دراسة لـ«الائتلاف اللبناني الفلسطيني» حول عمل اللاجئين:
رواتب 47 % من الشباب الفلسطينيين هي دون الحدّ الأدنى
الجمعة، 14 تشرين الأول، 2011
هي خطوة جديدة تضاف إلى الجهود التي يبذلها المجتمع الفلسطيني في لبنان لنيل أبسط حقّ يعطى لمجموعة مقيمة من الناس، الا وهو حقّ العمل. فبالأمس التأم عدد من الناشطين في المجال، عرباً وأجانب، بدعوة من «الائتلاف اللبناني الفلسطيني لحملة حقّ العمل» حول طاولة مستديرة لعرض نتائج دراسة «إمكانات الشباب والناشئين الفلسطينيين في لبنان».
وقد بدا لافتاً أن الدراسة أعدّت بغض النظر عن التشريعات النيابية التي أقرّت منذ سنة وشهرين من اليوم بعد مخاض عسير، والتي لم تدخل حيّز التنفيذ حتى الآن. وبالتالي أتت نتائجها غير متأثرة بالتاريخ «المفصلي» لانعقاد الجلسة الشهيرة.
وفي التفاصيل التي شرحتها الباحثة ليلى زخريا، تبيّن أن ثلثي العينة التي اختيرت للدراسة، والتي بلغت 416 شاباً وشابة من أحد عشر مخيماً، هم من الجامعيين أو من الحاصلين على تعليم نصف مهني لسنة أو أكثر. وقد اختار معظمهم المعاهد اللبنانية من أجل تحصيل علمي متقدم، علماً أن «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) هي المقدم الرئيسي للتعليم الأساسي والثانوي. كما ترّددت أكثرية الجامعيين منهم على الجامعة اللبنانية، لا سيما الشابات منهم، تليها «جامعة بيروت العربية».
وشكّلت المعاهد والمدارس التقنية اللبنانية المقدم الرئيسي للتدريب المهني إذ ارتادها 36 في المئة من العينة مقابل 34 في المئة ارتادوا معهد سبلين للتعليم التقني التابع لـ«الأونروا».
وكشفت الدراسة أن معظم الشباب الجامعي الذين شملتهم «لا يعتمدون على مصادر مساعدة لمواصلة تعليمهم ما يوحي أن البعض منهم ينتمي إلى أسر ذات دخل عال. بينما أشار 28 في المئة منهم إلى تلقيهم منحاً جامعية فيما عمل 11في المئة منهم لتغطية نفقات دراستهم».
وأوضحت الباحثة أن معدلات التوظيف لدى الشابات الجامعيات هي ضعف معدلات التوظيف لدى الشبان، موضحة أن ثلاثة من كل عشرة من مجمل العينة المستطلعة يعملون في مهن الاختصاص، أي كمدرسين، او عاملين اجتماعيين، أو عاملين صحيين، او مهندسين، او متخصصين في مجال الكومبيوتر والمحاسبة. وتصل نسبة الشابات المتخصصات اللواتي يعملن إلى 66 في المئة، مقابل 29 في المئة للشبان المتخصصين.
وتلفت الباحثة إلى أن اثني عشر من الشباب العاملين، تقدموا للحصول على إجازات عمل، لكنّ سبعة منهم فقط (5 ذكور وأنثيان) نجحوا في الحصول عليها في الأعوام الممتدة بين 2005 و2010. وهم أربعة يعملون في التمريض، ومدرس، واختصاصيان في تكنولوجيا المعلومات والكومبيوتر.
وقد تبيّن من خلال الدراسة أن أجور غالبية العمال من الفلسطينيين متدنية جداً، على اختلاف المهن وأرباب العمل (مع ارتفاع طفيف في القطاع الخاص) إذ تكشف أن 42 في المئة من العاملين يتقاضون بين 320 و500 دولار، فيما يحصل 47 في المئة من العمّال الفلسطينيين على ما هو دون الحدّ الأدنى للأجور.
وأظهرت الدراسة أن 68 في المئة من العمال الفلسطينيين يعملون في القطاع الخاص، وعشرة في المئة منهم في مراكز تابعة للأمم المتحدة، وستة في المئة لدى «منظمة التحرير الفلسطينية» وخمسة في المئة لدى الهيئات والمنظمات الأهلية.
ومن العينة، تبين أن سبعة من أصل عشرة عمال ملمون ببرنامج واحد من برامج الكومبيوتر على الأقل، فيما يملك واحد من أصل كل ثلاثة منهم جهاز كومبيوتر في بيته. ويساهم 71 في المئة منهم في دعم أسرهم مادياً.
إلى ذلك، أشارت الباحثة إلى أن الرواتب المنخفضة، تليها ندرة فرص العمل تشكل التحديات الرئيسة أمام اليد العاملة الفلسطينية، ويأتي من بعدها التمييز ضد الفلسطينيين و«الواسطة» والمحسوبية». كما أعلنت أن 41 في المئة من العينة المستطلعة اعتبروا أن التعديلات الأخيرة على قانون العمل اللبناني غير فعالة بالنسبة إليهم، على الرغم من أن 37 في المئة من المستطلعين اعتبروها إيجابية.
وبعد عرض نتائج الدراسة، ناقشها المجتمعون فأكدوا ما كانت مديرة «جمعية النجدة الشعبية» ليلى العلي قد أشارت إليه في افتتاح المؤتمر، من «ضرورة الاستثمار في الشباب لأنه استثمار للمستقبل والعمل على تحسين العلاقات اللبنانية - الفلسطينية بين الشباب».
وشارك وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور في الافتتاح، مؤكّدا انه «لا استقرار في لبنان بشكل عام من دون استقرار فلسطيني»، مطالباً بضرورة تقدير الطاقات الشبابية الفلسطينية «لأن لبنان يخسر بغياب الانتاجية الفلسطينية».
كما لفت إلى أن موضوع عمل الفلسطينيين لم يناقش من ناحية جدواه الاقتصادية، بل كان وما زال رهن التجاذبات السياسية والطائفية الضيّقة، وأكبر دليل «بقاء التعديلات القانونية حبراً على ورق»، ملمحاً إلى وجود من يريد لماضي العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية أن يحكم واقعها ومستقبلها.
نصح أبو فاعور بأن يعلو صوت الحراك الفلسطيني أكثر وأكثر.
من جهته، اعتبر السفير عبد الله عبد الله أن تطور الفلسطينيين في لبنان يعني تطور المجتمع اللبناني عموماً، مشيراً إلى ان الجامعة العربية أقرّت عمل الفلسطينيين في البلدان المضيفة.
وسأل كيف يمكن لمئة وعشرين مهندساً فلسطينياً ان يؤثروا سلباً على أكثر من ثلاثين ألف مهندس لبناني منتمين إلى نقابة المهندسين؟ وكيف يمكن لنحو مئة وخمسة وثلاثين طبيباً فلسطينياً أن ينافسوا عدد الأطباء اللبنانيين الكبير، علماً أنهم يعملون أصلاً ولكن يعرف عنهم «كعمال تنظيفات».
كما لفت إلى ان الفلسطيني المقيم يدخل ضمن الدورة الاقتصادية اللبنانية لأن أجره يصرف في لبنان وليس في أي بلد آخر، كما تفعل اليد العاملة الأجنبية الأخرى، كاشفاً أن عائدات الاغتراب الفلسطيني إلى لبنان تصل إلى أكثر من سبعمئة وسبعين مليون دولار.
يذكر أن المؤتمر أقيم بدعم من «الاتحاد الأوروبي» و«الوكالة الكاثوليكية للتنمية الخارجية» و«داياكونيا».
المصدر: مادونا سمعان - السفير