عجز الموازنة..
هل هو ذريعة الأونروا لوقف الإعمار؟
الجمعة، 19
تموز، 2013
بعد أن قنطوا
من رحمة الأونروا، وبعد أن استيأست قلوبهم أمل العلاج، هبوا من مخيمٍ لا تزال
جدرانه متهاوية، وأوصاله متقطعة، وزواياه تسكنها الذكريات، مقفلين مراكز الأونروا.
إنهم الفلسطينيون في مخيم نهر البارد، الذين أرهقتهم سياسة الأونروا، وأدماهم
تقصيرها، فما كان منهم إلا أن أقفلوا مراكزها، ومنعوا موظفيها من ممارسة عملهم
الذي لم يعد للمخيم إلا بالتقليص والتهرب من المسؤولية، مبقين – سخاءً منهم – على
قسم الصحة.
منذ عقود
والأونروا تتهرب من واجباتها، وتعمل جاهدة على تقليص المساعدات الصحية والتعليمية
والإغاثية، وتلقي المسؤولية عن كاهلها لترمي به على كتف الدول المانحة، لتتذرع –
دائما وأبدا – بعجز الموازنة ونقص في التمويل، وتتصدى لمحاولات المرضى باستعطافها
وطلب العلاج منها، ولمحاولات أصحاب المنازل الآيلة للسقوط التأثير عليها بطلب حقهم
في الترميم، فأصبحت تنظر للفلسطيني على أنه متسوِّلٌ ينتظر الإعاشة أو الخدمات
الطبية والسكنية منها فقط، متجاهلة تمامًا أنها الراعي الأول للاجئ الفلسطيني في
الدول العربية.
ولو نظرنا إلى
واقع الأونروا، لوجدنا أنها تنفق ملايين الدولارات على مشاريع لا تعود للفلسطينيين
بفائدة، فتنفق في المجال الرياضي مئات الآلاف إن لم نقل ملايين الدولارات، فتنظم
المباريات وتطلق الماراثونات وغيرها، وهو أمر جيد إلا أن متطلبات اللاجئين أعظم
حاجة من ذلك، أما المشهد الآخر فتجد طبيباً واحدًا في عيادة الأونروا يعاين أكثر
من مئتي مريض يوميًا، وتجد خطة ترميم لا تكفي نصف المطلوب، ولا تشمل أكثر من عُشرِ
المستحقين، وتجد المخيمات تعاني من أزمة المياه والكهرباء وأزمة تعبيد الطرقات
وأزمة مياه الصرف الصحي، وكلها تحت مسمى "أزمات الأونروا".
الواضح أن
الأونروا تعاني العديد من المشاكل، اهمها الأزمة المالية الحادة، وطبعا ذلك لا
يعود إلا لفساد يستوطن داخل مؤسساتها، وهدر ماليٌ يكبل معصم صندوقها، وهذا ما أدى
بالأونروا إلى الإعلان عن أزمة مالية وصلت إلى عشرة ملايين دولار، ثمانية منهم
عجز، واثنان استدانة من مشاريع أخرى تابعة لها.
غضَّ اللاجؤون
في مخيم نهر البارد بصرهم عن تقليصات خدمات الاستشفاء، ورموا بناظريهم إلى الأرض
عندما مرَّ الإعلان عن تخفض بدل الإيجار إلى مبلغ مئة وخمسين دولار (150$)، ولكن
عندما بلغت التراقي، لم يتمالك الفلسطينيون الصمت، فقرار الأونروا بوقف الإيجارات
عن أكثر من ثلاثة آلاف عائلة جعلهم يهبُّون للوقوف بوجه الأونروا التي أصبحت تمس
حقوقهم بشكل صريح، وأصبحت تنذر، وبشكل أقرب للوضوح، بوقف الإعمار في المخيم لأن
خدماتها المتقلصة، وواجباتها المهجورة، ما هما إلا البداية لنفض الأيدي عن حقوق
اللاجئين الفلسطينيين.
واقع مرير،
ومعاناة مستمرة، وفلسطينيون أرهقتهم تصرفات الأونروا وهروبها من مسؤوليتها، وحقوق
تنتظر المجيب، وطبابة لا تفي غرض المريض، وبيوت تنتظر الإعمار، ومنازل تعيش على
أمل الترميم، وأونروا تتذرع بتقصير الدول المانحة، ويبقى السؤال: هل ستمضي
الأونروا قدماً بسياسة الهروب، أم أن للفلسطينيين – فصائل وأهالي ومؤسسات – كلمة
أخرى يودون البوح بها؟
المصدر: القدس
نيوز