سفارات
السلطة سوق سوداء «للبزنس» على حساب القضية!
الخميس، 23 تموز، 2015
في فصل
جديد من فصول الابتزاز والاستغلال التي تمارسها سفارات سلطة رام الله حول دول العالم،
تسللت رائحة فساد بشأن متاجرة سفارتها بفنزويلا في منح الطلبة الأوائل، لتكشف الستار
عن وجه جديد من أوجه الفساد داخل وزارة الخارجية والدائرة السياسية لمنظمة التحرير
على حد سواء.
القصة
بدأت بإعلان السلطة عن توقف ألف منحة ماليزية قدمت لطلبة فلسطينيين في مجال الطب، بذريعة
ضعف هذا المجال هناك، "واكتشافها بأن مجمل من درس من الطلبة مستواهم الدراسي ضعيف
ومنهم من كان في مجال الادبي"، على ذمة وزير الخارجية رياض المالكي.
وقد تحدثت
صحف فنزويلية عما أسمته الفضيحة التي تمثلت في بيع هذه المنح لطلبة "غير متفوقين"،
ثبت ضعف تحصيلهم الدراسي لعدم "تطابق الشروط في اختيار الكفاءات"، ما أعطى
صورة سلبية عن الطلبة الفلسطينيين، وكانت بمنزلة طرقة قوية للخزان الذي سلبت منه السلطة
هذه المنح وتاجرت بها.
وأثناء
تقاسم السرقة، فضحت بعض الأطراف داخل السلطة حقيقة ما جرى في هذه المنح، إذ تم بيع
المنحة الواحدة بحوالي 7 آلاف يورو عدا عن رسوم الإقامة والسفر، مشيرة إلى أن ما يزيد
عن الفي منحة لم تفصح عن آليات التسجيل لها، ما ترك سؤالًا حول المعايير التي اختارتها
السفارة، كي ينكشف مؤخرًا أن ثمة تجاوزات وصلت الى حد السرقة.
عشوائيات
وشبهات فساد
زعمت
وزارة الخارجية أنه تم اختيار 40 طالبًا من قطاع غزة، إلّا أن وزارة التربية والتعليم
في القطاع نفت بشكل قاطع أي تواصل معها حول هذا الامر ما يطرح علامات استفهام حول كيفية
اختيارهم.
لم يمض
وقت طويل حتى تكشفت الإجابة عن طريق السفارة الفنزويلية في الأردن، التي قالت إنه تبيّن
ترشيح وزارة الخارجية الفلسطينية لعدد من الطلبة بعضهم غير حاصل على الثانوية العامة
اصلًا، وآخرون درسوا في الفرع الادبي، خاصة ممن تم ترشيحهم من الأردن وطلبة من الضفة،
بل ان منهم عددًا تبيّن انهم ليسوا من الطلبة اصلًا.
وترك
هذا الموقف الباب مفتوحًا أمام حقيقة الدور الذي تقوم به سفارات السلطة في دول العالم،
وكيف تم تحويل عدد كبير منها إلى مقار تجارية ومقامرة اقتصادية، بشهادة دبلوماسيين
ومسؤولين سابقين في وزارة الخارجية عايشوا تفاصيل مثيرة لأوجه فساد الخارجية وسفاراتها،
وقد تم عزلهم بقرار من عباس كي لا يكونوا شهودًا على فساد رجاله.
من بين
هؤلاء كان الدكتور محمود العجرمي وكيل وزارة الخارجية السابق، والذي عمل مسؤولًا في
سلك الخارجية لما يزيد عن عقدين قبل أن يعزله عباس لتعامله مع وزارة الخارجية التي
شكلتها حركة حماس، ورفضه الانصياع الى قرار التخريب الذي أصدره عباس آنذاك عام
2006م.
يؤكد
العجرمي أن بعض هذه السفارات جنت الملايين من الدولارات فقط من وراء فساد وسرقة المنح
الدراسية التي لا تخضع لجهة حكومية بعينها، وتعود إدارة ملفها لأكثر من جهة، من باب
تسهيل عملية السرقة.
وقال
العجرمي للرسالة، إنه على مدار العقود الماضية كان النصيب الأكبر من هذه المنح لأبناء
ونجباء موظفي السفارات عدا عن ابنائهم الذين يستنزفون من ميزانية السلطة ملايين الدولارات،
مشيرًا إلى أن قضية المنح تحولت الى "بزنس" تتاجر بها السلطة على حساب أبناء
شعبها.
ولفت
إلى عددًا من السفارات تحولت إلى سوق سوداء للتجارة من بينها المتاجرة بالسلاح كما
الحال في الهند، واضطرت السلطة آنذاك اقالة السفير خالد الشيخ بعد هذه الفضيحة، عدا
عن فضيحة وجود سلاح داخل سفارة السلطة في التشيك قبل الإعلان عن اغتيال السفير هناك
قبل عامين.
ونوه
إلى أن نبيل شعث شاهد على فساد سفارات السلطة في الهند، هذا عدا عن بعض السفارات التي
تحولت إلى بيوت دعارة، مستشهدًا باجتماع عقد بينه وبين سفير الصين لدى السلطة الذي
أبلغهم باقتحام الشرطة الصينية للسفارة الفلسطينية في بكين لاشتباههم بقضايا أخلاقية
و"ايدز"، وطلب يومها من نبيل شعث عدم اثارة هذا الموضوع اعلاميًا حرصًا على
سمعة الفلسطينيين.
ويكشف
العجرمي للمرة الأولى اثناء عمله كمساعد لوزير الخارجية في الحكومة العاشرة، سرقة موظف
من سفارة القاهرة لثمن تأشيرات وفيز مجانية من طاقم وزارة الخارجية برئاسة الدكتور
محمود الزهار آنذاك، دون أن يتخذ بحقه أي اجراء من السفير في القاهرة وقتها.
عدا عن
توجه وفد من رجال الاعمال في جنوب افريقيا بشكوى شخصية له وللزهار يومها، ضد السفير
هناك الذين اتهموه بإغراق بلادهم بالسوق السوداء ومضاربتهم فيها، فضلا عن أوجه الفساد
التي حقق فيها دون ان تخرج أي نتائج بشأن سرقة الملايين من الأموال في متاجرة سفارة
السلطة بالأراضي في السودان والصومال، دون أن يعرف اين ذهب ريعها.
ويبيّن
العجرمي عندما توجه بصحبة نبيل شعث إلى سفارة السلطة بكازخستان وجدها قد تحولت الى
بيت دعارة بحسب شكوى رسمية قدمتها الدولة المضيفة آنذاك، فضلا عن بيع احدى سفارات السلطة
في دولة افريقية في فضيحة سرعان ما لملمتها السلطة آنذاك.
ويكفي
أن تجبر السلطة الطلبة الفلسطينيين في مجمل دول العالم خاصة تلك التي تعاني من اضطرابات
سياسية لدفع أموال باهظة لقاء الحصول على تسهيلات ولو كانت بسيطة، كما يؤكد ذلك العجرمي.
وتواصلت
الرسالة مع الدائرة السياسية لمنظمة التحرير، الذي قال أحد مسؤوليها السابقين -رفض
الكشف عن اسمه -، أن المنظمة والسلطة متورطتان بما ما يجري بسفاراتهما في الخارج واصفا
اياها بالمهزلة.
وقال:
"تحولت إلى حالة من التجارة والغش، مستغلين اسم القضية الفلسطينية باستمالة قلوب
المحبين لها".
وتعهد
بأن يكشف للرسالة بالوثائق فضائح السلطة، مؤكدًا أن وزارة الخارجية في غزة، تملك وثائقًا
فيها ملفات كبيرة عن الفساد، الا ان جزء كبير منها قد تعرض للإتلاف في العدوان
"الاسرائيلي" على قطاع غزة 2008م، ولم تكن مؤرشفة الكترونيًا.
وعود
إلى سرقة المنح الدراسية، ذهب تيسير محيسن الذي يعمل دبلوماسيًا في سلك الخارجية بغزة،
للتأكيد بأن موضوع المنح الدراسية هي محل تلاعب من السفارات بشكل عام وهي تعد لدى بعضها أحد وسائل
الكسب المالي، من خلال استغلال التعاطف الدولي مع القضية.
وأوضح
أن هذه المنح تذهب لمن تربطهم علاقة جيدة مع القناصل والسفراء او الملاحق الثقافية
بالسفارات، على قاعدة القرابة او العلاقة التنظيمية والسياسية، وعلى مبدأ " خد
واعطي"، بمعنى المقايضة والابتزاز.
وشدد
على عدم وجود مراقبة في توزيع المنح الدراسية مبينا ان السفارة هي وحدها من تتحكم في
هذه المنح ولا تحيلها من الأصل الى وزارة الخارجية او التعليم، وتعمل على توزيعها كيفما
شاءت وبالطريقة التي تشاء.
وضرب
محيسن مثالًا على فساد سرقة المنح، منها الفضيحة التي أثارت في الهند قبل عدة سنوات
ضجة كبيرة، من خلال سرقة سفارة السلطة لحوالي 25 منحة سنويًا، وتوزيعها على قاعدة المحسوبية
عدا عن بيع بعض المقاعد بأموال باهظة، رغم انها مقدمة من كبريات الجامعات الهندية.
ويؤكد
المختصون أن سفارات السلطة لعبت دورًا مخزيًا في تخريب العلاقات الفلسطينية مع دول
لها امتداد عريق مع القضية الفلسطينية خاصة مثل الهند وجنوب افريقيا والصين، وهي دول
لم تتوانى السلطة لحظة لتفسد العلاقة معها، ما يدعو الى ضرورة فتح ملف السلك الدبلوماسي
للسلطة وإعادة وضعها على طاولة البحث لدى كل الفصائل.
وقد عبرت
الفصائل عن استنكارها لأوجه فساد السلطة، داعية إلى ضرورة فتح تحقيق جدي بشأنها، والعمل
على محاسبة كل المتورطين في هذا الملف الأسود.
المصدر: الرسالة نت