طفولة تحت التعذيب في سجون الاحتلال
الأربعاء، 01 نيسان، 2015
اعتداء بالضرب ونهش بالكلاب وتفتيش عار وجر بالحبل.. نماذج لما يمارسه
الاحتلال الصهيوني من تنكيل بحق الأطفال الأسرى في سجونه، حيث كشفت شهاداتهم عن حجم
التعذيب النفسي والجسدي الذي يتعرضون له، في ظل صمت رسمي ودولي عن مأساة الأطفال القابعين
في أقبية الاحتلال.
وفي تقرير وزعه مكتب إعلام الأسرى، وحصل عليه "المركز الفلسطيني للإعلام"
اليوم الثلاثاء، قال إن قوات الاحتلال تعمدت في الآونة الأخيرة استهداف الأطفال بشكل
متزايد منذ انتهاء الحرب الأخيرة على القطاع، كما تخضعهم لظروف اعتقال وأساليب تحقيق
قاسية بحقهم، كالتعذيب اللفظي والنفسي والجسدي، لا سيما الإهمال الطبي المتعمد بحق
المصابين منهم أثناء اعتقالهم والمرضى.
تنكيل بالأطفال
وذكر "إعلام الأسرى" شهادة الطفل حمزة أبو هاشم (16 عاما) من
بلدة بيت أمر شمال الخليل، والذي اعتقلته قوات الاحتلال من حول منزله القريب من مستوطنة
كرمي تسور المقامة على أراضي بيت أمر، بعد مهاجمة عدد من الجنود له وإطلاق الكلاب البوليسية
نحوه لتنهشه، وتعرض على إثرها لإصابات في صدره.
كما انهال عليه الجنود بالضرب، وتم نقله إلى المستوطنة ثم إلى المستشفى
بسبب وضعه السيء ليمكث هناك ثلاثة أيام تعرض خلالها لإهمال طبي، ثم نقل إلى مركز تحقيق
عتصيون لمدة ثلاث ساعات.
وقال الطفل أبو هاشم: "كان الأسلوب سيئا ويسألني المحقق بعصبية مطالبا
إياني بالاعتراف أنني كنت أرشق الحجارة، ثم نقلت إلى عوفر وأمضيت 3 أشهر، وكانوا يهددوني
بالحكم 18 شهرا أو 10 أشهر كنوع من التعذيب، هذه رابع مرة يتم اعتقالي فيها وأول مرة
اعتقلت وأنا في الرابعة عشرة من عمري".
ولا يختلف الأمر كثيراً مع الأسير المحرر الطفل علي عبد الله صالح سويدان
16 عاما من سكان بلدة عزون قضاء قلقيلية، والذي فوجئ بتاريخ (12-9-2013) بهجوم أحد
المستوطنين عليه عند بوابة عزون، وهو يضربه بعصا على كافة أنحاء جسمه.
ويروى سويدان: "ثم حضر جنود الاحتلال وانهالوا عليّ بالضرب على بطني
ووجهي وظهري ورأسي، ثم ألقوني على الأرض مكبلاً بحبل وجروني على الأرض حتى وصلوا بي
إلى الجيب العسكري، ونقلوني إلى أحد المعسكرات، وهناك قاموا بتفتيشي "عاريا"،
وخلال التفتيش مزق الجنود ملابسي، وأجلسوني في ساحة المعسكر.
ولم يكتفوا بذلك بل كل جندي كان يمر يضربه، حتى قام أحد الجنود بإطفاء
سيجارته المشتعلة بشفته السفلى، ثم نقل إلى مستوطنة "ارئيل"، وهناك هدده
المحققون لكي يعترف، قائلاً: "حتى وضع أحدهم سلاحه على رأسي وأجبرني أن أبصم على
أوراق باللغة العبرية، وحكم علي بعدها بالسجن 16 شهرا".
وفي الفترة الأخيرة وخاصة بعد العدوان على قطاع غزة الصيف الماضي، أصبح
الاستهداف أكبر للأطفال وبشكل مباشر ومقصود، حيث إن أعمار المستهدفين بالاعتقال تراوحت
ما بين 8-16.
ظروف قاسية
وأوضح المحامي أشرف أبو اسنينة أن ظروف اعتقال الأطفال كانت قاسية للغاية،
حيث يتم اعتقالهم أحيانا على يد وحدات المستعربين أو القوات الخاصة الصهيونية، مبينا
بأنهم يتعرضون للتعذيب اللفظي والجسدي عن طريق الشتائم والضرب والتعذيب بوسائل مختلفة.
ويضيف: "التعذيب النفسي كذلك الذي يتعرض له الأسرى يأخذ جزءا كبيرا
من وسائل التعذيب، ويؤثر على الطفل حتى بعد تحرره ويصبح محتاجا لعلاج نفسي مستمر، ويتمثل
ذلك بالتهديد والحرمان من النوم والتلويح باعتقال أفراد من عائلته".
كما أشار إلى أن الأحكام التي تصدر بحق الأطفال الأسرى ليست رحيمة ولا
مراعية لأعمارهم، ولا تختلف عن أي أحكام صادرة بحق أسير فوق 18 عاما، وكانت هناك توصيات
من جهات عليا برفع سقف الحكم للأطفال الأسرى بحجة رشق الحجارة.
وعلق المحامي مراد جاد الله الباحث القانوني في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير
وحقوق الإنسان قائلاً: "هناك تباين وتمييز واضح بين ما هو مطبق على الأطفال الفلسطينيين
المعتقلين لدى قوات الاحتلال، وما هو مطبق على الأطفال اليهود المسجونين لدى شرطة الاحتلال،
سواء في طريقة الاعتقال أو الإجراءات القانونية والمحاكمة".
وأشار إلى أن هناك انتهاكا واضحا لحقوق الأطفال الفلسطينيين الذين يحرمون
من حقوقهم الطبيعية أثناء تعرضهم للاعتقال أو المحاكمة، كما أن هناك أوامر عسكرية تفرض
أقسى العقوبات بحق الأطفال الفلسطينيين.
مخاطر يواجهها الأطفال
وأردف المحامي جاد الله: "هناك نوعان من المخاطر التي يواجهها الطفل
الفلسطيني عند اعتقاله، الأولى نفسية، وتكون بإرهاب الطفل قبيل التحقيق معه وجعله يعيش
حالة من الرعب والخوف. والثانية جسدية، عبر الاعتداء عليه بالضرب المبرح وتقييده أثناء
التحقيق، والأخطر من ذلك كله هو الاعتداء على الأطفال جنسيا، حيث وثقت حالات تبول فيها
الضباط على الأطفال وشتموهم بكلمات نابية وتحرشوا بهم جسديا".
ومن الثابت أن الاحتلال فشل في إيجاد مبررات قضائية لاعتقال الأطفال، ولذلك
هو يعمل على استدعائهم لتلفيق تهم لهم أو لمحاولة إيقاعهم في شرك التخابر والتعاون
معه أمنيا، مستغلا وضعهم المادي أو الاجتماعي، وأحيانا يعتقلهم بهدف جمع المعلومات.
بدوره، قال عبد الرحمن شديد مدير مكتب إعلام الأسرى، إن اعتقال الأطفال
الفلسطينيين سياسة نهج عليها الاحتلال الصهيوني في ممارساته ضد أبناء شعبنا، دون أن
يفرق بين طفل وغيره، فهي سياسة تعبر عن مدی حقد هذا المحتل علی كل ما هو فلسطيني بما
فيها الطفولة البريئة.
مضيفاً أن اعتقال حمزة هاشم وغيره من الأطفال، والذي كان آخرهم الطفل أحمد
منصور الرشق 13 عاما من حي عين اللوزة بسلوان الذي اعتقل أمس، لهو شاهد على بشاعة هذا
المحتل وجرائمه اللا محدودة، والتي كان آخرها أمس، كما أنه دليل إدانة للمجتمع الدولي
على صمته المطبق تجاه هذه القضية الإنسانية.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام