حماس والسعودية.. مصالح مشتركة تدفعهما
للتقارب
الإثنين، 16
آذار، 2015
رغم عدم وجود أي من الدلائل على الأرض لتقارب سعودي
مع حركة حماس، خاصة بعد نفي الأخيرة خبر دعوة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل لزيارة
السعودية، إلا أنه وعلى غير العادة تحوّلت حماس إلى جزء من حديث السعودية في وسائل
الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
المراقب للتطورات الأخيرة يقرأ مؤشرات تدلل على تغيرات
مهمة بعضها مرتبط بالسعودية وحلفائها في المنطقة خاصة بعد طعن الحكومة المصرية في قرار
المحكمة التي اعتبرت حماس "إرهابية"، وهو ما فسره مراقبون بضغوط مارستها
المملكة على مصر للتخفيف من ضغطها على حماس.
وقال الكاتب السعودي جمال خاشقجي (مقرب من الديوان
الملكي السعودي)، إن "الحكومة المصرية مشكورة في إطار التفاهمات العربية الجارية،
سوف تزيد من ساعات فتح معبر رفح تدريجيا وترتب حاليا مع السلطة لفتحه بصورة دائمة".
العشرات من السعوديين ومن بينهم شيوخ وسياسيين غردوا
منذ أيام على هاشتاغ "المملكة حكومة وشعبا يرحبون بزيارة قائد حماس".
وبدأ التغيير في موقف السعودية بالظهور بعدما نشرت
وكالة الأنباء السعودية الرسمية خبر تعزية خالد مشعل للملك سلمان في وفاة الملك عبد
الله والتي قدمها للسفير السعودي في قطر، مما أثار تساؤل المراقبين في حينه حول تغير
الموقف السعودي من حركة حماس والذي جاء متزامنا مع أنباء حدوث فتور بين النظام السعودي
الجديد والنظام في مصر.
التصريحات الصادرة عن الطرفين تظهر تبدلا كبيرا في
السياسة ما قد يدلل على تطور في العلاقات، خاصة وأن التفاؤل بالتقارب بين الطرفين ليس
مبنيا على آمال وأوهام، إنما على مصالح مشتركة مرتبطة بعدة ملفات في المنطقة.
واعتبر مراقبون أن السعودية تسعى إلى إعادة العلاقة
مع حماس في إطار تغير السياسة الخارجية السعودية للبحث عن إيجاد تحالف سني كبير تقوده
السعودية لمواجهة المد الشيعي في المنطقة، حيث تعتبر الرياض مواجهة التمدد الإيراني
في المنطقة من أولى أولوياتها السياسية في نظام الملك سلمان بن عبد العزيز.
في المقابل، تتطلع حماس إلى علاقات صحية مع السعودية
التي لها ثقل سياسي واقتصادي في المنطقة، ولها تأثير بشكل خاص على النظام الحاكم في
مصر، الذي لا يزال يضيق على القطاع ويغلق المنفذ الوحيد لسكانه (معبر رفح).
حماس التي توترت علاقاتها مع السعودية، خاصة بعد
فشل اتفاق مكة للمصالحة مع فتح برعاية الملك الراحل، تنظر بعين الأمل إلى العهد الجديد،
مع اشتداد حلقات الحصار عليها سياسيًا واقتصاديًا في غزة على صعيد التدخل من جديد لإيجاد
حلول للانقسام الفلسطيني في ظل علاقات جيدة تربط السعودية برئيس السلطة وبالتالي يمكنه
الضغط عليه لتحقيق المصالحة.
وكما تطمح الحركة في مساهمة المملكة في حلحلة حلقات
الحصار المفروضة عليها وعلى المقاومة الفلسطينية خليجيا خاصة على الصعيد السياسي والمالي
بعد تجفيف منابع الدعم عنها وملاحقة القائمين عليه.
ويبدو أن همّ حماس الأول تفويت الفرصة على دولة الاحتلال
التي تفاخر رئيس وزرائها وقت الحرب الأخيرة على غزة قائلا: إن من نتائج هذه الحرب أن
دولا عربية منها السعودية ومصر تتفهم أهداف عدوان (إسرائيل) على غزة، وأن هناك دولًا
عربية تدعم محاربة (إسرائيل) لما يسميه التطرف، لذا فقد بات ممكنا قتل تلك الآمال لدولة
الاحتلال خاصة على صعيد السعودية.
وتدرك حماس أن تقاربها مع السعودية، وانتقالها من
البرود والتباعد في علاقاتها إلى الدفء والتقارب معها ليس سهلًا، كما يقول المحلل السياسي
عدنان أبو عامر، فالحركة تعلم أن الرياض ترتبط بعلاقات وثيقة مع واشنطن، وهناك تنسيق
بينهما في شؤون المنطقة، وهي مصدر دعم رئيسي للسلطة الفلسطينية التي تعيش خلافات كبيرة
مع حماس.
ويرى أبو عامر أن ما يشجع حماس على ترميم علاقتها
مع السعودية، حالة التوتر المتفاقمة في علاقة الحركة مع مصر، ولذلك ستكون حماس بحاجة
لوسيط إقليمي ثقيل العيار مثل السعودية، لمحاولة وقف عجلة الصدام مع مصر، وهي تعلم
أن الرياض تمتلك تأثيرا سياسيا واقتصاديا كبيرا على القاهرة.
المصدر: الرسالة
نت