غزة في الذكرى الأولى لعدوان 2014 ..
الواقع والاستشراف
الإثنين، 06 تموز، 2015
رغم مرور عام على العدوان (الإسرائيلي) على قطاع
غزة إلا أن أوضاع سكانه كما الملفات السياسية لا تزال على حالها دون أي تطور إيجابي.
وتُجمع الفصائل الفلسطينية على أن الانقسام الفلسطيني
كان العائق الرئيس أمام جني الثمار السياسية للعدوان على غزة رغم إبداع المقاومة واستحداثها
أساليب جديدة في مواجهة الاحتلال.
"الرسالة" حاولت في برنامجها الدوري في
قاعة التحرير طرح ملف العدوان ومحاولة استشراف المستقبل فاستضافت طاهر النونو القيادي
في حركة حماس، وفايز أبو عيطة المتحدث باسم حركة فتح، وخالد البطش القيادي في حركة
الجهاد الإسلامي، وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة.
موقف ورؤية حماس
بداية قدم القيادي في حركة حماس طاهر النونو تقييم
حركته فقال إن الحرب شكلت منعطفات مختلفة عن الحروب السابقة وشكلك نقطة تحول في الميدان
والبعد السياسي، مشيرا إلى أنه للمرة الأولى يستطيع الشعب الدفاع على جزء من أرض فلسطين
من خلال ضرب الخطط السياسية والعسكرية للاحتلال.
وبين أن الحرب البرية فشلت منذ ساعاتها الأولى إلا
أن شعور الاحتلال بالهزيمة بعد خطف جنوده جعله يطيل الحرب في محاولة لتسجيل ضربات تشعره
بالنشوة، في ظل الروح المعنوية العالية للشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن المقاومة سجلت عمليات نوعية وكسرت قاعدة
الاحتلال القائمة على توجيه الضربات فقط فتفاجأ بتلقي ضربات موجعة تسببت بإغلاق المطار
في أول مرة في تاريخ الاحتلال.
وأكد القيادي في حماس أن المقاومة قادرة على تحقيق
الأهداف، إلا أن الإقليم والانقسام أعاق جني الثمار.
اضطراب الإقليم وخلافاته حالت دون استثمار أي موقف
سياسي منذ بداية المعركة حتى نهايتها، وبحسب النونو فإن الوضع الفلسطيني دخل في مرحلة
جديدة تبدلت فيها الأولويات والمصالح وهو الأمر الذي من الممكن أن ينعكس قطاع غزة والحالة
الفلسطينية برمتها.
وأوضح أن هناك طرفا غير معني بإظهار انجازات المقاومة
لكيلا تكون بديلا عن مسار التسوية.
وحول حكومة الوفاق أكد أنها لم تقم بأي دور من الأدوار
التي كانت منوطة بها لذا فإن ملفات المصالحة عالقة تتنظر التحرك الإيجابي.
وفي تعقيبه على بعض الأسئلة التي قدمها الصحفيون
الذين حضروا الندوة قال النونو الحكومة جاءت باتفاق كانت حركة حماس جزءا منه وتبعه
أكثر من اتفاق لاحق لحل قضية الموظفين والمعابر، مشيرا إلى أن تلك الاتفاقات كان تجري
بالقطاع وتلغى بقرار سياسي من رئيس السلطة.
وبين أن الفصائل كانت شاهدة على أكثر من لقاء لكن
الحكومة لم تهدف يوما لحل المشكلات، موضحا أن الاداء السلبي طال الضفة ولم يقتصر على
غزة فقط.
وحول الإطار القيادي قال النونو إنه بوابة للشراكة
السياسة وهي الوصفة الحقيقة للحل، لافتا إلى أن فتح تتجاهل كل الاتفاقات بقرار سياسي
من رئيس السلطة، واعتبر أن الفرصة مواتية إذا كان هناك جدية لتصويب المسار الفلسطيني.
ورأى النونو أن المشكلة الأساسية في المقاومة وليس
في المسار السياسي كما تحدث الحضور، لأن الفصائل لا تختلف على العمل السياسي، لكن حماس
تريد السياسة التي تردف بالمقاومة، موضحا أن المشكلة في الدور الوظيفي للسلطة والذي
يتعارض مع المقاومة.
وردا على تفرد حماس قال النونو أن الجميع يعلم أن
فتحت هي من رفضت مشاركة أيا من الفصائل في محادثات اتفاق الشاطئ رغم طلب حماس مشاركتها.
رؤية فتح
وفي كلمة له اعتبر القيادي في حركة فتح فايز أبو
عيطة أن العدوان كسر رهان الاحتلال على انهيار الوحدة الفلسطينية، في ظل حرص من الجميع
على التمسك بالوحدة كأحد الاسلحة في مواجهة الترسانة العسكرية.
ويرى أبو عيطة أن تشكيل وفد موحد متجها نحو القاهرة
يمثل تجربة فريدة كان يجب أن تستمر وتستثمر، معتبرا أن الأداء الفلسطيني الذي تبع العدوان
لم يكن لائقا ولم يرقى لمستوى تضحيات الشعب الفلسطيني.
وذكر أن المطالب الفلسطينية كانت متواضعة متمثلة
بالتهدئة والميناء والمطار ولم ترقى لتضحيات الشعب الفلسطيني النادرة، موضحا أن الاتفاق
كان يجب أن يكون على مشروع سياسي متكامل يقود لدولة فلسطينية على حدود 14 من حزيران
1967.
وقال: نحن عاجزين عن تشكيل اللجان المختصة على مستوى
الفصائل للتقييم السياسي والأمني، لافتا إلى أن أهم ما أسماها (أخطاء حماس) خلال العدوان
هو التعامل باستهتار مع المبادرة المصرية في أول العدوان.
وتابع: كنت اغبط حماس على دورها الرئيسي في المعركة
خاصة أنها حققت انجازات كبيرة في الايام الأولى وجاءت المبادرة المصرية في توقيت مناسب
لو استثمرت لخرجنا بإنجازات تكاد تكون غير مسبوقة وكانت خسائرنا محدودة".
وحول الحكومة وردا على مداخلات الحضور اعتبر أبو
عيطة أن حماس هي من عرقلت عمل حكومة الوفاق وشككت بمدى جديتها في التعامل مع الحكومة
بعد أن أغلقت البنوك في ثالث أيام تشكيل الحكومة، فأظهرت أن غرضها من تشكيل تلك الحكومة
هي حل أزمتها المالية فقط.
وبين أن حماس لم تتعاط مع أي مبادرة للحكومة ولم
تعطها وقتا للعمل، رغم أن الأجهزة الأمنية في غزة تحت سيطرتها وليس هناك ما تخشاه.
وبين أن التفجيرات التي تعرض لها منازل قيادات فتح
وكانت 15 تفجير في ذات اللحظة تركت ظلالها على العلاقة بين الطرفين خاصة وان حماس لم
تكشف عن الجناة حتى اللحظة.
وردا على أبو عيطة قال النونو أن حركته شكلت لجنة
تحقيق وتواصلت فيها مع الفصائل إلا أن عباس خلال خطابه رفض التحقيق وذكر أنه لن يتعاطى
مع نتائجها وطالب بوقف العمل وحماس أوقفتها بناء على رغبه.
وحول دعوات المشاركين لتفعيل الإطار القيادي أبو
عيطة أعتبر أن تفعيله لا يعد هو المشكلة الأساسية في ظل أزمة عامة، موضحا أن الخلاف
ذاته سينعكس على اجتماعات الإطار القيادي الموحد.
وفيما يخص التهدئة وموقف حركة فتح المهاجم لوجودها
قال إنهم من واجبهم التحذير من المشروع الصهيوني القديم والذي يهدف لفصل غزة عن الضفة،
مشيرا إلى أنهم ليسوا ضد التهدئة بل هم لا يردون ان يكون القرار بمعزل عن الكل الوطني.
رؤية اليسار
طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية
بدوره قال خلال الندوة أن المقاومة استطاعت خلال العدوان أن تعيد القضية الفلسطينية
في أولويات الاهتمام الدولي رغم حالة الانشغال، إلا أن ذلك الانجاز بدده الأداء السياسي
بعد العدوان.
وذكر أن المقاومة أبدعت في الأساليب حيث تغلبت على
الطبيعة الجغرافية والديموغرافية لقطاع غزة وأوجدت لها ولعتادها ملاذ آمن بعيدا عن
عين الاحتلال وهو الأمر الذي ساهم بخسائر أقل بكثير مما يتوقع الاحتلال في صفوفها.
وبحسب أبو ظريفة فإن تفوق المقاومة برا وبحرا وجوا
يعد سابقة في تاريخ الصراع الفلسطيني، إلا أن الخلل في الأداء السياسي لأنه غير قادر
على مجابهة التحديدات والمتغيرات الإقليمية والدولية، كما قال.
وأشار إلى ضرورة التخلي عن الاستفراد والاستحواذ
من قبل الفصائل الفلسطينية.
وأكد على ضرورة بناء مؤسسات منظمة التحرير، والتفاهم
من خلال الإطار القيادي المؤقت على أي مبادرات أو مشاريع سياسية لكي نبدد كل المخاوف
لدى جميع الفصائل، داعيا إلى انتظام اجتماعاته كونه مرجعا سياسيا.
ورأى ضرورة التفكير بالقواسم المشتركة كوثيقة الأسرى
والحكومة الحادية عشرة بحثا عن برنامج موحد.
وقال رغم ملاحظاتنا على حكومة الوفاق إلا أننا لم
نريد تعطيل المصالحة، لكنها لم تف بأي من إنجازاتها بسبب خلافات السلطة الداخلية والتي
ظهرت على العلن "بالإضافة لتعطيل حركة حماس لعملها".
وأوضح أن المحادثات التي جرت حول الحكومة لم تكن
جديدة وسريعة وهي فقط من باب "تبرئة العتب"، مشيرا إلى أن التغير الوزاري
الذي سيجريه محمود عباس هو ترقيع لن يحل الأزمة
وأكد أبو ظريفة أن فصيله سيحاول تحريك المياه الراكدة
بين الطرفين خلال الأيام المقبلة، خاصة في ظل امكانية الاتفاق على حدود دنيا وحكومة
دون برنامج سياسي لتعالج القضايا العالقة وتقطع الطريق على الاحتلال.
من جهته دعا أبو ظريفة إلى ضرورة احترام آليات اتخاذ
القرار في المؤسسة الواحدة وعدم التفرد بالقرار.
وحول التهدئة قال إن حماس أكدت لهم عدم وجود أي اتفاق
مكتوب، داعيا الذهاب مجتمعين لأي اتفاق لتبديد الخشية والمخاطر التي تتحدث عنها الفصائل،
قائلا: على الكل الوطني أن يتبنى أي خطوة باتجاه التهدئة.
رؤية الجهاد
أما خالد البطش فأكد أن العدوان الصهيوني لم يأتِ
برغبة فلسطينية بل إن الاحتلال أراد نقل كرة اللهب بعد حرق الطفل أبو خضير واختطاف
الجنود الثلاثة من الضفة إلى غزة لاعتبارات السياسية خاصة بعدما تمرغت هيبة الاحتلال
بالتراب، وساحة غزة هي المرشحة لأي تصعيد.
وأوضع أن البعد العالمي والدولي كان حاضر في التغطية
على جرائم الاحتلال خاصة أن المعركة جاءت بعدما عرضت على دول عربية وإقليمية في محاول
لكسر شوكة غزة ومنع إطلاق الصواريخ ووقف جلب السلاح.
وذكر أن العدوان جاء بعد يومين من اجتماع الفصائل
وتأكيدها على التزامها بالتهدئة ودعوة الجانب المصري لمتابعة وقف إطلاق النار إلا أن
الاحتلال كان لديه قرار بالتصعيد في ظل مطبخ إقليمي وعربي مهترئ.
وبين أن المقاومة الفلسطينية قامت بما لم تقم به
أي من الأنظمة العربية وقصفت (تل أبيب).
وأشار إلى أن المتغيرات الإقليمية والمطبخ العربي
لم يخدم غزة، مؤكدا ان الموقف الفلسطيني السياسي خلال الحرب كان جيدا خاصة وأن السلطة
غيرت لغتها المعتادة وشكلت الفصائل موقفا موحدا برعاية مصرية.
وبحسب البطش فإن الاتفاق تضمن وقف إطلاق النار مقابل
فتح المعابر ورفع الحصار إلا أن الاحتلال لم يطبق سوى الشق الأول من الاتفاق.
وتعريجا على الوضع الفلسطيني ذكر البطش أن الفلسطينيين
لا يمكنهم استكمال إنجازاتهم
الا بالوحدة الوطنية والتي تعني الشراكة في القرار
السياسي من خلال الشراكة في منظمة التحرير بعد اعادة صياغتها.
وعن دور الفصائل في فض الخصام بين فتح وحماس اعتبر
البطش أن موقف الفصائل حساس وفيه العديد من الضوابط في قضية الخلاف بين حماس وفتح خاصة
أن أي تدخل يظهر أن الفصيل يقف مع طرف ضد الآخر، كما أن الفصائل لا تريد أن تكون مشاركة
أو جزء من الانقسام.
واستنكر البطش استمرار الحديث عن فزاعة دولة غزة،
مشيرا أن الحديث الدائم يظهر أن هناك نية لحصار أبدي لغزة، قائلا: من يخشى دولة في
غزة عليه القبول بالشراكة الوطنية.
وبين أن الحديث الجاري عن التهدئة قد يكون فخ من
الاحتلال لإسالة لعاب المواطنين واستدراجهم بعيدا عن الواقع والاستحقاقات الوطنية.
وأكد أن حماس ابلغتهم رسميا انه لم يعرض عليها أي
شيء رسمي أو مكتوب بخصوص التهدئة، مشيرا إلى أن ما يجري هو مجرد عروض حملها روبرت سري
لتحقيق الهدوء وعادة الإعمار لاستغلال أموال المناحين التي رصدت في القاهرة والتي لا
يمكن الاستفادة منها بعد مرور ثلاث سنوات على المؤتمر.
من جانبه ذكر مصطفى الصواف المحلل الساسي في مداخلة
له أن كل فصيل يحاول تزين الجانب الذي يقتنع فيه وهي نظرية غير سليمة في التقييم الذي
يجب ان يطال الجوانب الإيجابية والسلبية.
ويرى أن الوضع الفلسطيني بحاجة إلى شراكة سياسية،
خاصة وان ما يجري هو ديكتاتورية وعدم رغبة بالاستماع للأخر، مشيرا إلى أن رئيس السلطة
اعتاد على اقصاء كل من يخالفه داخل السلطة وهو يريد التعامل بذات المنطق مع الفصائل
الفلسطينية.
وبحسب الصواف فإن رئيس السلطة لا يريد شراكة فلسطينية
ويريد أن يكون الآمر والناهي في القضية الفلسطينية لذلك هو يعطل تفعيل الإطار القيادي،
مشيرا إلى أن الحل يكمن في تفعيل الإطار القيادي وايقاف الديكتاتورية في رأس الهرم.
المصدر: الرسالة
نت