القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

عائلات عديدة استعادت الجنسية اللبنانية.. واللاجئون تصطدم أحلامهم بالقوانين المجحفة

عائلات عديدة استعادت الجنسية اللبنانية.. واللاجئون تصطدم أحلامهم بالقوانين المجحفة


الأربعاء، 15 آب، 2012

أبو غازي

الحاج محمود أبو غازي (مواليد العام 1936 من قرية الخالصة في سهل الحولة في فلسطين) حدثنا عن فلسطين التي خرج منها وهو في الثانية عشرة من عمره، وكأنه قد هجّر منها منذ أيام قليلة.

وقال: «فلسطين بلد جميل جداً يمتاز بسهوله الخضراء وجباله التي تكسوها الأشجار أذكرها وأذكركم كان منظر سهل الحولة جميلاً في فصل الربيع، كنا نعيش في هناء ورضا ورغم صغر سني عند تهجيرنا من فلسطين، إلا إنني أذكر أيام الحصاد وقطاف الثمار وارتكاب الصهاينة المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني وطردهم من أرضهم وتشتيتهم في بقاع الأرض».

وأضاف: «عندما هجّرنا من بلدة الخالصة إلى قرية هونين على الحدود الفلسطينية - اللبنانية، ثم إلى العديسة، وبعدها إلى القليعة في منطقة مرجعيون، ثم إلى البقاع، ثم عدنا إلى مرجعيون قبل أن يتم إنشاء مخيم النبطية، حيث كنا في المخيم قبل تحويلها إلى مساكن من اللبن والطين مسقوفة بألواح «الزينكو»، ومنذ البداية كانت الحياة صعبة جداً، لم تتوفر فيها أبسط الخدمات من ماء وكهرباء، فواجهتنا صعوبات عديدة فكنا نحضر الماء من خارج المخيم وكانت عيادة «الأونروا» عبارة عن هيئة، وكذلك المدرسة إلى أن تم تطويرها إلى عيادة بسيطة ومدرسة متواضعة، فضلاً عن المعاناة بعدم إيجاد فرص عمل إلا بالزراعة وكعمال بناء».

وعاد بالذاكرة إلى مأساة مخيم النبطية بالقول: «لقد قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية المخيم في العام 1970، ثم قصفته بشكل مركّز في العام 1973 فدمّر جزء منه واستشهد وجرح العشرات من أبناء المخيم، لكن في العام 1974 دمرته الطائرات الحربية الإسرائيلية تدميراً كاملا عن بكرة أبيه وتهجّرنا وتنقلنا من مكان إلى آخر إلى أن حط الرحال بنا في (القشلة في مدينة صيدا)، قبل أن يتم نقلنا إلى مجمع أشيد في منطقة بستان اليهودي - شمالي مخيم عين الحلوة».

ويطالب «أبو غازي» «بضرورة إعطاء الفلسطيني حقوقه الإنسانية والاقتصادية والمدنية وحق التملك، حتى يستطيع العيش بكرامة إلى حين عودته إلى أرضه وأرض آبائه وأجداده في فلسطين التي لا تزال في قلوبنا وعقولنا ولا يُمكن أن نتنازل عن حقنا بالعودة إليها حتى لو ملكنا كل بقاع الأرض مقابل التخلي عن شبر أو ذرة من ترابها الغالي والنفيس بالنسبة لنا، وهذا حق جماعي وفردي لا يمكن لأي كان أن يتصرف به أو يتنازل عنه».

أبو خميس

حسين أبو خميس «أبو علي» (في العقد الخامس من عمره) قال: «لقد أبصرت النور في مخيم النبطية قبل أن يتم تدميره، فقد كنا نسكن في المخيم الذي شيّدته «الأونروا» من الخيم قبل أن تتحوّل مساكنه إلى مساكن متواضعة جداً ومسقوفة بألواح «الزينكو» وكنا نعمل بالأعمال الشاقة بالباطون والبناء وتزفيت الطرقات، والبعض منا كان يعمل في زراعة التبغ لأنه ممنوع علينا العمل بغير ذلك من الأعمال».

وأضاف: «بقينا على هذا الحال نعاني الظلم والحرمان إلى أن جاءت الثورة الفلسطينية وانضم الشباب إليها منذ العام 1969 دفاعاً عن قضيتنا ومن أجل تحرير أرضنا التي احتلّها الصهاينة، وشردونا وهجرونا منها بقوة السلاح وبارتكاب المجازر بحق النساء والأطفال، وكنا نعيش لحظاتها استناداً إلى ما كان يحدثنا عنه آبائنا وأجدادنا بأنها بلد الخيرات والجمال والكرم، وما سمعناه عن آبائنا، نسرده اليوم على مسامع أولادنا الذين تعلقوا بحب فلسطين كما لو أنهم ولدوا وعاشوا فيها».

ويستعيد أبو خميس ذكرياته عن مخيم النبطية الذي أبصر النور فيه بالقول: «لقد تعرّض المخيم للقصف عدة مرات وفي العام 1973، خسرنا مسكننا وكل ما تبقى مما نملك ثم دمر المخيم كلياً في العام 1974 فتهجّرنا إلى مخيم تل الزعتر، وهناك بنينا مسكناً صغيراً، لكن في العام 1976 دمر مخيم تل الزعتر واستشهد وجرح المئات وتهجّر سكانه، فانتقلنا إلى بيروت الغربية ثم إلى الدامور، وبعد الاجتياح الإسرائيلي في حزيران من العام 1982 هجّرنا إلى برجا ثم إلى سوق الغرب، ثم إلى بعلبك ومن هناك إلى سوريا حيث أقمنا سنتين قبل أن نعود إلى بيروت، حيث كانت حرب المخيمات في العام 1986 فانتقلنا للإقامة في «قشلة صيدا»، ثم أخرجنا منها وناضلنا كثيراً حتى حصلنا على مساكننا هذه في مجمع مخيم عين الحلوة التي تتألف من غرفة واحدة للعائلة التي يبلغ عدد أفرادها 4 أشخاص، وغرفتين للعائلة التي يبلغ عدد أفرادها 8 أشخاص وطبعا هذا الأمر يشكل عامل ضغط كبير بالنسبة لنا».

وأكد أبو خميس على «أن الفلسطيني الذي عانى ويلات الهجرة والنزوح في أماكن متعددة بعد وصوله إلى لبنان، وبحث عن مسكن وحياة آمنة لم يجد الطمأنينة ولا حتى الحد الأدنى من الحياة الكريمة، ونحن نصرّ على التمسّك بحق العودة إلى فلسطين، وليس إلى أي مكان غير فلسطين أرضنا وأرض أبائنا وأجدادنا فكل أبناء شعبنا تواقون للعودة إلى أرضهم لتحقيق حلمهم وأمنياتهم بأن يعيشوا بسعادة وهناء فوق أرضهم وفي وطنهم، وإلى حين تحقيق ذلك نطالب القوى الفلسطينية العمل على الوحدة الداخلية لأن بالوحدة قوة وحصانة في مواجهة المشاريع التي تستهدف قضيتنا الفلسطينية وحقنا في العودة إلى أرضنا وأرض آبائنا وأجدادنا».

رميح

حسين رميح (في أواخر العقد الرابع من عمره - من بلدة الخالصة في الجليل في فلسطين المحتلة)، أشار إلى «أنه في العام 1973 قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مخيم النبطية ودمرت جزءاً كبيرا منه، واستشهدت عائلات بأكملها مثل عائلة أبو غالب، فالوضع كان صعب جداً والملاجئ في المخيم لم تكن مؤهلة كما يجب وصغيرة الحجم وبعد استشهاد عائلة أبو غالب في الاعتداء الإسرائيلي، حيث كان مسكننا ملاصقاً لمسكنهم، هُجّرنا إلى مدينة النبطية لعدة أيام قبل العودة ثانية إلى المخيم، ولكن بعد عام قصف المخيم بشدة من قبل الطائرات الإسرائيلية فدمر بكامله وهجّر سكانه الذين توزعوا إلى كفررمان ومخيم تل الزعتر والعديد من المناطق في صيدا وبيروت وطرابلس وشحيم والبقاع، قبل أن يعودوا وينزحوا مجدداً بفعل الأحداث الأمنية التي شهدتها المناطق اللبنانية إلى «قشلة صيدا» و«بناية سالم» و«معمل الصابون» في صيدا إلى العام 1996، وأبلغنا بضرورة إخلاء هذه الأماكن، وحينها تحركنا مع بعض الفاعليات الصيداوية والفلسطينية، وكان هناك لجنة تتحدث بإسم المهجرين، إلى أن تم تأمين مساكن لبعض العائلات في مجمع عين الحلوة الذي تكفلت ببنائه «الأونروا» و«وزارة المهجرين»، إلا أن هناك العديد من العائلات لم تعط مساكن وأمنت على حسابها الخاص مساكن لها في مناطق متفرقة على الرغم من ظروفها القاسية جداً».

وأوضح أن «هناك العديد من عوائل المخيم استردوا الجنسية اللبنانية في العام 1994، وهم ينتخبون في النبطية وصيدا وشحيم والعديد من المناطق».

وألمح إلى «أن تعدد المرات التي هجّر فيها سكان مخيم النبطية قد أثر على التحصيل العلمي لطلاب المدارس الذين وجدوا صعوبة حيث بالإلتحاق بالمدارس، فضلاً عن المعاناة في مجال الصحة والطبابة، حيث أثرت هذه الهجرة على صحة كبار السن والأطفال جراء عدم توفر الشروط الصحية في الأماكن التي عشنا فيها بعد الهجرة من المخيم، فأصيب عدد كبير من المسنين بتوترات عصبية وأمراض الضغط والقلب والشرايين والسكري، فيما أصيب عدد من الأطفال بأمراض الربو والحساسية والأمراض الجلدية».

واستعاد رميح ما قدّمته «منظمة التحرير الفلسطينية» قبل العام 1982 - أي قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان، حيث كانت تقدّم الكثير من الخدمات لأبناء المخيم وكافة المخيمات».

وختم رميح بالتأكيد «على ضرورة منح الفلسطينيين في لبنان حقوقهم الإنسانية والمدنية والاجتماعية وحق التملك، حتى يتمكّنوا من العيش بكرامة إلى حين العودة إلى أرض الآباء والأجداد في فلسطين التي يحلم بها كل فلسطيني ويتمسك بحقه في العودة هذا الحق الجماعي والفردي لأنه لا يحق لأي كان التصرّف فيه أو التنازل عنه».

حلم العودة

الطفلة إسراء رميح، أصرت على أن تقول ما عندها بكلمات بسيطة وبريئة، وصفت فيها بلدتها الخالصة وفقاً لما سمعته من أهلها وأجدادها، فقالت: «تشتهر بلدة الخالصة بالزراعة، احتلها الصهاينة في العام 1948، طردوا سكانها منها مرتكبين المجازر والترهيب، ومعلوماتي أحصل عليها من الكتب وسؤال جدي وأبي اللذين أخبراني أن الجيوش العربية عندما دخلت إلى فلسطين قالت لهم أخرجوا وسوف تعودون بعد عدة أيام، ولكن استمرت الهجرة واللجوء 64 عاماً والعودة ما زالت تنتظر التحقيق، ونحن ما زلنا في المخيمات ويُطلق علينا لاجئين، ونعيش ظروفاً صعبة في انتظار تحقيق حلم العودة».

أضافت: «أحلم أن أعود إلى فلسطين لأنها بلدي وأرضي، وإن عدت إليها وعشت سأخذ كل حقوقي، لأننا كلاجئين فلسطينيين في لبنان لا حقوق لنا، ومحرومون من العمل والتعليم، وهناك مهن ممنوع علينا العمل بها، فأنا أريد أن أصبح محامية، ولكنني لا أستطيع العمل بها، لأنه ممنوع على الفلسطيني ذلك، فهناك تمييز في المعاملة وحقوقنا مهدورة».

وأفصحت الطفلة إسراء عن أن حلمها بالعودة إلى فلسطين، و«لكن إلى أن يتحقق ذلك لا بد أن يكون لنا بيت صحي وغرفة خاصة بي وجهاز كومبيوتر، وأن نعيش كباقي الأطفال».

الطفلة بدر حسين، تمنّت «أن أعيش في وطني في فلسطين، وأكمل تعليمي هناك، فحلمي العودة إلى وطني، كما العيش في مسكن جميل وصحي، وأن يكون لديّ ألعاب وأشياء خاصة بي مثل باقي الأطفال».

وقالت الطفلة بدر «أحلم في أن أصبح مدرّسة من أجل تعليم الأطفال القراءة والكتابة والرسم والتلوين وتعليمهم دروساً عن تاريخ فلسطين وسهولها وجبالها، وعن حلم العودة إلى الوطن، حيث لا يُمكن للإنسان أن يحقق ذاته وعيشه بكرامة إلا في بلده المحرر».

الطفل محمد عبد الجواد، لديه أحلام قد تكون قليلة بالنسبة للكثيرين، ولكن بالنسبة إليه هي كبيرة، فيحلم في «أن يكون لي منزل صحي أسكن فيه مع عائلتي، وأن يكون لديّ ألعاب حتى لو كانت متواضعة، وأن يكون لي غرفة صغيرة أدرس بها وأستقبل رفاقي الأطفال».

يحفظ الطفل محمد ما علمه إياه والديه وأجداده، فيقول: «لقد أتى الإسرائيليون إلى بلادنا فلسطين من بلدان العالم، وقتلوا الكثير من أهلنا في فلسطين وطردوا الكثيرين منهم، لكن نسوا أن هذه الأرض لنا، والبيوت عمرها أجدادنا منذ آلاف السنين، وهو ما أخبرني به أبي وجدي، فأحب أن أعود إلى فلسطين وأعيش فيها، وسنبني البيوت مجدداً في وطننا، فكل أطفال العالم يعيشون في أوطانهم إلا نحن أطفال فلسطين نعيش في المخيمات ومشتتين في دول العالم».

المصدر: اللواء