الثلاثاء، 6 شباط 2024
أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، على بدء حراك سياسي غير مسبوق
في لبنان، لتطويق تداعيات قرار أكثر من 16 دولة تعليق مساعداتها المالية
لـ"الأونروا" على خلفية إتهام "إسرائيل" 12 موظفا من الوكالة
بالمشاركة أو تأييد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة
"حماس" في 7 تشرين الأول 2023 ضد مستعمرات غلاف غزة وأعقبها العدوان على
القطاع.
وأشارت المصادر، إلى أن الحراك السياسي يجري على خطين متوازيين:
الأول فلسطيني داخلي بهدف إعادة تفعيل العمل المشترك في لبنان وتحديدا
"هيئة العمل المشترك" المركزية وفي المناطق والمخيمات بعد فترة من عدم
التلاقي والانعقاد، لمواجهة تداعيات القرار وقد شهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة
اجتماعات محورها السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، وأبرزها بين قيادتي حركة
"فتح" و"حماس" وهي المرة الأولى منذ عملية "طوفان
الأقصى"، وبين قيادتي "فتح" و"القوى الإسلامية" في عين
الحلوة، ناهيك عن اجتماع لفصائل منظمة التحرير وآخر لتحالف القوى الفلسطيني، وكلها
بحثت في قضيتين:
-تعزيز أمن
المخيمات وخاصة عين الحلوة، وقطع الطريق على أي توتير من خلال تعزيز وتطوير العمل
الفلسطيني الموحّد في إطار وحدة فلسطينية جامعة، لمواجهة أي عابثٍ باستقرارها
وجوارها اللبناني والحفاظ على مسيرة النضال المشترك.
-تنسيق المواقف
والنشاطات الاحتجاجية التي ستنظم في المدن اللبنانية والمخيمات الفلسطينية رفضا
لقرار بعض الدول تعليق مساعداتها لـ "الأونروا" ومطالبتها بالعودة عنه،
باعتبار الوكالة الجهة الدولية التي كُلفت برعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
وتمثل شريان الحياة لهم وشاهداً حياً على نكبة شعبنا الفلسطيني وحقه في العودة.
الخط الثاني فلسطيني-لبناني، وقد بدأت لجنة من الأحزاب اللبنانية وقوى
التحالف الفلسطيني، جولة على القوى السياسية للتأكيد على تعزيز الوحدة الوطنية
الفلسطينية في مواجهة المشروع الصهيوني بمختلف اتجاهاته، وذلك بعد انقطاع طويل من
التواصل بين القوى الفلسطينيّة وتوحيد الموقف في مواجهة قرار تعليق الدعم للوكالة
والجهود في التحركات رفضاً للقرار... ودعماً لبقائها واستمرار عملها، تحت شعار
"نختلف معها ولا نختلف عليها".
وفيما لاحظت أوساط فلسطينية عبر "النشرة"، غياب دور لجنة الحوار
اللبناني–الفلسطيني في خضم هذه المواجهة، أكدت على ضرورة صدور موقف موحد أو تنظيم
تحركات مشتركة لبنانية وفلسطينية والتواصل مع "الأونروا"، على اعتبار
أنّ الحراك الرسمي اللبناني لمحاولة فصل تداعيات القرار عن لبنان، ليس حلا مثاليا
خاصة في ظل العجز المالي المتواصل أصلا في موازنة الوكالة.
ولا تخفي الأوساط ذاتها، أن إستهداف "الأونروا" الذي يتدحرج بشكل
سريع وغير مسبوق، تزامنا مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة لأربعة أشهر...
يثير قلق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كما في مختلف مناطق عمل الوكالة في غزة
والضفة والأردن وسوريا، بعدما تبين أن أكثر من 16 دولة علقت حتى الان التمويل
المالي الذي يشمل موازنتها برمتها وليس غزة بحد ذاتها.
والإستهداف المتسارع نفسه، أعاد إلى أذهان اللاجئين السياق التاريخي للضغط
الدولي لإنهاء عمل "الأونروا" في إطار محاولات تصفية القضية الفلسطينية
وشطب حق العودة، والتي بلغت ذروتها في "صفقة القرن" إبان عهد الرئيس
السابق دونالد ترامب، الذي أمر بوقف تمويل الوكالة من جهة وحاول تقليص أعداد
اللاجئين من جهة أخرى بإسقاط "صفة اللجوء" عن كل الذين ولدوا خارج
فلسطين أي بعد النكبة، بينما جيل النكبة لم يبقَ منهم الكثير اثر وفاتهم بعد سبعة
عقود ونيف من الزمن.
ورصدت "النشرة" تطورات لافتة في هذا القرار ومدى انعكاسه على
لاجئي لبنان، حيث تشكل خدمات الوكالة شريان الحياة الرئيسي لهم، في خضم معاناتهم
المضاعفة جراء حرمانهم من حقوقهم المدنية والإجتماعية والأزمة المعيشية الخانقة
التي يترنحون تحت وطأتها منذ سنوات، وأبرزها:
-إعلان الأمين
العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنهاء خدمة 9 من بين 12 من موظفي
"الأونروا" المتهمين في عملية "طوفان الأقصى" بشكل عاجل، وقبل
إنتهاء التحقيق بهدف تهدئة روع الدول المانحة وقطع الطريق على المزيد من القرارات
لوقف التمويل موقتا، مع مناشدته "بقوة الحكومات التي علقت مساهماتها في
"الأونروا" أن تعمل على الأقل على ضمان استمرارية عمليات المنظمة".
-لم تكتفِ
"إسرائيل" باتهام 12 موظفا بالمشاركة أو تأييد عملية "طوفان
الأقصى"، بل وسعت من نطاق حملتها الممنهجة ضد "الأونروا" باتهامها
أنها سمحت لحركة "حماس" باستخدام بناها التحتية في قطاع غزة في أعمال
عسكريّة، وصولا إلى وصفها "الأونروا بأنها "واجهة لـحماس"
و"ليست منظمة محايدة". وتعهّدت بوقف عملها في غزة بعد انتهاء
الحرب".
-تأكيد المفوض
للوكالة فيليب لازاريني أنّه مستمر في منصبه "طالما أننا قادرون على دعم
اللاجئين الفلسطينيين"، واعتبار "أنّ "قرارات وقف التمويل متسرّعة
وغير منطقيّة ومدفوعة بحالة الاستقطاب التي فرضتها الحرب".
-إطلاق مديرة
التواصل في "الأونروا" جولييت توما، جرس إنذار بأن عمليات الوكالة في
منطقة الشرق الأوسط وليس غزة وحدها ستتوقف على الأرجح بحلول نهاية شباط الجاري،
أيّ على مسافة أسابيع فقط، إذا استمر تعليق التمويل. مقابل تحذير من المدير العام
لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، من أن وقف التمويل سيكون له
"عواقب كارثيّة" على سكان قطاع غزة الذي دمرته الحرب.
-قناعة
فلسطينية بأن الاستهداف هدفه حرف الانظار عن قرار محكمة العدل الدولية التي أوصت
بضرورة زيادة المساعدات الإغاثيّة لقطاع غزة عبر "الأونروا" ما يقطع
الطريق على التنفيذ، في محاولة جديدة لإنهاء عملها والبحث عن منظّمات دوليّة
إغاثيّة وانسانيّة بديلة لاسقاط الشاهد الحي على النكبة وحق العودة.