القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 27 كانون الأول 2024

تقارير إخبارية

طوفان الأقصى.. البداية والنهاية!


الخميس، 12 تشرين الأول، 2023

أطلق القائد العام لكتائب القسام اسم طوفان الأقصى على المعركة التي تخوضها المقاومة الفلسطينية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولهذا الاصطلاح إشارات مهمة، حددها الضيف بقوله: إن قيادة القسام قررت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، أن الوقت الذي يعربد فيه الاحتلال دون محاسب، قد انتهى.

وتابع محمد الضيف أن "الاحتلال ارتكب مئات المجازر بحق المدنيين، واليوم يتفجر غضب الأقصى، وغضب أمتنا، ومجاهدونا الأبرار، وهذا يومكم لتفهموا العدو أنه قد انتهى زمنه”. لتكون هذه الكلمات مؤشرا على استكمال المقاومة لطريق معركة سيف القدس التي أمهل فيها جيش الاحتلال ساعة للخروج من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح قبل اندلاع الحرب.

ماذا يحدث بالقدس إذن؟

لنبدأ من حي الشيخ جراح، حيث شاهد العالم كله المستوطن الصهيوني المتطرف يعقوب، الذي جاء من الولايات المتحدة، ثم استولى بالقوة والبلطجة على جزء من منزل عائلة الكرد الفلسطينية، وقال بكل وقاحة أمام الكاميرات "إذا لم أسرق منزلك فسيأتي شخص آخر ويسرقه”.

يأتي المستوطنون المحتلون من كل مكان في العالم ويريدون سحق وقتل وطرد الفلسطيني من بيته وأرضه بالقوة، هذا منطق الصهاينة، وقد عبر عنه الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بإنكاره لوجود الشعب الفلسطيني، ودعواته الصريحة للتطهير العرقي وطرد الفلسطينيين. فهم يعتبرون أن أرض فلسطين وما حولها لهم، وأن لا مكان لشعبها فيها، ويجب أن يطردوا منها بالقوة أو يقتلوا!

والقتل وتشريد الفلسطينيين هو حقيقة ما يمارسوه على أرض الواقع، فمنذ بداية العام وحتى تاريخ ما قبل معركة طوفان الأقصى، اجتاحت قوات الاحتلال مناطق واسعة في الضفة الغربية، وقتلت وأعدمت عشرات الشبان والفتيان والأطفال دون أي رادع، كما وفرت الحماية لقطعان المستوطنين الذي عاثوا فسادا في بلدان فلسطينية وأحرقوها، كما فعلوا في برقة وحوارة وترمسعيا. كما بقي المشهد الدموي بإحراق عائلة دوابشة في بيتهم وهم نيامًا، حاضرة في ذاكرة الاجرام الصهيوني.

وقبل أقل من شهر، أصدرت الأمم المتحدة بيانا حذرت فيه من الارتفاع الكبير في الهجمات التي ينفذها المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم. حيث سجلت أكثر من 600 حادثة اعتداء للمستوطنين المتطرفين منذ بداية 2023. وهو ارتفاع يتزايد عددا ووحشية، حيث سجل العام الماضي أيضا 73 حادثة اعتداء شهريا.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إنها وثقت منذ بداية عام 2022، تهجير ما لا يقل عن 399 فلسطينيا من تجمعاتهم إثر أعمال عنف ارتكبها المستوطنون، أو هدم للبيوت وطرد أهلها، علما أن هذه المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية بموجب القانون الدولي، ووفق التقرير الأممي فإن 490 ألف مستوطن يعيشون في المستوطنات التي أقيمت بخلاف نصوص القانون الدولي في الضفة الغربية بما فيها القدس.

ويعاني المسجد الأقصى والمصلون فيه يوميا من بطش الاحتلال، وتضرب النساء المصليات في ساحات المسجد الأقصى، في حين يواصل المتطرفون توسعهم وطريقهم لهدم المسجد الأقصى المبارك والسيطرة عليه. كما لم ينج المسيحي قبل المسلم من عربدة الاحتلال المستمرة، وشاهد العالم بأجمع كيف أعتدى جنود الاحتلال على جنازة الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة أمام الكنسية، بعد أن قتلها جنوده بدم بارد، ولم يحاكمهم أحد حتى الآن!

إذن، ماذا ينتظر العالم من الفلسطينيين؟ أن يستسلموا للموت والحصار! أو أن ينتظروا المستوطنين ليحرقوهم في بيوتهم؟! أو حتى يهدم المسجد الأقصى المبارك؟!

ماذا عن غزة؟

حين بدأت "إسرائيل” بفرض الحصار على قطاع غزة عقب فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير عام 2006، ثم شددته في يونيو 2007، إذ أعلنت قطاع غزة "كيانًا معاديًا” وفرضت عقوبات إضافية مسّت على نحو مباشر بالحقوق الأساسية للمواطنين، وشمل ذلك فرض قيود مشددة على دخول الوقود والبضائع وحركة الأفراد من وإلى القطاع.

وعمل الاحتلال على ترسيخ سياسة عزل قطاع غزة، من خلال فصلـه عن الضفـة والقدس، إلى جانب التحكم في كمية ونوعية البضائع والمواد التي تدخله، وحظر المئات منها، ما تسبب بركود اقتصادي شامل، وارتفاع حاد في معدلات البطالة والفقر التي وصلت إلى 65%.

وعلاوة على ذلك، أثّر الحصار الإسرائيلي على نحو خاص على القطاع الصحي في غزة، إذ لا تتوفر كثير من الأصناف واللوازم الطبية الأساسية، ويضطر كثير من المرضى للانتظار لأشهر لإجراء العمليات الجراحية. وخلال سنوات الحصار، شنّت الاحتلال الإسرائيلي أربع حروب مدمّرة على غزة، أسفرت عن استشهاد آلاف المدنيين الفلسطينيين وتدمير عشرات آلاف المنازل والمنشآت المدنية، وأحدثت دمارًا واسعًا في مرافق البنى التحتية.

وبموجب القانون الدولي، ما يزال قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي بالرغم من الانسحاب أحادي الجانب عام 2005، إذ احتفظت "إسرائيل” بالسيطرة الكاملة على منافذ القطاع البرية والبحرية والجوية. وبالمثل، فهي تسيطر على السجل السكاني في غزة وشبكات الاتصالات والعديد من الجوانب الأخرى للحياة اليومية والبنية التحتية. وبدلاً من الالتزام بواجبها كقوة محتلة في حماية المدنيين حسب القانون الدولي، فرضت عليهم شكلًا غير مسبوق من أشكال العقاب الجماعي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

صراع وجود!

تتحدث الصحافة العالمية اليوم بضجيج مرتفع، وتتساءل عمن بدأ هذا الصراع والحرب، وكأنها تريد محو التاريخ والذاكرة، وتسجلها فقط في اللحظة التاريخية التي تريدها. وكان جورج غالاوي، البرلماني البريطاني المعروف، رد على الصحافة العالمية الأمريكية والبريطانية تحديدا، عندما أرادت تجريم الفعل الفلسطيني المقاوم، قائلا: "الصراع لم يبدأ اليوم، بل منذ أن احتلت "إسرائيل” فلسطين وشردت شعبها، وارتكبت بحقهم أبشع المجازر، من هنا بدأ تاريخ الصراع.. لا تزيفوا الحقائق وتوهموا العالم بأن من يدافع عن نفسه هو المشكلة”!.

واليوم، وجد الفلسطيني نفسه أمام صراع وجودي مع الاحتلال الإسرائيلي، بلا ظهير دولي فلا قوانين دولية ردعت "إسرائيل” عن جرائمها، ولا قرارات الأمم المتحدة وجدت طريقا للتنفيذ، فمنذ النكبة عام 1948م اتخذ مجلس الأمن الدولي عشرات القرارات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، باعتباره المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين.

كان آخرها القرار رقم 2334 في 23 كانون الاول 2016؛ إذ تبنى المجلس بأغلبية ساحقة، قرارا يدين الاستيطان الإسرائيلي، ويطالب بوقفه في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ إلا أن هذه القرارات، وبالرغم من تحيز عدد منها لدولة الاحتلال، ظل معظمها حبرًا على ورق؛ بسبب عدم التزام "إسرائيل” بها؛ بل واستمراها في سياساتها العدوانية وإجراءاتها الأحادية بحق الشعب الفلسطيني، دون أن يحرك المجتمع الدولي أي ساكن لمعاقبتها على تمردها على الشرعية الدولية كما جرت العادة مع غيرها من الدول.

النكبة الفلسطينية

وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية العام وحتى نهاية الشهر الماضي (قبل الحرب الدائرة حاليا) أكثر من 250 شهيدا 38 منهم أطفال، كما اعتقل جيش الاحتلال أكثر من 5200 فلسطيني. وارتكب في نفس الفترة أكثر من 542 انتهاكا بحق الصحفيين منذ بداية، من بينهم أكثر من 131 صحفيا وصحفية أصيبوا بالرصاص والضرب والسحل وتم استخدامهم دروعا بشرية.