دحلان يعزّز نفوذه في لبنان: المال سلاحه والفتنة
غايته
الأربعاء، 08 أيار، 2013
محمد دحلان يمدّ نفوذه إلى مخيمات لبنان، إذاً من
حق اللاجئين الفلسطينيين أن يقلقوا، ومن حقهم أن يدقوا ناقوس الخطر بفتنة يُعمل على
حبكها في العديد من دوائر الاستخبارات العربية والدولية، ومن واجبهم العمل على كسر
هذا النفوذ والتوغل لحماية أنفسهم، وقد شهدوا وجه دحلان المنبئ بالفتنة في أي أرض حل،
من غزة إلى الضفة واليوم لبنان. ويتضاعف القلق بمحاولة إيجاد تيار دحلاني في لبنان،
مع تسعير نار الفتن المتنقلة في الدول العربية، ليبدو دحلان، وفق تاريخه، جزءا من هذه
الفتن التي تستهدف المنطقة.
أسباب عودته
إن محاولة دحلان غزو ساحة المخيمات الفلسطينية في
لبنان عائد لأسباب عديدة ومتنوعة. فبداية إن الصراع على خلافة محمود عباس (أبو مازن)
على رئاسة السلطة الفلسطينية، وأمانة سرّ حركة فتح آخذ بالبروز والاشتعال أكثر فأكثر،
خصوصاً مع إعلان أبو مازن نيته عدم الترشح على تولي هذين المنصبين مجدداً، ورغم التدخلات
الإقليمية والدولية إلاّ أنه أصرّ على عزوفه، خاصة وأنه لم يستطع أن يحدث أي اختراق
في ساحة المفاوضات، ومع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والأكثر يمينية، فإن أمله
في ذلك تلاشى.
واستطاع الضغط الأمريكي والعربي أن يُقنع أبو مازن
بالتأجيل ريثما يتم اختيار البديل المناسب. وبعد مناقشات جرت في العديد من الدول العربية
والأجنبية، وشاركت فيها أجهزة أمنية ومسؤولون على مستوى عالٍ، تقرر اختيار محمد دحلان
ليكون بديلاً من أبو مازن، وسبب الاختيار راجع إلى أن دحلان شخصية شابة قياساً إلى
الغالبية الساحقة من قيادة فتح في اللجنة المركزية والمجلس الثوري. وكذلك فإنه شخصية
مغامرة، بغض النظر عن فشل كل مغامراته، لكن مجابهة حركات المقاومة لا يمكن أن تتم،
وفق أجهزة الاستخبارات، من قبل شخصية حذرة. كما أن دحلان خبِر الفتنة، وأشعلها مرات،
وقُتل بسببه المئات، دون أن يرفّ له جفن.
من هنا بدأ العمل بشكل جاد لإعادة دحلان إلى قيادة
فتح، سواء داخل مؤسساتها، أو في الساحات المختلفة التي يتواجد فيها الفلسطينيون. أولى
هذه الخطوات كانت وقف خطوات تهميش حركة "فتح" التي كان يقوم بها رئيس حكومة
رام الله سلام فياض. ثانياً: وقف الدعم المالي لسلطة عباس حتى يستجيب لمطالب المصالحة
مع دحلان. ثالثاً: استجاب عباس للمطالب بوقف تجميد دحلان داخل "فتح"، وعدم
ملاحقته قضائياً.
لماذا لبنان؟
في هذا الوقت بدأ دحلان بتفعيل حضور أنصاره في الأردن
ولبنان، وقد قطع شوطاً كبيراً في الأردن من خلال سيطرته على شُعب «فتح» في المناطق.
سيطرته السهلة نسبياً على الأردن دفعته إلى الانتقال إلى الساحة الأكثر أهمية وهي ساحة
لبنان. فلبنان هو الساحة الثانية في الأهمية بالنسبة لـ«فتح» بعد الضفة وغزة، حيث إن
الساحة اللبنانية ميسور فيها التحرك السياسي والأمني بشكل أسهل وأفعل، ومن يسيطر على
الساحة الفلسطينية في لبنان يستطيع أن يدّعي الإمساك بورقة اللاجئين الفلسطينيين الفائقة
الأهمية بالمفاوضات وبامتلاك أدوات التحكّم.
ولإدارة حملته في لبنان أرسل دحلان منسقه العام
في الأردن خالد غزال المعروف بـ«نظمي»، بهدف إدارة الحملة وتنظيم الأوضاع الفتحاوية
لصالح دحلان. وبدأ نظمي لقاءات متواصلة ومطوّلة مع أنصار دحلان، ومن يطمع في نقله السلاح
من كتف إلى كتف حسب مؤشرات البورصة. وكان من أوائل المستجيبين لمناصرة دحلان في خطته
للسيطرة على إقليم لبنان في حركة «فتح» هو محمود عيسى المعروف باللينو، وهو القائد
السابق للكفاح المسلح. والمسؤول عن العديد من الإشكالات الداخلية في مخيمات لبنان.
وكذلك هناك السفير الفلسطيني في البحرين خالد عارف، الذي من المتوقع أن تنتهي مهمته
هناك هذا العام، ليعود إلى لبنان، وقبل عودته بدأ تحركاته الداعمة للدحلان. أما الشخص
الآخر فكان إدوار كتّورة، وهو ناشط في العمل الحقوقي، ومنسّق مع الاتحاد الأوروبي ومؤسسات
المجتمع المدني.
وليطمئن دحلان أكثر على نفوذه أرسل زوجته جليلة
دحلان (أم فادي) إلى لبنان، وهذه المرة تدثّرت الزيارة بلحاف «إنساني». فأم فادي كانت
برفقة شيخة من إحدى الدول العربية، وزعمت أن الزيارة هي لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين
من سورية إلى لبنان، فكانت جولة على مخيمات لبنان. واقتصرت الزيارة على لقاء مسؤولي
فتح في العديد من المخيمات، دون أن تلتقي باللاجئين. فكان في الاستقبال من المطار المدعوّ
«اللينو». وقال عارفون أنه تلقى مبلغاً كبيراً من المال لقاء تأييده دحلان. وفي كل
لقاءاتها بقادة «فتح» كانت جليلة دحلان تشنّ هجوماً على بعض قادة الحركة في الضفة متهمة
إياهم بالضعف وعدم القدرة على القيادة. وغادرت أمّ فادي لبنان واعدة بالعودة مرة أخرى،
وبالقريب العاجل.
توجّس وقلق
زيارة أم فادي أثارت توجّس بعض قادة «فتح» في لبنان،
وبعض مسؤولي سفارة منظمة التحرير الفلسطينية، معتبرين ما جرى محاولة مفضوحة للانقلاب
على القيادة الفتحاوية الحالية في لبنان. خاصة أن دحلان له ثقله في قيادة فتح في رام
الله، ويدعمه سلطان أبو العينين، المسؤول السابق لإقليم لبنان في حركة "فتح"،
وهو عضو في اللجنة المركزية بالحركة. وكذلك فإن مدير المخابرات العامة السابق توفيق
الطيراوي، الذي له علاقة وطيدة بالضباط الإسرائيليين، لا يخفي مساندته لدحلان. ويتحضّر
هذا الثلاثي (دحلان، أبو العينين، الطيراوي) ويسعى للسيطرة على قيادة "فتح"
بشكل كامل خلال المؤتمر العام السابع للحركة تمهيداً لوراثة أبو مازن.
تبدي مصادر فلسطينية عديدة في لبنان تخوفها من أن
يستطيع دحلان السيطرة على حركة فتح سواء في القيادة المركزية أو في إقليم لبنان، لأن
دحلان طالما وجّه اللوم العلني لعرفات في كامب ديفيد لأنه لم يقبل بما كان معروضاً
آنذاك، ومعلوم أن على رأس العروضات التنازل الكامل عن حق العودة وقضية اللاجئين. ومعنى
ذلك أنه في حال تسلّم دحلان مقاليد السلطة في «فتح» فإنه سيتنازل بشكل نهائي عن قضية
حق العودة، وسيسعى إلى شطب حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
وما يخيف كذلك أن الحديث عن عودة دحلان جاء في وقت
يشهد لبنان توترات مذهبية، وتحاول المخيمات والمرجعيات الفلسطينية تفادي الوقوع في
شراك الفتنة. ودحلان لن يتوانى عن تقديم خدماته الأمنية من أجل الوصول إلى أهدافه.
فبعد أيام على زيارة أم فادي عاش مخيم عين الحلوة اشتباكات عنيفة بين مجموعات محسوبة
على المسؤول السابق لـ«الكفاح المسلح» محمود عبد الحميد عيسى المعروف باسم «اللينو»،
وعناصر مسلحة أخرى أدّت إلى مقتل خالد المصري، مما اعتُبر مؤشراً خطيراً على توجهات
دحلان المستقبلية.
محمد دحلان ماضيه يُنذر بمستقبله؛ حيث حلّ سكنت
الفتن وكل أنواع الفساد، فهل يتدارك المسؤولون الفلسطينيون في لبنان انعكاسات عودته
على الوضع الأمن والسياسي والاجتماعي الفلسطيني؟
جماعة دحلان في لبنان
أ.ك
عميل للمخابرات الأمريكية منذ عام 1970. بدأ العمل
في خلية حركة فتح الأولى في منطقة رأس بيروت بدفع من الأمريكيين، وتعرف قيادة فتح عنه
ارتباطه هذا.
لديه علاقات واسعة بالسفارات الأوروبية والمؤسسات
الدولية والمنظمات غير الحكومية، وهذا يمكّنه من استخدام أموال ضخمة.
يتقرب دائماً من مواقع القرار في فتح، ويفتح خطوطاً
على جهات أمنية، وترافقه في زياراته للجهات الأمنية فتيات جميلات بشكل دائم.
سعى إلى الترويج لمشروع إنشاء أطر قيادية فلسطينية
غير الفصائل واللجان الشعبية بهدف إسقاط المرجعية السياسية الفلسطينية في لبنان، والدفع
باتجاه إيجاد مرجعيات انتفاعية مرتبطة بالخارج.
يشرف على إدارة مجموعة من التحركات الشبابية في
المخيمات.
م.ع
ضابط أمني في حركة فتح، يدير مجموعة من العناصر
يقدّر عددها بمئة وخمسين عنصراً.
يشبه دحلان في تهوّره ونرجسيته، يدخل في مغامرات
فاشلة، ويصارع زملاءه من أجل الإمساك بأكبر قدر من السلطة والمراكز.
عمل مع سلطان أبو العينين أمين سر حركة فتح السابق
في لبنان، وتجمعه علاقة جيدة بخالد عارف سفير فلسطين في البحرين، واحد مسؤولي فتح في
لبنان.
مرتبط بعلاقات أمنية واسعة مع جهات إقليمية ودولية،
واشتهر بأنه يروج لإشاعات وأكاذيب، ويسرّب معلومات عن مخططات لاغتيال شخصيات لبنانية
تبيّن أنها كاذبة.
يسمح له موقعه بالحصول على أموال ضخمة من جهات أوروبية
وعربية.
الانقسام السياسي في لبنان ساعده في الحصول على
دعم ضباط في مراكز أمنية، لكن الجميع يؤكد ضحالة تفكيره، وضعف قدراته.
أ إ ش
عضو في حركة فتح، سوري الجنسية، التحق بالثورة الفلسطينية
في بيروت، وصار يحمل رتبة عميد في حركة فتح، وتسلّم مسؤولية الاستخبارات العسكرية في
بيروت.
مقرّب من دحلان، رفض قرارات رئيس السلطة الفلسطينية
محمود عباس بمقاطعة زيارة جليلة دحلان زوجة محمد دحلان إلى لبنان، وكان في استقبالها
في مطار بيروت، ورافقها في بعض زياراتها.
قدراته السياسية والعسكرية ضعيفة، لكنه يحظى بدعم
أطراف مؤثرة.
له علاقات بهيئات شعبية يستغلها في تمرير أعمال
دحلان.
المصدر: مجلة فلسطين المسلمة