القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

عين الحلوة سئمت فوضى السلاح

عين الحلوة سئمت فوضى السلاح


الإثنين، 29 تشرين الأول، 2012

حطين، صفوريه، سعسع مسمياتٌ جاء بها الفلسطينون من قراهم التي هُجروا منها عام 1948، اصبحت فيما بعد خطوط تماسٍ تفصل بين احياء المخيم نتيجة الاشتباكات والاغتيالات التي اصبحت اشبه بصندوق بريد لتبادل الرسائل الاقليمية في منطقة الشرق الاوسط..

أحزابٌ وتيارت سياسية ودينية وفصائل فلسطينة جميعها تعيشُ حالة توتر وغليان نتيجة الوضع في المنطقة، وسلاحٌ عشوائي منتشر بأيدي صبية، أصبح يُستخدم «صندوق بريد» بين الجهات المتصارعه على حساب المدنيين في مخيم عين الحلوة ومدينة صيدا. هذا باختصار ملخص الوضع الذي لم يعد اهل عين الحلوة يطيقون السكوت عنه. ما العمل؟ والمخيم ذو المساحة الجغرافية التى لا تتعدي 2 كيلومتر مربع، تجاوز عدد سكانه اليوم، حسب احصاءات الاونروا، السبعين الف نسمة. كل هؤلاء يعيشون في معدل كثافة سكانية تعادل 17 نسمة في المتر الواحد في ظل بطالة مستشرية بلغت ارقاما خيالية وضيق البيوت على اهلها اضافة الى ضيق العيش في بلاد تعيش بدورها على كف عفريت. ينظر اهل المخيم اليوم الى «فوضى السلاح» شزراً.

يعلمون ما هي تعقيدات نزعه لكن لم يعد بالإمكان السكوت. سئموا من المسلحين في الشوارع وتكرار اشتباكاتهم وتسببهم بانتشار الفوضى والإساءة لسمعة المخيم في الجوار الذي بدأ يتململ من تداعيات الاحداث المتكررة.

سائق التاكسي ابو علي غاضب. ما ان تطرح عليه السؤال حتى ينفجر «لتذهب كل الفصائل الفلسطينية وتضع سلاحها في المستودعات كالاحزاب اللبنانية». لا ينتظر قبل ان يستطرد موجها كلامه الى القيادة الفلسطينية «صار لنا سنين نسمعكم، حان الوقت الآن لتسمعونا: السلاح اللي بيقتل الاخ والصديق والجار لا ضروة له. سلاح المخيمات وجد لحمايتها من المعتدين ولمنع تكرار المذابح، وإذا تحول الى غير ذلك فلا ضرورة له. مدينة صيدا اصبحت تتأثر بأي حدث امني يحصل في المخيم وهذا يعتبر تدميرا لاقتصادنا، ليس للمخيم وحسب بل ايضا للجوار»! ثم يقول وهو وهو لا يزال يرتجف غضبا: «حاراتنا صارت خطوط تماس: حطين ــ صفوري ــ سعسع ــ حي الطورائ ــ البركسات جميعها خطوط تماس! كذبوا علينا وقالوا بأنهم أزالوها وتباهوا أمام الكاميرات بمقولة الامن بالتراضى؟ أين هو الأمن الذي يتحدثون عنه؟». ثم يقول كمن يزفر حسرة «نعيش في رعب حقيقي لا يعلمه إلا الله وانا مع تنظيم هذا السلاح بالتنسيق مع الدولة اللبنانية واعتقال كل المخلين بالامن».

في السياق ذاته يسأل محمد ابو سته، وهو من المخيم «هذا السلاح وجد لمقاتلة اسرائيل وليس لنقتل بعضنا! لذا اريد ان اسأل الفصائل: هل اسرائيل موجوده في المخيم حتى يكون السلاح بأيدي العابثين بحياتنا وامننا؟ لقد تحول السلاح الموجود بأيدينا الى آلة للقتل والصراع الفردي، ولذا يجب ان يوضع حد للعبثِ بحياة الناس. هناك من يموت على ابواب المستشفيات لعجزه عن دفع التكاليف! اليس الاجدر بقياداتنا الاهتمام بشؤون اللاجئين الحياتية؟».

للحاجه ام محمد سعيد كلام آخر، فقد اصيب اخوها في الاشتباك الاخير وهو يعيل أسرة من 7 فتيات وزوجته، صادف مروره في شارع قادما من عمله، والآن يرقد في المستشفى. تقول «اخي مصاب في قدميه! ما هو ذنبه؟ حياتنا اصبحت جحيما، نعيش على ادوية الاعصاب! بإمكانكم التأكد من منظمة أطباء بلاحدود التي تقدم مساعدات في العلاج النفسي لأبناء المخيم». تسألها ما العمل؟ فتقول بعد تنهيدة «اناشد الرئيس محمود عباس أن يتدخل شخصيا لدى الدولة اللبنانية لوضع حد لهذه الفوضى، واطلب منه أن لا يسمع من القيادات بل من الشعب عن حقيقة معاناتهم».

بارتياح، يجيب الدكتور وليد ياسين، وهو طبيب طوارئ في مستشفى النداء الانساني، على سؤالنا. يقول «كنت أتمنى طرح هذا الموضوع منذ زمن وأن يناقش أيضا مع الجهات الرسمية حول كيفية تنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات». واضاف «مستشفانا هو الوحيد في المخيم الذي يستقبل اصابات السلاح، نقوم بعمليات جراحية صعبة في ظل إمكانات متواضعة. وبالمناسبة نحن لا نتلقى اي دعم من منظمة التحرير، ولو كانت لدينا قيادة حكيمة لاهتمت بتطوير الكادر الطبي الذي هو الملجأ الصحي الوحيد لابناء شعبنا. في مخيم عين الحلوة لدينا مستشفانا المتواضع، لكننا نرى بالمقابل، ضباطنا وقياداتنا يلجأون للعلاج في افخم المستشفيات اللبنانية». ويضيف الطبيب بأسى «منذ 8 اشهر لم نتقاض رواتبنا، ومع ذلك نبقى في مراكز عملنا». ويطالب الطبيب «سيادة الرئيس» بسحب السلاح الفوضوي، وتنظيم سلاح المقاومة الفلسطينية «لأنه مقدس بالنسبة لنا». أما التجار في المخيم وهم الأكثر تضررا، فقد كانوا الاكثر إصراراً على سحب سلاح الفوضى... زكريا عبد الغني، تحدث باسم تجار السوق «هذه المنطقة هي احد خطوط التماس في الاشتباكات العشوائية التى يشهدها المخيم. أضرارنا أصبحت كبيرة جداً ولا أحد يعوض علينا في حال احترق محل جراء استهدافه عن طريق الخطأ مثلا! تكبدتُ خسارة تقدر بـ23 الف دولار في الاشتباكين الاول والثاني في رمضان منذ عامين، ولم يعوض علينا احد». ويضيف خاتما «ما ذنبُنا لنعيش حربا الهدف منها تصفية سلاح المقاومة وإلهاؤنا بصراعاتٍ عشوائية تبعدنا عن التفكير بقضيتنا وباوضاعنا؟».

وبانتظار ان يصل هذا الكلام الى من يقدر على التصرف، هل يبقي الحال على حاله؟ أم انه سيتفاقم!! هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.

يروي زكريا عبد الغني المتحدث باسم تجار عين الحلوة، انه عندما شكلت الرئاسة في رام الله لجنةً لإحصاء الأضرار الناتجة من هذه الاشتباكات قدم لهم التجار كشفا بقيمة 80 الف دولار كلّ حسب حجم خسائره». لكن لغايةٍ فى نفس أحد المسؤولين في اللجنة، أستُبدل الرقم الحقيقي الذي قدمناه برقمٍ آخر رافعاً القيمة الى 300 الف دولار أميركي، وعندما وصل التقرير الى الرئيس محمود عباس للتوقيع عليه رفض وطلب إعادة التدقيق في قيمة الخسائر، والى الآن لم يعوض علينا.

المصدر: أحمد عثمان - الأخبار