القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

سوق الخضار في عين الحلوة.. يختصر المخيم ويتسع للجميع

سوق الخضار في عين الحلوة.. يختصر المخيم ويتسع للجميع
 

محمد أبو ليلى /خاص «لاجئ نت»

بعيداً عن السياسة وهمّها، وعن قوانين الظلم ضد اللاجئين الفلسطينيين وشرعيتها، وعن همّ التضييق على مداخل المخيمات وسياستها، وبعيداً عن آلام الأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة وجرحها، تبقى الحركة الاقتصادية التي يتمتع بها مخيم عين الحلوة فسحة أمل في هذا الظلام.

ومخيم عين الحلوة معروف بالعديد من الامتيازات عن غيره من المخيمات، أبرزها مساحته البالغة حوالي 1.5 كلم2، ويقطنه نحو 65000 لاجئ فلسطيني هجروا من ديارهم إبان نكبة عام 1948. وهو أحد المخيمات الفريدة بتعدد الفصائل والقوى البالغة نحو ثلاثين فصيل إسلامي ووطني.

إلا أن أبرز تلك المميزات التي يتمتع بها ذلك المخيم الكبير، هو سوق الخضار الواقع في وسطه، والبالغ طوله نحو 400م، ويعتبر من أحد المداخل الأساسية لأحياء الصفورية والمنشية وعمقا والسميرية.

وفي سوق المخيم يُرى باعة الفاكهة والخضار في كل مكان، ففي طول السوق وعرضها ينادي البائع وبدون حرج مدللاً على بضاعته وطلباً لرزقه بصوت عالي «يللا يا بندورة.. 3 كيلو بألف البندورة»، وآخر ينادي «كيس البطاطا بـ 5000». وهكذا هي أسعار بقية الخضار والفاكهة بأسعار مقبولة جداً، وتنافس أسواق مدينة صيدا.

يستيقظ أغلب البائعين فجراً ليتسوقوا بضاعتهم من سوق الحسبة المطل على الجهة الجنوبية للمدينة، وهو المصدر الوحيد لتزويد صيدا وضواحيها بشكل عام ومخيم عين الحلوة بشكل خاص بالخضار. ويدخل إلى عين الحلوة من الحسبة كميات كبيرة من الخضار يومياً، الأمر الذي يجعل الحسبة تعتمد على المخيم كثيراً، مما يؤدي إلى تكبّدها خسائر فادحة فيها إذا كانت ظروف المخيم الأمنية لا تسمح بمرور الخضار والفواكه إليه. وهذا ما يشير إلى دور المخيم المهم في العجلة الاقتصادية في صيدا.

ازدحام متعدد الجنسيات

أما عن ازدحام الناس داخل السوق فحدّث عنه ولا حرج، حيث يدخل سوق الخضار الآلاف من النساء والرجال من أجل التبضع وتأمين لقمة الطعام إلى بقية أفراد العائلة، حيث لا يمرّ يوم على مدار الأسبوع يكون فيه سوق الخضار خالياً، ويبدأ الازدحام من الساعة العاشرة صباحاً إلى الثانية ظهراً، وبعد ذلك الوقت تبدأ المشتريات تتركز على الثياب والإكسسوار فقط.

وتتنوع جنسيات البائعين في السوق، ففي أوله من الجهة الشرقية الى نهاية الجهة الغربية منه، محلات يستأجرها شبان يحملون الجنسية السورية، حيث تصل نسبة المحلات المستأجرة في السوق إلى 70% للسوريين فقط، تتوزع في بيع الثياب والإكسسوار والبرادي والأحذية وصولاً إلى الحلويات والعصير وبأسعار متدنية جداً، فالبيجامة الرياضية –مثلاً- التي تباع بـ 40$ في المحلات العادية تباع عند السوريين فقط بـ 20$. وتعدّ «محلات السوريين» الأكثر جذباً للمتسوّقين الفلسطينيين واللبنانيين حيث يتوافدون من منطقة سيروب ومخيم المية ومية وحي الفيلات ومدينة صيدا إلى سوق الخضار داخل المخيم للتبضع من المحلات السورية.. «محلات السوريين بتفش الخلق»، يقول بعض المتسوقين.

وإضافة إلى الجالية السورية، فإن الجالية المصرية أيضاً تتواجد في سوق الخضار ولكن بنسبة قليلة جداً، ويقتصر عملها على بيع الأحذية وتصليحها.

وفي سياق تعدد الجنسيات بين البائعين، فإن التعدد أيضاً يشمل المتسوقين حيث تقارب نسبة المتسوقات اللبنانيات في عين الحلوة 20% من المتسوقين الذين يحضرون يومياً إلى السوق. وعند سؤالهن لماذا الدخول إلى مخيم عين الحلوة للتسوق، يأتيك الجواب «هون ارخص بكثير».

ومع اقتراب شهر رمضان المبارك وأجواء الاعياد، لبس السوق حلّة مختلفة، حيث الزينة الرمضانية تملأ كل مكان إضافة إلى الأناشيد، وسيستمر الفرح والسرور لاحقاً –إذا لم يحدث طارئ- إلى ما بعد شهر الخير والبركة، فحين يطلّ هلال العيد يغدو السوق أمل آلاف اللاجئين من ذوي الأوضاع الاقتصادية المتدنية الذين يشترون الحلويات والملابس لأطفالهم بأسعار متدنية، حيث يبقى السوق متاحاً للمتسوقين حتى ما بعد منتصف الليل.

دعوة لتنظيم السوق

إذاً، سوق مخيم عين الحلوة له جملة من الامتيازات حيث يجتمع فيه الصغير والكبير، والسوري والفلسطيني واللبناني والمصري، إلا أن تلك الامتيازات بحاجة إلى رعاية واهتمام المعنيين بالنظام في المخيم، حيث يفتقد السوق إلى من يمنع حدوث الكثير من المشاكل داخله، ويفتقد إلى من ينظم سير العربات وتدافع الناس ودخول السيارات في ظل ازدحام الناس بشكل كثيف، وبالتالي للسوق أولية على اللجان في المخيم متابعته، وذلك من أجل الحفاظ على سير البيع من جهة وعلى أمن السوق والأرزاق من جهة أخرى.

ختاماً، لا بدّ من الإشارة إلى أنه يجتمع في سوق المخيم فيه كافة أطياف الشعب الفلسطيني، فلا نعرات فصائلية بين البائع الإسلامي أو الوطني، وفيه يشكو الناس معاناتهم اليومية، وفيه يلتقي الناس لتناول آخر المستجدات وأوضاع مخيمهم، وفيه يمكن للمرء أن يستنتج مدى انسجام اللاجئين الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين فيما بينهم، متجاوزين كل الخلافات على قاعدة أن «السوق للجميع، وفيه يلتقي الجميع».