غياب مسيرة عودة اللاجئين عن الاعلام الفرنسي
الخميس، 19 أيار، 2011
لم تحظ مسيرة اللاجئين في لبنان والجولان وغزة والمسيرات الاخرى في الوطن المحتل، في ذكرى النكبة يوم 15 أيار، باهتمام كبير في الاعلام الفرنسي، الموالي اجمالا للصهاينة. لقد طغى موضوع اعتقال سياسي فرنسي في الولايات المتحدة على كافة الاخبار الدولية، ومنها مسيرة العودة الى الوطن، وهي المسيرة التي جعلت من قضية اللاجئين وقضية فلسطين عموما الموضوع الأبرز في المنطقة من ناحية عنفوان اللاجئين في خروجهم من مخيمات اللجوء في كل من لبنان وسوريا، وعددهم وتخطيهم "الخطوط الحمراء" التي كان الكيان قد وضعها منذ أكثر من 63 عاما بالنسبة لعودتهم الى الوطن.
غير ان اغفال هذا الحدث المهم في الاعلام الفرنسي لا يعني انه لم يلتفت الى الموضوع بتاتا إلا انه ركز اهتمامه على الوضع في سوريا محاولا التشكيك في صدقية وفلسطينية التحرك تباعا لما صرح به المسؤولون الصهاينة الذين اتهموا السلطات السورية بأنها تقف وراء الحدث للتغطية على الوضع الداخلي. لم يتابع أيا من مراسلي الصحف الفرنسية لا المسيرة الى مارون الراس ومن ثم الى فلسطين ولا مسيرة اللاجئين في الجولان والعودة الفعلية الى الوطن ومن ثم اعتقال بعضهم من قبل سلطات الاحتلال.
لقد تم فقط نقل خبر احياء ذكرى النكبة بالمسيرات التي انطلقت مع ذكر عدد الشهداء. واجمع الاعلام على ربط مصطلح النكبة بقيام دولة الكيان وليس بطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من وطنهم، اذ لم يشر ولو بكلمة واحدة الى العملية التي انتجت وجود هؤلاء اللاجئين. والمقصود من هذا الانكار هو التأكيد على ان الفلسطينيين ما زالوا يرفضون قيام دولة العدو رغم تصريحات قادتهم، لتحميل مسؤولية وقف المفاوضات على الجانب الفلسطيني.
كانت صحيفة اليومانيته الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي الوحيدة التي أوردت خبر مسيرات اللاجئين مذكرة بما حصل عام 1948 من تشريد للشعب الفلسطيني ولكن نقل المقال المخصص خبر المسيرات بشكل عشوائي مع خلط للأماكن والأسماء حتى لم يعد باستطاعة أحد ان يفهم ما حصل في مارون الراس وما حصل في الجولان.
ويمكن اعتبار المقال الذي خصص للحدث في صحيفة لو فغارو يوم الاثنين، مثالا لصهينة الاعلام الفرنسي على العموم. فعنوان المقال يسلط الضوء على رد الفعل الصهيوني: "نتنياهو يعد بالدفاع عن الحدود" وليس على قتل الابرياء من اللاجئين. ويأتي خبر استشهاد 15 لاجئ في سياق المقال الذي ينطلق من الترتيبات الصهيونية لمواجهة هذا اليوم، مع اعتراف الصحافي بأن مسيرات العودة لم تكن متوقعة من الجانب الاسرائيلي الذي فوجئ بها، في لبنان وفي سوريا. لم يبرر الصحافي قتل الابرياء اللاجئين، ولكن تدل كلماته وجمله المنتقاة على ان "حرس الحدود" ارغموا على قتل من كان يلقي الحجارة عليه.
ولكن الأكثر دهشة هو غياب خبر المسيرات عن المواقع الالكترونية الخاصة بالجمعيات الداعمة للشعب الفلسطيني. هنا ايضا، لم تحظ مسيرات العودة الى فلسطين اهتماما كبيرا في هذه المواقع الناطقة باللغة الفرنسية إلا نادرا. خلافا للمواقع الناطقة باللغة الانكليزية، فلم تلتفت المواقع الى التحضيرات لهذه المسيرات ولم تتابعها. ركزت معظمها على الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة إلا موقع "حركة التضامن العالمية" التي أوردت الخبر من خلال مشاهدة فيلم فيديو للمسيرة في الجولان المحتل واجتياز بعض العائدين للأسلاك الشائكة في مجدل شمس. أما موقع "الحركة العالمية لحماية الشعب الفلسطيني" فاختارت نقل مقالين عن موقع المنار باللغة الفرنسية لمتابعة الحدث. وضعت قبل 15 أيار معظم هذه الجمعيات نداءا للمظاهرة يوم الأحد في باريس بمناسبة الذكرى التى دعت اليها مجموعة من الجمعيات العاملة في فرنسا لمناصرة الشعب الفلسطيني. أما جمعية "اورو فلسطين" ففضلت الحديث عن التجمع التي قامت به يوم السبت وأوردت خبر "تجمع في تل ابيب". أما المواقع الخاصة بالأخبار والمناصرة للشعب الفلسطيني، لم تكتب أي مقال خاص بالمسيرات واكتفت بوضع بعض المقالات التي صدرت في الصحف الالكترونية العربية الناطقة باللغات الاجنبية كالأهرام (ترجمة من اللغة الانكليزية) أو صحيفة وهران الجزائرية.
يدل هذا الغياب على عدة أمور أولها السيطرة الصهيونية الفعلية على الاعلام الفرنسي من ناحية، رغم اتساع الجمهور المؤيد للشعب الفلسطيني. ومن ناحية أخرى، يدل تجاهل الجمعيات الفرنسية لمسيرات العودة على عدم ارتباطها بالوضع الفلسطيني والعربي إلا من ناحية الحملات التي تقوم بها، أي متابعة الوضع في قطاع غزة بسبب تحضير لقافلة التضامن التي ستنطلق في بداية الصيف المقبل الى القطاع ومتابعة أخبار المقاطعة للمؤسسات والبضائع الصهيونية في العالم اذ ارتبطت عدة جمعيات بهذه الحملات العالمية.
المصدر: القدس للأنباء