عشرات العائلات الفلسطينية مهددة بالترحيل من منطقة القاسمية في جنوب لبنان
ما هو مصير باقي التجمعات؟!
الإثنين، 04 حزيران، 2012
تعرض اللاجئون الفلسطينيون في لبنان لانتكاسة اجتماعية جديدة، تمثلت بصدور قرار قانوني بإخلاء قطعة أرض من شاغليها الفلسطينيين في منطقة القاسمية الواقعة في المنطقة الساحلية بين مدينتي صيدا وصور.
وهذه المنطقة هي منطقة زراعية تضم أكثر من خمسة عشر تجمعاً فلسطينياً، تحوي في مجموعها أكثر من عشرة آلاف نسمة.
وأنشئت هذه التجمعات على مراحل منذ عام 1948، وذلك نظراً إلى حاجة هذه المنطقة لعمال زراعيين. كذلك، أسهمت الحروب والمعارك الداخلية في لبنان، والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الوجود الفلسطيني في لبنان، وبالأخص على منطقة الجنوب، في ترحيل اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم إلى مناطق أخرى، حيث أقاموا في فترة الحروب وغياب سلطة الدولة اللبنانية في هذه التجمعات سعياً إلى الأمان وطلباً للرزق.
وهناك مشكلة أساسية يعانيها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، هي أن هناك تصنيفاً للوجود الفلسطيني، حيث هناك مخيمات تعترف بها السلطة اللبنانية والأونروا، وتتوافر فيها الخدمات، وهناك تجمعات أخرى لا تعترف بها الأونروا والسلطة اللبنانية، ولا تتوافر فيها الخدمات، مثل المستوصفات والمدارس وعمال النظافة.
ماذا حصل في القاسمية؟!
«بالاستناد إلى الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الجزائية في الجنوب، يطلب إخلاء العقار287 في منطقة عين أبو عبد الله في القاسمية، وهدم بيوت التنك على نفقتكم، وتسليم العقار خالياً من شاغليه، خلال مهلة خمسة أيام من تاريخ إبلاغكم الإنذار».
هكذا تبلغت أكثر من أربعين عائلة فلسطينية الحكم القضائي بضرورة إخلاء المنازل القائمة على العقار المذكور، بواسطة مأمورية التنفيذ في محكمة صور، وتعود ملكيته إلى ورثة حسيب عسيران.
وكان اللاجئون الفلسطينيون قد أنشأوا تلك المنازل في المنطقة على مراحل، أكثرها في بداية السبعينيات من القرن الماضي، بعدما ظنوا أن الأراضي هي جزء من أملاك الدولة اللبنانية «مشاعات»، وخاصة أنه يوجد في جوارها مخيم قديم أُنشئ بعد نكبة عام 1948، ويقيم فيه نحو خمسة آلاف لاجئ فلسطيني، حصل قسم منهم على الجنسية اللبنانية في عام 1992-1993. وكانت قد سبقت الإنذارعدة جلسات محاكمة واستماع، جرت في مطلع عام 1998، إلا أنها لم تؤدّ إلى حلّ بين المدعي والمدعى عليهم.
ظروف التجمعات
تتشابه الظروف في التجمعات الفلسطينية في المنظقة المعروفة بـ»الساحل»، ومن هذا التشابه:
1 - إنها تجمعات طارئة نشأت في ظروف صعبة ولا تحظى بالاعتراف الرسمي.
2 - إنها تجمعات أُقيمت على أراضي الغير، وهذا ما يعقّد المشكلة، وهذا يعني أن وضعها صعب ومستقبلها مهدد.
3 - إن المقيمين فيها هم من الفقراء العاملين في الزراعة موسمياً، ويقيم هؤلاء في ظروف صعبة، حيث يمنعون من البناء، وجزء منهم يقيم إلى الآن في منازل سقوفها من الصفيح، ولدى محاولة أي من أبناء هذه التجمعات بناء منزل أو تحويل سقف منزله من الصفيح إلى الباطون يُعتقَل.
وحدثت في تجمع الشبريحا قبل أشهر أزمة مماثلة، حيث اعتُقلت مجموعة من العائلات لإقدامها على بناء منازلها الآيلة إلى السقوط.
مخاطر القرار
إذا نُفِّذ القرار اللبناني بترحيل العائلات الفلسطينية من تجمع القاسمية، فإن هذا الأمر سيطرح مشكلة كل التجمعات الفلسطينية في لبنان، وجزء كبير من مساحة المخيمات الفلسطينية.
فهناك جزء كبير من هذه المخيمات والتجمعات أقيم في ظروف صعبة، ولا يوجد تفاهم إداري أو قانوني بين الأونروا المسؤولة مباشرة عن اللاجئين، والسلطة اللبنانية؛ إذ لا تحديد واضحاً لحدود المخيمات ومساحتها، ولا فرصة أو رؤية عند الطرفين لبناء مخيمات فلسطينية جديدة.
فهناك مشكلة في مخيم المية ومية، شرقي مدينة صيدا؛ إذ يرفع الأهالي دعوى قضائية لاسترجاع أرضهم التي أُقيم عليها المخيم منذ أواسط الثمانينيات.
وينظم الأهالي إضرابات واحتجاجات في سبيل ذلك، ويعمل حزب الكتائب اللبنانية على تحريك الموضوع.
ويعيش تجمع اللاجئين الفلسطينيين في جل البحر قرب مدينة صور وضعاً صعباً؛ إذ يمنع عليهم البناء والإعمار، ويعيشون إلى الآن في منازل تغلفها قطع النايلون والخيم.
الحل الأفضل
حتى لا تبقى قضية التجمع الفلسطيني في القاسمية محل خلاف أو محل تهديد لأهالي التجمع، أو تكون محل تهديد لباقي المخيمات والتجمعات، من الأفضل حصول اتفاق نهائي بين الأونروا والدولة اللبنانية، بصفتها الدولة المستضيفة، على تحديد مواقع المخيمات والتجمعات ومساحاتها وتوفير الخدمات لها وبناء تجمعات جديدة.
ويجب على الأونروا والدولة اللبنانية دفع تعويضات للبنانيين المتضررين، إذ إن اللاجئ الفلسطيني ليس في وارد احتلال أراضي الغير، ولا أراضي أي لبناني؛ فأرض اللاجئ الفلسطيني احتلت، وهو يعلم معنى الاحتلال وقساوته. لكن لا يجوز ترك اللاجئ الفلسطيني يعيش مهدداً طوال حياته.
المصدر: رأفت مرة – مجلة العودة العدد الـ57