القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

حصاد العودة في لبنان 2012.. حضورٌ قويّ لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان

حصاد العودة في لبنان 2012.. حضورٌ قويّ لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان


علي هويدي - بيروت

لا تزال ترددات لجوء آلاف الفلسطينيين من سوريا الى لبنان حاضرة بقوة في المشهد الشامل لعام 2012؛ فحالة الاستنفار بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، على مستوى كافة المشارب السياسية، قل نظيرها في مسار مرحلة اللجوء والاحتضان منذ بدء سنوات اللجوء في اربعينيات القرن الماضي، حيث أدت المخيمات والتجمعات الفلسطينية دوراً بارزاً في احتضان إخوتهم اللاجئين رغم مرارة العيش فيها.حسماً للجدل حول ارقام اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا الى لبنان، اعلن الامن العام اللبناني خلال شهر كانون الأول 2012 ان لبنان استقبل 38447 لاجئاً غادر منهم 24320 لاجئاً حتى تاريخ 25/ 2012/12 وبقي 14127، وتبقى الارقام في حركة صعود وهبوط دائم نتيجة للاوضاع الامنية والاقتصادية غير المستقرة في البلاد، الا ان ما يجمع عليه اللاجئون الذين جاؤوا مرغمين من سوريا الى لبنان ان اقامتهم في لبنان مؤقتة الى حين انتهاء الظروف التي بسببها كان اللجوء.

تحسن في تقديم الخدمات

وقد تقدمت جهود المؤسسات الاهلية المحلية والدولية والفصائل واللجان الشعبية والاهلية في تقديم الخدمات بنحو لافت، يواكب احتياجات اللاجئين، الأمر الذي فاق قدرتها نتيجة توسيع مروحة الاحتياجات الضرورية، الامر الذي اربك بعض المؤسسات على حساب التنسيق والتعاون والشراكة وتوزيع الادوار في تغطية الاحتياجات. في سياق تقديم الخدمات، ظهر تحسّن غير كاف في تقديم الخدمات من قبل وكالة الأونروا، وتحديداً خلال الأشهر الثلاثة الاخيرة من العام؛ فبعدما كانت الخدمات تقتصر على اعداد كشوفات باسماء اللاجئين بالتنسيق مع اللجان الشعبية والاهلية في المخيمات وتقدم خدمات الطبابة المجانية واستيعاب الطلاب اللاجئين في مدارس الوكالة، تم توزيع بعض الاحتياجات من ادوات مطبخية وفرش وادوات تنظيف شخصية وبعض المبالغ المالية، الا ان الحاجات الضرورية للاجئين لم تتوافر حتى الآن، سواء على مستوى توفير الإيواء الآمن ودفع مبالغ مالية مقابل الايجار.

استطلاع للرأي

للمرة الأولى منذ بداية الازمة السورية يُنفَّذ استطلاع ميداني للوقوف على ابرز احتياجات اللاجئين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان، وتزويد من يعنيه الأمر بالمعلومات الكافية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات مناسبة؛ فالاستطلاع نفذته منظمة ثابت لحق العودة في لبنان بالتعاون مع مجموعة العمل من اجل فلسطينيي سوريا في لندن خلال يومي 20 و21 ديسمبر/ كانون الأول، شمل عيِّنة عشوائية من 100 عائلة فلسطينية نازحة من سوريا الى مخيم عين الحلوة كنموذج، وقد وصل عدد أفراد العائلات المستطلعة 533 لاجئاً بنسبة 5.1 أفراد للعائلة الواحدة، في الوقت الذي كان فيه المخيم يحتضن حتى تاريخ 2012/12/22 نحو480 عائلة فلسطينية لاجئة من سوريا، أي نحو 2448 لاجئاً. وقد تضمن الاستطلاع خمسة أسئلة، شملت المكان الذي نزحت منه العائلات في سوريا، أسباب النزوح، طبيعة السكن في المخيم، أبرز الاحتياجات، من يتحمل مسؤولية تقديم الخدمات. وقد أشارت نتائج الإستطلاع الى ان النسبة الاكبر من النازحين تنتمي الى القرى الفلسطينية قضاء طبريا (32%) وصفد (30%). وقد نزح من مخيم اليرموك (54%) من العائلات، ومن مخيم الحسينية (11%) ومن تجمع السيدة زينب (9%)، و(4%) من حي التضامن و(3%) من الحجر الاسود، و(2%) من مخيم العائدين في حمص، و(2%) من الذيالية و(2%) من مخيم خان الشيح و(2%) من مخيم سبينة، والباقي من مخيمات ومناطق مختلفة (حلب ومخيم النيرب والمعظمية ومخيم درعا والمزيريب). اما عن أسباب النزوح، فرأت (88%) من العائلات أن الخوف والوضع الامني غير المستقرهو السبب الرئيسي للنزوح، بينما رأت (12%) ان السبب يعود الى الوضع الاقتصادي المتردي. وعن طبيعة السكن، أشارت نتائج الاستطلاع الى أن (58%) من النازحين يقيمون عند اقاربهم، (27%) يقيمون في منازل إيجار والباقي (15%) في أماكن عامة (مدرسة الكفاح). وعن أبرز الاحتياجات، اعتبرت (47%) من العائلات النازحة، ان توفير الإيواء هو أبرز ما تحتاج اليه العائلات، تليها الحاجة الى الفرش والأغطية بنسبة (37%)، ثم الحاجة الى الغذاء بنسبة (11%) تليها الحاجة الى الملابس بنسبة (4%)، ثم وسائل التدفئة بنسبة (1%). عن المسؤولية في تقديم الخدمات، الخيارات التي اعطيت للعائلة المستطلعة بين منظمة التحرير، والدولة اللبنانية، والمؤسسات الاهلية، والاونروا، اعتبرت جميع العائلات النازحة (100%) أن وكالة "الأونروا" تتحمل المسؤولية الرئيسية عن تقديم الخدمات، وفي هذا وعي كبير لدى اللاجئين لاهمية دور وكالة الاونروا في تقديم الخدمات إن كان على مستوى البعد الانساني او ارتباط الوكالة بقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة.

على مستوى الدولة اللبنانية، لا يزال الموقف الرسمي على حاله تجاه اللاجئين من سوريا الى لبنان، على الرغم من ان بعض الاصوات العنصرية الخارجة عن الاجماع اللبناني دعت الى اقفال الحدود اللبنانية السورية امام اللاجئين الفلسطينيين. ويتلخص الموقف اللبناني باستقبال اللاجئين والعمل مع وكالة الاونروا لتغطية الاحتياجات من خلال انشاء صندوق خاص، الا ان هذا الصندوق بحاجة الى اموال والاموال لا تدفعها الدول المانحة كما يقول معالي وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور. هذا وتعتبر الدولة اللبنانية معنية مباشرة بإيواء أي لاجئ طلباً للأمان، كما أي دولة في العالم تضطر إلى إيواء لاجئين، وبالتالي التزاماً بمعايير القانون الدولي تعتبر الدولة اللبنانية مسؤولة عن تقديم خدمات عاجلة للاجئين الفلسطينيين الى حين زوال سبب اللجوء، فلا يعقل أن يلجأ الفلسطيني من سوريا الى لبنان بعد ان كان يعيش بكرامة وقد فقد الأمن، ليحصل على الأمن وقد فقد الكرامة.

دورة في القانون الدولي

خلال شهر تشرين الاول تم تنفيذ دورة تحت عنوان "القانون الدولي الانساني وحقوق اللاجئين الفلسطينيين" لمدة خمسة ايام. الدورة التي نظمها "بيت عامل لحقوق الإنسان" بالشراكة مع "مركز حقوق اللاجئين – عائدون" وبالتنسيق مع برنامج حقوق الإنسان في "جمعية المساعدات الشعبية النروجية" شارك فيها اثنان وعشرون شاباً وشابة من فلسطين وسوريا والعراق وتونس ولبنان. تهدف الدورة إلى تمكين الشباب من أهمية استخدام القانون الدولي في معركة الحصول على حقوق اللاجئين الفلسطينيين. تحدث في الدورة كل من الدكتور حسن جوني حول "القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان"، والدكتور أنيس قاسم حول "الوضع القانوني وحقوق اللاجئين الفلسطينيين"، والدكتور شفيق المصري حول "حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وحق تقرير المصير والحق في إقامة الدولة"، والاستاذ جابر سليمان "الحماية المؤقتة والوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة"، والاستاذ محمود العلي عن "آخر المستجدات في الوضع القانوني وحقوق الإنسان الأساسية للاجئين الفلسطينيين في لبنان". وشارك في الورشة نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في "المركز الدولي للعدالة الانتقالية" آن ماساجي، وممثلة لمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لولوا رزق الله، وتحدث كل من كاتب السطور ومعتصم حمادة حول القرار 194 وحق العودة، وتخللت الدورة مناقشة شؤون فاقدي الأوراق الثبوتية، انطلاقاً من ورقة قدّمتها الاستاذة سميرة طراد.

ملكيتي لا تلغي عودتي

تكريساً لأهمية المطالبة بحق التملك للاجئين الفلسطينيين في لبنان على قاعدة رفض التوطين والعيش بكرامة والتمسك بحق العودة، وبرعاية معالي وزير الشؤون الاجتماعية الاستاذ وائل ابو فاعور وتحت عنوان "ملكيتي لا تلغي عودتي" اطلقت 12 مؤسسة وجمعية عاملة في الوسط الفلسطيني، حملة حقوق الملكية العقارية للاجئين الفلسطينيين في لبنان وذلك يوم الثلاثاء 2012/18/12 في نقابة الصحافة اللبنانية، تحدث في الحفل كل من نقيب الصحافة اللبنانية الاستاذ محمد بعلبكي ممثلاً بالأستاذ فؤاد الحركة، ثم منسقة الحملة الانسة عايدة الشهابي، ثم عرض الاستاذ سهيل الناطور لدراسة الحملة تحت عنوان " الملكية العقارية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، التعديلات القانونية وتأثيراتها على الواقع المعيش" ثم تحدث سفير دولة فلسطين في لبنان الاستاذ اشرف دبور، ثم رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور خلدون الشريف ممثلاً بالدكتورة ماي حمود، ثم كلمة الوزير وائل ابو فاعور ألقاها ممثل الوزير الدكتور بشير عصمت، وحضر اللقاء لفيف من القوى الفلسطينية واللبنانية والمؤسسات الاهلية واللجان الشعبية والفعاليات وممولي الحملة من السفارة النروجية ممثلة بالسكرتيرة الاولى في السفارة النروجية السيدة ستينا هورن ومركز البحوث للتنمية الدولية (كندا).

اشارت الكلمات الى ان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منذ عام 2001 يمنع عليهم حق التملك، الأمر الذي يعد تمييزاً ضد الفلسطينيين، ونتج من ذلك مشاكل انسانية كثيرة، ولا سيما مشكلة التوريث، وسبب مشاكل اقتصادية واجتماعية وصحية ونفسية وامنية، لذلك الحصول على الحق في التملك يشكل ضمانة وحماية للفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء. وتهدف الحملة الى إلغاء التعديل الذي أدخل عام 2001 على قانون اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية رقم 296 بما يسمح للاجئين الفلسطينيين بالتملّك العقاري مع التمسّك بحق العودة ورفض التوطين.

خاتمة

مع تقديرنا لكل الجهود التي تبذل في لبنان لحماية قضية اللاجئين وتكريس حق العودة، الا ان عام 2012 شكل حضوراً سياسياً وإنسانياً قوياً لأوضاع أهلنا اللاجئين الفلسطينيين في ظل الأزمة السورية، سواء في مجال العائلات اللاجئة او المستضيفة في مخيمات وتجمعات لبنان او ما يجري من متابعة داخل مخيمات سوريا، الأمر الذي كرس وحدة الشعب الفلسطيني في اماكن اللجوء ورؤيته السياسية باتجاه تمسكه بثوابته الفلسطينية وفي المقدمة منها حقه في العودة.

المصدر: مجلة العودة، العدد الـ64