ضياء وهديل... شهيدا الفجر في الخليل
الأربعاء، 23 أيلول، 2015
كان العشاء الأخير، واللقاء الأخير الذي جمع الشهيد ضياء التلاحمة (23 عاماً)
بعائلته، مساء الإثنين، قبل أن تتلقى العائلة نبأ استشهاده من جنود الاحتلال الإسرائيلي
عند اقتحامهم المنزل فجر أمس الثلاثاء.
الحكاية يرويها عبد الحليم التلاحمة والد الشهيد لـ"العربي الجديد"،
ويقول: "عاد ضياء من جامعة القدس لتمضية عطلة عيد الأضحى المبارك معنا، ومن ثم
اصطحبته للعمل معي في ورشة للبناء، حتى المغيب، وبعدها توضأنا وصلينا وتناولنا طعام
العشاء مع العائلة، ولم نكن نتوقع أبداً بأن يكون العشاء الأخير".
ويضيف الوالد "ارتدى ملابسه الرياضية كعادته، وذهب إلى النادي، لممارسة
رياضة كمال الأجسام"، ومع منتصف ليل الإثنين، خرج التلاحمة برفقة أهل قرية خرسا،
غربي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، بعد تلقيهم نبأ استشهاد شاب فلسطيني
برصاص الاحتلال على مفرق القرية".
ويقول: "لم يكن لدينا علم بأن الشهيد هو ضياء، جنود الاحتلال منعوا الإسعاف
وأهالي القرية من الاقتراب، وبعد قيام جنود الاحتلال بحجز الجثمان، عدنا إلى المنزل.
وعند الساعة الثالثة فجراً اقتحم جنود الاحتلال منزلنا وأخضعونا لتحقيقٍ ميداني، وعن
طريق هاتف أحد ضباط جنود الاحتلال، استطعت التعرف إلى هوية ضياء، والذي أبلغني الجندي
أنه استشهد".
ويشير التلاحمة إلى أن "جنود الاحتلال قاموا بتصفية ضياء، وتركه ينزف لأكثر
من أربع ساعات، ومنعوا طواقم الإسعاف من الاقتراب وتقديم المساعدة له". ويرفض
الأب كل ما قيل عن أن ابنه كان يحمل عبوة ناسفة قبل استشهاده. ويقول "سمعنا من
وسائل الإعلام فقط أنه حاول تفجير عبوة بدورية للاحتلال، لكن هذا الشيء لم يكن واضحاً
عند تسلّمنا الجثمان، وما شاهدناه هو رصاصات للاحتلال في الرأس والوجه". ويُعتبر
ضياء التلاحمة شخصية اجتماعية، ويصفه والده بـ"المحبوب جداً في العائلة، بل الشخصية
الاجتماعية الشجاعة التي لا تخاف شيء، ومثال للرجل الملتزم دينياً واجتماعياً".
تأثر ضياء كثيراً بالأحداث في المسجد الأقصى، والحفل الغنائي الراقص في باحات
الحرم الإبراهيمي، وكان غاضباً لما يجري من تدنيس وما يقابله من صمت مقابل ذلك. وعبر
الكثير من منشوراته عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كان يطالب الفصائل
الفلسطينية بـ"التدخّل لحماية الفلسطينيين عن طريق تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية
والردّ على جرائم الاحتلال".
ولضياء شقيق أسير في سجون الاحتلال أمضى نحو 28 شهراً في الاعتقال الإداري وما
زال، وشقيق آخر محرر، وأب اعتقل ثلاث مرات. ورأى الأب نفسه فخوراً بالطريق التي اختارها
ابنه، وأصرّ أيضاً أن يكون إماماً في صلاة الجنازة، وكذلك أن تواري يداه ضياء إلى مثواه
الأخير.
ووجّه عبد الحليم التلاحمة رسالة إلى السلطة الفلسطينية، يدعوها لـ"التحرك
لمحاكمة الاحتلال على جريمة اغتيال ابنه وتصفيته، وتركه ينزف حتى الموت". ودعا
الفصائل الفلسطينية إلى "الاتحاد لمقاومة الاحتلال"، كذلك وجه رسالة للشعب
الفلسطيني بضرورة التحرك والوقوف في وجه المحتلين.
كذلك استشهدت أمس، هديل الهشلمون (18 عاماً)، متأثرة بجراحها التي أصيبت بها
في الخليل. وقال والد الفتاة صلاح الهشلمون لـ"العربي الجديد" إن "الأطباء
المشرفين على علاج هديل أبلغوه في اتصال هاتفي فشل المحاولات والعمليات الجراحية التي
أجريت لها من أجل إنقاذ حياتها". ونفى والد الفتاة ادّعاءات جنود الاحتلال محاولة
هديل طعن جندي متواجد على الحاجز.
ولفت إلى أن "كاميرات المراقبة منتشرة في المكان، وهي الوحيدة التي يُمكن
أن تُثبت صحة ذريعة الاحتلال أو كذبها". وهديل الهشلمون في سنتها الأولى بتخصص
الشريعة الإسلامية في جامعة الخليل. وكانت بحسب والدها "تبحث في كثير من الأوقات
عن استقرارها في الحياة، وتفكر في الزواج وانجاب الأطفال كونها تحبهم كثيراً. وهذا
دليل كبير على كذب الاحتلال في تلفيق تهمة الطعن كما يقول. ويضيف "ليس هناك شيئ
ما يدفع بنتي لتنفيذ عمل من هذا القبيل، لأنها تعشق الحياة وترغب في النجاح في الجامعة".
المصدر: العربي الجديد