سهل البطوف.. القلب النابض لسكان الجليل
الثلاثاء، 02
حزيران، 2015
رغم تعرضه لمخططات صهيونية متسارعة لتهويده إلا
أن سهل البطوف يظل القلب النابض لسكان الجليل في الداخل الفلسطيني المحتل، والرئة التي
يتنفسون منها طلبا للرزق والعيش الكريم.
أطماع الاحتلال في السهل الذي شكل في الماضي مصدر
الرزق الوحيد لآلاف العائلات العربية، دفعته لمصادرة الأراضي وإخضاعها للمجالس اليهودية
فضلا عن التضييق على المزراعين ومنعهم، إلا أن الأهالي يواصلون الصمود والثبات في وجه
المخططات ويتصدون لها ويتمسكون بأرضيهم ويواصلون فلاحتها.
محاولات التهويد
وبحسب تقرير ميداني لموقع "عرب 48"
فإن الأهالي أكدوا رمزية السهل لبقائهم في الوطن، مؤكدين أن أي محاولة للمس بالأرض
لن يقفوا أمامها مكتوفي الأيادي، وأن لديهم الجاهزية والاستعداد للتضحية حفاظا على
الأرض والمسكن.
وتتراوح مساحة سهل البطوف ما بين 40-45 ألف دونم،
وتعود هذه الأراضي إلى البلدات العربية، سخنين، عرابة، عيلبون كفر مندا والعزير، وقسم
منها لقرية صفورية المهجرة إلا أنه تم مصادرة جميع أراضي قرية صفورية المهجرة وضمها
لكيبوتس يتفات، ومنذ عام 1961 تعاني الأراضي الزراعية في سهل البطوف من مشكلة عدم توفر
مياه للري، رغم شق مشروع المياه القطري فوق
أراضيها.
ويتعرض سهل البطوف لتهويده منذ قيام الكيان المحتل،
ففي البداية تم إخضاع كافة الأراضي في سهل
البطوف لنفوذ المجالس الإقليمية اليهودية، وذلك بقصد منع السلطات المحلية العربية من
التحكم واتخاذ أي قرار بخصوص التخطيط والتطوير لهذه الأراضي التي أضحت رهينة لمخططات
التهويد والاستيطان والمشاريع التوسعية للكيبوتسات والقرى التعاونية اليهودية التي
امتدت وإقامة مشاريعها على حساب الأرض العربية.
وتطل الحكومة الصهيونية بهذه المرحلة بمشروع يحمل
اسم 'تاما35'، وهو أحد أخطر المشاريع التي يتعرض لها سهل البطوف، وينص هذا المشروع
علی أن تتحول المنطقة إلى مناطق مناظر طبيعية، وبالتالي يمنع أصحاب الأراضي والمزارعين
من استخدام الأرض الزراعية وتطويرها.
عزوف ثم عودة للنشاط
ويشير التقرير إلى أن سهل البطوف شكل في الماضي بالنسبة إلى الآلاف العائلات العربية مصدر الرزق
الوحيد وكان أساسا لمعيشة الفلاحين في الجليل، وذلك عبر الزراعة التقليدية والأسواق
الزراعية الشعبية التي انتشرت بين السهول، إلا أنه ومنذ ثمانينيات القرن الماضي شهدت
الحياة الفلاحية عزوفا من قبل العائلة العربية
التي هجرت تدريجيا الفلاحة التي لم تعد تشكل
مصدر الرزق بسبب شح مسطحات الأراضي الزراعية الواسعة التي صودرت لصالح التوسع الاستيطاني.
وتعمقت أزمة الزراعة مع انعدام مياه الري وارتفاع أسعار المواد الكيماوية
والزراعية، بظل انشغال المواطنين وانخراط الغالبية الساحقة منهم في سوق العمل بعد المحاصرة
ومصادرة الأرض.
إلا أن منطقة سهل البطوف شهدت مؤخرا نشاطا ملحوظا
لتفعيل الزراعة التقليدية في سوق شعبي يعيد للسهل حيويته، حيث تنتشر البسطات والسقيفات
لعرض المحاصيل الزراعية وبيع منتجات تصنعها العائلة التي عادت مجددا للالتصاق بالأرض،
حيث تسعى من خلال العودة إلى السهل للتمسك بآخر ما تبقى لها من أراض وتطوير سياحة ريفية
تقليدية لجذب السياح والعائلات للتسوق والتنزه بين السهول وأحضان الطبيعة وتنشيط الحركة
التجارية الزراعية.
ورصد التقرير الميداني مشاهد العودة وإحياء المواسم الزراعية، تحدث مراسلنا إلى عدد من الفلاحين وأصحاب الأراضي الذين
أكدوا أن مخططات التهويد لسهل البطوف لن تثنيهم عن الالتصاق بأرضهم، وأن مثل هذه المخططات
الخبيثة لن تزيدهم إلا عزيمة وصلابة للتمسك بالأرض ومواصلة فلاحتها.
وأجمعوا أن سهل البطوف هو القلب النابض للسكان
العرب في الجليل، ويشكل الروح والرئة التي يتنفسون منها طلبا للرزق والعيش الكريم للبقاء
في الوطن، لذا يجزمون أنه في حال أية محاولة للمس بالأرض لن يقف السكان وأصحاب السهل
مكتوفي الأيادي حيال ما يتربص بهم، ولديهم الجاهزية والاستعداد للتضحية حفاظا على الأرض
والمسكن.
إحياء الأرض والاستعداد للمعركة
حفزت المعلومات التي تم تناقلها بخصوص مخطط تهويد
سهل البطوف، المزارع سعيد نصار بمزيد من العطاء والعمل بفلاحة الأرض، فمنذ أن شاع خبر
المخطط التهويدي يقول نصار "تزايد نشاط الفلاحين وتواجدهم المكثف في أراضيهم،
ونحن ندعو الأهالي من كافة قرى البطوف للعودة إلى الأرض وزراعتها والمكوث بها، وعلى
المجالس المحلية واللجان الشعبية أن تستعد لمواجهة خطر التهويد، أعتقد أن المخطط يستهدف
الإجهاز على آخر ما تبقى لنا من أرض، لذا علينا الاستعداد لهذه المعركة".
ويتفق المزارع صالح ياسين مع جاره في الأرض نصار،
ويعتقد أن الحراك الشعبي نحو الزراعة التقليدية نجح لحد كبير في استعادة الحياة للمكان،
واستذكر دور العديد من العائلات التي عملت في السنوات الأخيرة لدب الحياة في الأرض
وإنعاش السهل بعد أن أهمل لسنوات طويلة، وفي هذه المرحلة وعقب توارد الأخبار حول مخطط
التهويد الذي يستهدف سهل البطوف.
وتسعى العائلات من خلال خطوات عملية لتنشيط الحركة
الفلاحية والتمسك بالأرض وتعزيز العلاقات الاجتماعية خصوصا أن المئات يؤمون المكان
يوميا، لذلك يقول ياسين "يقوم الفلاحون ببيع منتوجاتهم من خضراوات ومحاصيل زراعية
قطفت من أراضيهم ما يشجع المواطنين التوافد إلى البطوف لاقتناء الخضراوات والبطيخ والشمام والمحاصيل دون أن ترش بمواد كيماوية".
وأضاف ياسين "لعل أهم ما يميز المحاصيل الزراعية
أنها طبيعية دون أي مواد كيماوية وذات نكهة خاصة، لذا نشهد إقبالا ملحوظا على التسوق والتجوال في سهل البطوف، عدا عن بسطات
بيع المحاصيل الزراعية، هناك الأكشاك وأفران الخشب البدائية، إذ تقوم النسوة بتحضير
الخبز العربي على الصاج مع الزعتر واللبنة، وتجلس العائلات لساعات حول الكارة والصاج
وقضاء ساعات طويلة من المتعة بأحضان سهل البطوف".
استهداف الهوية
لا يقتصر مخطط التهويد على سلب الأرض ووضع اليد
عليها، إذ يتم استهداف الهوية العربية والحياة التراثية من خلال الزج بالشراكة اليهودية
بكل ما يتعلق بمقترح السوق الشعبي الذي أعلنت عنه وزارة البيئة الصهيونية المشرفة المباشرة
على مشروع البطوف.
وبحسب المشروع، تقترح الوزارة تنظيم سوق شعبي
عربي يهودي يومي الجمعة والسبت في محاولة منها لفرض الوجود اليهودي بالمكان، وبسط النفوذ
على الأرض وتقاسم المشاريع والصناعات التقليدية والمحاصيل الزراعية التقليدية مع العرب،
تقول المزارعة آمنة الشاذلي "علمنا أنه سيتم تنظيم سوق عربي يهودي شعبي، لكن نحن
لا نفهم كيف ولماذا، علما أن بعض المزارعين ينتظرون السوق على أمل أن تكون حركة شرائية
وتسويق لمنتوجاتنا".
وحول مخطط التهويد، أضافت الشاذلي "تناقلت
المعلومات بموجد مخطط في محاولة للسيطرة على سهل البطوف، لكن لا نعرف تفاصيل المخططات،
وعلمنا أنه بحث الأمر في بلدية سخنين واتخذت
قرارات بمواجهة المخطط، لكننا نؤكد، لن نتزحزح عن آخر ما تبقى لنا من أرض بعد أن صادروا
كل أراضي العرب".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام