رمضان يافا.. الهوية الفلسطينية تعود لأرض
البرتقال
الأربعاء، 15 حزيران، 2016
لرمضان في مدينة "أرض البرتقال"،
رونق خاص يصر من خلاله الفلسطينيون رسم هوية المدينة العربية من خلال التحدّي والصمود
في وجه الاحتلال "الإسرائيلي" ومنغصّاته المتواصلة بحقهم دون انقطاع.
ففي مدينة يافا الفلسطينية الواقعة على
الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، يفرض شهر رمضان أجواءه المتواضعة في الأحياء والتجمّعات
السكانية العربية؛ فتزيين شوارع المدينة بالفوانيس والأهلة المضيئة، وتستهدي بنورها
فرق الفلكلور الفلسطينية في جولاتها الليلة على أنغام الأناشيد الرمضانية وقرع الطبول
وتصفيق الأطفال.
ولعلّ الأجواء الرمضانية في يافا التي تحولت
نسبة اليهود فيها إلى أغلبية بعد تهجير أهلها تحتل حيزا بسيطا، إلا أنها تضفي على المدينة
رونقا خاصا، كما يفيد رئيس "رابطة شؤون عرب يافا" عبد القادر سطل في حديثه
لـ "قدس برس".
ويشير عبد القادر سطل، إلى أن مساجد المدينة
تشهد حركة نشطة في شهر رمضان، وتمتلئ باحاتها وساحاتها المجاورة بالمصلين بشكل كامل
وخاصة من الشباب، كما تنشط حملات جمع الزكاة لصالح الفقراء والمحتاجين، فيما يشد العديد
من أهالي يافا الرحال إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة في رحابه.
ويعدّ مسجد "حسن بك" التاريخي
في حي "المنشية" من أبرز المعالم المعمارية الإسلامية والعربية القليلة في
مدينة يافا، والتي يتوافد إليها المصلّون خلال شهر رمضان بكثافة، لما له من رمزية تدّل
على الصمود في وجه الاحتلال واعتداءاته.
ويقول رئيس "رابطة شؤون عرب يافا"،
"مسجد حسن بك يعتبر من المباني القليلة التي سلمت من التدمير والخراب على يد العصابات
الصهيونية؛ فبقي بمئذنته التي تنافسها أبراجهم وعمارتهم كالشوكة في صدورهم، تذكرهم
بعروبة وإسلامية يافا التي يحاولون على الدوام دفنها وإخفاءها".
تكافل اجتماعي
وإلى جانب تنظيم فعاليات الإفطار الجماعي
في المساجد والمؤسسات الخيرية، يلتئم أهالي بعض الأحياء العربية على مائدة إفطار واحدة،
كتلك التي يقوم بإعدادها أهالي حي "العجمي" بحضور المواطنين الفلسطينيين
من المسلمين والمسيحيين، تجسيدا لوحدة أهالي المدينة العرب في مواجهة مخططات التهويد
التي تستهدفها.
ويضيف "في رمضان لا توجد عائلات تتسول
بحثا عن الطعام في يافا، فالطعام وفير ولا تدري هذه العائلات من أين يأتيها الطعام؛
فالكل يتسابق لفعل الخير وتقديم المساعدات في الشهر الفضيل".
كما تشهد المطاعم في يافا خلال رمضان، إقبالا
كبيرا من العائلات الفلسطينية والزوار الذين يتوافدون على المدينة التي عرفت قديما
بـ "أم الغريب" نظرا لحسن وكرم ضيافة الغرباء من قبل أهالي المدينة المعروفة
بجمالها وطبيعتها الخلابة ومعالمها الأثرية.
تضييق الاحتلال
وبالمقابل، فقد أشار الناشط الفلسطيني إلى
أثر الاحتلال في تغييب العديد من مظاهر رمضان، خاصة بعد أن أصبح الفلسطينيون أقلية
في المدينة؛ فهم يشكلون اليوم ما لا يزيد عن 35 في المائة من إجمالي سكانها البالغ
عددهم نحو 66 ألف نسمة.
فقد منعت سلطات الاحتلال منذ النكبة عام
1948، إطلاق مدفع رمضان والذين كان منصوبا بالقرب من أحد مقاهي المدينة الذي بات يعرف
باسم "قهوة المدفع"، قبل هدمه أيضا وإقامة صالة أفراح يهودية على أنقاضه.
كما يفتقد الفلسطينيون في يافا إلى
"مسحراتي" المدينة والذي غاب عن المدينة منذ احتلالها في عام 1948.
ومع ذلك، فقد حافظ أهالي يافا على الكثير
من مظاهر رمضان، حيث ينطلق الآذان من جميع مساجد المدينة ليصل كافة ضواحيها وحتى المناطق
التي يقطنها مستوطنون يهود، والذين يحاولون مرارا وتكرارا منع الأذان عبر تقديم شكاوى
للشرطة.
ولفت الناشط الفلسطيني اليافاوي إلى أن
شبان المدينة ينظمون مسيرات رمضانية خلال فترة السحور، يتم خلالها ترديد الأهازيج التراثية
الخاصة بشهر رمضان، في محاولة لإحياء تراث المدينة خلال شهر رمضان، إضافة إلى نشاطات
اجتماعية وخيرية أخرى، من بينها توزيع وجبات الإفطار على المرضى الفلسطينيين من أهالي
الضفة الغربية وقطاع غزة، والقابعين في مستشفيات المدينة.
ولفت إلى أن أهالي يافا يستغلون شهر رمضان
للتواصل مع أبناء شعبهم في الضفة؛ حيث يقومون بزيارات للمدن الفلسطينية وشراء كثير
من حاجاتهم لدعم الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام