القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

رمضان في المخيمات استجلاب للفرح وسط الفقر والعوز

رمضان في المخيمات استجلاب للفرح وسط الفقر والعوز

/cms/assets/Gallery/1056/12.jpg

الأربعاء، 17 تموز، 2013

شعر سكان المخيمات من اللاجئين والنازحين بلذة خاصة في شهر رمضان المبارك، حيث تعبق رائحة التواصل والمحبة وتنتشر في زقاق المخيمات.

بينما تتزين البيوت المتلاصقة بأضواء شهر الخير والبركات وأنواره، لتعكس صورة النكبة واللجوء لصورة مضيئة مشرقة بمشاعر الأمل بحياة أفضل، وهي محاولات من أبناء المخيم لاستجلاب الفرح وسط حالة من الفقر والبطالة والعوز.

وتتجلى تلك المشاعر والأجواء الرمضانية الجميلة في «شارع السوق» الرئيس في كل مخيم، حيث يعجّ الشارع الرئيس بالمخيم بحركة كبيرة ونشطة خلال أيام شهر رمضان المبارك، فتنتشر عربات الباعة المتجولين التي يتضاعف عددها مع بدء شهر الخيرات.

وفي مشهد ينتظره أطفال المخيم كل عام، وما إن يعلن حلول شهر الصيام، تعلق الأضواء والأنوار على نوافذ البيوت وأسوارها في كل مكان بالمخيم، حيث لا يكاد يخلو بيت منها، فيُسر الناظر إليها، وتنسيه قليلاً عتمة المخيم وضيق المساحة التي يسير بها واكتظاظ الناس من حوله!

أما عن ساعة الذروة في «شارع السوق» التي تسبق أذان المغرب بساعة، فلها وصفها الخاص ونكهتها المميزة في المخيم، حيث لا تكاد تجد مكاناً لوضع قدمك والسير هناك أطفال ورجال وشبان يملؤون الطرقات.

أكثرهم يتزاحمون حول «بسطات» شراب التمر الهندي وعرق السوس والعصائر التي تلقى رواجاً في رمضان أكثر من غيره، إضافة إلى تسابق الناس لشراء الحلويات الشعبية كالعوامة والقطايف والبسبوسة والدحدح وكرابج الحلب التي تكاد تكون علامة خاصة بالمخيم، والتي تلقي بنكهتها المميزة على مائدة الإفطار.

ولطبيعته الساحرة بكل شيء، يمثّل شهر الصوم موسم رزق وخير وافر لكثير من الشبان العاطلين من العمل، حيث يجد الشباب ضالتهم في هذا الشهر من خلال عملهم في بيع العصائر الباردة والمصنوعة بنحو محترف.

حركة الأسوق في المخيمات تبلغ ذروتها قبل أذان المغرب بساعتين، حيث حركة البيع والشراء، ولطبيعة الجو الحار فالناس يطلبون العصائر الباردة بكثرة، وخاصة شراب التمر الهندي الذي له شعبية كبيرة هنا».

البيوت المتلاصقة في المخيمات تتلاصق معها المشاعر والصلات الأخوية، فما إن تُعَدّ مائدة الإفطار ويُسكب الطعام في الأواني، إلا وتكون هناك أطباق تسكب خصيصاً لجار عزيز أو عائلة مستورة، ليوثق بذلك أهالي المخيمات أواصر المحبة في شهر الرحمة.

وهي عادة تكاد تكون خاصة بأهالي المخيم، فهم معتادون تفقدَ بعضهم في الطعام أو حتى الحلويات التي يصنعونها باقي شهور السنة، لا في رمضان فقط، فكل شيء مشترك، الهموم والمشاكل والأفراح حتى الطعام.

ومع رفع أذان المغرب ويحين وقت الإفطار، يخلو «شارع السوق» وشوارع المخيم الأخرى وزقاقه من المارة، ويسود الهدوء المكان، ولا يسمع في الزقاق سوى أصوات الأواني وأحاديث الناس في أثناء تناولهم الإفطار، بينما يسارع الأطفال إلى تناول الطعام للخروج للعب في «الحارة»، حيث ينتشر أطفال المخيم في حارات المخيم وأزقته، وتعلو أصوات لعبهم ولهوهم بعد يوم صيام طويل.

ولعل اللعبة الأكثر شعبية في شهر رمضان هي تقليد المسحر، حيث يحمل الأطفال أواني معدنية ويطرقون عليها ويرددون العبارات التي يقولها المسحر «يا نايم وحِّد الدايم قوموا على سحوركم رمضان إجا يزوركم».

وتنتشر بينهم الأسلحة البلاستيكية والمفرقعات والالعاب النارية، في محاكاة لما يشاهدونه في التلفاز من اقتحامات جنود الاحتلال المخيمات والمدن والبيوت الفلسطينية، فتتحول حارات المخيمات إلى ما يشبه ساحة حرب حقيقية بفعل أصوات المفرقعات والألعاب النارية والأسلحة البلاستيكية. وما إن يحين موعد صلاة العشاء والتراويح، حتى يعج «شارع السوق» بالحياة من جديد، ويكتظ المارة فيه، يتسابقون للدخول إلى المسجد لأداء الصلاة جماعة في مشهد ترتاح له النفوس وتشتاق له القلوب.

وفي هذه الأثناء يجد الباعة وأصحاب البسطات أيضاً فرصتهم لترويج الخضار والفواكه والعصائر الباردة التي تكون هدفاً للعطاشى بعد يوم صوم طويل.

وبالرغم من الاوضاع المعيشية الصعبة وحالة العوز والفقر والحاجة الا ان أبناء المخيمات يحرصون على الحفاظ على العادات والتقاليد التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم من توطيد لصلة الرحم وإقامة الولائم في شهر رمضان، فيحرص كل أب على زيارة بناته وأخواته خلال شهر الخير، حاملاً معه الهدايا وبعضاً من المواد التموينية التي تلزم كل بيت خلال شهر رمضان المبارك.

هكذا يمضي اللاجئ الفلسطيني في مخيمات اللجوء يومه في شهر رمضان المبارك، محاولاً أن يتناسى قليلا هموم حياته التي أثقلها الفقر والبطالة وتقليص الخدمات المقدمة لهم من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

إضافة إلى المعاناة الكبيرة جراء اكتظاظ السكان في مساحات صغيرة ومحدودة لم تتغير منذ إقامة تلك المخيمات منذ أكثر من ستين عاما.

المصدر: السبيل– أيمن فضيلات