القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

حي القرمي .. حفريات هددت أساساته وترميم لم يرض سكانه

حي القرمي .. حفريات هددت أساساته وترميم لم يرض سكانه


الخميس، 14 أيار، 2015

إذا كنت قريباً من المسجد الأقصى المبارك بحيث لا تبتعد عنه أكثر من 150 متراً، ووجدت نفسك وسط معمار أثري قديم يؤكد عراقة المكان وأصالته، رغم تشقق جدران منازله بفعل الحفريات الصهيونية أسفله، ستجد نفسك حتماً في حي القرمي أشهر أحياء البلدة القديمة في القدس المحتلة.

حفريات ومطامع

يقول مختار الحي الذي تم إخلاؤه بسبب تشقق منازله بفعل حفريات الاحتلال أسفله من أجل الترميم، بسيم القدومي لـ "المركز الفلسطيني للإعلام"، إن حي القرمي يواجه هجمة استيطانية كبيرة بدأت منذ عام 1971م، حيث أصدرت محكمة الاحتلال قرارا يقضي بإخلاء منازل حي القرمي، وهجرت70 عائلة مقدسية بحجة أنها أملاك لليهود المغتربين.

ويطلق الصهاينة على الحي اسم "مربع القرمي"؛ لعلوه وإشرافه على المسجد الأقصى، حتى بات يطلق عليه اليوم "الحي اليهودي المتجدد"، وتحاول الجمعيات الاستيطانية الاستيلاء عليه ضمن حملة تطهير عرقي غير مسبوقة.

ويوضح المختار القدومي أن المستوطنين الصهاينة استولوا عام 2012 على منزل يعود لعائلة زلوم، يحوي 22 غرفة، وحولوه لبؤرة مركزية لاجتماعاتهم واقتحاماتهم للمسجد الأقصى المبارك.

ويؤكد المختار المقدسي أن حي القرمي تجري تحت أرضيته، حفريات تؤدي لاهتزازات يسمعها السكان؛ في مسعى صهيوني لفتح سوق قديم وهو سوق الدواب سابقاً، وهذا الحفر ما بين الحي وسوق العطارين أدى الى وجود تشققات وانهيارات داخل البلدة القديمة، كما يقول القدومي.

وفي شتاء عام 2013 تفاجأ السكان بحجم الانهيارات والتشققات في مباني وحجارة الحي الذي يسكنه 52 عائلة، بمجموع 361 فردا من العائلات المقدسية، منهم 52 طفلا تحت سن ست سنوات، وفق مختار الحي.

متأخر وغير مرضي

وكان البنك الاسلامي للتنمية والبعثة التركية "تيكا" قد تبنى ترميم وصيانة حي القرمي، وأصدرت بلدية الاحتلال قراراً يقضي بإخلاء جميع السكان الحي، حيث تم تهجير 28 عائلة، ليبدأ العمل في ترميم المنازل أواخر عام 2014 بعد مضي عام ونصف على تهجير السكان.

ويتواجد في مواقع الترميم مهندسون متخصصون في الآثار، يعملون بشكل لا يغير في الخط التاريخي للحي، ولا يتم ترميم المنازل وواجهتها الأمامية والداخلية على الطراز الأوروبي؛ حتى لا نقدم من خلال الترميم ذريعة للاحتلال للاستيلاء عليه، وفق ما يخبرنا مختار الحي القدومي.

أم فادي الطيب غانم، وهي من سكان الحي تقول لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، إنهم سلموا مفتاح المنزل لجمعية الرفاه والتطوير في شهر تشرين الثاني من عام 2014، على أن يتم إعمار وترميم المنزل في غضون 45 يوماً، لكننا تسلمنا المنزل قبل عدة أيام فقط".

لكن الصدمة كانت عقب عودة أم فادي وعائلتها للمنزل، فقد وجدت أن منزلها المرمم بحاجة لإعادة ترميم مرة أخرى، فقد تشققت الجدران، ودخل الماء إلى غرف المنزل عبر التشققات ما أدى إلى تواجد الرطوبة والعفن داخلها، إضافة إلى أن عمليات الصيانة على البلاط والشبابيك والجدران لم تجر بالشكل المناسب، فالدهان بدأ بالتساقط، وبدأت الجدران تتصدع، كما تقول أم فادي بكل حسرة.

ويتفق الحاج أكرم السلايمة "أبو محمد" مع سابقته، فقد خرج من منزله بعد انهيار إحدى حوائطه في شتاء 2013 بشكل مفاجئ، ما دفعه لإخلائه واستئجار منزل آخر حتى ترميمه، ويقول بكل ألم وحسرة: "يا ليته لم يرمم، فقد كان وضعه في السابق أحسن من حاله الآن".

ظهرت في منزل "أبو محمد" الرطوبة والعفن بين الجدران، وفي آخر نزول للمطر قبل حوالي شهر دلف المنزل والغرف وظهرت تشققات في الجدران، علاوة على عدم وضع نظام صرف للمياه في غرف يتوجب فيها ذلك، كما يقول الحاج السلايمة.

ويرجع السلايمة إصراره على العودة إلى منزله الذي عاش فيه 75 عاماً، إلى رغبته في المحافظة عليه ومنع المستوطنين من الاستيلاء عليه.

ترميم تحت الوصاية

المهندس المعماري المسؤول عن مشروع ترميم حي القرمي "سيمون كوبا" يؤكد أنهم استلموا ترميم الحي قبل عام، في حين كانت حالة البناء في الحي يرثى لها، وخطيرة جداً وقابلة للسقوط في أي وقت.

ويقول إنهم بدأوا في دراسة تحليلية للمشروع، مع دراسة في حركة البناء تحت الأرض وتحليل إنشائي كامل للبناء بمشاركة مهندسين ذوي اختصاص في البناء، بالإضافة لمهندسي بلدية الاحتلال.

ووفق المهندس فقد وضعت خطة العمل على أساسات العمارة ليتم تقويتها، إلا أن بلدية الاحتلال وسلطة الآثار الصهيونية منعت ورفضت العديد من هذه الأفكار بهذا الخصوص، علاوة على أن بناء حي القرمي لا يسمح بذلك.

ويكشف "كوبا" عن توصلهم لحل عن طريق عمل تقوية للأساسات من ناحية خارجية، عبر وضع جسور من الحديد وصب الباطون فوقها، لكن بلدية الاحتلال وسلطة الآثار الصهيونية لم توافق وهددت بإيقاف ترميم الحي.

تم العمل على ثلاثة محاور، وفق المهندس الذي يقول أن أولها كان حماية المبنى من الهدم، وثانيها ترميم المبنى لأفضل إمكانية ممكنة، أما المحور الثالث فكان استعمال المبنى بأفضل طريقة ممكنة.

ويقول: "تم تأسيس شبكة صرف صحية جديدة وشبكة كهرباء، ومراحيض ومطابخ جديدة، وتم إعادة تصميم داخلي لغرف المنازل".

ووفق "كوبا" فإن الشقق التي بقيت بدون ترميم معدودة، مبيناً أن 90% من السكان عادوا لمنازلهم، متوقعاً الانتهاء من الترميم الداخلي لمنازل الحي وعودة الحياة لطبيعتها خلال الأسابيع القادمة.

ومن المتوقع خلال الأيام القادمة أن تصدر بلدية الاحتلال شهادة تقضي بعودة السكان لاستعمال البناء، وإزالة الخطر عنه، كما يقول كوبا.

وعلى الرغم من كل ما حصل؛ فإن أساس المشكلة يعود إلى رغبة الاحتلال في تهجير السكان وتدمير حياتهم والتضييق عليهم في معاشهم ومصادر رزقهم وأمنهم وسكنهم، عبر سلسلة طويلة من الإجراءات والمسلكيات، وأخطرها الحفريات تحت أساسات أحياء القدس ومنازلها الأثرية العريقة.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام