أزمة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان ...أهي حقيقية أم مفتعلة؟
ومن المسؤول عن حماية هذه المؤسسة الوطنية الحيوية؟
مقدمة:
جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان هي إحدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتتبع مباشرةً لإدارة الصندوق القومي الفلسطيني. أنشئت هذه الجمعية في نهاية ستينات القرن الماضي لتقديم الخدمات الطبية والصحية للاجئين الفلسطينيين في مراكز الشتات الفلسطيني، وكذلك للقوات العسكرية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية وبقية الفصائل الفلسطينية في لبنان، حيث أقامت هذه الجمعية العديد من المستشفيات والمراكز الصحية المختلفة في المخيمات الفلسطينية، وفي ضواحي المدن اللبنانية، وقد تركز نشاطها على الاستشفاء وخدمات الطوارئ والإسعاف، لتغطي جزءاً كبيراً من تقصير الأونروا في هذا المجال، وأيضاً لتسد فجوة إحجام الحكومات اللبنانية المتعاقبة عن تقديم خدمات طبية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
مستشفيات الجمعية:
أسست جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني العديد من المستشفيات منها:
- مستشفى صفد – الشمال، مخيم البداوي.
- مستشفى الناصرة – البقاع، بر الياس.
- مستشفى القدس – بيروت (أغلق بسبب الحرب الأهلية عام 1975).
- مستشفى عكا – بيروت (أغلق العديد من أقسامه).
- مستشفى غزة – بيروت ( أغلق بعد مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982).
- مستشفى حيفا – بيروت، مخيم برج البراجنة.
- مستشفى الهمشري – صيدا، منطقة الهمشري.
- مستشفى بلسم – صور، مخيم الرشيدية.
مستوصفات وعيادات الجمعية:
هناك العديد من المراكز والمستوصفات الطبية المنتشرة في المخيمات الفلسطينية، بدءاً من نهر البارد وصولاً الى مخيمات صور وهي كالتالي:
- عيادة البارد - الشمال - مخيم نهر البارد.
- عيادة الجليل - البقاع - مخيم الجليل.
- عيادة عكا - بيروت - بئر حسن.
- عيادة شاتيلا - بيروت - مخيم شاتيلا.
- عيادة مار الياس - بيروت - مخيم مار الياس.
- عيادة سعيد صايل - صيدا - مخيم عين الحلوة.
- عيادة القاسمية - صور - تجمع القاسمية.
- عيادة البص - صور - مخيم البص.
- عيادة البرج الشمالي. - صور - مخيم البرج الشمالي
إدارة الجمعية:
تعود رئاسة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني للدكتور يونس الخطيب، ومقر إدارته في رام الله – فلسطين.
يدير الجمعية في لبنان مجلس أمناء يرأسه أمين السر الدكتور محمد عثمان ويساعده العديد من الأطباء، منهم الدكتور صلاح الأحمد مدير الخدمات الطبية.
بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982، استمرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في عملها داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية حتى يومنا هذا.
مصادر التمويل وآلية العمل:
تتلقى الجمعية الدعم المالي من خلال الصندوق القومي الفلسطيني وبعض الجمعيات المانحة التابعة للاتحاد الأوروبي وعدد من المؤسسات الدولية المانحة كاليونيسف، التي كانت تعمل على تزويد جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بالتجهيزات والمعدات الطبية، وتغطي بعض البرامج الطبية المختلفة.
خلال السنوات الخمس الماضية بدأت الأونروا بالتعاقد مع مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان أسوة ً بالمستشفيات الخاصة، وأصبح الكثير من اللاجئين الفلسطينيين يتلقون العلاج في مستشفيات الهلال على نفقة الأونروا، بما فيها أقسام التوليد.
وقد اشترطت الأونروا على الجمعية تحسين خدماتها الفندقية داخل المستشفيات ليستمر التعاقد معها، حيث تم إجراء بعض التحسينات لتتماشى مع الحد الأدنى من المعايير التي يجب أن تتوفر في المستشفيات (صرفت إدارة الهلال مبلغ 250 ألف دولار لتحسين الخدمات الفندقية).
تقوم بعض الجمعيات الدولية الأخرى كالصليب الأحمر الهولندي بتغطية نفقات علاج الفلسطينيين من فاقدي الأوراق الثبوتية، كما يقوم الهلال الأحمر القطري بتغطية نفقات حالات الطوارئ، وحالات العظام عند الأطفال وعمليات الولادة القيصرية في هذه المستشفيات.
أوضاع الأطباء والموظفين:
رغم تنوع مصادر دخل مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان، إلا أن أوضاع الأطباء والموظفين بهذه الجمعية ما زالت بائسة، حيث من المفترض أن يُحسِّن تنوع مصادر الدخل من مستوى الخدمات، ويُحسِّن من دخل الأطباء والممرضين والإداريين والعاملين في هذه الجمعية، في ظل الغلاء المعيشي المتفاقم. فدخل الطبيب يتراوح بين 500$ الى 700$ أمريكي والممرض 400$ وكذلك العاملين.
وقد أضرب موظفو مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني احتجاجاً على سوء أوضاعهم المعيشية، وذلك خلال شهر آذار عام 2011 مطالبين رئاسة الجمعية وإدارتها في رام الله ولبنان بإنصافهم من ناحية الأجور والضمان الإجتماعي وتطوير كفاءاتهم، واتهم المعتصمون رئاسة الهلال الأحمر الفلسطيني بممارسة سياسة الجور والظلم والهدم التدريجي لهذه المؤسسة الوطنية.
أزمات الجمعية المستجدة:
إثر هذه الاحتجاجات التقى وفد من مؤسسة "شاهد" لحقوق الإنسان، إدارة الهلال المركزية في بيروت وناقش معهم الأوضاع المتردية التي تمر بها المستشفيات وموظفيها.
وكان ذلك خلال شهر آذار سنة 2011، حيث تم الاستفسار عن واقع مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني وما يواجهها من مشاكل.
وقد أوضح حينها الدكتور محمد عثمان أمين سر الجمعية في لبنان، بأن الظروف معقدة وغيرمقبولة، وأن الجمعية قامت بتحسين خدماتها ليتسنى للأونروا التعاقد معها، وقد تبنَّت السلطة الفلسطينية بعد هذه الاحتجاجات التي حصلت في آذار 2011 صرف الرواتب الى الموظفين والأطباء بحدودها الدنيا، والتي لا تغطي الحد الأدنى من تكاليف الحياة. وكما يقول الدكتور محمد عثمان فإن الجمعية في لبنان تدفع ما قيمته مبلغ 130 ألف دولار امريكي فارق الرواتب من إيراداتها المحلية، وهذا ما يسبب الأزمة المالية لدى الجمعية. هذا الواقع المتردي وعدم توفر موازنات التشغيل منذ ما يزيد عن خمسة أشهر متتالية، أدى الى حدوث أعطال في بعض المستشفيات، وعلى سبيل المثال في مستشفى بلسم - مخيم الرشيدية، حيث توقف مولد الكهرباء عن العمل أثناء النهار، ولساعات طويلة بسبب عدم توفر مادة المازوت وعجز إدارة المستشفى عن سداد التزاماتها لمحطات الوقود، كذلك النقص الشديد في الأدوية وغيرها من مستلزمات العمل.
وقد لجأت إدارة الهلال الأحمر الفلسطيني في بيروت الى اقتطاع جزء كبير من إيرادات المستشفيات الأخرى لتغطية العجز في تشغيل بقية المستشفيات، مما أدّى الى وقوع جميع المستشفيات تحت العجز وعدم القدرة على توفير متطلبات التشغيل من المحروقات والأدوية الضرورية للإستشفاء، فضلاً عن اقتطاع جميع الحوافز المستحقة للموظفين، وبالتالي أدّى ذلك الى تفاقم المشكلة ورفض بعض المستشفيات "مستشفى صفد" السياسة الجديدة للإدارة الحالية. وقد أعلنت إدارة مستشفى صفد عن خشيتها من أن استمرار اعتماد سياسة اللامبالاة من قبل المعنيين، قد تؤدي الى توقيف أخصائية التغذية عن العمل، وتوقيف العمل بقسم التعقيم، ووقف تشغيل مولدات الكهرباء عند انتهاء المخزون من المحروقات، كما تَوقف عن دفع رواتب عمال النظافة، الذين لم يتقاضوا مرتباتهم منذ شهر أيلول/ 2012، وطالبت إدارة مستشفى صفد والعاملين بها الإدارة المركزية بتوضيح آلية إنفاق الإيرادات المحصلة منذ سنوات عدة وكيفية صرفها، وأكّدوا على المطالب التالية:
1- دفع رواتب العاملين في بداية كل شهر دون تأخير.
2- دفع الموازنات التشغيلية المتأخرة من شهر تموز حتى كانون أول 2012، لتتمكن المستشفيات من تسديد فواتير الأدوية والمواد الطبية اللازمة والمحروقات.
3- زيادة الـ40% للأطباء الذين لم تشملهم الزيادة.
4- صرف التعويضات للعاملين خصوصاً الذين تقاعدوا.
5- توفير ضمان صحي للعاملين جميعاً وبشكل واضح وشامل.
6- تعيين البدائل للأفراد الذين يتقاعدون أو يقدموا استقالتهم، وقد حمّل الموظفون إدارة الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان مسؤولية التخبط في اتخاذ القرارات، التي انعكست سلباً على أداء هذه المستشفيات.
7- تكليف مكتب تدقيق محاسبي قانوني لتحديد آليات إنفاق ايرادات مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان، ونشر البيانات المحاسبية الخاصة بها.
مساعي المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" في هذا الإطار:
إننا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" قد بادرنا مرة أخرى بلقاء إدارة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان، وذلك بتاريخ 15/11/2012 وتم نقل هواجس موظفي المستشفيات، وكذلك هواجس عموم اللاجئين من سياسة تهميش المستشفيات وخشية إغلاقها، إلا أن الطاقم الإداري برئاسة الدكتور محمد عثمان والدكتور صلاح الأحمد والدكتور علي عبد الله .. أشاروا الى أن هذه أزمة عابرة، وطالبوا يومها السلطة الفلسطينية بضرورة تبنى دعم هذه المستشفيات وتطوير معداتها.
ولم يقتصر دور "شاهد"عند هذا الحد، بل بادرت "شاهد" بالتواصل مع أمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان الأستاذ فتحي أبو العردات، حيث تم نقل الصورة بتفاصيلها، وقد وعد برفع توصية الى الرئاسة في رام الله بهذا الشأن، واعداً بإيجاد حلول لهذه المشاكل.
كما التقى وفد "شاهد" السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، وطالبه بتحمل المسؤولية تجاه هذه المؤسسات، كي تستمر في أداء خدماتها، خصوصاً أنها من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وقد وعد السفير الفلسطيني بالسعي الجاد، والعمل على رفع التوصيات الى القيادة الفلسطينية في رام الله.
لكن الحقيقة المرَّة، تكمن في أن هذه المستشفيات، تُرِكت حتى الآن تواجه المصاعب المالية، وبالتالي انعكس ذلك سلباً على أدائها في خدمة اللاجئين، وأصبح موظفوها يرفعون الصوت عالياً بضرورة تحمل المسؤولية المباشرة، لما وصلت إليه الحال في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان.
مطالبات وتوصيات "شاهد":
إننا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" نطالب بالتالي:
- ضرورة اعتماد مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان كجزء من وزارة الصحة الفلسطينة وتحسين رواتب موظفيها.
- ضرورة العمل الفوري على دعم هذه المستشفيات للقيام بدورها والحفاظ على مصداقيتها تجاه اللاجئين.
- ضرورة توفير ضمان صحي شامل لموظفي الهلال الأحمر الفلسطيني أسوةً بموظفي السلطة الفلسطينية وأفرادها.
- ضرورة صرف تعويضات نهاية الخدمة للأفراد الذين شملهم نظام التقاعد.
- ضرورة العمل على تطوير معدات المستشفيات، لتتمكن من مواكبة التطور العلمي والتقني وتقديم خدمات أفضل.
- ضرورة تحسين الأونروا لشروط تعاقدها مع مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني أسوة ً بالتعاقد مع المستشفيات الخاصة.
- ضرورة اعتماد نظام إداري فعَّال وشفَّاف يمكّن من ترشيد الإنفاق، ويمكّن جميع الموظفين من الاطلاع على السياسات المالية المعتمدة.
- ضرورة الإبقاء على العيادات والمستوصفات داخل المخيمات وتفعيل دورها بدلاً من تحويلها الى مراكز صحة مجتمعية لا يستفيد منها عموم اللاجئين.