حماس تؤكد حرصها على العلاقة مع حزب الله وتحذّر من حرب
مخيمات جديدة
الجمعة، 14 حزيران، 2013
ليس التوتر القائم بين «حزب الله» وحركة «حماس» سراً.
الأحداث السورية هزّت دعائم حلفهما الاستراتيجي من دون أن تهدمه. لا تزال فلسطين
البوصلة لكليهما، وكذلك مشروع المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، ولو أن لكل منهما
مندرجاته وحساباته.
ولأن القيادتين حريصتان على حفظ خطوط التواصل، نادراً ما
تخرج خلافاتهما إلى العلن. حتى أن بعض الشائعات التي تتردد بين حين وآخر، تعبر عن
الحد الأدنى من الشرخ الحاصل بين الطرفين. آخر هذه الشائعات ما تردد عن خروج
قيادات «حماس» من الضاحية الجنوبية، أو بشكل أدق إخراجهم منها، إضافة إلى اتهام
«الحركة» بالمشاركة، سلاحاً وتدريباً، في معارك القصير، وبالتالي تحميلها جزءاً من
المسؤولية عن الخسائر البشرية التي تكبدها «حزب الله» في القصير.
بالنسبة لـ«حماس»، العلاقة مع «الحزب» مبدئية، وعناوينها
واضحة تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي أولاً وأخيراً. تؤكد «حماس» أن الرؤية
المتناقضة للأحداث السورية ساهمت في توتير العلاقات السياسية بين الطرفين، إلا
أنها لم تؤثر على التنسيق المشترك في معظم القضايا، خاصة في محاربة الفتنة
المذهبية.
«حزب الله» مهتم بالتأكيد لـ«الحركة» أنه ليس مصدر
الشائعات التي تتحدث عن تورطها في مواجهة «الحزب» في القصير أو تلك التي تتحدث عن
خروجها من الضاحية.
لا تنكر «حماس» أنها تتعرض لبعض المضايقات في الضاحية،
إلا أنها تحصرها في الإطار الفردي. الأكيد أن مكاتبها المنتشرة في الضاحية، ولا
سيما مكتب ممثل «حماس» في لبنان، مكتب العلاقات الدولية، إضافة إلى مكاتب تنظيمية
تهتم بالعلاقات التنسيقية، لا تزال تعمل كالمعتاد. مع ذلك تخشى «الحركة» من أن
تكون هذه الشائعات شبيهة بالتي سبقت خروجها من دمشق، والتي ما لبثت أن تحوّلت إلى
أمر واقع.
تعتبر «حماس» في لبنان أن ارتباطها بالحدث السوري يتمثل
حصراً في معالجة قضية النازحين الفلسطينيين الذي يقدرون بـ57 ألفاً، ممن نزحوا من
مخيمات اليرموك (دمشق)، سبينة (14 كلم جنوب دمشق)، درعا والجندرات (حلب).
تعرف «الحركة» أن أجواء التجييش الحادة ضدها تجعل الحديث
عن ملف النازحين كأنه من خارج الواقع. وحده ما يجري في سوريا يحدد وجهة الخلافات.
وفي معرض تأكيد «حماس» أنها ليست طرفاً في «الأزمة السورية»، لا تنكر أن نحو 20
شخصاًَ ممن كانوا محسوبين عليها، تبين أنهم كانوا يشاركون في عمليات القصير. لكن
في المقابل، تؤكد أن هؤلاء وعلى رأسهم بهاء صقر الذي كان مرافقاً لخالد مشعل،
ليسوا ضمن «كادر الحركة»(التنظيم) إنما كانوا موظفين أو مناصرين لها، وعندما غادر
كوادرها (نحو 1000 شخص) دمشق، لم يغادر معظم هؤلاء.
تؤكد مصادر «حماس» أن من شارك في عمليات القصير لا
يمثلها، إذ ان موقفها واضح فهي «أيدت الثورة السورية لكنها ترفض المشاركة فيها كما
ترفض إعطاء مواقف مجانية لأي طرف». تسأل «حماس» كيف يمكن أن تحارب في سوريا وهي لم
يسبق أن حاربت إسرائيل إلا من الداخل. ترد الحركة بذلك أيضاً على من يطالبها بفتح
جبهة الجولان.
يذكّر عضو القيادة السياسية للحركة في لبنان ياسر علي
بأن «حماس» لم تطلق أي موقف يدعو لإسقاط النظام، على سبيل المثال. ويقول
لـ«السفير»: نحن ما زلنا مع الحل السياسي السلمي، بما يحقق تطلعات الشعب السوري في
الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية. كما يؤكد أن الحركة ترفض رفضاًَ قاطعاً
التدخل الخارجي في سوريا.
بعد انتهاء معركة القصير، وتفادياً لتداعياتها على
الساحة الفلسطينية، عقد «حزب الله» و«حماس» اجتماعاً أولياً ناقشا فيه العلاقة
المشتركة وأمن المخيمات... علماً أنه من المتوقع أن يفتح هذا الاجتماع الباب أمام
اجتماعات على مستوى أعلى.
في سياق حرص «حماس» على بناء علاقات متوازنة مع المكونات
السياسية اللبنانية، يسجل منذ مدة توطيد العلاقات مع «حركة أمل»، حيث يتم التنسيق
معها بالكامل. حتى أن بعض من في «الحركة» لا يتردد في التأكيد أن العلاقة مع «أمل»
صارت أوثق سياسياً من العلاقة مع «حزب الله»، وإن ليست بمقدار جذرية العلاقة مع
«الحزب».
ما يقلق «حماس» حالياً، إضافة إلى مسألة النازحين، هو
موضوع المخيمات الفلسطينية. تقر بأنه مع بداية الأزمة السورية ولد جو معارض لـ«حزب
الله» فيها، لا تزال تداعياته قائمة حتى الآن، وهو ما تسعى الحركة جاهدة للحد منه.
لدى «حماس» إيمان مطلق بأنه لا غنى عن علاقات طبيعية مع
محيط المخيمات، وهي لذلك «تحركت لضمان أمن شعبنا ومجتمعنا كما حرصت على منع أي
تحرك ضد الحزب».
يتوقف البعض عند محاولات حرق المواد الغذائية التي قدمها
الحزب لمخيم عين الحلوة، بعيد الأزمة السورية، لتشير إلى أن «المهمة ليست سهلة».
«تخشى الحركة من الفتنة المذهبية في لبنان وتعمل جهدها
لمنعها بالتعاون مع «حزب الله»، لكن لا يخفي المصدر قلقه الفعلي من حرب مخيمات
جديدة. وفي معرض تحذيره من حرب كهذه، يؤكد أنه إذا حصلت «لن تخرج حركة حماس من
جلدها.. بل ستدافع عن أهلها».
المصدر: ايلي الفرزلي، السفير