقم ممكن من دون جدوى وبدوا متوجّسين من أي وجه غريب. وحدهم الأطفال كانوا بعيدين عما يجري من حولهم. في شاتيلا وقف ثلاثة منهم دون العاشرة أمام ملصق للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين طبع في ذكرى النكبة. قال أحدهم لرفيقيه: أنظروا كيف تحمل سبع نملات رشاشاً. قالها بحماس مشيراً إلى الملصق الملوّن بسبابته. قبل أن يضيف: عندما أكبر سأصبح نملة.