فرحة
منقوصة بعيد الفطر في غزة
الأربعاء، 15 تموز، 2015
في أحد
الأسواق الشعبية شرقي مدينة غزة، يرتب محمد عيّاد عشرات الأصناف والأشكال من
"حلوى العيد"، على "لوح خشبي" بطريقة "فنيّة"، في محاولة
لجذب المارة.
ويشعر
عيّاد (34 عاما)، وهو أب لأربعة أبناء، بالسرور كلما بدأت حركة "الشراء"
في الانتعاش، في مشهد مغاير لما كانت عليه الأسواق صيف العام الماضي، عندما شنت إسرائيل
حربا على القطاع استمرت 51 يوما.
وبالرغم
من أن أجواء "عيد الفطر" في غزة حزينة بفعل تردي الأوضاع الاقتصادية وما
خلفته الحرب الأخيرة، إلا أن سكان القطاع يبحثون عن "متنفس للحياة"، كما
يقول عيّاد.
ويتابع:
"الناس تعبت، بدّها تنسى، كتير الوضع صعب، لكن العيد فرحة، حتى لو كانت يوم، أو
ساعة، العام الماضي كان دم وأشلاء".
وشنت
إسرائيل في 7 يوليو/تموز 2014 حرباً على قطاع غزة، استمرت 51 يوماً، وتسببت في مقتل
نحو 2200 فلسطيني وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، فضلاً
عن تدمير آلاف البيوت، وتهجير أصحابها.
وعلى
عكس العام الماضي، الذي كانت تخلو فيه شوارع غزة من المارة، بفعل القصف العنيف والمستمر،
والغارات ليلا ونهارا، تشهد أسواق القطاع هذه الأيام نوعا من الانتعاش الاقتصادي.
وقضى
أهالي قطاع غزة أيام عيد الفطر تحت القصف الإسرائيلي ونيران الغارات، التي لم تكن تتوقف
حتى في أوقات "الهدنة الإنسانية".
ولا ينال
التعب من الشاب زكريا عبدالقادر (25 عاما)، وهو يقوم بالترويج لما يحمله من ألعاب ودمى
للأطفال بأصوات طفولية.
ويقول
عبدالقادر إنّ كثيرا من الأطفال يتسابقون لشراء البالونات لتزيين بيوتهم، واقتناء المسدسات
البلاستيكية. ويرى هذا الشاب في هذه الأيام فرصة ذهبية لجني بعض الأرباح، ومواجهة الظروف
المعيشية القاسية.
وفي مايو/آيار
الماضي، قال البنك الدولي إن اقتصاد غزة كان ضمن أسوأ الحالات في العالم، إذ سجل أعلى
معدل بطالة في العالم بنسبة 43 في المائة، ترتفع لما يقرب من 70 في المائة بين الفئة
العمرية من 20 إلى 24 عاما.
ويقول
محمد شرّاب (30 عاما)، الذي يملك محلا لبيع الملابس، إن حركة الشراء ليست في المستوى
المطلوب. "العيد مناسبة للفرح والابتهاج، لكن في غزة الفرحة منقوصة وخجولة، الأوضاع
المعيشية قاسية جدا".
وبالنسبة
للموظف في حكومة غزة السابقة، أسعد (47 عاما)، الذي فضل الاكتفاء بذكر اسمه الأول،
سيمر العيد "قاسيا". ويضيف: "عندي سبعة أبناء، ما نتقاضاه من دفعات
مالية لا يكفي للاحتياجات اليومية، صحيح أن العيد هدية للصائمين، لكن الظروف القاسية
أنستنا فرحة استقباله".
وتصرف
وزارة المالية في غزة، التي تشرف عليها حركة حماس، على فترات زمنية تمتد لشهر أو شهرين،
دفعات مالية لموظفي حكومة حماس، دون أن تفصح عن مصادر التمويل.
ولم يتلقّ
موظفو حكومة غزة السابقة، البالغ عددهم نحو 40 ألف موظف، رواتب من حكومة الوفاق الفلسطينية
التي تشكلت قبل عام، باستثناء دفعة مالية واحدة بلغت قيمتها 1200 دولار أميركي، حصل
عليها الموظفون المدنيون فقط في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2014.
ولأن
الحرب الإسرائيلية نالت من بيته وأحالته إلى كومة من الركام، لا يشعر المسن ربحي قويدر
(57 عاما) ببهجة "عيد الفطر".
ويسكن
قويدر هو وزوجته في بيت يعود لأحد أقاربه، فيما يتفرق 5 من أبنائه في شقق للإيجار.
ويقول: "آثار الحرب قاسية، لا يوجد إعمار حتى اللحظة، مر عام، وحالنا على ما هو
عليه، لسان حالنا يقول بأي حال جئت يا عيد".
ولا يزال
ركام وحطام ما خلّفته الحرب (قدرته وزارة الأشغال الفلسطينية بنحو 2.5 مليون طن)، ماثلا
أمام أعين الفلسطينيين، يذكرهم بقسوة ومرارة آثار العدوان الإسرائيلي.
ولا يزال
نحو 22 ألف فلسطيني مشردين، حتى اللحظة في مراكز الإيواء والمساكن المؤقتة، أو لدى
عائلاتهم الممتدة، وفق إحصائيات وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
المصدر:
العربي الجديد