عمال التهريب بالضفة.. عمل محفوف بالموت والحقوق
الضائعة
الجمعة، 03
نيسان، 2015
قدر للعامل أكرم الحروب أن يقضي بينما كان في
طريقه للبحث عن لقمة عيشه وسبعة شقيقات يعيلهن بعد وفاة والديه ومحاولته تجاوز رفض
الاحتلال الإسرائيلي منحه تصريح عمل داخل الأراضي المحتلة، عبر القفز عن جدار الفصل
العنصري للوصول إلى مكان عمله في القدس المحتلة.
وبعد تمكّن الحروب من اعتلاء الجدار فقد التوزان
وسقط على الجهة الأخرى، ما تسبب بكسور فادحة في أنحاء متفرقة من جسمه أدت في وقت لاحق
إلى وفاته.
وتفتح هذه الحادثة ملف آلاف العمال غير الحاصلين
على تصاريح عمل الذين يُصطلح على تسميتهم بـ"عمال التّهريب"، ويضطرون للمخاطرة
بحياتهم عبر اجتيازهم للجدار.
ويقضي ويصاب كثير من هؤلاء بمطاردات الاحتلال
أو حوادث السير أو غيرها، دون أية حقوق يكفلها أرباب العمل الإسرائيليين أو فرص عمل
تتوفّر لهم داخل مدن الضّفة الغربية.
طريق التهريب
وحول الظروف التي توفي بها الحروب تقول شقيقته
ابتسام لوكالة "صفا" إنّ شقيقها لم يملك تصريحا للعمل يتمكن من خلاله دخول
مكان عمله بمدينة القدس بشكل آمن وسليم.
وتشير ابتسام إلى أن هذا الوضع دفع شقيقها لتسلق
الجدار كما كل مرة ليصل مكان عمله، مشيرة إلى أنّ الوضع المادي الذي كان يعيشه صعب،
ويُلقى على كاهله إعالة أسرة كاملة.
وتوضح أن عملية اجتياز الجدار تكون بالتسلّق عليه
عبر سلّم من جهة، والنزول للجهة المقابلة عن طريق حبل، لافتة إلى أنّ الحبل انقطع بشقيقها
أثناء نزوله على الجهة الأخرى، وسقط أرضا.
ويستغل "عمّال التّهريب" فترة ابتعاد
قوّات ما تسمّى بـ"حرس الحدود" عن الجدار لاجتيازه سريعا، خشية الإمساك بهم
واعتقالهم أو التنكيل بهم، فيما ترجّح ابتسام سقوط شقيقها بسبب سرعته بالنّزول وخشيته
من اعتقاله.
وتتابع: شقيقي كان يعيش واقعا مؤلما جدا، ووالدته
توفيت حينما لم يتجاوز العشرة أعوام وكذا والده توفي وهو في عمر الطفولة، وربته شقيقات
الأكبر سنّا، وهذا الأمر الذي دفعه لردّ الجميل وتقديم المزيد لأخواته.
من جانبه يقول مصلح الحروب عمّ المتوفى لوكالة
"صفا" " ينبغي علينا أن نشعر بشيء من الكرامة بعد أن أصبحنا دولة، وأمسى
بالإمكان أن ننقل رسالتنا وما يتعرض له شعبنا إلى العالم".
ويشير الحروب إلى أن ابن شقيقه اضطر لتسلق الجدار
ليتمكن من الحصول على لقمة عيشه بالحلال، مطالبا الجهات المسؤولة بعدم غضّ الطرف عمّا
حلّ بهذا الشاب.
ويتابع: الجدار بات لا يعزل أرضنا وقدسنا فحسب،
بل أمسى يقتل أبناءنا، عبر محاولتهم البحث عن مقومات العيش، مستنكرا حالة اللامبالاة
الدّولية بما يتعرض له الفلسطينيون من قتل وفتك في كلّ مكان، وينصبّ اهتمام العالم
على قضايا ثانوية بعيدا عن حقوق الإنسان والعيش.
"بلا حقوق"
ويكشف الناشط الحقوقي نادر سليمية لوكالة
"صفا" عن أن هذا النّوع من العمال الفلسطينيين الذين يدخلون "أراضي
48" للعمل عبر طرق التّهريب عائمون من ناحية القانون، ولا تعترف بهم قوانين العمل
الإسرائيلية ولا القوانين الفلسطينية.
ويلفت سليمية إلى أن هذه الأحداث تتسبب بالعديد
من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لدى عائلات هؤلاء العمّال، مشيرا إلى أنّه من حقّ
الجميع الحصول على فرص عمل، مشددا في الوقت ذاته على أنّ قطاع العمالة الفلسطينية داخل
"إسرائيل" يحتاج إلى تنظيم وترتيب لضمان حقوق العمّال من الضياع.
ويؤكد أن وزارة العمل مطلوب منها أن تتحمل مسؤولية
تنظيم هذا القطاع، كما جرى تنظيم قطاع الكهرباء من جانب السلطة الفلسطينية، وإنشاء
شركات لتوريد العمال بإشراف وزارة العمل مباشرة، وهذا يحفظ حقوق العمّال، ويقضي على
جزء من أزمة "عمّال التّهريب".
ويصف اسليمية قطاع العمّال بالشريحة المهمّة جدا،
وهو ما يحتم على الجهات الرسمية العمل على إنجاز المشاريع التشغيلية داخل المدن من
خلال إنشاء المناطق الصناعية التي وعدت بها السلطة الفلسطينية قبل عدّة أعوام، والتي
قد تستوعب الغالبية العظمى من العمال الفلسطينيين وقد تغنيهم عن الحاجة للعمل داخل
الأراضي المحتلة.
المصدر: وكالة صفا