حداد.. وشعور بالفخر والاعتزاز في البداوي والبارد: أخفنا العدو ورفعنا علم فلسطين
الثلاثاء 17 أيار 2011
عمر ابراهيم - السفير
اختلف حداد أبناء مخيميّ البداوي والبارد على أرواح شهداء العودة، عن غيره من المناسبات، كونه ترافق مع إحساس بالفخر لدى الأهالي المشاركين في صناعة المجد، والدخول في مواجهة مع العدو الصهيوني، وتقديم أربعة جرحى من أبنائهم، وبينهم من أصيب وهو يرفع علم بلاده على الشريط الشائك الذي يفصل بين لبنان وأرضه المحتلة. شعور مستجد عاشه أبناء المخيمين، يجدون من خلاله أنفسهم على تماس مباشر مع عدو لطالما هتفوا ضده، وساروا في تظاهرات ومسيرات غاضبة تندد بجرائمه، وهم اليوم يعيشون لحظات حزن مطعّمة بشعور عارم من الاعتزاز بأبنائهم الذين أعادوا إحياء الشعور الوطني في نفوسهم بعد نكبة الخلافات والانقسامات، التي عانى منها الشعب على مدى أربع سنوات.
الحزن الذي بدت ملامحه واضحة على شوارع المخيمين لم يكن كذلك في منازل أهالي الجرحى ولا أقربائهم ومعارفهم، حيث عمّ فرح عارم بكوكبة من الشبان اخترقوا جدار الخوف وتمكنوا من التصدي لعدو يفتك على مدار الساعة بمواطنيهم. واتشحت طرق المخيمين بالرايات السوداء. وتصدرت المنازل والمحال التجارية التي أقفلت أبوابها الأعلام الفلسطينية، وأمضى الطلاب عطلة قسرية في منازلهم حدادا على شهداء كانت مكبرات الصوت من على السيارات تنعاهم وتبث آيات القرآن الكريم على أرواحهم، والأناشيد الثورية.
في منزل الجريح خير شحرور (19 عاما)، الذي أصيب بعد رفعه العلم الفلسطيني على الشريط الشائك عن الحدود الفاصلة بين لبنان والأراضي المحتلة. يقول: «لقد نجحت في الوصول إلى الشريط الشائك ورفعت علم فلسطين بعد مباغتتي الجنود الصهاينة الذين كانوا يختبئون خلف الاشجار ويحتمون بالشريط الشائك». وأضاف: «لقد تسللت بعد ذلك وقمت برفع العلم الفلسطيني على مقدمة سيارة عسكرية تابعة لجنود الاحتلال بعدما مددت يدي من تحت الشريط الشائك، ولم أر أي جندي يتقدم باتجاهي». وتابع: «لقد كان جنود العدو ينظرون إلي وهم خائفون مني. وقد قام أحدهم بتصويب بندقيته باتجاهي وبدا عليه الارباك والخوف مني، في حين كان هناك جندي آخر بدأ بالصراخ بينما الجنود الآخرون كانوا مربكين ويطلقون الرصاص العشوائي في كل مكان وهم يصرخون ويهربون ويختبئون خلف الأشجار، إلى أن تمكن أحد القناصة الصهاينة من تصويب بندقيته علي وأطلق رصاصة أصابتني في قدمي اليسرى».
من جهته الجريح محمد شهابي (17 عاما)، قال: «لقد تمنيت الشهادة في تلك اللحظة التي وصلت بها إلى الشريط الشائك لأقبل تراب فلسطين التي اشتقت اليها، فهي المرة الأولى التي اشم بها رائحة فلسطين عن قرب ولقد أحسست بحماسة قوية دفعتني لكي أرفع صوتي بالتكبير، ولم أجد أمامي سوى جنود العدو يتراكضون في كل مكان خوفا منا ونحن عزل». اما سامر ميعاري (21 عاما) فاعتبر أن تلك اللحظة كانت تاريخية بالنسبة له ولن يتوانى عن المشاركة في كل مناسبة مماثلة، وقال: «أذهب للمرة الأولى إلى حدود فلسطين، فعندما شاهدت ارضي ووطني لم استطع ان اتحمل البقاء صامتاً فاندفعت باتجاه الشريط الشائك لأرمي المحتل بالحجارة، ولكن هذا العدو جبان كما عرفناه ولا يمكنه مواجهة أصحاب الحق إلا بسلاحه ومن خلف آلياته، وقد بادروا بإطلاق الرصاص علينا، فأصابوني في قدمي».